تعد زيارة المهندس ابراهيم محلب رئيس مجلس الوزراء المصري لكل من تشادوتنزانيا خطوة جيدة في سبيل تحسين العلاقات المصرية الأفريقية تلك العلاقات التي أصابها الوهن والضعف خلال فترة الثلاثين عاما الماضية. يؤكد دكتور فرج عبد الفتاح استاذ الاقتصاد بمعهد الدراسات الافريقية لقد كانت زيارة المهندس ابراهيم محلب لتشاد في اطار تفقد وزيارة انجاز مصري يتم بيد سواعد مصرية في الأساس وهو إنشاء مبني وزارة الخارجية التشادية حيث إن المقاولين العرب هي الشركة المنفذة لهذا المشروع وفي أطار هذه الزيارة نقل السيد رئيس مجلس الوزراء رسالة من المستشار عدلي منصور الرئيس المصري المؤقت وذلك لنظيره التشادي, تستهدف إنجاز بعض الخطوات اهمها تشغيل خط طيران منتظم بين مصر وتشاد رغم أن التشغيل الأقتصادي لهذا الخط هو تشغيل غير مؤكد إلا انه علي المستوي السياسي يعد خطوة مهمة في سبيل تحسين العلاقات أضف إلي هذا أن هناك من المشروعات التي ستتم بيد وسواعد المصريين في مجال استصلاح الاراضي وتنمية الأنتاج الزراعي والحيواني وقد انتقل السيد رئيس مجلس الوزراء الي تنزانيا حيث يلتقي نظيره هناك وهي ايضا خطوة جادة وجيدة لتحسين العلاقات المصرية الأفريقية ومساندة مصر في موقفها الدولي والقاري ,حيث يتولي المهندس إبراهيم محلب شرح الحالة المصرية والخطوات التي تم تنفيذها في خارطة المستقبل وقد أوضح سواء كان ذلك في تشاد أو في تنزانيا أن مصر في طريقها للأستقرار السياسي والأمني ولا ننسي أن هذا جهد يمكن أن يتبلور وينعكس في تهيئة الأوضاع الدبلوماسية حينما يكون هناك حل لمشكلة سد النهضة, وفي زيارته لتشاد ركز رئيس الوزراء علي ان ما حدث في 30 يونيو هو ثورة شعبية وليس انقلابا عسكريا وهذا يعد من الأمور المهمة لأن تشاد سوف تكون عضوا لمدة عامين في مجلس السلم والأمن الأفريقي وبالتالي الزيارة سواء لتشاد أو تنزانيا هي زيارة موفقة. خطوات تجاه إفريقيا وفي نفس السياق يقول هاني رسلان خبير الشئون الأفريقية بمركز الأهرام للدراسات السياسية والأستراتيجية إن الزيارة تأتي في أطار الجهود المصرية للتواصل مع الدول الأفريقية لتجاوز العقبة الخاصة بتجميد مشاركة مصر في أنشطة الأتحاد الأفريقي وهذه الزيارة سبقتها عدة جولات قام بها وزير الخارجية المصري نبيل فهمي, خاصة بعدما تم اقرار الدستور المصري وستجري الانتخابات الرئاسية قريبا, فمصر تأمل في رفع هذا التجميد سواء بعد انتخابات الرئاسة أو بعد اكتمال خارطة الطريق بشكل كامل وهذا جهد مطلوب في هذه الفترة ونتمني أن هذا التواصل يستمر ويتطور. ويضيف رسلان قائلا فيما يتعلق بالتنمية في الوقت الحالي مصر لديها أزمة أقتصادية طاحنة وتعيش في الوقت الحالي علي معونات ودعم من دول الخليج والدول العربية وبالتالي أي تحرك تنموي مصري في الخارج يوجد عليه قيود كثيرة في الوقت الحالي وبالنسبة لأزمة المياه فأي تحرك مصري مهم ومطلوب ولكن لا يجب أن ننتظر منه تأثيرا مباشرا في الوقت الحالي علي الأزمة الأكثر أهمية وهي أزمة سد النهضة، لأن لدينا في ملف المياه ازمة اتفاقية عنتيبي وازمة سد النهضة، والازمتان مرتبطتان ولكن الأكثر أهمية والأكثر خطورة بالنسبة لمصر هي أزمة سد النهضة، رغم أن هذه الدول ليس لديها قدرة التأثير علي أثيوبيا لأنها أقرب لأثيوبيا في الوقت الحالي حيث بذلت أثيوبيا جهوداً كبيرة لأحتواء هذه الدول وتحييدها وراء التوقيع المنفرد علي اتفاقية عنتيبي وأشاعة ان مصر تستولي علي المياة منفردة. دواعي الأمن القومي وتضيف السفيرة مني عمر مساعدة وزير الخارجية للشئون الافريقية قائلة يكفي أن أختياراته كانت موفقة بالنسبة للدولتين ولكل واحدة منهما أسباب مختلفة فتشاد دولة أسلامية أهلها يتحدثون العربية وهي تقع علي الحدود مع السودان التي لديها دور قوي و مهم في تشاد , كما توجد أستثمارات وشركات مصرية كثيرة عاملة في تشاد مثل شركة المقاولون العرب التي تقوم بإنشاء طريق أنجورا – انجامينا بلالا الذي قام رئيس الوزراء بتفقده , كما توجد في تشاد أكبر بعثة ازهرية موجودة في افريقيا , والشعب التشادي يحب الشعب المصري ودائما كان يحبذ رئيسهم «أدريس ديبي» ان يحدث قدر من التقارب مع مصر وهم دائما يساندونا في أي قضية تخصنا أمام الأتحاد الافريقي ,فتشاد من الدول المؤيدة دائما لمصر وعلاقتها بمصر قوية جدا وتجمعنا بها لجنة مشتركة ,و عدد كبير من الأتفاقيات وقد كنا نستورد منها اللحوم . ومؤخرا تم أكتشاف وجود نفط بها , وبالتالي هي من الدول الواعدة ولديها فرص أستثمارية وتجارية كبيرة بالنسبة للمصريين والشركات المصرية . وتستطرد عمر قائلة كما يجب الا نغفل أعتبارات الامن القومي مع دول الجوار . فتشاد في وقت من الأوقات كان يمكن السفر إليها من مصر بالطريق البري فهي علي الحدود مع السودان ولها دور قوي بالنسبة لدارفور وغيرها فالتوازنات الأقليمية تستدعي ان يكون هناك علاقة قوية مع تشاد . وقبل نهاية العام الماضي بشهور كان تم اختطاف عدد من الضباط المصريين في هذه المنطقة , وتشاد هي التي ساعدتنا في استعادتهم وهذه من الأشياء التي تؤكد علي أهمية التعاون الأمني . كما أن نحن وتشاد اعضاء في أكثر من تجمع ومنهم تجمع الساحل والصحراء الذي يضم عدداً من دول الصحراء الغربية وهذه الدول تعاني كثيرا من المشاكل الأمنية الخطيرة مثل عمليات تهريب السلاح وتهريب البشر والاتجار فيهم وتهريب المخدرات وطبعا الحزام الذي يمتد من مالي ويدخل علي الجزائر علي ليبيا علي مصر مرتع للأرهابيين فتعاوننا مع دولة مثل تشاد يساعدنا علي توسيع قاعدة معلوماتنا وبالتالي نستطيع بالتعاون المشترك مواجهة هذه المشكلات . أما بالنسبة لتنزانيا فهي دولة من دول حوض النيل ومن الدول التي تربطها بمصر علاقات تاريخية مهمة منذ عهد الرئيس عبد الناصر و هي من الدول التي حدث تجاهها نوع من الفتور نتيجة لتوقيعهم علي الاتفاق الأطاري لأتفاقية عنتيبي وبهذا تعد هذه الزيارة فرصة لتحسين العلاقات معها وإزالة الفتور و التوتر . فهي أيضا من الدول التي يوجد بها فرص أستثمارية ,حيث لدينا شركات تعمل هناك وبعض هذه الشركات لديها مشروعات عملاقة مثل شركة «القلعة « التي تنفذ خطوط سكة حديد تصل بين كينياوتنزانيا ولدينا هناك أيضا مركز اسلامي , كما يدرس في الأزهر بمنح دراسية عدد كبير من الطلاب وهذا ينطبق علي تشاد أيضا, فالعلاقات بيننا وبين هذه الدول تاريخية ومهمة لانها من دول حوض النيل .ومهم جدا أن دول حوض النيل تسمع لرأي مصر بالنسبة لموضوع الاتفاق الإطاري أو بالنسبة لموضوع سد النهضة ونخلق رأياً عاماً داخل هذه الدول يكون متفهما لموقف مصر , حيث أن الصورة السائدة هي أن مصر دولة « مفترية « و كل ما يشغلها أن تأخذ أكبر كم من المياه وتعوق عملية التنمية في الدول الأفريقية فلا يعنيها علي الإطلاق سوي مصلحتها فقط . فرئيس الوزراء عندما يشرح وجهة نظرنا والاثار الضارة التي سوف تترتب علي بناء سد النهضة . ويبدي أستعدادنا أن يكون هناك مكسب للجميع . وهذا قد يخلق نوعا من الضغوط التي تمارس علي دولة أثيوبيا . لهذه الاسباب أري ان هذه الزيارة كانت موفقة .وبالتأكيد كان من الممكن أن تشمل دولا أكثر لكن رئيس الوزراء لديه مشاكل داخلية تضع عليه ضغوطاً تجعله لا يطيل في أي زيارة خارجية لكن ممكن نتوقع في خلال فترة بسيطة أن يزور عدد آخر من الدول الأفريقية . تأثر دول الجوار وفي نفس السياق يقول دكتور نادر نور الدين أستاذ الموارد المائية بجامعة القاهرة ,المفروض أن احتفال تنزانيا كان يحضره عدد من القيادات الأفريقية وهذه كانت فرصة للمهندس ابراهيم محلب أن يعقد أجتماعات مع أكبر عدد منهم ويفتح معهم موضوع عودة مصر مرة أخري إلي انشطة الأتحاد الأفريقي واعادة تفعيل عضويتها لكن الذي تابعناه من الصحف يبدو أن السفارة المصرية في تشاد وفي تنزانيا لم تجهز له لقاءات مع قيادات الدول سواء كانت دول حوض النيل أو الدول الأفريقية حيث لم يعلن عن أي لقاءات له مع أي رؤساء أو وزراء فالموضوع كله أختصر علي زيارته لتشاد للتشاور معها في العودة للأتحاد الأفريقي ونحن نعلم ان تشاد لديها مشاكل داخلية كثيرة وبالتالي قوتها المؤثرة في دول الاتحاد الافريقي ليست كبيرة, انما كان من الممكن أن تستكمل بلقاءاته مع باقي القادة. لذلك يبدو أن زيارته لتشاد تحمل أسبابا أخري غير الأسباب المعلنة.