لاتزال آثار ونتائج سحب سفراء المملكة السعودية والبحرينوالإمارات من قطر تتفاعل بشدة، على الرغم من محاولات الوساطة التى تقوم بها الكويت وسلطنة عمان بقية أطراف مجلس تعاون الخليج الستة، أضافة إلى دخول الولاياتالمتحدة على خط الأزمة، حيث يستعد الرئيس باراك أوباما لزيارة المملكة السعودية ودول خليجية أخري، وتحاول إدارته احتواء الانفجار السياسى الكبير الذى ضرب دول مجلس تعاون الخليج. وربما قصدت السعودية والإماراتوالبحرين تحديدا استباق زيارة أوباما باتخاذ هذا القرار ضد قطر، منعا لأى تدخل أمريكى فى إطار محاولاتها المستمرة لاحتواء الأزمة، التى فشلت كل الجهود الخليجية السابقة فى حلها، خاصة فى اجتماع 23 نوفمبر الثلاثى الذى عقد فى الرياض بحضور قادة السعودية والكويتوقطر، ووقع أمير قطر الشيخ «تميم بن حمد» على اتفاق سياسى – أمني، ومع تعثر تنفيذه دخلت الكويت على خط الوساطة واستضافت أمير قطر ووزراء خارجية دول مجلس التعاون الخليجي، بهدف تطبيق اتفاق الرياض الأمنى ووضع آلية لمراقبة التنفيذ، ومع استمرار التعثر جاءت الخطوة الأخيرة بعد اجتماع المجلس الوزارى الخليجى فى الرياض يوم 4 مارس، والذى فشل فى التوصل إلى إلزام قطر بتنفيذ اتفاق الرياض الأمني، وتم اتخاذ القرار الثلاثى بسحب السفراء من قطر، فيما قررت الكويت التى ستشهد اجتماع القمة العربية فى نهاية هذا الشهر، البقاء على الحياد مع سلطنة عمان مع مواصلة جهود الوساطة رغم دخولها إلى طريق مسدود. ومع انفجار خلافات السعودية والإماراتوالبحرين مع قطر بشكل علني، تم الكشف عن الكثير من أسباب تلك الخلافات وأهمها.. * رفض قطر الالتزام بعدم التدخل فى الشئون الداخلية لدول مجلس التعاون الخليجي، وتفنيذ الاتفاقية الأمنية الموقعة فى الرياض فى 23 نوفمبر، واستمرارها فى دعم تنظيمات وجهات وأفراد يعملون على تهديد أمن واستقرار دول المجلس، سواء عن طريق العمل الأمنى المباشر أو عن طريق محاولة التأثير السياسى ودعم الإعلام المعادي. القرضاوي أيضا * تعرض البحرينوالإمارات على وجه الخصوص خلال الأشهر الأخيرة إلى زيادة الأنشطة المعادية من تنظيمات ذات مرجعية إسلامية، بدعم من دولة قطر والشيخ يوسف القرضاوى نفسه، وتم نشر وثائق تشير إلى تلقيه تمويلا شهريا ثابتا من دولة قطر لتمويل تلك الأنشطة وغيرها فى الدول العربية والإسلامية الأخري. وأظهرت التحقيقات التى أجرتها الدول الثلاث «السعودية والبحرينوالإمارات» إلى وجود شبكة اتصال بين العديد من التنظيمات والجمعيات التى تعمل على أراضيها سواء بأشكال سرية أو علنية، بأجهزة المخابرات القطرية، والتى تدعم جماعة الإخوان المسلمين فى مصر، والتنظيم الدولى للجماعة وبالتالى تم حظر جماعة الإخوان واعتبارها تنظيما إرهابيا، فى ضوء التحقيقات والقضايا التى تم تحقيقها فى الإمارات التى أمسكت بخلية إخوانية كبيرة كانت تعد لعمليات ضد نظام الحكم. * وأشارت مصادر سعودية صحفية إلى أن أنشطة «الحوثيين» التى تنطلق من اليمن، وبلغت ذروتها فى الهجوم الذى تم فى 2009 على أراض سعودية، واغتيال ومحاولة اغتيال مسئولين سعوديين، تقف وراءها جميعا المخابرات القطرية والإيرانية، حيث تديران عمليات تخريبية وأنشطة إرهابية فى المملكة. * ظلت قطر تهاجم وجود قوات أمريكية فى المملكة وحين خرجت تلك القوات من السعودية، سارعت قطر باعطاء أمريكا قاعدتين فى «السيلية» و»العيديد» لاستضافة تلك القوات، ثم دعمت تنظيم «حزب الله فى الحجاز» للهجوم على النظام السعودى بدعوى تحرير أراضيه المقدسة من الكفار. خطر الجزيرة * تحولت قناة الجزيرة إلى منصة إعلامية موجهة ضد الأنظمة العربية، وتخلت عن المهنية فى التغطيات الخبرية، ورغم الخطابات الرسمية من بقية دول الخليج ودول عربية أخرى منها مصر، لقطر بالتدخل لإيقاف هذه الحملات، لكنها استمرت وأصبحت تشكل خطرا على أمن واستقرار البلدان العربية. * ساهمت قطر فى دعم وتمويل عديد من التنظيمات التى تعمل فى سوريا وليبيا ومصر، منها جبهة النصرة وداعش «الدولة الإسلامية فى العراق والشام» وقدمت لدول مجلس تعاون الخليج تقارير خاطئة عن طبيعة العديد من التنظيمات المسلحة، وهو ما أدى إلى توريطها فى دعم تلك التنظيمات، قبل أن تعود لمراجعة مواقفها مما يحدث فى سوريا على وجه الخصوص. * لعبت مصر دورا أساسيا فى كشف المؤامرات والخطط التى تقوم بها جماعة الإخوان وحليفاتها، ودور التنظيم الدولى للجماعة فى تهديد الأمن فى البلدان العربية، وكشف الواجهات الصورية لكثير من تلك التنظيمات مثل «جماعة أنصار بيت المقدس» التى تشن حربا إرهابية فى سيناء، وأنها واجهات لتنظيم القاعدة، وتعمل بالتنسيق مع المخابرات القطرية. * فشل مخطط الإخوان فى مصر وتصدى الجيش والقوى السياسية والشعبية له، أدى عمليا إلى إفشال مخطط قطر – الولاياتالمتحدة فى دمج تنظيمات اليمين الديني فى الحياة السياسية فى الدول العربية عبر صناديق الانتخابات وبإثارة الفوضى لإسقاط الأنظمة المختلفة، وبنهاية هذه الخطة لاحتواء منظمات جهادية ودفعها للعمل فى الدول العربية والإسلامية، وإبعادها عن العمل داخل أمريكا وأوروبا، فإن المنطقة تشهد الآن بداية النهاية لتلك التنظيمات لصالح الدولة الوطنية القوية، واستبعاد تنظيمات اليمين الديني المرتبطة بالعنف والإرهاب من خارطة المنافسة السياسية. وفى ظل هذه الحقائق الجديدة التى تفرض نفسها على الساحة العربية، فلا مجال للرجوع عن الخطوات التصعيدية التى اتخذتها السعودية والإماراتوالبحرين، لأن الأمر أصبح متعلقا بالأمن القومى لتلك البلدان، كما حدث قبل ذلك فى مصر التى دخلت فى صراع عنيف ولاتزال مع جماعة الإخوان الإرهابية، التى تخسر الآن فى مصر والعالم العربي. ولعل القيمة الأكبر للخطوة السعودية باعتبار الإخوان منظمة إرهابية، تتمثل فى رفع أى غطاء عربى عن تلك الجماعة وغيرها، ولن يستطيع أوباما حين يزور المملكة قريبا الدفاع عن الإخوان والتنظيمات الإرهابية المماثلة، وإذا لم يفهم الرسالة التى خرجت من القاهرة فربما تكون رسالة الرياض أكثر وضوحا لا تترك أمامه أى مجال للإنكار، ورفض تعديل سياساته الخاطئة الكارثية فى العالم العربي. ****************