في ضوء صحوة شباب 25 يناير وما سبقها من ارهاصات إصلاحية وما صاحبها من استشرافات تطويرية، بتطلع الإنسان المصري إلي نظام تربوي مستقر وفاعل يستند إلي سياسات مؤسسية لا تتغير بتغير الوزراء وتهتم بجوهر العملية التعليمية وليس بعمل تغييرات في الشكل أو مجرد تجميلات لما هو قائم.. ولعل من أهم القضايا التي تتطلب دراسة متعمقة ومعالجات جوهرية العمل علي الآتي: (1) توفير «وثيقة مناهج» متطورة في شكل مصفوفة تضم محتوي المواد الدراسية تبني منظوميا من الصف الأول وحتي الثاني عشر رأسيا لكل مادة مقررة، وأفقيا لكل صف دراسي للتناسق والتواؤم بين المواد بما يؤدي إلي تكامل ووحدةا لمعرفة وبما يتفادي وجود فجوات وبما يسد حاجات المواد الدراسية لبعضها البعض آنيا.. هذا مع تطوير مراكز البحوث والمناهج والتقويم والامتحانات وتفعيلها مع امكانية اعادة هيكلتها بما يجعلها فعلا «عقلا» مؤسسيا للوزارة، كما أريد لها عند إنشائها في الثمانينيات من القرن الماضي. (2) تطوير محتوي المناهج من حيث استبعاد المكونات المتقادمة والمتخلفة أو تلك الآيلة للسقوط علميا وفكريا، ومن حيث تنمية مهارات عقلية وادائية في ضوء التقدم العلمي والتكنولوجي وحاجات سوق العمل التنافسية والعولمة وما تتطلبه من مرونة عقلية والقدرة علي تدوير الخبرة والمهارة وفي ضوء حراك فرص العمل واحتمالات انتقال الفرد من وظيفة إلي أخري وتغيير موقعه من عمل لآخر. (3) تكوين ثقافة فكرية عقلانية ايجابية من خلال المناهج والكتب المدرسية والتفاعلات الصفية وجمعيات النشاط المصاحبة وندوات يشارك فيها أهل الفكر والرأي..والعمل علي التنوير بعيدا عن إنغلاق العقل وحيولة دون سرقة براءة الأطفال ومحاولات شيطنة عقول الشباب من خلال مناهج خفةتتأتي من الداخل والخارج. (4) التوجه نحو القيم الايجابية أخلاقيا وسلوكيا وعملانيا.. قيم التسامح - وإدراك أن التسامح أكثر شجاعة من الانتقام - قيم العمل التعاوني وقيم الاتقان في العمل واستثمار الوقت.. قيم الحق والواجب.. قيم المواطنة التي تجعل من الوطن والمواطن قبلة مقدسة لكل أطياف وجنسويات مصر الحاضر والمستقبل. (5) ولأن المعلمين أبقي من الوزراء، فإنه من اللازم شراكةالمعلمين الفعلية في وضع السياسات وأعمال التطوير ووضع المناهج وتأليف الكتب ومصادر التعلم المتنوعة، مع أهمية اعدادهم وتنميتهم المهنية تربويا واكاديميا، والعمل علي ترفيعهم ماديا وأدبيا. (6) انضباط الشارع التعليمي من حيث الحضور للمعلمين والإداريين والطلاب وبحيث عندما يذهب المعلم يجد طلابا طوال العام الدراسي، وعندما يذهب الطالب يجد معلما يشرح داخل الفصل ويجد منهجا متوائما مع الخطة الزمنية المخصصة له.. وبحيث توجد فرص للتشخيص والعلاج لبطيئي التعليم أو من يواجهون صعوبات.. مع اعطاء حرية مناسبة للمعلم في إطار نظام محاسبي معلن ثوابا وعقابا، وبحيث تكون بيئة التعلم آمنة في إطار إدارة حديثة ديمقراطية. (7) معالجة مشكلة الدروس الخصوصية معالجة تربوية علمية بمشاركة من الطلاب وأولياء الأمور والمعلمين ونقابة المعلمين.. والاستفادة من خبرات أنظمة تربوية خارجية في كيفية التعامل مع الطلاب الذين يكونون في حاجة إلي علاجات مساعدة تعليمية فردية. (8) استقرار السياسة التعليمية بشأن نظام الثانوية العامة، والتخلي عن فكرة وجود اختبارات «مهارات» أو «قبول» للجامعات، بعد امتحانات الثانوية العامة والتي يري فيها البعض أنها اختبارات «استبعاد» من التعليم الجامعي أو طريقا «متخفيا» ل «تسليع التعليم الجامعي» لصالح مؤسسات تعليمية ربحية تحت مسميات مختلفة.. هذا مع أهمية المحافظة علي نظام «مكتب التنسيق» باعتباره حصن الأمان للشفافية والموضوعية التي لمسها واطمأن إليها الطلاب وأولياء الأمور.