"ماركيز" هو الكاتب الاستثنائى فى تاريخ الكتابة الروائية فى العالم فى النصف الثانى من القرن العشرين، امتد تأثيره عبر رواياته "مائة عام من العزلة" و"خريف البطريرك" و"سرد أحداث موت معلن" وغيرها إلى أجيال متعددة من الروائيين، مما يجعل من كتاباته ذاكرة متجددة دائما. يرى الناقد د. عبدالمنعم تليمة أن تأثيره كبير على كل أبناء جيله وأبناء الجيل الذى جاء من بعده. فقد جعل الواقع يتجادل مع الخيال من خلال الواقعية السحرية، قبله كان المبدعون فى أدواتهم لم يكن موجوداً ذلك الشيء. ويضيف د. تليمة قائلا: الدائرة الإسبانية لها استفادات كبيرة من الأدب العربى والإسلامي، استفادت من حضارة الأندلس بالتأكيد، ويتضح فى كتابات "ماركيز" أثر "ألف ليلة وليلة". ماركيز وبورخيس كان لهما أكبر الأثر كذلك بعد تأثيرات ديستوفسكي، الدائرة الإسبانية الواقعية السحرية، عندها هى الأساس وهذا ما نجده واضحا فى بعض كتابات الجيل الجديد فى مصر والعالم العربي. وبعد رحيله يبقى منه اقتداره فى الكتابة، وليس الاختيار، خياله الرهيب، مثلما يبقى عندنا من محمود مختار وحسن فتحى ونجيب محفوظ. ماركيز علامة فارقة فى تاريخ الأدب الإنساني، وسيبقى تأثيره يتجدد بتجدد فعل الكتابة. ويؤكد الناقد والمترجم د. الطاهر مكى أن ماركيز قدم للأدب الإنسانى تيمات فنية جديدة، واخترق حاجز اللغة، مما جعل القارئ يعيش فى أحداث رواياته رغم اختلاف البيئات والمجتمعات والعادات والتقاليد لكن طزاجة الرؤية جعلت من روح الكاتب حاضرة دائما. هو كاتب المهمشين والبسطاء الذين أحبوا كتاباته فى جميع أنحاء العالم. ويضيف د. مكى أن ترجمة ماركيز صعبة للغاية رغم ما يبدو من سلاسة فى جمله لأنك تتعامل مع واقع ولغة حية تنبض بالروح لذا تحتاج دائما إلى مترجم قدير. سحر المخيلة ويقول القاص سعيد الكفراوي: جارثيا ماركيز برحيله الأدب العالمى افتقد مخيلة قادرة دائما، على الإضافة وعلى ابتكار التخيل. "ماركيز" من خلال ما قدمه للرواية الإنسانية يعتبر أحد شيوخ الطرق الكبار، فالرجل من حول الواقع إلى أسطورة، وحول الأسطورة إلى سؤال إنسانى عميق. ودائما ما يذكر "جارثيا ماركيز" أى كاتب جيد فى العالم بأنه صاحب النهج الأعظم فى تجسيد ما هو إنساني، كشف عن شخصية متفردة وحول الواقع الملموس إلى أسطورة شعرية وعالم يموج بالرموز والأغانى والوحشية وعلاقات المحارم، والغوص فى الزمن إلى حد مرحلة النسيان. بمجئ ماركيز إلى زمن الكتابة تغير النص الروائى كله على مستوى الأرض واستكمل "ماركيز" مشروعات بورخيس واستوريس والشاعرة مستيرال وكارلوس فونيتس وغيرهم من الأفذاذ اللاتينيين. أثر واضح ويضيف الكفراوى قائلا: كان تأثير أدب ماركيز على الأدب العربى والخيال العربى مثل العاصفة وبعد قراءة أدب هذا الروائى العظيم تغيرت فى الأدب العربى الكثير من أشكال السرد وابتكرت أنواعاً غزيرة من الرؤى واحتلت شعرية اللغة وجنوحها نحو المطلق العديد من الأعمال. وكان محرك هذا التغيير مشتركات بين الأدب العربى والأدب اللاتيني، نحن وهم كون وعينا "ألف ليلة وليلة". عشق "ماركيز" و"بورخيس" المطلق، وفى واقعهم "الديكتاتور" وعندنا "العمدة" و"المأمور"، وهناك سطوة التخلف والعلاقة بالأرض فى مزارع القصب وعندنا مزارع القطن. وهناك الخرافة والأسطورة وظهور الموتى فى الحياة وعندنا كرامات الأولياء والحفاوة بليالى العزاء كأنه واقع واحد ساعد على تأكيد كاتب كبير مثله. يغيب "ماركيز" بالجسد، ويظل سفره الفنى والإبداعى حاضرا أمام الإنسان طريقا مفتوحا على الحرية، يعنى بدل أن يتحدث الناس عن العدل يجعلهم يعيشون بعدل. الفانتازيا الحية ويقول القاص شريف عبدالمجيد: لقد أثر ماركيز فى مجال الرواية أكثر، قصصه القصيرة تختلف كثيرا عن شكل القصة المتعارف عليه، وكان مختلفا حتى فى أفلامه السينمائية، أعتقد أنه وفواجير رولفو وكرتاثار وفنيش هم الأكثر تغييرا فى شكل الكتابة. منطقة الخيال منطقة خصبة، هذا الأثر الحقيقى لكتابة "ماركيز"، وقد تأثر بالخيال المطلق فى ألف ليلة وليلة، وكذلك بالفانتازيا. أنا شخصيا تأثرت بالفانتازيا فى قصصي، وقد تأثرت فى عملية صنع الشخصيات، ماركيز نفسه كان مطلعا على جميع الآداب فى العالم ومنفتحاً على الثقافات فى العالم عندنا مقولة إن الكاتب لا يكون عنده التزام سياسى ماركيز كان ضد ذلك كان ملتزما سياسيا مع الضعفاء والمهمشين، كان ملتزما بالقضايا الإنسانية. القيمة الأخري: كان ضد الرسميات حين ذهب يتسلم جائزة نوبل لم يلبس بدلة بل لبس الرداء الذى كان يرتديه فى قريته.