لأنها بأحد الشوارع الجانبية بالدقي استلزم الأمر التأكد من مكان المستشفي الخاص الذي يرقد به مصابو يوم 19 نوفمبر الذي اضيف لايام الثورة المصرية ولأن القدر دائما يشير الينا باشاراته جعل أحد عساكر الشرطة الموجودين لحماية منشأة عامة بنفس الشارع يرفع صوته عاليا لأحد المتسائلين عن المستشفي: «هو فيه ايه الناس كلها بتسأل النهاردة عن المستشفي دي ليه» والحقيقة ان الاجابة رغم كونها علي لسان المواطنين لكن أحدهم فضل أن يجيب عليه قائلا : «اسأل الوزير بتاعك». وداخل المستشفي مشاهد أخري لشباب مصريين فقدوا أعينهم عندما فضلوا النزول لميدان التحرير بعدما استخدمت الشرطة العنف مع مصابي الثورة المعتصمين بالميدان. وداخل غرفة (56) بالطابق الخامس يرقد د. احمد البرديسي طبيب الاسنان الشهير بأحمد حرارة والذي فقد عينيه الاثنتين اليمني خلال ايام الثورة الاولي في 28 يناير والثانية في 19 نوفمبر ورغم ذلك فالابتسامة لا تفارق وجهه ويظل يداعب الجميع من اصدقائه وزملائه المصابين وكأن شيئا لم يكن، فقد تلاحظ حزن من حوله رغم فرحه الشديد وقوته التي تدعوك للدهشة والتأمل. أحمد حرارة يسترجع لحظات الميدان قائلا ل«الأهالي»: نزلت في الثالثة عصرا بعدما قرأت علي الانترنت أن هناك معركة بميدان التحرير بطلها مصابو الثورة وظللت مع زملائي في معارك الشرطة كر وفر خاصة بشارع محمد محمود حتي الثالثة فجرا، حين اصيبت في عيني اليسري بخرطوش، «حرارة» بمقياسه الثوري لا يجد اختلافا في معاملة الشرطة للمتظاهرين قبل وبعد ثورة يناير فلا فارق في العنف والغباء وهو ما لمسه منذ اعتصام يونيو الماضي، يتحدث عن اصابته الاولي انها كانت حافزا كبيرا له ولم تمنعه من النزول للميدان إذا تطلب الأمر ذلك أو رفع لافتة «العدالة الاجتماعية» في المظاهرة، يقول : تعرفت علي مصابين كثيرين وجدت أن أكثر المؤمنين بما حدث هم من فقدوا «أعينهم». رغم كل شيء اعتبر نفسي محظوظا جدا لأنه وجد من ينقله للمستشفي ويسعفه، يتذكر «حرارة» الحديث عن مصابي الثورة والورقة التي اعطتها الدولة له كمصاب بتعويض لا حاجة له ولا قيمة ايضا، قائلا : اعترض من الأساس علي صندوق مصابي الثورة المكون من هبات وتبرعات واستمارات وجميعها اشياء غير مفهومة فيما وصفه بعدم الجدية في التعامل مع مصابي الثورة كما هو تعاملهم مع الثورة نفسها متذكرا عرضهم عليه كمصاب «اما شقة تعويض أو مقبرة؟!» حرارة يقول: إن لحظة ركوبه سيارة الاسعاف حمد ربنا علي ما حدث حتي وإن كان فقد عينه الأخري وينتظر الساعات القادمة ليعود مرة أخري للميدان. أما مالك مصطفي الناشط السياسي والمدون منذ سنوات كثيرة فقد أصيب في عينه اليمني ويجاوز «حرارة» في الحجرة المجاورة له يقول : انه كان علي علم باعتصام مصابي ثورة يناير السبت الماضي ويعرفهم جيدا فبعضهم فقد عينه والبعض قدميه ولكن بعدما سمع بتعامل الأمن معهم وسحلهم واعتقال بعضهم اصر علي النزول للتضامن معهم وفوجئ بخرطوش يصيب عينه، يفسر مالك ما حدث بالغباء غير المفهوم والعنف غير المبرر وغير المنطفي ويتذكر ما حدث له : «عندما اصيبت حاولت احرك مقلتي للتأكد من سلامتها». أما أحمد عبد الفتاح «الصحفي بجريدة المصري اليوم، والمسئول عن تقارير الفيديو علي الموقع اليومي للجريدة «فيشرح للأهالي» كيف تعمد ضابط الأمن المركزي اصابته والتصويب عليه أثناء تصويره للاحداث عندما كان يغطي من شارع محمد محمود وعمليات الكر والفر بين الشرطة والمتظاهرين ورغم اصابته بكدمات وخرطوش بمناطق متفرقة من جسده لكنه اخرجها بيديه كما اعتاد من قبل حتي اصيب في عينه اليمني. يؤكد عبد الفتاح علي نية القصد في ضرب الصحفيين تحديدا خاصة مع ارتفاع عدد المصابين منهم في ذلك اليوم فالضابط كما يقول رأه وهو يصور فصوب بندقيته ناحيته وهناك فيديو آخر ما صوره يؤكد ذلك ويفسر أحمد ذلك بأنه خوفا من اثبات ما يحدث بعد أن كانت الفيديوهات والصور هي أحد الادلة علي ادانة قتلة الثوار الماثلين للمحكمة الآن. عبد الفتاح قدم بلاغا للنائب العام يتهم فيه الشرطة باصابته عمدا واستهدافه.