وزير الإسكان يتابع موقف مشروعات مياه الشرب والصرف الصحي ضمن المبادرة الرئاسية "حياة كريمة" بمحافظتي الفيوم والمنيا    «الإنجيلية» تبحث مع شركائها الدوليين والمحليين سبل تعزيز التعاون التنموي    ثروت سويلم: ما يحدث مع المنتخب الثاني يؤكد أننا لم نكن نجامل الأهلي أو الزمالك في السنوات الماضية    اتحاد الكرة يعلن حكم مباراة الزمالك والبنك الأهلي في الدوري    تجديد حبس المتهم بقتل أطفال اللبيني ووالدتهم    اليوم.. المحكمة تحسم مصير «أوتاكا» بتهمة غسل أموال ونشر محتوى خادش    موعد حفل افتتاح المتحف المصري الكبير والقنوات الناقلة    الخارجية الفلسطينية ترحب بالتقرير الأممي لحالة حقوق الإنسان في الأرضى المحتلة    رسميًا.. موعد امتحان 4474 وظيفة معلم مساعد رياض أطفال بالأزهر الشريف (الرابط المباشر)    بني سويف ترقبًا لقرار الفيدرالي: أسعار الذهب تتأرجح وسط حالة من الحذر اليوم الأربعاء 29-10-2025    الدوري الإيطالي، ميلان يسقط في فخ التعادل 1-1 أمام مضيفه أتالانتا (صور)    كرة سلة - طارق خيري يقود الناشئات.. الاتحاد المصري يعلن تشكيل منتخبات الناشئين    أبرزها الترسانة ضد بلدية المحلة.. مباريات الجولة ال 11 بدوري المحترفين المصري    الأهلي يسعى لاستعادة صدارة الدوري اليوم في مواجهة قوية أمام بتروجت    ميلان ينجو من فخ أتالانتا بتعادل مثير في بيرجامو    وزير الاستثمار يشارك في النسخة التاسعة ل " منتدى مبادرة الاستثمار" بالمملكة العربية السعودية    نائب الرئيس الأمريكي: اتفاق وقف إطلاق النار في غزة صامد وسيستمر    التحفظ على كاميرات طوارئ قصر العيني والتقرير الطبي لوالدة أطفال اللبيني بفيصل    إصابة شخصين في حريق شقة سكنية بمنشأة القناطر    اعترافات قاتل «أطفال اللبيني» تكشف كيف تحولت علاقة محرمة إلى مجزرة أسرية    قبل الحكم عليها.. ماذا قالت سوزي الأردنية أمام النيابة في اتهامها بنشر محتوى خادش؟    ترفض تسليمهما، حماس تعلن انتشال جثتي رهينتين إسرائيليين في غزة    جوهرة مكرسة لعرض حضارة واحدة، المتحف المصري الكبير يتصدر عناوين الصحف العالمية    تزيد حدة الألم.. 6 أطعمة ممنوعة لمرضى التهاب المفاصل    انتشال جثث 18 مهاجرًا وإنقاذ أكثر من 90 شخصًا قبالة السواحل الليبية    جيسوس يدافع عن رونالدو بعد هزيمة النصر ضد الاتحاد    "أسوشيتد برس": الاستخبارات الأمريكية حاولت تجنيد ربان طائرة مادورو    تدريب طلاب إعلام المنصورة داخل مبنى ماسبيرو لمدة شهر كامل    افحص الأمان واستخدم «مفتاح مرور».. 5 خطوات لحماية حساب Gmail الخاص بك    ميدو: الكرة المصرية تُدار بعشوائية.. وتصريحات حلمي طولان تعكس توتر المنظومة    سعر التفاح والموز والفاكهة في الأسواق اليوم الأربعاء 29 أكتوبر 2025    الحظ المالي والمهني في صفك.. حظ برج القوس اليوم 29 أكتوبر    خبراء وأكاديميون: إعادة تحقيق التراث ضرورة علمية في ظل التطور الرقمي والمعرفي    الفيلم التسجيلي «هي» يشارك في المهرجان المصري الأمريكي للسينما والفنون بنيويورك    أسامة كمال: معنديش جهد أرد على الدعم السريع.. اللي حضّر العفريت مش عارف يصرفه    اتحاد الغرف التجارية يكشف خطته لمواجهة التخفيضات الوهمية في موسم البلاك فرايداي    بمكونات منزلية.. طرق فعالة للتخلص من الروائح الكريهة في الحمام    الدكتور خالد أبو بكر: مصر دولة قوية تحترم وتملك رصيدا سياسيا كبيرا لدى شركائها الأوروبيين    ضبط مخللات مجهولة المصدر ومواد غذائية بدون فواتير في حملات تموينية بالشرقية    أمين الحزب الاتحادي السوداني: ما يرتكبه الدعم السريع بالفاشر جرائم ممنهجة لتفتيت السودان    قنديل: الصراع في غزة يعكس تعقيدات المشهد الدولي وتراجع النفوذ الأمريكي    الهروب ليس الحل.. برج الجدي اليوم 29 أكتوبر    رسميًا بعد التحرك الجديد.. سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم الأربعاء 29 أكتوبر 2025    أسعار الأسمنت والحديد بسوق مواد البناء الأربعاء 29 أكتوبر 2025    لمسة كلب أعادت لها الحياة.. معجزة إيقاظ امرأة من غيبوبة بعد 3 سكتات قلبية    قافلة طبية بالدقهلية تقدم الرعاية الصحية ل 1736 شخصًا في ميت غمر    دعاية مبكرة.. جولات على دواوين القبائل والعائلات لكسب التأييد    أمين الفتوى: زكاة الذهب واجبة فى هذه الحالة    "فتح": الإجماع على تنفيذ اتفاق شرم الشيخ خطوة استراتيجية    اتخاذ إجراءات ضد استخدام الهاتف المحمول.. وكيل تعليمية قنا يتفقد مدارس نقادة بقنا    ما هو سيد الأحاديث؟.. الشيخ خالد الجندي يوضح أعظم حديث يعرّف العبد بربه    خالد الجندي: «الله يدبر الكون بالعدل المطلق.. لا ظلم عنده أبداً»    أذكار المساء: أدعية تمحو الذنوب وتغفر لك (اغتنمها الآن)    قبل الشتاء.. 7 عادات بسيطة تقوّي مناعتك وتحميك من نزلات البرد والإنفلونزا    افتتاح المبنى الإداري الجديد لكلية الهندسة جامعة الأزهر في قنا    الطائفة الإنجيلية: التعاون بين المؤسسات الدينية والمدنية يعكس حضارة مصر    ضمن «صحح مفاهيمك».. واعظات «الأوقاف» يقدمن لقاءات توعوية لمكافحة العنف ضد الأطفال بشمال سيناء    فلكيًا.. موعد بداية شهر رمضان 2026 ومكانته العظيمة في الإسلام    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كي لا تقبل القسمة علي اثنين
نشر في الأهالي يوم 10 - 08 - 2011

لم يزل البعض يعاند الحقيقة ويخيل إليه إنه قادر علي تغيير ما لم يتغير وما لا يتغير لا حاضراً ولا مستقبلا.
ولم يزل ما كان يوم «جمعة تمزيق الشمل» أو بالدقة «جمعة كشف المستور» يحلق في الأفق المصري، فالبعض خدع بحلو الكلام الإخواني، وتصور أن
بالإمكان تصديق من لا يمكن تصديقه، فتمادي في خداع نفسه وحاول - وربما لم يزل يحاول- أن يجري ترتيبات لاتفاقات انتخابية بينه وبين الإخوان. ولكن إذا كان هذا البعض قد صعق - أو ادعي ذلك إرضاء للبعض- مما كان من هجوم فاضح وفادح علي الدولة المدنية وعلي حقوق المواطنة المتكافئة، فإن كثيرين وأنا شخصيا منهم لم يشعروا بأي قدر من الدهشة، فأنا شخصيا كنت أعرف جيداً أن «جمعة كشف المستور» قادمة حتماً بشكل أو بآخر.
وما من جديد في ذلك. فقد أكده مؤسسو الإخوان منذ اليوم الأول، أكدوه نثرا وشعرا.
فالمرشد الأول صاح في عام 1938
الدين شيء والسياسة غيره 00 دعوي نحاربها بكل سلاح
أما السكرتير العام للجماعة في ذلك الحين الاستاذ عبد الحكيم عابدين فقد صاح هو ايضا مهددا ومتوعدا
لنجرينها دماء جد ثائرة 00 وثورة الحق لا يدري لها أمد
أو يرجع الشرع دستورا لأمتنا 00 فليحذر القوم أني منذر صعد
(عبد الحكيم عابدين- ديوان البواكير)
وقد تحدث الاستاذ البنا في «الرسائل الثلاث» إلي رجال جماعته علي أساس أنهم «المؤمنون» وقسم الناس اربعة أقسام «مؤمن- متردد- نفعي - متحامل» ويفسر ريتشارد ميتشل في كتابه «الإخوان المسلمون». بأن المسلم أما أن ينضم إلي الجماعة، وإما أن ينطبق عليه وصف من الثلاثة أوصاف الأخري.
وللجماعة تاريخ طويل ومرير في قول ما هو غير حقيقي. ويمكن لأي باحث أن يكتشف ذلك ببساطة بالمقارنة بين آخر ما كتب الاستاذ البنا قبيل اغتياله وهو كتيب بعنوان «قول فصل» وبين ما كتبه رجاله من أعضاء الجهاز السري مثل : أحمد عادل كمال في النقط فوق الحروف - ومحمود الصباغ في حقيقة النظام الخاص- وصلاح شادي في حصاد العمر. فهو ينكر وبشدة أي علاقة للجماعة بالأعمال الارهابية، ويؤكد ويكاد أن يقسم أمام الجميع علي المصحف أن الجماعة بريئة تماما من أي فعل ارهابي بينما رجاله في مذكراتهم يتباهون بل يتنافسون بقسوة في نسبة كل الأفعال الارهابية إليهم ويؤكدون أنهم قاموا بها كجزء من نشاطهم في الجماعة، لن ندخل في التفاصيل لكن كتاب الأستاذ البنا موجود وكتب رجاله موجودة والتناقض واضح فادح بل فاضح، ويؤكد بوضوح ان الاستاذ البنا لم يقل الحقيقة بل تجنبها في أغلب الأحيان. ولكن ما أريد أن أوضحه هنا هو أن ذلك ليس صفة شخصية للاستاذ البنا، بل هو جزء أصيل من البنية الفكرية للجماعة، ولسنا بذلك نتقول علي الجماعة، بل ننقل عنها حرفيا وبالنص ونقرأ هذا في كتاب الاستاذ محمود الصباغ «حقيقة الجهاز الخاص» (ونلاحظ أن المرحوم الاستاذ مصطفي مشهور وعندما كان مرشدا للجماعة كتب مقدمة هذا الكتاب مشيدا بصاحبه وبما كتب). فماذا جاء في الكتاب الذي قرظه وكتب مقدمته مرشد الجماعة، لنقرأ وندهش «إن قتل أعداء الله غيلة هو من شرائع الإسلام، ومن خدع الحرب أن يسب المجاهد المسلمين وأن يضلل عدوه بالكلام حتي يتمكن منه فيقتله» ونقرأ أيضا ونتأمل «يجوز إيهام القول (أي الكذب) للمصلحة» (ص138).
ونأتي بعد ذلك إلي ما نحن فيه. الإخوان يتفقون، يتعاهدون، يتعهدون وما من مرة يصدقون، انهم يستدرجون المتحالفين معهم ثم وفجأة يكشفون الغطاء عن خديعة أو مكيدة، فإن عاتبتهم بعد ذلك تنصلوا وتقولوا أو تعهدوا من جديد، لينقضوا عهدهم مرة أخري.. ومرات عديدة، وأبدا لا يفون بوعد أو عهد.
وهكذا كان الأمر في جمعة كشف المستور. فقد اندفعوا وعبأوا وجمعوا وأنفقوا وحشدوا حشودهم وهتفوا ما شاء لهم من هتاف فإن عاتبتهم قالوا ليس رجالنا ولكنهم السلفيون أو الجهاديون، أو الجماهير التي لا تمتلك الخبرة أو الدراية. لكن ربط ما كان في الماضي بما يحدث في الحاضر يكفي تماما لاكتشاف الخداع وعدم الوفاء بالعهد.
غير أن الجماعة تواصل مسلسل العمل المزدوج والمتناقض مع بعضه البعض فهي تحاول أن تستمر مع أحزاب وقوي التحالف الديمقراطي تحت زعم العمل المشترك من أجل دولة مدنية حديثة ، بينما تمد يدها الأخري في تحالف وثيق مع السلفيين الذين يجاهرون بتكفير الليبراليين والعلمانيين وكل من يدعو إلي الدولة المدنية. بل إن أحد قادة حزب النور السلفي يعتقد فيما يبدو أن الدولة المدنية قد سقطت بالفعل يوم «جمعة كشف المستور» فيعلن في تصريح لجريدة الأهرام التي أصبحت في هذه الأيام منبرا إخوانيا وسلفيا بامتياز، يعلن «لن نسمح بعودة الدولة المدنية مرة أخري» أما أحد قادة الحزب الإخواني فيصرح بأن الهدف هو استعادة مصر التي اختطفت منذ مائة وخمسين عاما، فنراجع الأحداث والتواريخ لنكتشف أن مصر قد اختطفت من وجهة نظره في عصر الخديو سعيد لأنه الغي الجزية التي كانت مفروضة علي الأقباط، وسمح لهم بأداء واجب الجندية. ومهما اطلنا فإننا سنجد مئات وآلاف من الوقائع التي تحذرنا من أن نثق في أي وعود أو عهود اخوانية.
والاخوان يمدون ايديهم بزعم عمل قوائم انتخابية موحدة، فيفقد البعض حذره بل يفقد تاريخ حزبه ويندفع بحثا عن عدد من مقاعد البرلمان تحت مظلة اخوانية. غير مدرك لحقيقة المخطط الإخواني. واعتقادي أن للاخوان مخططا يمكن لأي انسان يدرك ألف باء التفكير الاخواني أن يستنتجه. وهو مخطط يسير عبر خريطة تتمدد وتمتد خطوة خطوة.
هم والسلفيون ايدوا التعديلات الدستورية.
هم والسلفيون رفضوا فكرة أعداد مجموعة قواعد مؤسسة للدستور الجديد.
هم والسلفيون رفضوا فكرة الدستور أولا.
هم والسلفيون اسرعوا بقبول مرسوم المجلس العسكري الخاص بانتخابات مجلسي الشعب والشوري. الجماعة تمنعت في البداية لكنها أعلنت - رغم تمنعها- قبولها لخوض الانتخابات علي أساسه.
هم والسلفيون يستعجلون وبشدة إجراء الانتخابات.
هم والسلفيون يستعدون لانفاق اكوام من المال الانتخابي، كتلك التي انفقت يوم جمعة كشف المستور.
هم والسلفيون يستخدمون وبلا تردد الشعارات الدينية في اتهام خصومهم وفي الترويج لبضاعتهم.
ثم بعد ذلك يستعد السلفيون - وفق اتفاق حدث فعلا- للنزول في الانتخابات بعدة قوائم بعيدا عن قائمة الإخوان.
ثم يشارك الإخوان في الانتخابات بقوائم تضم - وفق احلامهم- حزب الوفد وعدة أحزاب صغيرة.
ومع انعقاد البرلمان يعاد تشكيل الخريطة يتم نبذ الحلفاء من الغرباء سواء أكانوا وفديين أو غيرهم ليقوم تحالف جديد بين الكتل البرلمانية المتأسلمة (الإخوان- السلفيون- الجهاديون- الوسط وكل من لف لفهم) وبهذا التحالف الجديد يحكمون قبضتهم علي لجنة أعداد الدستور. ويحكمون قبضتهم علي عنق المستقبل المصري.. أو هكذا يتصورون.
لكن مصر تحتاج إلي سيناريو آخر يقوم في مواجهة سيناريو الاخوان. وهو سيناريو يوحد تحت رايته كل القوي الوطنية والديمقراطية والليبرالية والعقلانية وكل المدافعين عن الوحدة الوطنية وعن المساواة بين المواطنين علي أساس من مواطنة صحيحة تحمي كل اطرافها تحت راية دولة مدنية حقة تقوم علي أساس مواطنة حقة. هناك إذن معسكران والمواقف لا تحتمل القسمة علي اثنين بل هي وبالتحديد تسألك هل تكون مع ائتلاف ينتهي بحكم الإخوان والسلفيين لمصر؟ أم تكون مع ائتلاف يسعي نحو دولة مدنية حقا ديمقراطية حقا؟ ولا يملك أحد في هذا الموقف الفاصل أن يزعم الوقوف هنا وهناك معا. فالوطنية والمصرية في هذا الوقت بالذات لا تحتمل القسمة علي اثنين مرة مع دعاة الدولة المدنية ومرة أخري مع دعاة الدولة الاخوانية والسلفية. بل هو موقف واحد..وهو مرة أخري لا يقبل القسمة علي اثنين.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.