مازال الغموض يكتنف الحكم في دعوي الطعن علي قرار الحكومة المصرية بتصدير الغاز إلي إسرائيل، والتي أصدرته المحكمة الإدارية العليا برئاسة المستشار محمد الحسيني رئيس مجلس الدولة السبت الماضي، وبخاصة أن المحكمة لم تعلن حيثيات حكمها، مما أدي للتخبط والتضارب في تفسيره من فقهاء القضاء الإداري والقانون والمحاماة والخبراء المتخصصين في شئون البترول والغاز. وهو ما دفع رئيس مجلس الدولة للمرة الأولي في تاريخه لتلاوة بيان مقتضب قبل إعلانه منطوق حكمه لتبريره مشيرا إلي أن قضية تصدير الغاز لإسرائيل، تحظي باهتمام كبير من الشعب المصري، وفوجئنا كصحفيين بعضو اليمين للمحكمة المستشار مجدي العجاتي نائب رئيس مجلس الدولة، يخرج من غرفة المداولة المطلة علي قاعة المحكمة لتسليمنا منطوق الحكم مكتوبا بخط اليد وبالحبر الأزرق وليس بالرصاص كما تكتب به الحيثيات وهو تكرار لما سبق أن أعلنه الحسيني بالجلسة قبل ذلك. وأكدت مصادر قضائية عليا بمجلس الدولة ل «الأهالي»، أن قضية الطعن علي تصدير الغاز المصري لإسرائيل لم تحسم بشكل نهائي وبات وغير قابل للطعن عليه، حتي الآن، ومازال النزاع مطروحا أمام محكمة أول درجة «القضاء الإداري» في الشق الموضوعي للطعن المقام من السفير إبراهيم يسري المحامي وآخرين لإلغاء القرار الوزاري رقم 100 لسنة 2004 الذي استصدره المهندس سامح فهمي وزير البترول بناء علي الموافقة الضمنية لمجلس الوزراء وليست الرقمية السابقة، حيث لم يصدر قرار الحكومة برقم ولم يودع في ملف القضية، والذي تلاه توقيع الاتفاق بين حكومتي القاهرة وتل أبيب في مايو 2005. وأضافت المصادر أن الحكم الصادر السبت الماضي تناول الشق الأول «المستعجل» في الطعن والذي أصدرت فيه محكمة القضاء الإداري - أول درجة - برئاسة المستشار محمد عطية في 18 نوفمبر 2008 حكمها بوقف تنفيذ القرار الوزاري 100 لسنة 2004 الذي يتضمن تصدير الغاز لإسرائيل فورا، لتدني أسعار البيع إلي 25.1 دولار لكل مليون وحدة حرارية "B.U.Tس بريطانية بينما تجاوز سعره العشرة دولارات آنذاك مما يمثل إضرارا للخزانة العامة وخسائر تمثل حوالي 10 ملايين دولار يوميا، بالإضافة لطول فترة التعاقد إلي حوالي 20 عاما. وفور صدور الحكم بوقف تصدير الغاز لإسرائيل، لجأت وزارة العدل لأساليب غير قانونية لمنع تنفيذ الحكم منها الاستشكال عليه أمام محكمة القاهرة للأمور المستعجلة رغم علمها بعدم اختصاصها بنظره وحتمية الاستشكال أمام القاضي الطبيعي الإداري إذا كانت هناك أدلة جديدة في القضية لم تكن مطروحة علي المحكمة، وقضت المحكمة رغم عدم اختصاصها بقبولها لاستشكال رئيس الوزراء ووزيري البترول والمالية المدعي عليهم وتولت هيئة قضايا الدولة «محامي الحكومة» الدفاع عنهم والتابعة لوزير العدل!! واعتبرت المحكمة أن قرار تصدير الغاز لإسرائيل من أعمال السيادة وهو ما انتهت إليه أيضا دائرة فحص الطعون فيما بعد عندما أقيمت استشكالات أخري. ومازالت هناك مفاجآت وألغاز في قضية تصدير الغاز لإسرائيل، حيث علمت «الأهالي» أن هيئة مفوضي الدولة ستودع تقريرها في الشق الموضوعي في الدعوي خلال أيام تمهيدا لتحضير القضية للتداول أمام محكمة القضاء الإداري مرة أخري وإعادة الدورة القضائية بالطعن علي الحكم أمام دائرة فحص الطعون والمحكمة الإدارية العليا للفصل في موضوعها بشكل نهائي وبات وغير قابل للطعن، وهو ما قد يستغرق من الوقت عدة شهور يخرج خلالها المستشار محمد الحسيني من منصبه لتقاعده في نهاية الموسم القضائي الحالي المنتهي في 30 يونيو القادم وتولي المستشار محمد عبدالغني نائبه الأول منصبه وفقا للعرف القضائي بأقدميته فماذا يحدث آنذاك. المعروف أن تقرير هيئة المفوضين بدائرة فحص الطعون المودع بالقضية قد أيد الحكم بوقف تصدير الغاز لإسرائيل ولم يؤخذ به. وفي سياق آخر لم يصدر أي تعليق أو تعقيب رسمي عن وزارة البترول، ولكن مصادر بترولية أكدت ل «الأهالي» أنه تنفيذ للحكم بإعادة مراجعة معادلة بيع وتصدير الغاز في العقود طويلة الأجل والتي حققت أكثر من 20 مليار دولار خلال السنوات الماضية وتم تعديل أسعار البيع لإسرائيل بما يتعادل مع متوسط السعر العالمي ومؤسسة «هنري هب» الأمريكية المتخصصة في سوق الغاز العالمي. وأشادت المصادر بقرار المحكمة بأحقية الحكومة بتصدير الغاز لإسرائيل مع مراجعة الأسعار والكميات وتوفير احتياجات السوق المحلي ولقد سبق أن أعلن وزير البترول في مجلس الشعب منذ عامين بوقف توقيع اتفاقيات جديدة لتصدير الغاز حتي نهاية 2010 وسوف يعاد النظر فيه سواء باستمراره أو تعديله. وعلي جانب آخر هللت إسرائيل بحكم الإدارية العليا وأبرزت صحيفة يديعوت أحرونوت الإسرائيلية ما أعلنه رئيس المحكمة علي أحقية إسرائيل في امتلاك النفط والغاز المصري مثل أي دولة دون تمييز وأشارت إلي الغضب الشعبي المصري من استمرار التصدير.