تنسيق الثانوية العامة 2025 ..شروط التنسيق الداخلي لكلية الآداب جامعة عين شمس    فلكيًا.. موعد إجازة المولد النبوي 2025 في مصر و10 أيام عطلة للموظفين في أغسطس    رسميًا بعد التحرك الجديد.. سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم الجمعة 1 أغسطس 2025    5 أجهزة كهربائية تتسبب في زيادة استهلاك الكهرباء خلال الصيف.. تعرف عليها    أمازون تسجل نتائج قوية في الربع الثاني وتتوقع مبيعات متواصلة رغم الرسوم    إس إن أوتوموتيف تستحوذ على 3 وكالات للسيارات الصينية في مصر    حظر الأسلحة وتدابير إضافية.. الحكومة السلوفينية تصفع إسرائيل بقرارات نارية (تفاصيل)    ترامب: لا أرى نتائج في غزة.. وما يحدث مفجع وعار    الاتحاد الأوروبى يتوقع "التزامات جمركية" من الولايات المتحدة اليوم الجمعة    باختصار.. أهم الأخبار العالمية والعربية حتى منتصف الليل.. مستندات المؤامرة.. الإخوان حصلوا على تصريح من دولة الاحتلال للتظاهر ضد مصر.. ومشرعون ديمقراطيون: شركات أمنية أمريكية متورطة فى قتل أهل غزة    مجلس أمناء الحوار الوطنى: "إخوان تل أبيب" متحالفون مع الاحتلال    حماس تدعو لتصعيد الحراك العالمي ضد إبادة وتجويع غزة    كتائب القسام: تدمير دبابة ميركافا لجيش الاحتلال شمال جباليا    عرضان يهددان نجم الأهلي بالرحيل.. إعلامي يكشف التفاصيل    لوهافر عن التعاقد مع نجم الأهلي: «نعاني من أزمة مالية»    محمد إسماعيل يتألق والجزيرى يسجل.. كواليس ودية الزمالك وغزل المحلة    النصر يطير إلى البرتغال بقيادة رونالدو وفيليكس    الدوري الإسباني يرفض تأجيل مباراة ريال مدريد أوساسونا    المصري يفوز على هلال الرياضي التونسي وديًا    انخفاض درجات الحرارة ورياح.. بيان هام من الأرصاد يكشف طقس الساعات المقبلة    عملت في منزل عصام الحضري.. 14 معلومة عن البلوجر «أم مكة» بعد القبض عليها    بعد التصالح وسداد المبالغ المالية.. إخلاء سبيل المتهمين في قضية فساد وزارة التموين    حبس المتهم بطعن زوجته داخل المحكمة بسبب قضية خلع في الإسكندرية    ضياء رشوان: إسرائيل ترتكب جرائم حرب والمتظاهرون ضد مصر جزء من مخطط خبيث    عمرو مهدي: أحببت تجسيد شخصية ألب أرسلان رغم كونها ضيف شرف فى "الحشاشين"    عضو اللجنة العليا بالمهرجان القومي للمسرح يهاجم محيي إسماعيل: احترمناك فأسأت    محيي إسماعيل: تكريم المهرجان القومي للمسرح معجبنيش.. لازم أخذ فلوس وجائزة تشبه الأوسكار    مي فاروق تطرح "أنا اللي مشيت" على "يوتيوب" (فيديو)    تكريم أوائل الشهادات العامة والأزهرية والفنية في بني سويف تقديرا لتفوقهم    تمهيدا لدخولها الخدمة.. تعليمات بسرعة الانتهاء من مشروع محطة رفع صرف صحي الرغامة البلد في أسوان    النزول بالحد الأدنى لتنسيق القبول بعدد من مدارس التعليم الفني ب الشرقية (الأماكن)    الزمالك يهزم غزل المحلة 2-1 استعدادًا لانطلاقة بطولة الدوري    اصطدام قطار برصيف محطة السنطة وتوقف حركة القطارات    موندو ديبورتيفو: نيكولاس جاكسون مرشح للانتقال إلى برشلونة    مجلس الشيوخ 2025.. "الوطنية للانتخابات": الاقتراع في دول النزاعات كالسودان سيبدأ من التاسعة صباحا وحتى السادسة مساء    «إيجاس» توقع مع «إيني» و«بي بي» اتفاقية حفر بئر استكشافي بالبحر المتوسط    مجلس الوزراء : السندات المصرية فى الأسواق الدولية تحقق أداء جيدا    فتح باب التقدم للوظائف الإشرافية بتعليم المنيا    رئيس جامعة بنها يصدر عددًا من القرارات والتكليفات الجديدة    أحمد كريمة يحسم الجدل: "القايمة" ليست حرامًا.. والخطأ في تحويلها إلى سجن للزوج    فوائد شرب القرفة قبل النوم.. عادات بسيطة لصحة أفضل    متى يتناول الرضيع شوربة الخضار؟    تكريم ذوي الهمم بالصلعا في سوهاج.. مصحف ناطق و3 رحلات عمرة (صور)    حركة فتح ل"إكسترا نيوز": ندرك دور مصر المركزى فى المنطقة وليس فقط تجاه القضية الفلسطينية    أمين الفتوى يوضح أسباب إهمال الطفل للصلاة وسبل العلاج    الداخلية: مصرع عنصر إجرامي شديد الخطورة خلال مداهمة أمنية بالطالبية    الإفتاء توضح كفارة عدم القدرة على الوفاء بالنذر    الشيخ خالد الجندى: من يرحم زوجته أو زوجها فى الحر الشديد له أجر عظيم عند الله    الوطنية للصلب تحصل على موافقة لإقامة مشروع لإنتاج البيليت بطاقة 1.5 مليون طن سنويا    وزير الخارجية الفرنسي: منظومة مساعدات مؤسسة غزة الإنسانية مخزية    ممر شرفى لوداع لوكيل وزارة الصحة بالشرقية السابق    رئيس جامعة بنها يشهد المؤتمر الطلابي الثالث لكلية الطب البشرى    حملة «100 يوم صحة»: تقديم 23 مليونًا و504 آلاف خدمة طبية خلال 15 يوماً    تنسيق الجامعات 2025.. تفاصيل برنامج التصميم الداخلي الإيكولوجي ب "فنون تطبيقية" حلوان    وزير الصحة يعلن تفاصيل زيادة تعويضات صندوق مخاطر المهن الطبية    طارق الشناوي: لطفي لبيب لم يكن مجرد ممثل موهوب بل إنسان وطني قاتل على الجبهة.. فيديو    أمانة الاتصال السياسي ب"المؤتمر" تتابع تصويت المصريين بالخارج في انتخابات الشيوخ    حالة الطقس ودرجات الحرارة المتوقعة اليوم الخميس 31-7-2025    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



القطن المصري في خطر والحل في يد الحكومة
نشر في الأهالي يوم 17 - 05 - 2012

تتعرض زراعة القطن المصري لأزمات متوالية، كان آخرها ما أثير حول أن 80% من إجمالي المحصول لا تجد من يشتريها، بسبب عدم تحديد سعر الضمان أو السعر المحلي الذي يبيع به الفلاح. هذا علي الرغم من أهمية القطن المصري الذي لا يرجع إلي كونه مصدرا من مصادر الدخل القومي فحسب، بل لأنه من أجود أصناف القطن عالمياً.
وهناك بعض الإحصائيات التي تدل علي الأزمة منها تدهور المساحة المزروعة بالقطن والتي انحدرت من 2 مليون فدان في الخمسينيات والستينيات إلي 300 ألف فدان في الموسم الأخير وما ترتب عليه من تدهور في الإنتاج المصري بالمقارنة بالإنتاج العالمي علي مدي الأعوام حتي وصل إلي 0.05% فقط من الناتج العالمي خلال الموسم الحالي, وهو ما أثر علي صناعة الغزل والنسيج المصري التي أصبحت لا تستوعب أكثر من 90 ألف عامل، بعد أن كانت تستوعب في الثمانينيات أكثر من 275 ألف عامل.
إعادة الدورة
ويجمع الخبراء علي ان القطن بصفة خاصة والصناعة النسيجية بصورة عامة في حاجة الي دعم فالقطن المصري لايزال رغم الصعوبات التي يواجهها من افضل اقطان العالم ويمكن عن طريق اعادة الدورة الزراعية وتنشيط دور الجمعيات التعاونية دفع الصناعة النسيجية إلي الأمام مرة أخري.. وهناك عدد من الدول تهتم بالقطن وزراعته وتدعمه علي سبيل المثال أمريكا التي تعطي دعما للقطن قيمته 4 مليارات دولار في العام يستفيد منه 150 الف منتج أمريكي.
ويمثل الدعم نحو ثلث مزارعي القطن الامريكيين الذي يزيد اجماله علي 35 الف دولار في المتوسط بل ان اجمالي الدعم الذي تقدمه الحكومة الامريكية لمزارعي القطن اكثر من 3 امثال المساعدات الامريكية لافريقيا، والسياسة الامريكية تعزز هيمنة المصدرين الامريكيين من خلال ما تقدمه لهم من دعم.
ومن ناحية دول الاتحاد الاوروبي فهي تدعم مزارعي القطن حيث يحصل مزارعو القطن في ظل السياسة العامة للاتحاد الاوروبي علي دعم هو عبارة عن الفرق بين سعر السوق والسعر الموجه "سعر الدعم" ويحصل مزارع القطن الاوروبي علي سعر اعلي مرتين من السعر العالمي ويمكن ملاحظة انه حتي في فترات السعر المرتفع يأخذ منتجو القطن الاوروبيون دعما من الحكومة بالاضافة للدعم علي الانتاج الذي يحصل عليه المنتجون الاوروبيون فانهم يحصلون علي دعم للمدخلات مثل السلف لشراء الآلات الزراعية وتمويل الري الحكومي ويحدد نظام القطن في الاتحاد الاوروبي الدعم المقدم سنويا الي مزارعي القطن ب800 مليون يورو والذي يوجه بشكل رئيسي الي اليونان واسبانيا والبرتغال.
ويزداد الدعم المقدم لمنتجي القطن في دول اوروبا من عام لآخر حيث ارتفع من 740 مليون يورو في عام 1996 ليصل الي 871 مليون يورو في عام 2003..
السوق السوداء
وقد اقترح الاتحاد الاوروبي استراتيجيات خاصة للشراكة الافريقية في دعم قطاع القطن اعتمادا علي المناخ التجاري الجيد السائد في اسواق القطن العالمية ودعمت اوروبا مبادرة القطن وبشكل خاص في مفاوضات الزراعة في جدول اعمال الدوحة للتنمية بدخول أفضل لصادرات البلدان الاقل نموا من القطن والمنسوجات وتدعم كل من الهند والصين وسوريا القطن في دولها سواء كان بصورة مباشرة او غير مباشرة.
كما يمكن ارجاع تدهور إنتاج القطن المصري من حيث المساحة والترتيب العالمي إلي تصفية الحركة التعاونية الزراعية التي كانت تدعم الفلاح عن طريق القروض ومستلزمات الزراعة، ليصبح الآن فريسة لنهب التجار والسوق السوداء وبنك التنمية والائتمان الزراعي في ظل استمرار اسعار المحاصيل الزراعية في التذبذب مابين ارتفاع وانخفاض وسط حالة عدم استقرار السوق محليا وعالميا وكان من أول المحاصيل الزراعية التي طالتها يد الانخفاض في الأسعار كانت القطن وانخفض قنطار القطن متوسط التيلة وهو الأشهر والأكثر انتاجا في محافظات الدلتا والوجه البحري من 2400 جنيه للقنطار العام الماضي الي 1100 جنيه للقنطار مع بداية هذا العام بانخفاض اكثر من 55% من سعره عن العام الماضي.
السعر
وعن أسباب تراجع القطن المصري وعدم الإقبال علي شرائه عالمياً، يري الدكتور "امام الجمسي" أستاذ الاقتصاد الزراعي أن طلبات السوق قد تغيرت لارتفاع أسعار القطن المصري مقارنة بالأسعار العالمية في الدول الأخري. وأن الإقبال قل علي الإنتاج المصري للقطن طويل التيلة، مقارنة بالقطن قصير ومتوسط التيلة الذي تفضله المصانع العالمية، وتستورده المصانع المحلية أيضاً من دول كالهند بأسعار أرخص بالاضافة الي عدم التعامل بالمفهوم السليم لسعر الضمان وهو ما يعني ان الحكومة عليها الاعلان بوضوح عن هذا السعر علي ان يكون اعلي من السعر العالمي بحيث يصبح الحد الادني الذي يمكن ان يحصل عليه الفلاح المزارع مقابل المحصول.
واضاف" الجمسي" ان الحكومة ايضا عليها شراء المحصول بهذا السعر في اسرع وقت ويكون السعر ملزما للجميع ، علاوة علي ضرورة توفير مستلزمات الانتاج للمزارع باسعار مناسبة ومعقولة خاصة الاسمدة مقترحا انشاء مؤسسة تخطيطية للقطن تكون مسئولة عن تنظيم انتاجه بالاضافة الي خطوات تصنيعه وتصديره لتعظيم فوائد القطن المزروع في مصر لمصلحة المزارع وليس المشتري.
سياسة التسويق
وشدد "عبد المجيد الخولي" رئيس اتحاد الفلاحين علي ضرورة تحديد سعر القطن، لأن ما حددته الحكومة من سعر تأشيري سيجعل الفلاح يقلع عن زراعة القطن المصري وسيدمر صناعة النسيج المصرية وكل الصناعات المبنية علي زراعة القطن، وأشار إلي أن السوق المصري يستورد كمية من القطن، علي الرغم من وجود القطن المصري ذي الجودة العالية، وأن الحل في دعم السعر من ثم تحديده للبقاء علي أهم السلع الاستراتيجية المهمة.
واوضح إن العملية تحتاج إلي إعادة تقييم ويجب النظر فيها من الألف إلي الياء، وحمل الخولي الأزمة الحالية للقطن المصري علي الحكومة المصرية التي تخلت عن حماية الفلاح فجعلت القائمين علي هذه الصناعات يعتمدون اعتماداً أساسياً علي القطن المصدر الأقل في السعر والجودة وأضاعت فرص الاستفادة من الميزة الأساسية للقطن المصري، مما سيدمر إنتاج القطن مستقبلاً وأضاف أن الأزمة المالية العالمية بريئة من القطن وهناك قصور واضح في سياسة التسويق تفاقمت في السنوات الخمس الأخيرة.
اما" محمد عبد القادر" نقيب الفلاحين فيري ان ألازمة التي تواجه الفلاحين في زراعة القطن سببها المشاكل التي واجهتهم في وزارة الزراعة، بعد جمع المحصول العام الماضي بعد الإبقاء عليه في الأجران الزراعية، وواجه الفلاحون الخسائر، مما جعلهم يقلعون عن زراعة الأرز.
أضاف عبد القادر أنه تقدم بالعديد من الشكاوي لمجلس الوزراء لحل هذه الأزمة بعد تعثر حلها، وأشار إلي أنه قام بتحرير مذكرة من نقابة الفلاحين إلي لجنة الزراعة بمجلس الشعب يوضح فيها أن إقلاع الفلاحين عن زراعة محصول القطن يهدد بكارثة قومية، وخاصة أن محصول الذهب الأبيض من المفترض أن تدعمه وزارة الزراعة وتشجع الفلاحين علي زراعته وفي حالة عدم الاستجابة سيقوم الفلاحون بوقفة سلمية أمام وزارة الزراعة، مطالبين فيها بسرعة تحديد سعر مناسب لقنطار القطن وتوفير الأسمده اللازمة وفي حالة الاستجابة سيتم تقديم آلاف البلاغات للنائب العام ضد وزير الزراعة وخاصة أن الفلاحين المصريين تدهورت حالتهم في ظل وجود هذا الوزير بحسب تصريحات عبد القادر.
محصول نقدي
اما دكتور" شريف فياض" استاذ مساعد الاقتصاد الزراعي فيري ان اي محصول سيزرعه الفلاح يعتمد في الاساس علي مدي ربحيته منه فهو المحدد الرئيسي لزراعته اما اذا كان المحصول يمثل للفلاح غذاء قد يختلف الامر اما فيما يخص القطن فهو محصول نقدي يتربح منه لانه لا يستهلكه.. فيجب أن يحصل الفلاح علي عائد اقتصادي مناسب من زراعته لمحصول القطن حتي يستمر في زراعته ولا يتحول لمحاصيل أخري تحقق له عائدا أكبر وتجب إدارة منظومة الدعم بشكل يساعد علي استفادة جميع اطراف منظومة الصناعة النسيجية فيتم توجيه الدعم للفلاح عن طريق الجمعيات الزراعية التي تعمل علي إعطاء الفرق ما بين سعر تداول القطن والسعر العالمي وتوفر الدولة هذا الدعم للجمعيات خاصة في ظل تخبط السياسة السعرية المحصول من 1000 الي1200 جنيه للقنطار في العام الماضي فيجب ان يكون الاساس في تحديد السعر هو التكلفة الحقيقية للفدان ومستوي معيشة الفلاح لذلك من الافضل وجود مؤسسة تدافع عن حقوق هذا الفلاح وحمايته من تجار القطاع الخاص الذين تركت لهم الدولة العنان للتحكم في الفلاح.
إصلاح
ولإصلاح منظومة القطن لابد أن يتم بشكل متكامل والعمل فيها يتم بصورة متوازية بمعني لا ينظر إلي طرف علي حساب الطرف الآخر ولكن لجميع الاطراف معا لأنه بنجاح مرحلة من المراحل فلابد ان يعاد النظر في عمليات الدعم لمستلزمات الانتاج خاصة الاسمدة والمبيدات وكذلك وجود نقابات واتحادات فعالة تدافع عن حقوق الفلاح وعودة سيطرة الدولة مرة اخري عليه.. أيضا زيادة التعاونيات فالجمعيات التعاونية لا يقتصر دورها علي توفير المبيدات والسماد فقط ولكن لابد أن تقدم الارشاد الواعي وتدير الحلقة الزراعية فالتعاونيات في الولايات المتحدة من أهم محاور إدارة المحاصيل ويجب إعطاء التعاونيات هذا الدور فهي تساعد الفلاح وترشده علي زراعة المحصول الذي يقدم له عائدا اقتصاديا مناسبا وفي ظل ظروف اقتصادية جيدة.
حملة «الآن وفوراً» تصل للثانوية العامة
سلق تعديلات قانون التعليم لگسب شعبية زائفة
تحقيق:سامي فهمي
حالة من الارتباك والغموض تسود وزارة التعليم بعد إقرار مجلس الشعب بصفة نهائية عودة نظام السنة الواحدة في امتحانات الثانوية العامة، الوزارة وقعت في مأزق بعد طباعة كتب الصف الثاني الثانوي حسب النظام الحالي الذي يسمح بإجراء الامتحانات علي مرحلتين بنظام السنتين، فيما يصر مجلس الشعب بالتعديلات التي أدخلها علي القانون بتطبيق النظام الجديد فورا علي طلاب الصف الثاني الثانوي في العام الدراسي القادم، مما يعني عدم صلاحية الكتب التي تمت طباعتها وإهدار حوالي 115 مليون جنيه، فضلا عن عدم توافر الوقت اللازم لإعادة طباعة ملايين الكتب الدراسية لتتمشي مع النظام الجديد.
جمال العربي وزير التعليم لم يحضر مناقشات مجلس الشعب لإقرار التعديلات بشكل نهائي لشعوره باليأس تجاه إقناع أعضاء مجلس الشعب بالتريث في التطبيق للعام الدراسي بعد القادم (2013 - 2014) أو لعدم قدرته علي إدارة حوار بناء داخل قاعة مجلس الشعب ومواجهة حالة الاندفاع والتربص لأعضاء يفتقدون الخبرة البرلمانية يلهثون وراء تملق الرأي العام بتعديلات شكلية لإرضاء أولياء الأمور.
فيما لجأ رضا مسعد رئيس قطاع التعليم العام لمحاولة البحث عن مخرج للمأزق الذي يهدد بفوضي شاملة داخل المدارس الثانوية وتدهور حاد في البقية الباقية من تماسك البنية التعليمية، تشير الدلائل إلي أن الوزارة تبحث عن «ثغرة قانونية» تتيح تأجيل تطبيق النظام الجديد إلي العام بعد القادم، بما يعني أداء طلاب الصف الثاني الثانوي امتحانات العام القادم طبقا للنظام الحالي، فيما أشار مسئول كبير بالوزارة ل «الأهالي» استحالة تطبيق النظام الجديد العام القادم قائلا: «مش معقول تطبيق القوانين بأثر رجعي»، مؤكدا استمرار النظام الحالي خلال العام الدراسي القادم، وتنفيذ النظام الجديد ابتداء من العام القادم ولكن علي طلاب الصف الأول الثانوي وليس الصف الثاني الثانوي.
لازم العام القادم!!
حالة السرعة والتسرع التي تلبس مجلس الشعب بالإصرار علي تطبيق النظام الجديد فورا تشبه إلي حد كبير الشعار الذي رفعه مؤيدو مرشح الرئاسة المستبعد حازم أبوإسماعيل «لازم حازم»، فقد أصر أعضاء مجلس الشعب ورئيس لجنة التعليم بالمجلس د. شعبان عبدالعليم علي ضرورة التطبيق وفورا «ولازم العام القادم».
ثم إن الاعتقاد بأن نظام السنة الواحدة في الثانوية العامة يقلل من تفشي ظاهرة الدروس الخصوصية يتجاهل أن النظام الحالي يقسم المواد الدراسية علي سنتين أما في النظام الجديد فإن الطالب يدرس جميع المواد في سنة واحدة هي الصف الثالث الثانوي.. الأمر الذي يعني تركيز الدروس الخصوصية في عام واحد بدلا من تقسيمها علي عامين، بدلا من البحث عن حلول جادة لمعالجة تفشي الدروس الخصوصية يتم اللجوء لحيل وآلاعيب قد تنطلي علي بعض أولياء الأمور.
تغييرات سيئة السمعة
التسرع والسربعة لم تكن فقط في الإصرار علي التطبيق فورا وإنما امتدت لمضمون التعديلات التي اعتبرت «شهادة الثانوية العامة منتهية وتصلح للتعامل معها في سوق العمل».. هذا النص تم نقله حرفيا من المشروع السابق إعداده وطرحه في مؤتمر تطوير التعليم الثانوي وسياسات القبول بالجامعات في مايو عام 2008 بحضور الرئيس المسجون حاليا، حيث كانت شلة المستفيدين من أركان النظام البائد تستهدف تقليص أعداد المقبولين بالجامعات باعتبار شهادة الثانوية العامة منتهية مثل الدبلومات الفنية، ومن يرغب في الالتحاق بالجامعات لابد من اجتياز اختبارات القبول الخاصة سيئة السمعة.. هذا النص يتجاهل خلو مناهج الثانوية العامة من المواد التي تزود الطالب بالقدرات والإمكانيات اللازمة لسوق العمل.
وحتي في حالة تغيير المناهج فإن سوق العمل يعاني من البطالة المزمنة لدرجة أن الحاصلين علي المؤهلات العليا يشغلون أوقاتهم بدراسة الماجستير والدكتوراة لعدم وجود فرص عمل.. غير أن جمال العربي وزير التعليم الذي ينتمي بشكل أو بآخر للنظام السابق يؤيد اعتبار الثانوية العامة شهادة منتهية معتبرا أن هذا النص يتيح للحاصل علي الثانوية العامة الانضمام لسوق العمل في حالة وجود فرصة عمل مع الاحتفاظ بحقه في الالتحاق بالجامعات طوال الخمس سنوات التالية لحصوله علي الشهادة بمد صلاحية الثانوية العامة لاستكمال الدراسة الجامعية خلال السنوات الخمس التالية للحصول عليها بحسب نص التعديلات.
كما يؤكد الوزير في إطار الدفاع عن هذا النص أنه ليس إجباريا بل اختياري، يتجاهل الوزير حالة الفقر المنتشرة واحتياج غالبية الأسر لمصدر دخل إضافي مما قد يدفع البعض للاكتفاء بشهادة الثانوية العامة والبحث عن أي عمل هامشي حتي لو عامل في محطة بنزين أو حتي سائق «توك توك»، كما أن التلويح بإمكانية استكمال الدراسة الجامعية طوال السنوات الخمس التالية يهيئ للبعض الآخر الفرصة لترك الدراسة علي أمل استكمالها خلال السنوات المتاحة وهو أمل خادع، فمن يترك الدراسة من الصعب أن يعود إليها مرة أخري خاصة بعد وجود فجوة تعليمية تعوق استيعاب الدراسة الجامعية، إنه الاستغلال لحالة الفقر والاحتياج بتهيئة الظروف ودفع شريحة من الطلاب للانسلاخ عن التعليم الجامعي، مما يرفع من نسب التسرب من التعليم الجامعي وينخفض بنسب الشباب الملتحقين بالجامعات في الشريحة العمرية من 18 إلي 23 سنة، بدلا من العمل علي زيادتها والنهوض بالتعليم الجامعي وإتاحته للراغبين فيه خاصة بعد ثورة يناير التي فجرها الشباب وقدموا آلاف الضحايا سالت دماؤهم من أجل النهوض بالوطن.
ألغام في الطريق
من الألغام التي ستواجه «التعديلات» عند تطبيقها وتهدد بالطعن عليها أمام مجلس الدولة الإخلال بتكافؤ الفرص عند قبول الطلاب الذين يتقدمون للالتحاق بالجامعات في عام آخر غير العام الحاصلين فيه علي شهادة الثانوية العامة، فقد أوضح وزير التعليم أن هؤلاء الطلاب سيتم قبولهم بالجامعات طبقا للحد الأدني لمجموع الدرجات المحدد بواسطة مكتب التنسيق في ذات العام الذي يتقدمون فيه خلال مدة صلاحية شهادة الثانوية العامة (5 سنوات)، الأمر علي هذا النحو يعني أن الطلاب الذين سيتقدمون للالتحاق بالجامعات خلال «السنوات التالية» لحصولهم علي الثانوية العامة يزاحمون الطلاب الذين يتقدمون للالتحاق بالجامعات «في نفس عام» حصولهم علي الثانوية العامة، علي الرغم من اختلاف مستوي الامتحانات وبالتالي اختلاف مستوي مجموع الدرجات مما يؤدي إلي عدم تكافؤ الفرص واختلال في مراكز وترتيب الطلاب والتحاقهم بكليات ذات مستوي أقل أو أكبر من مجموع الدرجات الحاصلين عليها، معايير وضوابط القبول عن طريق مكتب التنسيق يتم تطبيقها علي طلاب الدفعة الواحدة دون تمييز حسب مجموع الدرجات الحاصل عليها كل طالب، أما انتزاع طالب من دفعة سابقة ليتقدم للقبول بالجامعات ضمن طلاب دفعة لاحقة يؤدي إلي إهدار تكافؤ الفرص، لو أن طالبا حصل علي مجموع 90% في عام كانت فيه مستويات المجاميع منخفضة فإن مجموع قد يؤهله مثلا للالتحاق بكلية الهندسة، بعدها بعام أو عامين أراد التقدم للالتحاق بالجامعات وكانت مستويات المجاميع مرتفعة بالتالي يرتفع الحد الأدني للقبول ولن يتمكن من الالتحاق بكلية الهندسة والعكس صحيح مما يمثل إخلالا بقواعد القبول عن طريق مكتب التنسيق.. من المفارقات أن د. كمال الجنزوري رئيس الوزراء الذي يتعرض حاليا للانتقادات الحادة من أعضاء مجلس الشعب بخاصة المنتمين للتيارات الدينية المطالبين بإقالته كان هو رئيس الوزراء الوحيد خلال العهد البائد الذي حاول إلغاء نظام السنتين في الثانوية العامة وتمكن وقتئذ من وضع بعض القيود التي تحد من مرونة النظام الذي تم إقراره خلال تولي د. حسين كامل بهاء الدين مسئولية وزارة التعليم، حيث تم إقرار نظام السنتين في الثانوية العامة بالقانون رقم (2) لسنة 1994 لإتاحة فرص واسعة لطلاب الثانوية العامة لدخول الامتحان والإعادة واحتساب الدرجة التي يحصل عليها الطالب «كاملة» عند الإعادة وليس 50% فقط من النهاية الكبري لدرجة المادة، كان د. حسين كامل بهاء الدين يهدف لإتاحة مميزات الشهادات الثانوية الأجنبية لطلاب الشهادة الثانوية المصرية.. وأيضا للسيطرة علي شبح الثانوية العامة الذي يهدد الأسر المصرية، بسبب خلافات مع د. كمال الجنزوري رئيس الوزراء وقتئذ الذي يسعي لتعديل النظام الجديد بالقانون رقم 160 لسنة 1997 لتقييد فرص الطلاب.. الآن.. بعد مرور أكثر من 15 عاما علي محاولات الجنزوري إلغاء نظام السنتين في الثانوية العامة يأتي أعضاء مجلس الشعب ليحققوا رغبة الجنزوري العدو اللدود.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.