احتجاجات ضد نهب الأموال وتضخم مگافآت وحوافز الگبار تجددت احتجاجات وتظاهرات العاملين والمعلمين بوزارة التعليم اعتراضا علي تفشي الفساد والمحسوبية وللمطالبة بتطهير ديوان الوزارة من اللواءات والقيادات الوهمية والمستشارين ومعاوني الوزير الذين يستنزفون الأموال ويغترفون المكافآت والحوافز دون وجه حق، هذه المرة لم تكن الاحتجاجات فئوية ولم تتصاعد الهتافات للمطالبة بالتعيين أو التعاقد أو زيادة الحوافز، إنما جاءت التظاهرات من أجل تحقيق الإصلاح المالي والإداري وإيقاف عمليات نهب أموال الوزارة وتوزيع وبعثرة الموارد المالية علي مجموعات هبطت خلال العهد البائد لتحتل المواقع القيادية بالوزارة، بعد ثورة يناير ظن الجميع أن الأوضاع ستتجه نحو التحسن والتخلص من الظلم والقهر والاستبداد الذي طال أطرافا عديدة داخل الوزارة، انتظروا عاما كاملا تدهورت خلاله الأوضاع نحو الأسوأ، وشهدت الوزارة استدعاء لقيادات سابقة لتعود للهيمنة والسيطرة واغتراف الأموال دون حاجة حقيقية لأدائهم المتردي. التظاهرات الأخيرة جاءت في إطار جماعي استنادا لشرعية قرارات وتوصيات الجمعية العمومية للجنة النقابية للمعلمين بالوزارة في أول مارس الحالي، قدمت اللجنة النقابية التوصيات بشكل متحضر لوزير التعليم جمال العربي الذي قابلها باستنفار شديد وانفعال غير مبرر معتبرها تدخلا غير مقبول في شئون الوزارة، الأمر الذي دفع العاملين والمعلمين للاحتجاج والتظاهر وترديد الهتافات المناوئة للوزير والتهديد بالتصعيد في حالة عدم الاستجابة لمطالبهم في موعد أقصاه آخر الشهر الحالي. وقام رئيس اللجنة النقابية بإرسال توصيات الجمعية العمومية إلي المجلس العسكري ومجلس الوزراء ورئيس مجلس الشعب ورئيس لجنة التعليم بالمجلس لإقناع الوزير للاستجابة للمطالب واتخاذ خطوات فعالة نحو الإصلاح وإرساء قواعد المساواة والعدالة، موقف الوزير المتصلب الرافض للاستجابة واحتواء المطالب والتفاهم واعتباره آراء العاملين تدخلا في أعمال السيادة يدفع لمزيد من الاعتقاد نحو التعمد لبقاء الأوضاع كما هي دون إصلاح طمعا في استفزاز العاملين وإثارة الاضطرابات والقلاقل لتسود حالة من عدم الاستقرار. الشكوي للثورة هذا ما يحدث بأشكال مختلفة في كل القطاعات والهيئات، إضافة للأحداث المأساوية التي وقعت في أماكن متعددة في أعقاب الثورة بتدبير وإشراف وإخراج الطرف الثالث المستفيد من عدم الإصلاح وإثارة الفوضي لضمان الخروج الآمن وخلق مزيد من الاحتياج لتواجده، لقد اعترف أحد الوزراء في حكومة الجنزوري عندما طالبه أحد معارفه برفع الظلم عن مدير عام أقصاه عن منصبه د. أحمد زكي بدر أحد أعمدة البطش في العهد البائد، حيث همس الوزير قائلا: «التعليمات والتوجيهات اللي عندي عدم إجراء أي تغييرات وبقاء الأوضاع كما هي»!! وفي حكومة د. عصام شرف قطع د. أحمد جمال الدين موسي وزير التعليم السابق علي نفسه تعهدا بإعادة مدير العلاقات العامة لموقعه بعد انتزاعه منه ظلما وعدوانا في العهد البائد، عندما حان الوقت فوجئ الجميع بالوزير يجدد بقاء من شغل منصب مدير العلاقات العامة من خارج الوزارة لمدة عام جديد، وقال للمدير الأصلي المستبعد: «معلهش يا بني»!! كلها وقائع تؤكد الرغبة والاتجاه لبقاء الأوضاع علي ما هي عليه وعلي المتضرر الشكوي للثورة. تزامن مع إعلان توصيات اللجنة النقابية بالوزارة تسرب كشف يتضمن أسماء الوافدين من خارج وزارة التعليم لتولي المناصب القيادية أمام كل اسم بالكشف المبالغ المالية التي يحصل عليها بالإضافة إلي المرتب وتشمل الأجر الإضافي والمكافآت ومقابل العمل في غير الأوقات الرسمية والمكافآت الإجمالية السنوية، انتشر كشف المحظوظين بشكل واسع داخل طرقات وأروقة الديوان العام وبين أيدي العاملين الذين قاموا بتعليقه علي الحوائط والمداخل والأسانسيرات. تضمن الكشف أسماء 18 قيادة بالوزارة من اللواءات والمستشارين ومعاوني ومساعدي الوزير جميعهم يحصلون علي أجر إضافي بنسبة 300% من المرتب الشامل، يصل أعلي أجر إضافي إلي 13 ألف جنيه شهريا وأقل أجر إضافي 2500 جنيه شهريا، كما يحصل كل منهم علي 2000 جنيه شهريا بدعوي العمل في غير أوقات العمل الرسمية. ومكافآت سنوية تصل إلي 1500 يوم، إضافة لما ابتدعوه لاغتراف الأموال تحت مسمي مكافأة حساب رأس المال، سارعت الوزارة فور انتشار كشف المحظوظين لإصدار بيان تصف فيه الكشف بأنه «وهمي» ابتدعه شخص بهدف إثارة العاملين والإساءة لقيادات الوزارة بحسب البيان. ورغم محاولات التقليل من شأن الكشف والأرقام الواردة به فإن بيان الوزارة يؤكد إحالة كشف المحظوظين للرقابة الإدارية للتحقيق والتحقق من صحة ما جاء به وتوضيح مدي أحقية القيادات في صرف المبالغ المالية التي يحصلون عليها، الغريب أن البيان يؤكد أن 8 من قيادات يحصلون علي المرتبات والمكافآت من خارج ديوان الوزارة، ولا يتقاضون من الوزارة أي مرتبات أو مكافآت أو أجر إضافي منذ تعيينهم أو التجديد لهم وحتي الآن!! بصرف النظر عن مدي صحة ودقة الزعم بعدم دفع الوزارة لمرتبات ومكافآت هؤلاء السادة فإن البيان يتعامل مع ما يثار عن تضخم الدخول بنفي التهمة عن وزارة التعليم وكأنها جزيرة منعزلة، متجاهلا أن الوزارة هي التي استعانت بهذه القيادات لأداء أعمال وتولي مسئوليات ليست جوهرية من باب الواسطة والمحسوبية دون أي عائد إيجابي لأدائهم حسبما أوضحت اللجنة النقابية للعاملين، إشارة البيان إلي الصرف من جهات أخري لا ينفي تهمة تضخم الدخول بل يحمل معني تأكيدها، ثم إن هذه الجهات بالطبع تقبع داخل مصر وليست خارجها ويتم استنزاف أموالها التي هي في النهاية من ميزانية الدولة، فضلا عن أن البيان لم يحدد الجهة التي يتم الصرف منها من خارج الوزارة حتي يمكن المتابعة والتأكد وكشف شبكة العلاقات والتربيطات التي تسهل اقتناص المال العام بشكل شرعي وقانوني. القيادات مظلومة!! اعترف بيان الوزارة بحصول باقي القيادات علي المرتبات والمكافآت من ميزانية ديوان الوزارة، حيث يحصلون علي أجر أساسي وأجر متغير مثل باقي العاملين بالدولة، وأجر إضافي وفقا لطبيعة العمل، ومكافآت لجان حسابية وبعض المكافآت من الحسابات الخاصة. مؤكدا أن الحد الأقصي الفعلي للأجور بوزارة التعليم هو ثمانية أضعاف الحد الأدني لأقل دخل بالوزارة لمن يشغل وظيفة من الدرجة الثالثة التخصصية. علي الرغم من صدور القانون رقم 242 في 28 ديسمبر 2011 الذي جعل الحد الأقصي للأجور 35 مثل الحد الأدني لمجموع أقل دخل في ذات الجهة، وقرار وزير التعليم رقم 449 الصادر في 19 نوفمبر 2011 بجعل الحد الأقصي للأجور لا يزيد علي عشرة أضعاف الحد الأدني، بما يعني أن قيادات الوزارة لا تصل دخولهم للحد الأقصي المقرر قانونا. سألت «الأهالي» مسئولا كبيرا مخضرما في الشئون المالية بوزارة التعليم عن مدي مصداقية وصحة ما جاء ببيان الوزارة؟! أجاب: من غير الممكن وجود قيادات بالوزارة لا تتقاضي مكافآت من ميزانية ديوان الوزارة فهذا إدعاء غير صحيح بالمرة، أضاف: من الجائز فعلا أن تحصل هذه القيادات علي أجور ومكافآت من جهات أخري خارج الوزارة، لكن هذا لا يعني أبدا عدم حصولهم علي دخول من داخل الوزارة. أما الادعاء بأن الحد الأقصي لأجور باقي القيادات الذين يتقاضون تتقاضي المرتبات والمكافآت من داخل الوزارة لا يتجاوز ثمانية أضعاف الحد الأدني لأقل دخل فهذا قول فيه افتراء كبير يجافي الواقع والحقيقة. بغض النظر عن تضخم أجور القيادات فإن توصيات الجمعية العمومية للجنة النقابية بالوزارة ركزت بشكل أساسي علي إجراء إصلاحات هيكلية وإعادة حقوق العاملين المهدرة وتحقيق الشفافية والمصداقية في كل ما يتعلق بالقرارات الإدارية والمالية، طالبت التوصيات تغيير لجنة اختيار القيادات لفشلها التام في تحقيق المصداقية عند اختيار القيادات من أهل الثقة علي حساب أهل الخبرة، وارتكابها مخالفات صارخة لقانون اختيار القيادات، وإخضاع شغل كل وظائف العاملين بالديوان للإعلان وفقا للقانون وإلغاء التعاقد أو الندب لشغل الوظائف القيادية، كما أكدت التوصيات ضرورة الإسراع بتشكيل لجنة دائمة لتلقي وفحص تظلمات العاملين المتضررين من القرارات التعسفية الصادرة في حقهم. وإلغاء احتساب نسبة الأجر الإضافي لبعض القيادات من الأجر الشامل علي أن تحتسب النسبة من الأجر الأساسي. وطالبت أيضا بإعادة النظر في توزيع أيام مكافأة لجان الامتحانات لجميع العاملين بالديوان، وتقليل الفجوات في عدد أيام المكافأة المستحقة بين الإدارات المختلفة. سيناريو متعمد قد يكون ما اعتبره الوزير تدخلا في شئون الوزارة مطالبة اللجنة النقابية بعدم التجديد لوظيفة مساعد أول الوزير لتطوير التعليم ووظيفة مساعد الوزير للتطوير الإداري، نظرا لتراجع مستوي الأداء التعليمي وتدهور الأداء الإداري القائم علي الواسطة والمحسوبية، فهل الوزير مازال متمسكا بوظائف مساعدي الوزير التي استحدثها د. أحمد نظيف رئيس الوزراء السجين؟! أم أنها الرغبة في بقاء الأوضاع علي ما هي عليه تنفيذا للتعليمات والتوجيهات. أحمد حلمي رئيس اللجنة النقابية يؤكد عدم وجود خلافات مع وزير التعليم قائلا ل «الأهالي»: نريد فقط إصلاحات حقيقية وإعادة الحقوق المهدرة لأصحابها وتحقيق العدالة والمساواة وتكافؤ الفرص للجميع والتخلص من السلبيات، موضحا أن كل قرارات الجمعية العمومية تم التصويت عليها بندا بندا وحظيت بموافقة إجماعية. قبل الاجتماع الأول للجمعية العمومية للعاملين ذهب رئيس وأعضاء اللجنة النقابية لعرض مطالب ومشاكل العاملين علي الوزير الذي لم يتعامل مع الأمر بالجدية اللازمة، أصر مجلس اللجنة النقابية علي التمسك بالمطالب وإعطائها الشكل القانوني من خلال الدعوة لعقد الجمعية العمومية لإقرارها، إلا أن الوزير اعتبرها تدخلا في شئونه فعادت الاحتجاجات والمظاهرات بصورة شبه يومية اعتراضا علي التعنت والعناد، هو السيناريو ده مقصود ولا إيه؟!