من يدير شئون البلد؟ في الساعة الثامنة من مساء يوم الجمعة الماضي الموافق 9 ابريل الحالي خرج اطفال الجيران إلي شارع مخزن الانابيب بمنشأة ناصر للعب فيه. والشارع بالنسبة لهم وكان لنا أيضا ونحن أطفال الفسحة والفرحة والحرية واللمة مع عيال الجيران. ولكن وفي لحظات تبدد صوت ضحكات الأطفال وغاب في صرخات الفزع واللهفة، وأصبح الشارع مقبرة جماعية، لثلاثة أطفال دهستهم عجلات سيارة جيب تقوم بنقل الأهالي إلي مساكن سوزان مبارك والسيارة التي تسير تحت عنوان ضخم اسمه الفساد والعشوائية بلا لوحات معدنية، وفاقدة لكل اشتراطات الأمان ، واختلت عجلة القيادة في يد السائق، فاندفعت إلي السور الذي كان الأطفال يلعبون بجواره، ودهس الأطفال مات منهم في الحال ثلاثة وأصيب اثنان أحدهم فقد النطق من الصدمة. وفي المنطقة نفسها وحيث تمرح السيارات الجيب «الكهنة» التي يقودها صبية يؤكد أهالي المنطقة أنهم مدمنون، ترتكب حوادث مماثلة بشكل دوري، وأوشك أن يصبح عاديا0 وفي مساءات أيامنا ونحن عائدون من أعمالنا لا نعرف متي ولا كيف سنصل إلي بيوتنا نبحث عما كان يسمي أتوبيسات النقل العام والتي أصبحت هي ايضا «كهنة» وخردة. قد تصل بنا ولا تصل ، وقد احتلت الشوارع الميني باصات الخضراء التابعة لشركات خاصة وبإشراف وموافقة محافظة القاهرة فهي نموذج للفوضي ومنها علي سبيل المثال تغيير المسار أو تغيير نهاية الخط حسب مزاج السائق، والتوقف كل ثلاثة أمتار في أي مكان. أما في صباحات الذهاب للعمل فقد نصل في مواعيدنا بالمصادفة ، ليس بسبب الزحام، وفشل حل العبث المروري، لكن لأن أتوبيسا تعطل وأوقف خلفه كل القادم إلي وسط عاصمة أم الدنيا. وفي كل الحالات التي تحرق الدم والاعصاب ليس أمامنا نحن المعذبين في بر مصر سوي سب وقذف البلد من قبيل «دي بلد..» و«الله يحرق دي بلد» و«ربنا يخلصنا من البلد دي والعيشة السوده دي». وكأن البلد الجغرافيا والتاريخ هما اللذان يسممان عيشة الناس ويحيلانها إلي نكد دائم، ولكن الحقيقة التي يعرفها من يسبونه أن في البلد حكومة ومؤسسات المفترض أنهم هم من يديرون البلد، ولكنهم فشلوا، ولا يعترفون بفشلهم ولا بخيبتهم الثقيلة رغم أن دلائل الفشل تخزق عين الشمس، ولن نعطي أمثلة ولكن سؤالنا الآن من الذي يدير شئون هذا البلد؟ وأين الأمن الذي يحاصر المظاهرات، بينما البشر يقتلون تحت عجل السيارات التي يقودها مدمنون؟ أين المؤسسات والوزراء والمستشارون الذين يتقاضون رواتبهم بالألوف والملايين من لحمنا الحي؟ أين الدولة التي لا نري لها وجود ولا قبضة إلا عند احتلال الشوارع بالأمن المركزي لمواجهة مواطنين انفجروا من البلد ومن فيه؟