تفعيل الدور لا تغيير الاسم من قمة عربية إلي قمة أخري تتكرر نصوص البيان الختامي، الذي يقول كل شيء ولا يقول شيئا، أو بمعني أصح لا يلزم أحدا بأي شيء فكم قمة عربية دعت إلي وقف الاستيطان، ودعوة المجتمع الدولي لعدم القبول بالحجج الإسرائيلية لاستمراره، والدعوة إلي إعادة هيكلة الجامعة العربية، واتخاذ ما يلزم من إجراءات لإدارة الخلافات العربية بما يخدم مصالح أطرافها وتأكيد التمسك بوحدة السودان والعراق والصومال ودعم لبنان، وإيجاد شرق أوسط يخلو من السلاح النووي، وغيرها من التوصيات التي خلت من إجراء عملي واحد يوحد الله، ردا علي المسعي الإسرائيلي الحثيث نحو تهويد القدس، علي الرغم من أن قمة «سرت» قد اتخذت لنفسها شعار «دعم صمود القدس» ليسهل الاستنتاج أن الرسالة التي بعثت بها القمة إلي حكومة اليمين الإسرائيلي المتطرف، ما هي إلا دعوتها لمواصلة السير في سياسة الاستيطان وهي تنعم بالاطمئنان بهول العجز العربي الفادح عن القيام بأي فعل، حتي ولو كان إغلاق البعثات الدبلوماسية الإسرائيلية التجارية والاقتصادية في الدول العربية، وتجميد سياسة التطبيع المجاني مع إسرائيل، ورهنها بالتوصل لتسوية تفضي إلي دولة فلسطينية مستقلة عاصمتها القدس الشريف لاسيما والدول الخليجية والمغربية التي تتسارع خطوات تطبيعها المجاني مع إسرائيل لم تكن يوما طرفا مباشرا في الصراع العربي - الإسرائيلي، ولم تحتل لها أرض في الحروب العربية - الإسرائيلية، وتستطيع تلك الدول بما تملكه من نفوذ مالي وديني، أن تشكل أداة ضغط، مع أدوات أخري للتوصل إلي تسوية لهذا الصراع، طبقا لقرارات الأممالمتحدة والشرعية الدولية، وبدلا من ذلك، وجه القادة العرب الذين شاركوا في قمة سرت وهم يتركون خلفهم أوطانا تكتظ بالعاطلين عن العمل، ومثقلة بالفقر والتخلف والعجز عن بناء دولة حديثة، رسالة أخري لإسرائيل والولايات المتحدة، بالرفض الصريح لإجراء حوار عربي - إيراني في سياق دعوة الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسي إلي إنشاء رابطة لمنطقة الجوار العربي، تشمل شراكة إيرانية - تركية - عربية لإدارة ملفات المنطقة والتشاور للتوصل لحلول لمشاكلها وأزماتها، التي أصبحت إيران طرفا أصيلا فيها من بيروت وبغداد حتي الخرطوم مرورا بغزة والحدود اليمنية - السعودية حيث تدور معارك الحوثيين. ورغم رفض القمة إجراء حوار عربي مع إيران، فقد اكتفي أكثر من طرف بينهم مصر برفض الحلول العسكرية لمعالجة ملفها النووي. وكان من الطبيعي وقضية القدس قد تم الاكتفاء برفع التمويل الخاص بصندوقها، أن ينشغل القادة العرب بأن تبقي الجامعة العربية كما هي، أم يجري تحويلها وفقا لاقتراح يمني إلي الاتحاد العربي تشبها بالاتحاد الأوروبي، وبالاتحاد الأفريقي الذي حل محل منظمة الوحدة الأفريقية، بينما مشاكل القارة السمراء بقيت كما هي تنتقل من صراع قبلي أو طائفي إلي آخر، ويموت مواطنوها من الفقر والجوع، وتنهب أنظمة فاسدة ثرواتها لترزح بلدانها في التخلف والعجز عن التنمية أو اللحاق بالعصر. مشروع الاتحاد العربي غير بعيد عن رغبة بعض الدول العربية في تدوير منصب الأمين العام للجامعة، لكي لا يظل مقصورا علي مصر دولة المقر، وهو عرف سائد منذ إنشاء الجامعة العربية قبل نحو 65 عاما ولا يتضمنه ميثاق إنشائها، والمرة الوحيدة التي رأس فيها التونسي الشاذلي القليبي منصب الأمين العام للجامعة لنحو عشر سنوات، حين اتخذت قمة بغداد الشهيرة عام 1979قرارا بنقل الجامعة من مصر احتجاجا علي توقيع الرئيس السادات اتفاقات كامب ديفيد. وزير الخارجية المصري أحمد أبوالغيط قال إن مصر لن توافق علي اقتراح تدوير منصب الأمين العام للجامعة، والاقتراح اليمني ينطوي دون تصريح علي هذا المعني وربما علي رغبة في نقل مقر الجامعة إذا ما أصبحت اتحادا، إلي بلد آخر، وعلي الذين يتحمسون للاقتراح اليمني أن يتذكروا، عقدا كاملا من الموات الشامل عاشته الجامعة العربية حين تم نقلها إلي تونس العاصمة، وما ينقص الجامعة ليس تغيير اسمها، بل تفعيل دورها، بحد أدني من العمل العربي المشترك في المجال الاقتصادي ومقاومة التطبيع، دعما لاستقرار النظام العربي قبل أي شيء آخر.