حتي لا تأتي الانتخابات البرلمانية القادمة بميليشيات الحزب الوطني ووجوهه القديمة, والقوي المنظمة, التي لا تعبر بالضرورة عن أغلبية الشعب المصري الطامح إلي برلمان حقيقي, يحاسب الحكومة, ويواجه الفاسدين, ويرسي قواعد العدالة والديمقراطية, والحرية, ويحقق مصالح المواطنين.أثار قانون تقسيم الدوائر الانتخابية لمجلسي الشغب والشوري جدلا واسعا ليس في الشارع السياسي فقط بل وامتد للمواطن العادي الذي لم يعد يعرف سينتخب من واعتبر المحللون أن الدوائر الجديدة ستخدم مرشحي الأحزاب القوية ممن يمتكلون مصادر مالية كبيرة للغاية تمكنهم من نشر الدعاية الانتخابية في هذه الدوائر كبيرة الحجم مثل الإخوان المسلمين. كما أنها ستساعد مرشحي النظام الفردي ممن يعتمدون علي علاقات عائلية وقبلية قوية للغاية مثال ذلك فلول الحزب الوطني. التقسيم الجديد قام علي تقليل عدد الدوائر الانتخابية. فبدلا من 222 دائرة لكل منها مرشحان ليكون هناك 444 عضوا هم أعضاء مجلس الشعب القديم قبل إضافة من يعينهم رئيس الجمهورية، ستكون هناك 126 دائرة فردي و58 قائمة. يعني هذا أن الدائرة الانتخابية الجديدة تساوي تقريبا ثلاث دوائر قديمة. وبعد أن كانت الدائرة عبارة عن قسم شرطة واحد أضحت ثلاثة أو أكثر فمثلا (الدائرة السابعة في القاهرة قسم شرطة أول مدينة نصر أصبحت خمسة أفسام شرطة هذا التقسيم واجه سيلا من الانتقادات بعد صدوره من مجلس الوزراء وهو الآن في انتظار التصديق النهائي من المجلس العسكري أو التعديل فيه كما أشيع . وهذه الخريطة الانتخابية الجديدة ستعلي من شأن المال في العملية الانتخابية أكبر من أي وقت مضي. فالمرشح الذي كان يحاول إنفاق مبلغ معين من المال يستهدف به 100 ألف ناخب، سيكون عليه الآن أن يضاعف حجم إنفاقه ليستهدف دوائر بها نصف مليون ناخب مثلا أو أكثر. "آخر ساعة" تجولت بين آراء عدد من رؤساء الأحزاب وخبراء السياسة للوقوف علي أسباب الرفض التام والهجوم الذي واجهه هذا القانون. الدكتور طارق الزمر المتحدث الإعلامي باسم مجلس شوري الجماعة الإسلامية قال، إنه لم يأخذ رأي أي من القوي السياسية بخصوص التقسيم الحالي للدوائر الانتخابية، حتي التحالف الديمقراطي لم يكن له حظ وأضاف أن هذا التقسيم يعجز كل القوي السياسية الموجودة علي الساحة، وأنه لا حيلة للضعفاء إذا ما تم إقراره.ولفت إلي أن هذا التقسيم لن يساهم في تقدم الحياة السياسية في مصر ولن يساهم في مشاركة أفضل، وكنا نتمني أن يؤخذ رأي كل القوي السياسية في المرحلة الانتقاليه ودفع الشارع بقوة نحو المشاركة حتي يكون لذلك أثر علي مصر المستقبل.مؤكدا أن هذا التقسيم لا يخدم العملية السياسية في هذه المرحلة.واعتبر حزب الحرية والعدالة أن التقسيم الجديد للدوائر الانتخابية ملئ بالعيوب، مثل اتساع مساحة الدوائر مما سيصعب مهمة المرشحين في ظل ضيق وقت الدعاية الانتخابية. وقال عزب مصطفي، عضو الهيئة العليا للحزب، إن التقسيم الجديد للدوائر الانتخابية، به عدة عيوب، منها اتساع الدوائر سواء في النظامين الفردي والقائمة فبدل قسم واحد أصبح 3 أقسام في النظام الفردي، فتم إدماج الدوائر بما يمثل نحو 50٪ موضحا أن هذا الاتساع سيجعل المرشح يتحرك في أكثر من قسم وكأنه مرشح للجمهورية وليس لانتخابات الشعب في ظل ضيق وقت الدعاية الانتخابية وأضاف كنا نريد أن تقسم دوائر الجمهورية إلي 27 قائمة انتخابية تمثل كل محافظة فقط، لمنع فلول الوطني من استخدام المال والبلطجة، لكن بهذا الشكل سيترشح الفلول علي النظام الفردي.وأوضح أن الحزب سيترشح علي النظامي الفردي والقائمة، وكان هناك اجتماعات علي مدار اليومين الماضيين لبحث التوافق حول القوائم الانتخابية، من خلال اللجنة المصغرة للتنسيق الانتخابي بالتحالف الديمقراطي. من جانبه، قال الدكتور إبراهيم الزعفراني، وكيل مؤسسي حزب النهضة، إن هذا التقسيم معقد بالنسبة للمواطنين، ويحدث عنه لخبطة كثيرة وسيؤدي إلي استخدام المال لفلول الوطني وأعمال البلطجة سواء في نظامي القائمة أو الفردي، لأن الشعب لم ينس بعد الوسائل التي كانت تستخدم لتزوير الانتخابات. وعبر عن أن التيارات الإسلامية هي التيارات الأكثر استفادة من قائمة الدوائر الجديدة خاصة الإخوان المسلمين, لأنهم هم الأكثر قدرة وتنظيما وخبرة عن السلفيين، أما الطرق الصوفية فستعتمد في تلك الفترة علي أعدادها الحاشدة وتنظيماتها لحشد مريديها ومحبيها لدعم مرشحي الحزب. في حين رفض الدكتور رفعت السعيد رئيس حزب التجمع قرار تقسيم الدوائر الانتخابية ووصفه بأنه تم تفصيله علي مقاس جماعة الإخوان المسلمين وبعض التيارات الدينية، وكان من الأفضل العمل بآراء باقي الأحزاب والقوي السياسية وأضاف الإصرار علي الجمع بين النظامين الفردي والقائمة غير مقبول علي الإطلاق، الأمر الذي سوف يضطرنا إلي الدعوة لتأجيل الانتخابات لحين الوصول إلي حل وسط يحظي برضا جميع القوي السياسية.وأكد الدكتور محمد أبو العلا رئيس الحزب الناصري أن توسيع الدوائر الانتخابية في التقسيم الجديد هو طريقة تعجيزية للقوي السياسية التي ترغب في المشاركة في الانتخابات.وأضاف الإصرار علي تقسيم الدوائر الانتخابية بنسبة ال50 للقوائم والأخري للفردي سوف تنتج أعضاء مجلس شعب لن يختلفوا عن أعضاء مبارك. وشدد علي ضرورة إعادة النظر في قرار التقسيم وحتمية الاستماع إلي رأي القوي السياسية، حتي لا نهدر الوقت بلا معني وخاصة أننا نمر حالياً بمرحلة انتقالية. وصف النائب السابق صبحي صالح عضو جماعة الاخوان المسلمين تقسيم الدوائر الانتخابية بأنها مثيرة للجدل لأنها دمجت أكثر من دائرة في واحدة، والتي اتسعت لأكثر من نصف مليون ناخب، مما يجعل من الصعب علي أي مرشح الوصول إلي كل أبناء الدائرة وأضاف اتساع الدائرة يساوي حيرة الناخب وإجهاد المرشح، وبالتالي فإن نتيجة مجلس الشعب القادمة لن تكون معبرة عن إرادة أبناء الدائرة، وكان من الأفضل عدم استخدام أسلوب التجريب في المرحلة الحالية لأنها انتقالية. محمد سامي حزب الكرامة قال إن القرار شابه العديد من العيوب والأخطاء تقودنا لتفسيره علي أنه مؤامرة، ولابد له أن يخضع لمراجعة شاملة استجابة لرغبة معظم القوي السياسية. وأضاف إذا لم يتم العدول عن القرار والإصرار علي العمل به فسوف نطالب بضرورة تأجيل الانتخابات حتي الوصول إلي صيغة تلائم جميع القوي السياسية وأكد فؤاد بدراوي سكرتير عام حزب الوفد الجديد رفض الحزب شكلاً وموضوعاً لقانون تقسيم الدوائر الانتخابية ومن قبله قانونا مجلسي الشعب والشوري، شكلاً وموضوعاً..ووصفهما بقوانين خرجت من رحم النظام البائد وبنفس النهج القديم المعتمد علي منطق دعهم يقولوا ونفعل نحن ما نريد، فقانون الدوائر الانتخابية مثلا يبدو أن واضعي هذا التقسيم ليس لديهم أي فكر أو خلفية من قريب أو بعيد عن الانتخابات وتقسيمات تلك الدوائر الانتخابية ومن ثم جاء القانون مخيباً للآمال ويرفضه الوفد تماماً وسيتم عرض الأمر علي المكتب التنفيذي في أول اجتماع له. من أهم مساوئ قانون تقسيم الدوائر الانتخابية كما يقول فؤاد بدراوي إن الدائرة الواحدة وبعض المحافظات قد تشمل 10 أقسام، كدائرة قصر النيل، كذلك نسبة ال 50 للفردي وللقائمة علي أن تبدأ القائمة بمقعد العمال وكذلك أن نجد في القائمة الحزبية لدائرة كاملة 4 أعضاء فقط لا غير ولذلك كنا نقترح كحزب الوفد بدائرتين أو دائرة واحدة لكل محافظة، بحيث تتم إتاحة الفرصة كاملة لحرية الترشيح وأن تكون هناك حركة في القائمة دون التقيد بأربعة مقاعد وأن تكون النسبة ثلثين للقائمة وثلثا للفردي، ولكنها اقتراحات وللأسف الشديد لم يتم مجرد النظر إليها ومراعاتها، وتم تجاهل كل الآراء والملاحظات للأحزاب السياسية المعنية بالأمر. ويؤكد عصام شيحة المحامي وعضو الهيئة العليا لحزب الوفد أن قانون تقسيم الدوائر بهذا الشكل يعيد إنتاج مجلسي 2010 مع اختلاف وحيد يتمثل في تبادل الأدوار ما بين الإخوان المسلمين وفلول الحزب الوطني، فهذا التقسيم يصعب المهمة علي الاحزاب خاصة الأحزاب الشابة والجديدة ويحرم شباب الثورة من جني ثمار ثورتهم ولذلك كان مطلب الوفد أن يجعل لكل محافظة دائرة انتخابية بذاتها أو تقسيم الجمهورية لدائرتين ولكن ما حدث هو تشتيت للناخب خاصة انه جمع بين دوائر تختلف في تركيبتها السكانية ومساحتها عن الدوائر المرافقة لها أو القريبة منها. ويشير شيحة إلي خطأ القانون الجسيم في عدم مراعاة النظام الانتخابي الذي ينص علي انتخاب نصف المجلسين عن طريق القائمة النسبية غير المشروطة والنصف الآخر بالفردي الأمر الذي يجعل الانتخابات صعبة بل مستحيلة علي المقعد الفردي، خاصة للقوي السياسية غير المنظمة أو المستقلين. الدكتور عمرو هاشم ربيع رئيس وحدة الدراسات المصرية في مركز الدراسات السياسية والاستراتيجية بالأهرام يقول إن الدوائر الانتخابية مرتبطة بقانون الانتخاب المتضمن في قانون مجلسي الشعب والشوري, وبموجب ذلك سوف يتم تقسيم الجمهورية مرة لانتخابات الشعب( قائمة، فردي), ومرة أخري لانتخابات الشوري( قائمة، فردي) ولا شك أن التقسيم الحالي للدوائر سوف يؤدي إلي ارتباك في صفوف الناخبين والمرشحين, كما أنه لن يكون هناك تناسق في التمثيل النيابي، فعضو الشعب الفردي سيجلس بجواره عضو الشعب الفائز المنتخب بنظام القائمة، وكلاهما يمثل عددا غير متساو من المواطنين. ويشير إلي أن أفضل تقسيم للدوائر فذلك الذي صنعه العراقيون حيث قسموا الدوائر خلال الانتخابات الأخيرة حسب مساحتها وعدد سكانها في حين يقول الدكتور صلاح الدين فوزي أستاذ ورئيس قسم القانون الدستوري في كلية الحقوق جامعة المنصورة،إنه لا يميل لأن تكون الدوائر الانتخابية مرتبطة بالتقسيمات الإدارية، ومن الضروري ايجاد حل لموضوع الموطن الانتخابي، والسبيل في ذلك أن يكون الاقتراع ببطاقة الرقم القومي ولكن في الموطن الانتخابي وهو إما محل الإقامة الدائم، أو محل العمل حتي لا يحدث التفاف علي التقسيم الخاص بالدوائر. الدكتور شوقي السيد أستاذ القانون وعضو اللجنة التشريعية في البرلمان السابق مؤكدا أن التقسيم الحالي للدوائر الانتخاببية غير عادل فهناك دوائر متسعة الأرجاء بعيدة عن بعضها البعض كما أن أعداد الناخبين بها كبيرة جدافي حين هناك دوائر صغيرة وتضم اعدادا أقل من المرشحين وبعد المقارنة بين الاثنين سوف تجد أن التقسيم غير عادل بين الدوائر المختلفة لا من حيث المساحة ولا من حيث عدد الناخبين ومن ثم تصبح مسألة إعادة النظر في الدوائر الانتخابية الحالية ضرورة مهمة. الجدير بالذكر أن قانون تقسيم الدوائر المعمول به الآن هو القانون 206 لسنة 1990 في شأن تحديد الدوائر الانتخابية لمجلس الشعب، وتم تعديله آخر مرة في عام 2010 في ضوء إنشاء ثلاث محافظات جديدة، وتخصيص دوائر انتخابية للمرأة. وفي هذا الشأن، تم تخصيص أربع دوائر انتخابية لمحافظة حلوان، وسبع دوائر انتخابية لمحافظة السادس من أكتوبر، وثلاث دوائر انتخابية لمحافظة الأقصر، وإعادة توزيع دوائر محافظتي القاهرة والجيزة بعد استقطاع دوائر منهما لمحافظتي أكتوبر وحلوان في هذه التعديلات نشبت مشاجرة كبيرة حين رأي النائب السابق مصطفي بكري أن تعديل الدوائر في حلوان هدفه مساعدة خصمه وزير الإنتاج الحربي السابق علي النجاح في الانتخابات.