قالها الرجل بكل وضوح وصراحة، «كلهم كذابون، ولهذا يسقطون»، أما صاحب الكلمات فهو الأستاذ «كيشور محبوباني kishore Mahbubni» عميد كلية لي كوان ليو Lee Kwan yu للسياسة العامة في جامعة سنغافورة والذي صنفته صحيفة الفينانشيال تايمز بين الخمسين الأكثر تأثيرا في تطور الفكر السياسي في آسيا، كما وأن كتاباته تحدث تأثيرا فوريا، فقد نشر مؤخرا مقالا عن «سقوط الأنظمة الديكتاتورية وفشل الأنظمة الديمقراطية» استشهد به توماس فريدمان في كتاباته في النيويورك تايمز، أما في الصين فقد لفت المقال انتباه أحد أهم مذيعي قناة cctvg واسمه yang rui فخصص له حلقة كاملة من برنامج «حوار» ليبدأ بسؤاله عن تفسير سقوط المستبدين وفشل الديمقراطيين، وإجابة الرجل تؤكد أن الكل يفشل لنفس السبب، ذلك أنهم جميعا يكذبون «وإذا كان المستبدون من أمثال مبارك وبن علي والقذافي يسقطون بسبب كذبهم علي شعوبهم، فلنفس السبب تفشل الديمقراطية في الغرب» ويقدم الأستاذ محبوباني أوضح مثال بأزمة اليورو في أوروبا ويبين أن الأوروبيين يواصلون الكذب، وليس فيهم من يجرؤ علي توضيح حجم المشكلة ولا علي مطالبة الشعب بالجهود والتضحيات اللازمة للوصول إلي حل، وكيف أنهم حين قالوا بإمكان إيجاد وحدة نقدية مع الحفاظ علي الاستقلال المالي كانوا يكذبون وأنهم حين وضعوا قاعدة الالتزام بنسبة تضخم لا تتجاوز 3% كانوا يكذبون فقد كانت ألمانيا وفرنسا أول من خالف القاعدة ومشي وراءهما اليونانيون والإيطاليون والأيرلنديون والإسبان والسيد محبوباني هنا يصر علي أننا إذا وضعنا قاعدة فيجب أن يلتزم بها الجميع وأن أي استثناء تلحقه توابع لا تحمد عقباها. يبتسم الأستاذ محبوباني حين يسأله yang rui صاحب حوار عن سر إعجاب الكاتب الأمريكي توماس فريدمان بما كتب عن الكذب والكذابين «لأن أحدا في أمريكا لا يجرؤ علي مواجهة الناس بالحقيقة، إن فريدمان يستشهد بكلامي حتي يفهم الأمريكيون أن حلول الأزمات تحتاج إلي تضحيات هائلة وليست بالبساطة التي يتكلم بها السياسيون»، وإذا فالأستاذ محبوباني يري أن مواصلة الكذب تؤدي إلي استمرار الفشل كما في الديمقراطية الغربية. عن الكذب والكذابين ودور المال في دمج السلطة في وسائل الاتصال نقرأ كثيرا من الدراسات المتعمقة تشرح وتحذر من المال المغرض وقدرته علي نشر الأكاذيب والأفكار المضللة خاصة علي شاشات التليفزيون وأوضح مثال علي قدرتها علي تضليل الرأي العام هو ما أسفرت عنه نتائج انتخابات مجلس النواب الأمريكي 2010، والتي رجحت كفة الجمهوريين وكيف أن ذلك لم يكن ليتحقق إلا بفعل المبالغ التي أنفقت علي الكذب والكذابين علي الشاشات والتي قدر إجمالها بأربعة ملايين من الدولارات الأمريكية. وقد نجد رابطا من نوع ما بين كل ما سبق وما حدث علي شاشة TV5 في أول ظهور لصحفي مصري بين مجموعة من المراسلين الأجانب في باريس في ضيافة برنامج كيوسك kiosk الذي يقدمه فيليب ديسان.. ظهر الأستاذ أحمد يوسف ليجيب علي أحد الأسئلة بقوله إنه يتوقع أن يكون رئيس مصر القادم مدنيا من أصول عسكرية.