تباينت الأراء حول مشروع تطبيق قانون تطبيق "حد الحرابة" علي البلطجية الذي تقدم به نائب البرلمان السلفي عادل يوسف العزازاي، وكان قد أناب الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، كلا من الدكتور عبد الدايم نصير، مستشار شيخ الأزهر، والدكتور نصر فريد واصل، مفتي الجمهورية الأسبق، والدكتور محمد رأفت عثمان، عضو مجمع البحوث الإسلامية، ومحمد عبد السلام، المستشار القانوني لشيخ الأزهر، لحضور الدعوة لجلسات مناقشة المشروع القانون، للجنة الاقتراحات بمجلس الشعب. وتطبيقه علي البلطجية ومن يروِّعون الآمنين والأبرياء دون وجه حق. ونص المشروع القانون علي الأتي: أن يتبع القانون المقترح قانون العقوبات الجنائية ويتولي القضاء جميع القضايا المنظورة في هذا الشأن. أما المقصود بحد الحرابة: المجاهدة بأخذ المال أو القتل أو أي نوع من أنواع الجناية، معتمدا علي القوة كأن يشهر السلاح، أو يغالبه علي نزع ممتلكاته في مكان يبعد فيه عن الغوث.. وتقع العقوبة الواردة في هذا القانون علي كل من شارك في الجريمة إذا كان بالغاً عاقلاً ومن كانا عونا له. ويحق للشرطة استخدام القوة حسب ما يقتضيه الحال، حتي لو أدي ذلك إلي إطلاق النار عليهم أو قتلهم. من استسلم منهم أو وقع جريحا لا يجوز الإجهاز عليه بالقتل، كما لا يجوز إيقاع أي نوع من أنواع الأذي عليهم، بل يقبض عليهم ويحرر بذلك محضراً، ويسلم للنيابة لتتولي التحقيق معه. من تثبت إدانته بعد التحقيق وثبوت الأدلة أمام القضاء لا يجوز العفو عنه لأحد مهما كان، بل يجب إقامة الحد عليه. تكون عقوبة هؤلاء المحاربين بعد ثبوت التهمة علي النحو الآتي: "إذا كانت الجريمة هي القتل وجب الإعدام قتلاً، وإذا كانت الجريمة الاستيلاء علي المال أو الممتلكات قطعت أيديهم وأرجلهم من خلاف، وإذا صاحبت الجريمة قتلا واستيلاء علي المال قتلوا وصلبوا حسب ما يراه القاضي ويقدره، وإذا كان مجرد إلقاء الرعب علي الآمنين دون الجناية علي نفس أو مال حبسوا حتي تظهر توبتهم. وإذا قبض علي الجناة ووجد معهم ممتلكات، فإن عرف أصحابها ردت إليهم أو إلي ورثتهم، وإن لم يعرف أصحابها وضعت في خزانة الدولة، وانفقت في المصالح العام. وأما الأموال التي استولوا عليها ثم أتلفوها فإنهم يغرمون لأصحابها، وللقاضي الحق في الحجز علي ممتلكاتهم وأموالهم مدة مناسبة يردون فيها ما أتلفوه أو قيمته، وإلا باع هذه الممتلكات الخاصة بهم والمحجوز عليها في مزاد علني لتحصيل حقوق المجني عليهم. ومن تاب من هؤلاء الجناة وسلم نفسه للعدالة فإنه يسقط في حقه حد الحرابة، ولكن تبقي حقوق المجني عليهم ولهم الحق في المطالبة بها من ضمان الأموال إذا كانت الجناية معلقة بالأموال، أو يخيرون بين القصاص أو الدية أو العفو إذا كانت الجناية هي القتل. تاريخ القانون عُرفت الحِرابة في الجاهلية بقطع الطريق للسرقة والنهب وكانت الحِرابة منتشرة في شبه الجزيرة العربية، وكانت لها آثار سلبية لما فيها من قتل وسفك للدماء وسبي النساء وقطع للنسل. وتكون الحرابة بخروج جماعة مسلحة مشهرةً اجرامها بالسرقة والنهب والقتل. وقال تعالي (إِنَّمَا ولكن إختلف بعض العلماء في كيفيتها، فقال بعض العلماء انها لا تكون حِرابة الا إذا كانت في خارج المدينة أو علي أطرافها، أما إذا كانت داخل المدينة فتسمي بحسب "الجريمة المرتكبة" فان كانت قتلاً فحكمها حكم القتل وان كانت سرقةً فحكمها سرقة وان تشابهت مع الحِراب وقال شق آخر من العلماء أنها تكون في داخل وخارج المدينة طالما توافرت فيها شروط ومواصفات الحرابة، وقيل إنه إذا كانت في المدينة وكان في المقدور الاستغاثة فلا تسمي حِرابة وقال البعض إنها حِرابة لشمول الآية. قانون مؤقت أما د. محمود عاشور وكيل الأزهر السابق، قال إن الأزهر لم يوافق حتي الان علي مشروع القانون، ولم يخرج عن إطار الإقتراح تحت الدراسة والبحث، وهناك خطوات كثيرة لتطبيقه بداية من عرضه علي البرلمان وتطبيقه وتقنينه وهكذا.. واكد عاشور إننا بحاجة لتطبيق مثل هذا القانون في هذه الظروف التي تمر بها البلاد من فوضي حتي تعود البلاد لمجرها الطبيعي ثم يلغي مرة أخري حتي تستقر الأمور، وهو قانون في إطار الشريعة كما أمرتنا فمن قتل يقتل، ومن يسرق ويقتل أيضا يصلب، وهو ما جاء بالنص القرأني بأمر من الله. ورفض د. محمد منير مجاهد منسق مجموعة لا للتمييز الديني، البحث في قوانين الماضي لحلول مشاكل الحاضر والمستقبل، فكل فترة لها ظروفها الخاصة ومن ثم لابد لنا الأن من مواجهة أزماتنا بقوانين عصرية، خاصة وإن كنا نمتلك قوانين كافية لو فُعلت فلن نحتاج لقوانين جديدة. فوضي منظمة مثل هذه الامور لا تخرج عن إطار "الشو الإعلامي"، علي حد قول د. أمنة نصير أستاذ العقيدة والفلسفة الإسلامية بجامعة الأزهر، مشيرة الي أننا نملك قوانين كافية لتغطية كل الجرائم المختلفة بالمجتمع والتي يرتضيها الجميع وتطبقها المحاكم لردع البلطجية، مما يعني اننا في مرحلة البحث عن الضجيج والإلهاء لإشغال المجتمع في كل ما هو بعيد عن إحتياجات المرحلة المهتزة الي نعيشها. وأكدت نصير ان الأزمة الكبري لدينا تكمن في بطء التطبيق الصارم للقانون، وإذا كان حد الحرابة موجودا في الإسلام حتي الأن إلا أننا لسنا ملك انفسنا فلماذا نخرج مثل هذا القانون من دهاليز التاريخ ونثير المجتمع بإختلافه داخيلاً وخارجياً دون حكمة مسبقة، خاصة ومصر لديها المواقف الكثيرة التي لا يمكن ان تطبق فيها هذا القانون فهل استوفت مصر المقومات لذلك او الضوابط والتدرج وغيره. خاصة وان اي جديد سيضعنا في وضع مرتبك، وحذرت نصير لمن يريد هذا القانون بضرورة ان نترك البلد من إكتمال أهليتها حتي تستطيع ان تستعيد قوتها مرة أخري، ووصفتهم بأن هذا التيار لا يريد الاستقرار للبلد لا اكثر. أولويات اجتماعية مصر ليست الأن ولا حتي بعد عشر سنوات لتطبيق أي حد من حدود الشريعة ولا حتي القصاص، وهو ما أكده المحامي محمد الدماطي أمين لجنة الحريات ووكيل أول نقابة المحامين، وذلك لان البلد علي حد قوله لا بد ان تهيأ الي هذا الامر مسبقا بتحقيق العدالة الاجتماعية الناجزة بحيث لا يترك لأي أنسان ان يكون محتاجاً ثم يعقاب حال قيامه بالسرقة مثلا، ولكن يجب ان نتذكر الشرع الصحيح حين عطل سيدنا عمر بن الخطاب حد السرقة في عام الرمادة، وهنا يتعين علي دعاة السلفية وغيرهم ان ينتبهوا ويلتفتوا الي القضايا المهمة في المجتمع مثل قضايا الإنتاج والعدالة الإجتماعية ومحاكمة رموز النظام السابق وإسترداد الأموال المهربة وغيرها.. وطالب الدماطي القوي الليبرالية واليسارية والتقدمية ان تواجه مثل هذه الأصوات بالإجتهادات العلمية المنظمة، خاصة ان السلفيين لا يملكون خطة اقتصادية واجتماعية لإعادة الأوضاع الي وضعها الطبيعي ومن هنا تمسكوا بالدعوة الي تطبيق الشريعة بحجة حل كل هذه الأمور المختلفة وهذا منطق لا يمكن ان يأتي بالنتيجة المرجوة، والدليل علي ذلك ان الدول التي طبقت ما نادوا به مازالت الجريمة فيها أعلي من معدلاتها الطبيعية في السودان واليمن وافغنستان.. كلها نماذج إزدادت جهلا وتخلفا وإنخفضت الإستنارة بطريقة واضحة، ومن ثم علي من ينادي بها في مصر بأن يختار نماذج الدول التي اتخذت من العلم والعمل طريقاً لعودة المجتمعات لوضعها الصحيح. تطبق علي رموز الفساد فلنطبق حد الحرابة أولاً علي من سرقوا ونهبوا الوطن وأصابونا بالأمراض المتراكمة من المبيدات المسرطنة، وهو ما طالب به الشيخ أسامة القوصي الداعية السلفي، مستنكراً كيف نحكم علي فقير أو جائع إمتدت يده للسرقة بقطع يده ونترك من وصل به لهذه المرحلة التي يرثي لها من الفقر والإحتياج، فعلينا أولاً علاجه وإطعامه قبل محاسبته، وفي النهاية المسألة مردها الي نواب الشعب بموافقة بأغلبية ثم يحول للمتخصصين والفقهاء الدستوريين وتقوم المحاكم وحدها بوضع صيغة قانونية له لا تقوم فئة من نفسها بتطبيقه، مضيفاً بأنه لا بأس من تطبيق هذه العقوبة في حالات الإنفلات الأمني المتعمد والمخطط، ولا حرج في ذلك إذا توافرت الشروط والموانع لتطبيق الحدود عامة، خاصة أن العقوبات الدولية تكون وليدة البيئة قطعاً، فما يصلح لمصر لا يصلح لأمريكا او اليابان، فالمسألة نسبية وليست مطلقة، فإذا طُبق حد واحد فقط سيكون سبباً في منع الجريمة تماماً. فرض وجود ووصف عماد طه أمين لجنة الشئون الدينية بحزب التجمع، دعوة السلفيين بتطبيق قانون حد الحرابة بمحاولة فرض وجود بأي شكل من الأشكال باستخدام الشريعة الإسلامية، مضيفاً بأن لدينا قانون الجنايات والعقوبات يكفي واكثر للمعاملة مع حالات البلطجة بكل أشكالها، علي عكس المشروع السلفي المقدم بهدف الدعاية الإعلامية لتفتيت المشاعر والرأي العام لمحاولة التنافس حول الشريعة لفك التنظير حول مفهوم "الإسلام هو الحل" غير محدد المعالم ولا الاوصاف، خاصة مفهوم الشريعة لا يبدأ بتطبيق حد الحرابة، بل يبدأ بتهذيب الاخلاق وصحوة الضمير وعدم استخدام الدين في مشروعات سياسية لكسب الرأي العام، خاصة وأنه نوع من الهرطقة السياسية وإستعادة تاريخ فاسد باسم الشريعة خاصة وان الاغلبية بالبرلمان لم توافق علي تمرير المشروع لما بين الاخوان والسلفيين من خلافات ظهرت مؤخرا، بالإضافة للمعاهدات والمواثيق الدولية الحقوقية والجنائية والمطالبة مصر بتطبيقها مما يؤكد غياب الدراية لديهم كما غابت درايتهم حول مفهوم تطبيق الشريعة. وأضاف طه إن كان الازهر الشريف قد وافق فهو للأسف خاضع لإبتزاز وهابي مخترق مما وضعه بين مطرقة الوهابية وسندان الإخوان، بالإضافة للموقف السلبي من قبل المجلس العسكري تجاه الاخوان.