56% من الحصيلة يتحملها المواطن البسيط أشار تقرير ممارسة الأعمال الصادر عن البنك الدولي في 2009 ويغطي 181 دولة أن مصر تحتل المرتبة 110 في مجموع الضرائب التي تحصل عليها الحكومة، ويصل إلي 46% من الدخل، أما دراسة العدالة الضريبية من منظور دافعي الضرائب الواردة في تقرير الاتجاهات الاقتصادية الاستراتيجية الصادر عن مركز الدراسات السياسية والاستراتيجية بالأهرام لعام 2010 ويرأس تحريره الخبير الاقتصادي احمد السيد النجار، الذي صدر منذ أيام. تشير دراسة للبنك الدولي وبرايس هاوس كوبر عن دفع الضرائب في العالم لعام 2008 إلي أن إجمالي معدل الضرائب التي تتحملها الشركات في مصر 13.2% بينما يتحمل العاملون والأفراد العاديون 28.8% ، وتتحمل جهات أخري 5.8% ، وفي أمريكا يتحمل الفرد 10% والشركات 27%وفي جنوب أفريقيا يتحمل الفرد 4% فقط وتتحمل الشركات 24% ، وهو ما يدعم الإحساس بأن الحكومة الحالية قد اختارت طريقا بتخفيض الضرائب علي الشركات بقانون ولم تقم بأي شيء مشابه علي الأفراد، الذي يؤكد بما لا يدع مجالاً للشك انحياز التشريعات الضريبية في مصر لصالح الشركات والمستثمرين وضد الأفراد ومتوسطي الحال والفقراء.. ويوضح تقرير البنك الدولي أن العبء الإجمالي للضريبة في مصر حوالي 47% من إجمالي دخول الأفراد والشركات يتحمل منها الأفراد حوالي 29% والشركات 13% ، وبعملية حسابية بسيطة بقسمة نسبة ما يتحمله الأفراد والشركات علي السعر الإجمالي للضريبة سنجد أن الفرد العادي في مصر يتحمل 7ر61% من مجموع الضرائب ، مما يضعه علي قدم المساواة مع مواطني أسبانيا وفنلندا والسويد وسويسرا، ويتحمل الفرد العادي في الدنمارك وجنوب أفريقيا والبرازيل وإسرائيل والولايات المتحدة وتايلاند حوالي 20% من إجمالي عبء الضرائب ، أما الهند واليابان وباكستان وبريطانيا وكوريا يتحمل الفرد 30% من عبء إجمالي الضرائب ، وهو ما يؤكد مدي انحياز السياسات الضريبية في مصر ضد الفرد والمواطن العادي وانحيازها لرجال الأعمال والمستثمرين وأصحاب الشركات. وقد أوضح تقرير الاتجاهات الاقتصادية الاستراتيجية تطور الحصيلة الإجمالية للضرائب في مصر من 50.8 مليار جنيه عام 2002 إلي 167 مليارا في عام 2009 ، وبنسبة نمو بلغت حوالي 228.7% وذلك طبقا لموازنات الدولة المنشورة علي الموقع الالكتروني لوزارة المالية ، وبلغت نسبة الزيادة في حصيلة الضرائب منذ تولي د.يوسف بطرس غالي وزارة المالية من 2004 و حتي 2009 حوالي 148.7% ، وبتحليل 90% من حصيلة الضرائب المصرية خلال الفترة من 2004 إلي 2009 ويتضح أن ضريبة المبيعات احتلت المصدر الأول خلال السنوات الست بحصيلة حوالي 256 مليار جنيه ، تليها الضرائب علي هيئة البترول بحصيلة 115 مليارا أما هيئة قناة السويس فبحصيلة 59 مليار جنيه ، أما باقي شركات الأموال من بنوك وشركات مساهمة سواء كانت عامة أو خاصة قدمت 82 مليارا ، وهو تقريبا نفس ما قدمته الضرائب الجمركية ، بينما بلغت الضريبة علي التوظف (المرتبات) حوالي أربعين مليارا لتسبق النشاط التجاري والصناعي الذي اكتفي بحصيلة 28 مليارا وحصيلة الضرائب علي البنك المركزي 18 مليارا وهذا يوضح أن ضريبة المبيعات التي يتحملها المستهلك المصري تتكفل وحدها بتوفير 37% من حصيلة الضرائب خلال فترة تولي يوسف بطرس غالي وبعد إصدار القانون الشهير في 2005 بتخفيض الضرائب علي الشركات. المبيعات والجمارك وبتجميع المصادر الأولية لتوريد الضرائب سنجد أن المستهلك والمواطن العادي يتحمل ضرائب مبيعات والجمارك والتوظف (56% من الحصيلة) ، ويعتبر المصدر الأول لحصيلة الضرائب، أما الجهات الحكومية مثل هيئتي البترول وقناة السويس والبنك المركزي فتأتي في المرتبة الثانية (28% من الحصيلة) وتأتي شركات الأموال التي يمتلكها القطاع العام وقطاع الأعمال العام والمستثمرون ومعهم نشاط التجارة والصناعة (16% من الحصيلة) . ويشير تقرير حديث للبورصة المصرية في يناير 2010 إلي إن النتائج المالية للشركات المصرية المقيدة في البورصة، وقد أظهر أن 172 شركة قد حققت أرباحا صافية تتجاوز 152.6 مليار جنيه في أخر سنتين ماليتين، وفي محاولة لمعرفة كم دفعت بعض الشركات للضرائب خلال نفس الفترة ، تم تجميع بيانات عينة مكونة من 38 شركة مصرية مساهمة كبري مقيدة في بورصة الأوراق المالية من واقع القوائم المالية المعلنة عن عامي 2007 و 2008، وقد راعينا أن تغطي العينة أنشطة متنوعة ، والاستعانة كذلك بالنتائج المعلنة بكتاب الإفصاح 2010 والذي يصدر سنويا عن البورصة المصرية ،وأشارت البيانات المجمعة لهذه العينة إلي أن صافي الأرباح في العامين حوالي 31.5 مليار جنيه وبمتوسط عائد سنوي 60% من رأس المال المدفوع ، وبلغت نسبة صافي الربح للإيرادات 36% وبلغت قيمة الضرائب المستحقة (طبقا لميزانيات الشركات) حوالي 2.4 مليار جنيه بنسبة أقل من 8% من صافي الأرباح أو 2.8 من الإيرادات. 8% فقط وتبين هذه النسب أن مجموع الشركات الواردة في العينة لم تسدد سوي 8% من أرباحها عن عامي 2007 و 2008 وذلك طبقا لميزانيتها قبل إجراء الفحص الضريبي ، رغم أن سعر الضريبة الموحدة هو 20% ، ويرجع ذلك إلي الإعفاءات العديدة التي سمح بها القانون، رغم الحملة الإعلامية التي صاحبت صدور قانون الضريبة الموحدة التي كانت تروج لإلغاء تلك الإعفاءات ، ومن أمثلة الشركات التي تمتعت بتلك الإعفاءات شركة المنصور والمغربي للاستثمار والتنمية وحققت أرباحا 2464 مليون جنيه وسددت ضريبة قدرها 93 مليونا بنسبة 3.8% وفقا لما قدرته بنفسها وأثبتته في ميزانياتها ، شركة اسمنت سيناء برئاسة د.حسن راتب وحققت أرباحا قدرها 755 مليون جنيه وسددت ضريبة قدرها 300 ألف جنيه فقط ، إذ أنها تتمتع بإعفاء ضريبي حتي عام 2011 . كم يدفع المستهلك المصري ؟ أما درة التاج في منظومة الضرائب المصرية فهي الضريبة علي المبيعات ويكفي أن نعرف أن مجموع ضريبة المبيعات الذي تحمله المستهلك المصري في الفترة من 2002 إلي 2009 يتساوي مع مجموع الضرائب التي دفعتها هيئة البترول وشركاؤها الأجانب وهيئة قناة السويس مضافا إليها الضرائب المسددة من جميع شركات الأموال مجتمعة خلال نفس الفترة . معادلة ثنائية ومما يلفت النظر أنه حينما تكون المعادلة ثنائية الأطراف (مصلحة الضرائب في مواجهه رجال الأعمال) يكون نمو الحصيلة بطيئا للغاية أما عندما تكون المعادلة ثلاثية الأطراف (مصلحة الضرائب ومعها رجال الأعمال في ناحية والموظف أو المستهلك في الناحية الأخري) تكون النتيجة زيادة هائلة وطفرة كبيرة في الحصيلة ، فقد استطاع تحالف المصلحة مع رجال الأعمال أن يضاعف حصيلة الضريبة علي التوظف في أقل من 3 سنوات ، ومضاعفة حصيلة ضريبة المبيعات خلال 4 سنوات ، في مقابل الزيادة الهزيلة علي ضرائب التجار والصناع علي مدي سبع سنوات ، ومن غرائب الضريبة علي المرتبات بشكلها الحالي أن حد الإعفاء الذي تحدد عام 2005 لم يعد النظر فيه ليتماشي مع نسب التضخم الناتجة عن سياسات الحكومة وعجز الموازنة وبالتالي نري حالات تزيد فيها حصيلة الضريبة بينما ينخفض فيها الدخل الحقيقي للموظف والعامل بسبب ارتفاع أسعار المستهلكين بنسب تفوق الزيادة في الدخول مضافا إليها زيادة قيمة الضريبة التي تقتطع من مرتبه.