منشور سري بعرض أوراق إشهار الجمعيات علي أجهزة الأمن نجحت ثورة 25 يناير في اسقاط النظام وعدد من رموز حكمه، وكذلك اسقاط جهاز مباحث أمن الدولة، ذلك الجهاز الذي تغلغل كالسرطان في حياة المصريين وتم إنشاء قطاع الأمن الوطني. ورغم فرحتنا بهذا القرار الذي يعني عدم السماح بأي محاولات للاستبداد أو اهانة المواطن المصري في أي مؤسسة أو جهاز أيا كان حجمه فإن القطاع الجديد بدأ يمارس نفس أساليب جهاز أمن الدولة، ومنها التدخل في شئون المنظمات غير الحكومية، مما يؤكد إن مهام قطاع الأمن الوطني هي نفسها مهام جهاز أمن الدولة السابق وأن التغيير كان في الاسم فحسب وليس في الجوهر. وهناك شهادات حية علي ذلك منها الشكوي التي أرسل بها المحامي «عماد نبوي السعيد» إلي الأهالي ويؤكد فيها إن جهاز أمن الدولة مازال هو جهة الاشهار والموافقة رغم الغائه فيقول قمت بإجراءات استخراج وتسجيل سجل تجاري باسم صفية عبد المحسن وراندا عبد المنعم ذلك عن نشاط بيع وتوزيع ونشر الكتب والمصنفات السمعية والبصرية وكان ذلك قبل ثورة 25 يناير في منتصف عام 2010، وكان الأمر حينها تطلب العرض علي الجهات الأمنية وتحديدا أمن الدولة وتم ارساله إلي أمن الدولة وتمت الموافقة علي النشاط رغم إن السجل التجاري يتبع وزارة الصناعة، وبعد ثورة 25 يناير وسقوط أمن الدولة توجهت منذ أيام لتغيير النشاط وإضافة نشاط نشر الكتب وتمت الموافقة علي ذلك من الغرفة التجارية بالإسكندرية ثم توجهت إلي مكتب السجل التابعة محل حي شرق فأفاد مدير المكتب أنه يجب العرض علي أمن الدولة وعندما قلت له إنه تم اسقاط جهاز أمن الدولة بعد ثورة 25 يناير، قال لي مفيش ثورة ولا حاجة وامن الدولة لسه موجود وذلك في يوم 26/7 من عام الثورة، وعندما توجهت إلي مديرية أمن الاسكندرية لم اجد جوابا شافيا عن ذلك الوضع، وتوجهت إلي مدير السجل التجاري بالاسكندرية الذي قال لي هناك منشور سري بعرض الأوراق علي الجهات الأمنية بالرغم من إن قانون السجل التجاري لا يوجد فيه أي نص يشترط موافقة الجهات الأمنية، والسجل التجاري تابع لوزارة الصناعة ولا يتبع وزارة التضامن، هذه المشكلة تطرح العديد من التساؤلات والاستنتاجات حول مهام قطاع الأمن الوطني وهل التغيير كان في الاسم فحسب أم في الجوهر، والأهم من ذلك ما المطلوب حتي لا يتدخل القطاع الجديد مجددا في شئون المنظمات غير الحكومية حتي تتمتع باستقلاليتها عن الدولة وكيف ستتعامل قيادات العمل الأهلي إذا تم اكتشاف انتهاكات جديدة في عمل القطاع الجديد، وما دور وزارة التضامن في التصدي لهذه التدخلات الأمنية؟ لا حل ولا تجميد أكد طاهر أبو النصر- ناشط حقوقي- أن قرار وزير الداخلية باستبدال الجهاز القديم بقطاع الأمن لا يعتبر تجميدا لعمل الجهاز أو حله ولكنه تغيير في المسميات، وعلينا أن ننتظر حتي نري مهام القطاع الجديد ونراقب أي تجاوزات تحدث، وفيما يخص الجمعيات الأهلية لابد من تحقيق مطلب المجتمع المدني بتعديل قانون الجمعيات بحيث يكون التأسيس بالاخطار وأن يكون دور الوزارة اشرافيا، وفي حالة حدوث أي مخالفات أو اعتراض من الجهة الإدارية متمثلة في وزارة التضامن عليها أن تلجأ إلي القضاء. أما خالد علي- رئيس المركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية- فأكد أن حل جهاز مباحث أمن الدولة جاء بعد أن اسقطته ثورة الشعب المصري، وفيما يخص الجمعيات الأهلية فلا يحق لأي جهة أن تفرض وصايتها علي شئون الجمعيات سواء كانت الجهة الإدارية أو الجهات الأمنية، فالجمعيات الأهلية هي منظمات شرعية وفقا للدستور والاتفاقيات الدولية التي صدقت عليها مصر وبالتالي الاعتداء علي حريتها والتدخل في شئون عمل غير شرعي. وطالب «خالد علي» بضرورة إطلاق حرية تأسيس المنظمات بمجرد الاخطار دون الحاجة إلي ترخيص مسبق فضلا عن ضرورة إطلاق حرية الجمعيات في اختيار الميادين والمجالات والانشطة الاقتصادية والاجتماعية والمهنية والثقافة والسياسة وعدم جواز التدخل في قراراتها أو الاعتراض علي المرشحين لعضوية مجلس الإدارة وحظر حل الجمعيات إلا بحكم محكمة استنفد كل طرق الطعن، وفيما يخص التمويل طالب «خالد علي» بضرورة حرية المنظمات في تلقي التمويل اللازم لانشطتها بشرط الاخطار والإعلان عن مصادر التمويل وأوجه الانفاق. وطالب «خالد علي» بضرورة عرض قانون القطاع الجديد المسمي بالأمن الوطني علي الرأي العام لمناقشته ولابد أن يعكس المبادئ التي من شأنها أن تحد من سلطات هذا القطاع وتقتصر مهامه علي حماية الوطن والمواطن وتشديد الرقابة عليه. قانون العقوبات يكفي ويتفق معه «ماجد سرور» رئيس مؤسسة عالم واحد مشيرا إلي ضرورة اسقاط قانون الجمعيات الأهلية الحالي ورفع يد الأمن عن الجمعيات وضرورة أن يكون العمل الأهلي في كل مراحله بالاخطار وفي حالة وجود تجاوزات فإن قانون العقوبات يفي بالغرض. أما «حافظ أبو سعدة» رئيس المنظمةالمصرية لحقوق الإنسان فأشار إلي أن قبل ثورة 25 يناير كان ما يجري علي أرض الواقع يتناقض مع ما ألزمت به الحكومة نفسها فبدلا من أن تكون هي الجهة التي تقوم بحماية الحق في التنظيم أصبحت هي الجهة التي تمارس الانتهاكات ضد هذا الحق، ومنذ صدور قانون الجمعيات الأهلية رقم 84 لسنة 2002 والجمعيات تتعرض لتدخلات أمنية وإدارية تعطل عملها وتنتهك الحق في تشكيل المنظمات المدنية. وطالب (ابو سعدة) بالتروي في إصدار قانون الشرطة الجديد واعطائه الوقت الكافي لمناقشته والتعقيب عليه وتغيير النصوص التي تهدد بإعادة الجهاز السابق لعهده. وأن يتم الانتظار لحين تشكيل البرلمان الجديد مشيرا إلي أن أي تجاوزات من القطاع الجديد سوف نفضحها وميدان التحرير لايزال موجودا وشاهدا علي ثورتنا التي لن تهدأ إلا بعد تحقيق أهدافها. ورفض رؤساء الاتحادات الإقليمية للجمعيات علي امتداد محافظات مصر أي تدخل من الجهات الأمنية متمثلا في جهاز مباحث أمن الدولة، وأكدوا ضرورة تعديل قانون الجمعيات الأهلية الحالي الذي يفرض كثيرا من القيود علي منظومة العمل الأهلي في مصر. فأشار «د. أسامة عبد الوارث» رئيس الاتحاد الاقليمي بأسوان إلي أن ثورة 25 يناير وما يواجه المجتمع الآن من مشكلات الآن يفرض إطلاق الحرية للعمل الأهلي حتي يتمكن من مساندة الثورة ومواجهة تلك المشكلات، وقال إن الحرية لن تتحقق بحل جهاز مباحث أمن الدولة فقط، ولكن لابد من تشريع قانون جديد للجمعيات الأهلية علي أن ينص القانون الجديد علي أن يكون مرجع الجمعيات إلي الاتحاد العام وليس وزارة التضامن التي من المفترض أن تكون جهة إشرافية فحسب ، أما الجهات الأمنية فلا علاقة لها بالجمعيات. ويتفق معه «عبد الحميد رضا» رئيس الاتحاد الاقليمي بالقليوبية - مطالبا بضرورة سعي وزارة التضامن الاجتماعي بتنمية وبناء قدرات الجهاز الإداري بها خاصة من يتعاملون بشكل مباشر مع المنظمات غير الحكومية ويناشد الوزير بألا يقبل أي تدخل من الجهات الأمنية في عمل الجمعيات مشيرا إلي أن جهاز مباحث أمن الدولة كان كابوسا وانتهي ولا نريد أن يعود مرة أخري. وحول دور الوزارة - وزارة التضامن- في التصدي لأي محاولة لتدخل الجهات الأمنية في عمل الجمعيات أكد لنا عدد من العاملين بإدارة المنح التابعة للإدارة المركزية للجمعيات بوزارة التضامن أن الوزارة حتي الآن لا يمكنها الموافقة علي اشهار جمعية إلا بعد أخذ الموافقات الأمنية. وأكد العاملون أن جهاز أمن الدولة تم استبداله بقطاع الأمن الوطني ولم تأت إليهم تعليمات بعدم تدخل الأمن في شئون الجمعيات ولابد من إجراء التحريات الأمنية قبل موافقة علي أخذ تمويل أو إجراء أي نشاط ما لإحدي الجمعيات، وهو ما يعني إنه لم يتغير شيء فالأمور تسير كما كان الأمر قبل ثورة 25 يناير وأشاروا إلي إن أمن الوزارة يشارك في عمل هذه التحريات.