للثقافة فى بلادنا قنوات، منها نوادى الأدب وبيوت وقصور الثقافة، ومن المفترض أن تعمل هذه الإدارات تحت إشراف الفرع ورئاسة الإقليم، لخدمة الأدباء ورعاية العملية الإبداعية، من شعر وقصة ومسرح ونقد أدبي ، وتخلص جاهدة لدفع هذه الأنشطة إلى النور، لتوجيه الفائدة للمجتمع الأدبى وجمهور المثقفين على السواء، لكن الواقع الثقافي فى جنوب الصعيد، لا يعكس ما ينشده المبدع الحقيقى، فهناك خلل وقصور يفرز معاناة مستمرة، يبدأ من وزارة الثقافة ذاتها مروراً بأجهزتها المعنية، فى هذا التحقيق، نستطلع آراء وتصورات جملة من المبدعين الشعراء والكتاب والمسرحيين فى هذه القضية المطروحة، فما هى رؤيتهم للثقافة فى جنوب الصعيد ؟ فى البداية يقول الشاعر أحمد تمساح عضو اتحاد كتاب مصر، إن الثقافة فى مصر عامة تسير من سيئ إلى أسوأ، وذلك بفعل المسئولين بوزارة الثقافة الذين يجب عليهم الاهتمام بقصور الثقافة والوصول إلى القرى والنجوع وعمل القوافل الثقافية، الإبداعية من أسوان حتى الإسكندرية، لكن الثقافة فى جنوب الصعيد غائبة عن المشهد الثوري، وأكثر الآفات التى تواجهنا تفشى المحاباة والمحسوبية وتصدر المشهد أنصاف المبدعين، لعدم إظهار المبدعين الحقيقيين، وهناك موات أدبي مقصود فى الجنوب فالمؤتمرات تسيطر عليها الشللية البغيضة، آخرها ما حدث فى مؤتمر الإقليم بأسوان، وهو ينم عن رؤية قاصرة وغير مبصرة، لمبدعين لهم تاريخهم الطويل، فالموات الادبى يتم نشره بفعل فاعل، ولا بد من محاسبة المتسببين فى هذا العوار سواء كانوا أدباء أو مسئولين ودفنهم تحت تراب اللامبالاة، فالشللية سيطرت على الوضع من أعلى إلى أسفل، ولن ينصلح حال الثقافة إلا بتغيير القيادات، التى تحابى بعض الأدباء للحصول على المكتسبات الأدبية دوما دون غيرهم، من حضورهم للمؤتمرات واختيارهم كشخصيات عامة، وهذه هى المحاباة والمحسوبية، حتى النشر الاقليمى قد خضع لمعايير الشللية ولجان القراءة الوهمية، وكأن الفروع الثقافية مكاتب إعانة اجتماعية، والمسئولة عن هذه المهازل، هى الهيئة العامة لقصور الثقافة، التى دهست المبدعين بلوائحها وقراراتها، خاصة فى مجال النشر، وكأن المبدعين من خارج البلاد. ويري الشاعر والمخرج المسرحى بكرى عبد الحميد، أن مشكلة الثقافة تبدأ بنوادى الأدب فهى نافذة مهمة لكل الأدباء لأنها تتيح للشباب التعرف على تجارب كبار المبدعين، كما تنهض للأخذ بيد المبدعين الشباب والتعرف على مواهبهم وتنميتها وصقلها، ولابد أن تقوم النوادي بدورها فى عقد الندوات والأمسيات الثقافية ونشر إبداعات أبناء النادى، لكن هناك سلبيات لا شك كثيرة أهمها محاولة البعض الاستحواذ والاستئثار بالمواقع والمكتسبات الأدبية كحضور المؤتمرات بشكل دائم، ومحاولة كبت تجارب وأراء الأدباء الشباب وعدم الاعتراف بعطاء البعض وعدم إتاحة الفرصة لهم للتعبير عن آرائهم وأفكارهم، وهو ما يعد خروجا صريحا عن رسالة هذه النوادى المفترض أنها كانت بانتخابات ديمقراطية. أما الشاعر نصر هاشم، يلخص رؤيته فيقول، الأوضاع الثقافية في الصعيد وفي قنا بوجه خاص محزنة، حيث إن نادى الأدب المنتمى إليه، لم يفدنى بشيء ولا أرى موهوبا سواء من الشعراء أو كتاب القصة، وأذكر أننى دخلت قصر ثقافة قنا منذ أكثر من سبعة عشر عاما ولم أجد أى شخص يرشدنى أو يأخذ بيدى فلا اهتمامات لهذا النادى فى أى شيء، حتى الجلسات الأسبوعية خالية من المبدعين لأن أنشطتهم حبر على ورق، ومنذ هذا الوقت لم تتغير لرؤيتى هذا المكان، فلم أجد فيه حرية الابداع أو حتى الترحيب بالمبدعين والأخذ بأيديهم وإرشادهم للطريق الصحيح، ونادى الأدب بقنا لم يؤد دورا واحدا ايجابيا وسيظل هذا المكان مغلقا على أعضائه الأساسيين دون تغيير أى شيء، لذلك سيظل هذا المكان محبوس الأيدي ولا يجد أى مبدع طريقة فمتى سيتغير هذا المكان ؟ . ويقول الشاعر والباحث فى التراث الشعبى أحمد عبد الغنى، فى مشروع النشر الاقليمى تسحب كتبنا، وهمشونا ، وإن كنت محاضرا مركزيا، لكن لم أكلف بمحاضرة واحدة من فرع ثقافة قنا طوال ثلاث سنوات، وقد أصدرت سبعة كتب على نفقتي الخاصة، ولم تنشر قصيدة واحدة داخل نشرات الفرع العديدة، وهذا بفعل مسئولي الثقافة العامة. فمن يصحح هذا الوضع السيئ منذ ثلاثين عاما؟