«الإسكان» تعلن موعد تسليم قطع الأراضي السكنية «إسكان متوسط» للفائزين بمدينة الفيوم الجديدة    «معاك في الغيط.. نحصد الخير».. بدء قوافل التنمية الزراعية بالمنيا اليوم    حملة توعوية بيطرية مكثفة لدعم صغار المربين بالبحيرة    أكبر أزمة نزوح فى العالم.. الأمم المتحدة:نزوح أكثر من 12 مليون شخص بالسودان    إنتر ميلان يستضيف لاتسيو وعينه على صدارة الدوري الإيطالي    ضبط 10 أطنان أسماك مجمدة و50 أسطوانة بوتاجاز مدعمة في حملات رقابية بالشرقية    «فرص لسقوط أمطار».. حالة الطقس اليوم الأحد 9-11-2025 بداية الأسبوع    النائب على عبد الونيس: المتحف المصرى أيقونة حضارية تؤكد عبقرية المصريين    «التضامن» تقر توفيق أوضاع جمعيتين في الجيزة وكفر الشيخ    بعد زيادة 5 جنيهات ل عيار 21 بالمصنعية.. كم سجل سعر الذهب اليوم الأحد 9-11-2025؟    ينطلق اليوم برعاية السيسي.. كل ما تريد معرفته عن معرض النقل الذكي واللوجستيات والصناعة    باستثمارات قطرية وإماراتية: الساحل الشمالى الغربى «ريفيرا مصر»    طريقة إضافة الزوجة والأبناء على بطاقة التموين عبر الإنترنت بخطوات سهلة من المنزل    محافظ بني سويف: حياد تام وتيسيرات شاملة في انتخابات مجلس النواب 2025    انقلاب فى نيويورك    في زيارة تاريخية.. الشرع أول رئيس سوري يزور البيت الأبيض منذ 80 عامًا    الأمم المتحدة: أزمة نزوح غير مسبوقة في السودان.. وتصاعد العنف في الفاشر    الهلال الأحمر يدفع ب 280 ألف سلة غذائية ومستلزمات إغاثية عبر قافلة «زاد العزة» ال 68 إلى غزة    غارة من مسيرة إسرائيلية على محيط بلدة الصوانة جنوبي لبنان    اختطاف ثلاثة مصريين على يد تنظيم القاعدة في مالي    الخارجية الروسية: موسكو لن تنجر وراء استفزازات بروكسل في قضية التأشيرات    تقديرًا لأمانته.. مدرسة بقنا تكرم تلميذًا أعاد «انسيال ذهب» لمعلمته    مواعيد مباريات اليوم.. قمة مان سيتي مع ليفربول ورايو فاليكانو أمام الريال ونهائي السوبر المصري بين الأهلي والزمالك    عمرو الحديدي: الأهلي يفتقد إمام عاشور قبل نهائي السوبر    معسكر الزمالك للسوبر.. هدوء وتركيز وجلسات تحفيزية للمدير الفني    صوت المواطن كلمة الحسم فى صندوق الوطن    وزير الداخلية يأذن ل 22 مواطنا بالحصول على الجنسيات الأجنبية    التعليم تحدد موعد انطلاق امتحان نصف العام لصفوف النقل والشهادة الإعدادية .. اعرف التفاصيل    استكمال محاكمة المتهمين بقتل طفل شبرا الخيمة فى قضية الدارك ويب اليوم بعد قبول استئنافهم    اليوم.. نظر محاكمة 213 متهما بخلية النزهة    جامعة الدول العربية تكرم مدحت وهبة المستشار الإعلامي لصندوق مكافحة وعلاج الإدمان تقديرا لجهوده    نقيب الموسيقيين يكشف تطورات الحالة الصحية ل إسماعيل الليثي: بين أيادي الله    انتخابات مجلس النواب وحلم الديمقراطية!    لأول مرة فى تاريخ ألمانيا.. تامر حسنى يشعل الاجواء فى ستاد يايلا أرينا الألمانى بحضور 30 ألف شخص    «المتحف المصرى الكبير» أقوى من «الجاهلية»    القاهرة السينمائى يحلق بكبرياء على جناحى اتفاق السلام والمتحف الكبير    الذكاء الاصطناعى أخطر على الدين من الإلحاد    شعلة حب لا تنطفئ.. ما هي الأبراج المتوافقة في الزواج والعلاقات العاطفية؟    تعرف على مواقيت الصلاة بمطروح اليوم وأذكار الصباح    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم 9-11-2025 في محافظة قنا    عميد المعهد القومي للأورام: قدمنا خدمة إضافية لنحو 32 ألف مريض 2024    اختتام فعاليات مؤتمر المعهد القومي للأورام "مستقبل بلا سرطان"    «المعاهد التعليمية» تدخل أحدث طرق علاج السكتة الدماغية بمستشفياتها    بعد مسلسل كارثة طبيعية، ما مدى أمان الحمل بسبعة توائم على الأم والأجنة؟    سر الطعم المميز.. طريقة عمل الدقوس اللذيذ يمنح الكبسة والمشويات نكهة لا تقاوم    60 دقيقة متوسط تأخيرات القطارات بمحافظات الصعيد.. الأحد 9 نوفمبر    أحمد جعفر: تريزيجيه اكتر لاعب سيقلق دفاع الزمالك وليس زيزو وبن شرقي    صفاء أبو السعود: حفل «جراند بول» يدعم مرضى السرطان.. ويقام للمرة الأولى في مصر    إخلاء سبيل شخص وصديقه بواقعة التحرش اللفظي بسيدة فى بولاق أبو العلا    حبس وغرامة.. نقيب الأطباء يكشف عقوبة التجاوز والتعدي على الطبيب في القانون الجديد (فيديو)    عمرو أديب يجيب على سؤال اعتزاله: «تاريخي ورايا مش قدامي»    «إنت بتغير كلامي ليه! أنا عارف بقول إيه».. نقاش ساخن بين أحمد فتحي وخالد الغندور بسبب نجم الزمالك    «معي في قائمة المنتخب».. حلمي طولان يفاجئ لاعب الأهلي قبل ساعات من السوبر    مقعد آل كينيدي!    «عدد كتب الغيب 3».. خالد الجندي: الله قد يغير في اللوح المحفوظ    أمين الفتوى: صلاة المرأة بملابس البيت صحيحة بشرط    بث مباشر مباراة نيوم والنصر اليوم في دوري روشن السعودي 2025-2026.. القنوات الناقلة وطرق مشاهدة اللقاء عبر الإنترنت    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 8-11-2025 في محافظة الأقصر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



خريطة بلا طريق أم طريق بلا خريطة
نشر في الأهالي يوم 08 - 06 - 2011

المثير للدهشة أننا نكاد أن نتفق جميعا علي ما نريد. دستور جديد يراه البعض ديمقراطيا وليبراليا وتقدميا ويراه الآخرون وفق ما يريدون. وانتخابات رئاسية ومجلسي شعب وشوري. لكننا نختلف وبشدة حول الترتيب ماذا أولا ، وماذا ثانيا، أو ثالثا. والاختلاف هنا ليس معاندة ولا افتعالا لخلاف لكنه يمثل غوصا في الجوهر وتمسكا بطريق محدد.
وإذا كان المجلس العسكري قد اختار الترتيب الآتي: مجلس شعب (في سبتمبر) ثم رئيس ثم دستور. فإن آخرين ومنهم كل القوي الديمقراطية والليبرالية المدافعة عن الدولة المدنية ومن بينهم نحن، قد اختاروا ترتيبا مغايرا يقول: دستور ثم رئيس ثم مجلسي شعب وشوري، ونستطيع أن تقرر أن هذا الاختلاف هو اختلاف جوهري وحاسم ولعلنا نستطيع أن نقرر وبموضوعية كاملة أنه يمثل حقيقة الاختلاف والخلاف بين القوتين المتصارعتين حول تحديد خريطة الطريق. وإذا اردنا المصارحة فإنها تمثل حقيقة الاختلاف بين القوي الوطنية والديمقراطية والليبرالية والتي تدعو إلي قيام دولة مدنية حقا، ديمقراطية حقا وليبرالية حقا وبين دعوة قوي الإسلام السياسي التي تمثلها أساسا جماعة الإخوان المسلمين وحزبها التي تقول ربما مجاراة لما هو سائد بدولة مدنية وإنما بمرجعية إسلامية.
لكن التأمل في حقيقة الوضع المصري الراهن يمكنه أن يعطي انطباعا بأن هذا الاختلاف رغم جديته وجذريته هو مجرد اختلاف بين قوي وإن كانت مهمة لكنها ليست ذات ثقل حاسم، فهناك المجلس العسكري الأعلي الذي حدد خريطة طريق يقول: مجلس شعب- رئيس- دستور والذي يتبدي وكأنه يقول حاسما أو غير حاسم أنه يريد ترك هذا الوضع المعقد بل الشديد التعقيد وأن يسرع بمغادرة موقع المسئولية، وهو ما لا يعتقده الكثيرون.
ولكي نتفهم الوضع بصورة أفضل نحتاج إلي قراءة لبعض تفاصيل الصورة.
- تحرص جماعة الإخوان علي القول بأنها جاهزة تماما بل راغبة تماما في انتخابات مبكرة في سبتمبر وأنها قادرة تماما علي الاستيلاء علي ما تشاء من مقاعد فيه وإن كانت ستترفق بنا فتنال أحيانا 30% وأحيانا 50% ولن تزيد علي ذلك لمجرد الشفقة والرأفة بنا.
ويتصدر الحديث الحاد باسم الجماعة مرشدها العام الذي يحذرنا بأن مقولة لا دين في السياسة ولا سياسة في الدين، قد سقطت ثم يأتي الأستاذ صبحي صالح الذي اختير وحده من بين أكثر من نصف مليون محام ليكون عضوا في لجنة تعديل الدستور وإذا كان اختياره لهذه المهمة مقصودا، فإن الجماعة تريد أن تقدمه باعتباره المرضي عنه من قبل المجلس العسكري، لكن تصريحات الاستاذ صبحي صالح تأتي حادة ومتشددة جدا بحيث توحي بأن اختياره كان خطأ وليس تعبيرا عن توجهات المجلس العسكري أو هذا ما نتمناه. فلو أن ما يقوله الاستاذ صبحي صالح في خطبه النارية والتي تكاد أن تنفي الإسلام عن كل من لا ينتمي للجماعة يمثل رأي من اختاروه وحده لعضوية لجنة تعديل الدستور فإنها ستكون كارثة حقيقية.
ويمثل ما أعلنه دكتور يحيي الجمل في مستهل انعقاد الحوار القومي من أن الجماعة لا تريد المشاركة فيه لأنها تستعد للحصول علي ما تريد من مقاعد في مجلس الشعب ومن ثم تشكل بنفسها ولنفسها لجنة إعداد دستور علي مقاسها هي وليس علي مقاس الوطن، يمثل نقطة فارقة في اسلوب توجهنا إلي إعادة ترتيب خريطة الطريق.
وليس تعبيراً عن خوف غير مستحق، فإن الراغبين في إعادة ترتيب مسار الواجبات المستحقة يرون أن ترتيب دستور - رئيس- مجلس شعب هو الأفضل والأكثر ديمقراطية. إذ يأتي دستور جديد خال من تلك المواد التي تكرست في دستور 71 والتي نقلت إلي الإعلان الدستوري ويعلم الله إن كانت قد أتت عن عمد متعمد أو عبر سهو غير مقصود والتي تمنح رئيس الجمهورية سلطات بلا حدود، ومن ثم يأتي رئيس غير فرعوني السلطات فلا يمكنه التأثير في صياغات الدستور أو في انتخابات الشعب.
ويعتقد الراغبون في الترتيب الجديد أن إجراء انتخابات جادة وديمقراطية يجب أن يستند إلي معطيات أساسية، لا بلطجة أو عنف، ولا إنفاق مجنون يشتري الضمائر والأصوات، ولا استخدام شعارات تتاجر بالدين بالمخالفة للإعلان الدستور وللقانون ولمراسيم المجلس العسكري المتكررة. لكن هذه المعطيات لا يمكن أن تتحقق بلا جاهزية أمنية شاملة وحاسمة.
ويعتقد البعض أن اصرار جماعة الإخوان علي إجراء الانتخابات في سبتمبر مقصود بذاته كي تأتي الانتخابات في ظل غياب أمني جاد وحاسم، ومن ثم يتاح أمامهم الانفاق غير المحدود الذي اعتادوا عليه، وترويع الخصوم والذي اعتادوا عليه، ايضا واستخدام الشعارات الدينية وهو ضروري بالنسبة لهم.
ويرتبط بذلك فزع البعض من أن انتخابات في ظل شعارات ذات صبغة دينية قد يؤدي إلي توتر طائفي غير محمود العواقب. وقد لفت نظري مقال نشرته الهيلارد تربيون (23 مايو2011) يبدي دهشته من أن مظاهرات ميدان التحرير كانت ليبرالية بحيث ارتفع فيها شعار «ارفع رأسك فوق انت مصري» ثم تلتها أحداث امبابة حيث لجأ المسيحيون ولأول مرة في تاريخ مصر إلي العنف المسلح دفاعا عن كنيستهم، ثم في ماسبيرو وارتفع شعار «ارفع رأسك فوق انت قبطي» وإذ تتركنا دهشة الهيلارد تربيون بلا تفسير فإن تفسيرنا يقول إن الفتنة الطائفية عميقة الجذور وأنها قد ترتدي مسوح التصالح والقبلات لكن جذور التمييز لم تزل تؤرق الذين يستشعرون الاضطهاد. كذلك فإن تصريحات تنسب إلي هذا الطرف أو ذاك توقظ المخاوف وتدفع بالاقباط إلي الاصرار علي الحصول علي ضمانات مؤكدة تؤكد المساواة الحقة سواء في بناء دور العبادة أو حقوق التوظف أو غيرها من مظاهر التمييز الديني.
وفي غمرة انشغال المجلس العسكري بقضايا الدستور وقانون ممارسة الحقوق السياسية وغيرها فإنه يترك ما هو أهم إلي حكومة بلا نبض حقيقي، فلا تقدم ولا تؤخر، وهكذا تتفاقم القضايا الاجتماعية.. الخبز-البوتاجاز- السولار.. انفلات الأسعار- الأجور- الأمن فتلتهب المشاعر ويستشعر الفقراء والمهمشون أن هموم الخبز وجوع الأطفال لاتحظي بالاهتمام.
وهنا نكاد أن نستشعر خطرين وليس خطرا واحدا. الأقباط. والجوعي ويمكن دمجهما في خطرواحد هو افتقاد العدل والمساواة والتكافؤ وفوق هذا وذاك افتقاد الأمن.
وما لم نحاذر ونجد حلا عاجلا.. أقصد حلا حقيقيا لهذه الأخطار الثلاثة، فإن اطلالة تفجرها تكاد أن تفرض نفسها علي المشهد السياسي والاجتماعي والديمقراطي في قريب يتعجل الانقضاض علينا فهل نستطيع الافلات منه؟ أتمني ذلك ولكن «ليس كل ما يتمني المرء يدركه».. خاصة أن الأخطاء تتأكد فتلهب مشاعر هي بذاتها ملتهبة.
ويتبقي أن الأمر كله يتوقف علي أن تحسم جهتان أمرهما.
أن يحسم المجلس العسكري رأيه ورؤيته أو بالدقة أن يفصح عنها فيعلن عما يضمر للحاضر وللمستقبل.
وأن تحسم قوي الحلم بالدولة المدنية الديمقراطية والليبرالية والتقدمية والعادلة عن مدي قدرتها علي التوحد في عمل مشترك لمواجهة مخاطر الرؤية الأخري التي تتطلع خلفا وليس أماماً وإن تلونت أو حاولت أن تتلون.
وبقدر هذا الحسم ستتحدد معالم ومواقف كثيرة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.