تحقيق من المحلة بقلم: محسن حسنين رغم "كوم" المشاكل التي يعاني منها قطاع الغزل والنسيج إلا أن محسن الجيلاني رئيس الشركة القابضة والذي يتمتع بقدر كبير من روح الدعابة يحلو له إطلاق تعبيرات تثير الابتسام بل الضحك احيانا، حول السيناريوهات التي يجب أن تنفذها الحكومة للقضاء علي هذا "الكوم" من المشاكل.. فمره يصف الجيلاني شركات الغزل والنسيج بأنها أصبحت كالبنت البايرة بسبب كثرة الكلام السيئ الذي يثار حولها، والذي يخيف المستثمرين فيجمحون عن شرائها! ولذلك فهو يري أن الحل الوحيد للقضاء علي هذه السمعة هو ضخ استثمارات جديدة لهذه الشركات مع نشر شائعات حول أصلها وفصلها الطيب وأنها بنت ناس حتي يقبل المستثمرون علي شرائها في إطار برنامج الخصخصة!! ومرة ثانية يري الجيلاني أن هذه الشركات أشبه بفيل علي وشك السقوط ويجب علي الدولة أن تنفذه قبل أن يقع لأنه إن وقع فسيحتاج إلي ونش حتي يقف علي قدميه.. والونش سرقوه من زماااان! وهكذا يحاول الجيلاني بخفة دم أن يرسم سيناريوهات إعادة الحياة لشركات الغزل والنسيج، التي مات بعضها وشبع موتا بالفعل لكن الحكومة لا تسمح بدفنها حتي الان! وبعيدا عن خفة الدم.. فإن هناك حقيقة استخلصناها من حوار طويل دار مع محسن الجيلاني وعدد من قيادات شركة مصر للغزل والنسيج والمحررين الاقتصاديين خلال زيارة قاموا بها للمحلة الكبري الأسبوع الماضي، وهي أن شركات الغزل والنسيج العامة علي وشك الانهيار تماما إذا لم تتدخل الدولة اليوم قبل غدا لانقاذها.. فالمديونيات متراكمة.. والخسائر كذلك.. ومعظم الشركات تعمل بأقل من طاقاتها الانتاجية، لعدم وجود رأس مال عامل لديها، حتي أن العديد من الشركات تستهلك القطن يوما بيوم.. ولا تعرف ماذا يخبئ لها الغد! بالاضافة إلي أن الشركة القابضة تتحمل أجورا لعمال قاعدين في بيوتهم تصل إلي 12 مليون جنيه شهريا..! حول كل هذه المشاكل وغيرها كان هذا التحقيق.. الأرقام التي لا تكذب! والأرقام التي لا تكذب عن صناعة الغزل والنسيج تؤكد أنها صناعة كثيفة العمالة يعمل بها أكثر من 120 ألف عامل 35% منهم عمالة زائدة ويمثلون، بالتأكيد، عقبة أمام خصخصة معظم هذه الشركات كما أن تغطية أجور هؤلاء العاملين تمثل مشكلة أيضا أمام معظم الشركات، والتي لا تستطيع تدبير هذه الأجور. ففي الوقت الذي لا تزيد فيه نسبة الأجور في القطاع الخاص علي 10% من حجم الايرادات تصل في بعض الشركات العامة إلي أكثر من 50%..!! ويبلغ عدد الشركات التابعة للقابضة للغزل والنسيج، كما يقول محسن الجيلاني، 27 شركة من بينها 6 شركات يجب تصفيتها لأنه لا جدوي من استمرارها، لأنه مصدر خسارة دائم وعبء علي الدولة. وتصل مديونيات شركات الغزل والنسيج التابعة للشركات القابضة حوالي 16 مليار جنيه تمثل نصف مديونيات شركات قطاع الأعمال الصناعية كلها. وتزيد هذه المديونية سنويا بمقدار 2 مليار جنيه. وضع مأساوي! ويصف محسن الجيلاني الأوضاع التي تعيشها شركات الغزل والنسيج بأنها مأساوية فالكثير من هذه الشركات كان يجب أن تصفي وتخرج من السوق، وهناك شركات خسرت رأس مالها العامل، أي خسرت الجلد والسقط، ومازالت حية ترزق حتي الان..! ويشير الجيلاني إلي أن د.مختار خطاب عندما كان وزيرا لقطاع الأعمال طلب منه بوصفه رئيسا للشركة القابضة اعداد خطة لإصلاح شركات الغزل والنسيج، حتي تموت بشرف، علي حد تعبيره..! وقد تم اعداد الخطة باستثمارات متواضعة تبلغ حوالي 105 ملايين دولار حتي يمكن للشركات التي لا تستطيع تدبير أجور عمالها أن تقف علي قدميها. وعندما ارتفع سعر صرف الدولار زادت قيمة تلك الاستثمارات إلي حوالي 600 مليون جنيه، وقد وافق عليها مجلس الوزراء انذاك، وتقرر أن يتم التمويل من صندوق إعادة الهيكلة، وقد تم عمل المناقصات اللازمة لتوريد الماكينات التي تحتاجها الشركات، وذلك لتقليل حجم الفجوة التكنولوجية بين مصانعنا والمصانع الأخري في العالم. لكن وقعت مفاجأة لم تكن في الحسبان وهي أنه عندما بدأ تنفيذ الخطة لم نجد أكثر من 20 مليون دولار فقط في صندوق إعادة الهيكلة..!! وقد أكد د.محمود محيي الدين وزير الاستثمار في اجتماع الجمعية العمومية الأخير للشركة القابضة أن الوزارة ليس لديها فلوس لتمويل هذه الاستثمارات ولا الشركة القابضة للغزل والنسيج..!! وأصبح الأمل الان هو بيع بعض الشركات لتوفير التمويل اللازم لهذه الاستثمارات بحيث تدور العجلة، لكن المشكلة أن هناك شركات لا تعمل إلا بطاقات انتاجية محدودة جدا، وعمالها يحصلون علي أجورهم بالكامل وهم قاعدون في البيت..!! فشركة مصر السيوف، والشرقية للكتان ليس لديهما رأس مال عامل، ولذلك تعملان بطاقة إنتاجية تتراوح ما بين 30 إلي 40%، وتتحمل الشركة القابضة أجور عمالها القاعدين في البيت والتي تصل إلي 12 مليون جنيه سنويا..!!