انتخابات شديدة التعقيد مستعصية الفهم كما لو كانت لوغاريتمات في إحدي دوائر الجيزة 121 مرشحا يتنافسون علي مقعدين في دائرة تضم عدة مراكز تزيد مساحتها علي محافظات عديدة مثل السويس وبورسعيد والإسماعيلية قوائم عديدة تتنافس تضم جميع الأطياف والألوان والتيارات السياسية والفكرية، ضحية الانتخابات هذه المرة هو الناخب الشارد التائه الذي لا يعرف للآن الفرق بين الفردي والقائمة وهو ما سيؤدي لإهدار مئات الآلاف من الأصوات بلا مبالغة، فالاغلبية الصامتة العازفة عن المشاركة السياسية لا تعرف من تنتخب ولا كيفية الادلاء بالصوت في ظل تعتيم إعلامي وتجاهل متعمد من جانب الفضائيات، إنها أول انتخابات برلمانية منذ نشأة الحياة السياسية البرلمانية سوف ترتفع فيها نسبة الأصوات الباطلة، باختصار شديد لا النخبة ولا العامة فاهمين حاجة، ففي ظل توزيع اللجان الانتخابية علي أكثر من مكان وتباعد مواقع اللجان أصبح الناخب الذي ظل لعقود طويلة يعرف مقر لجنته الانتخابية.. الآن لا يعرف مقر اللجنة الانتخابية هذه المرة تحديدا ، المؤسف المؤلم أن الناخب غير متحمس هذه المرة للادلاء بصوته لعدم معرفته بكيفية التصويت، وعدم معرفته بلجنة الانتخاب بعد اعادة توزيعها برؤية أمنية جديدة، وسط هذا الزخم الانتخابي المعقد والذي يخل بتكافؤ الفرص بين المرشحين فقد مرشحو المقعد الفردي الرغبة في الطواف في دائرة مترامية تحتاج لعام كامل من جانب المرشح الفردي لتغطيها دعاية وإعلانا وإعلاما، عكس مرشحي القوائم فكل مرشح ملزم بالدعاية والتغطية في منطقته يشرح برنامجه الحزبي والانتخابي مع تواصل مرشحي القائمة من خلال المؤتمرات الانتخابية.. الشيء المؤكد أن اليوم بطوله لن يكفي للتصويت حتي لو امتد إلي ما بعد منتصف الليل، المفاجآت في هذه الانتخابات واردة لأنها معقدة علي حد وصف البسطاء لها، الأمر المثير للدهشة والغرابة الشديدة هو خروج الدعاية الانتخابية عن خطها البياني حيث كانت صلاة عيد الأضحي في الخلاء في عدد كبير من الساحات الشعبية وكانت خطبة العيد في كل الساحات تحذيرا وارهابا وتخويفا للناس جميعا من التصويت الحرام ولابد من التصويت لقوائم الإخوان والنور والسلفيين، ومن ينتخب غير القوائم الإسلامية مذنب أثم شرعا، جميع خطب ساحات الصلاة التي تمت في الخلاء كانت دعاية انتخابية اجبارية حتي أن أحد المصلين سأل الخطيب عقب الانتهاء من الصلاة والخطبة قل لنا بالله عليك من ننتخبهم حتي ندخل عن طريقهم الجنة مادمتم أوصياء علينا، والدعاية الانتخابية سوف تتجاوز حد الانفاق المالي المسموح به ولاشك في ذلك حيث قامت جهات وأحزاب مشهورة بتوزيع لحوم الأضاحي وكراتين وجبات جافة ضمانا لتصويت الفقراء المعوزين لهم، وهذا ما يعزز ويؤكد مصدر ثقتهم في حصولهم علي نسبة عالية من مقاعد البرلمان، فحالة الفقر المدقع وضغوط ومطالب الحياة ارغمت الفقراء علي قبول الرشاوي الانتخابية مقابل صوت انتخابي لا يقدر الفقير المعدم مدي أثره وتأثيره علي تشكيل برلمان منوط به أعداء البلاد للاستقرار من خلال دستور جديد ورئيس منتخب.. الفقير اللي عايز يعيش متفرقش معاه حاجة.