نوادي الأدب التابعة للهيئة العامة لقصور الثقافية التي أنشئت بدافع اكتشاف المواهب الأدبية وصقلها وتنميتها وتعريف الجمهور بها . هل مازالت موجودة وتقوم بهذا الدور ؟ وفي حالة وجودها ما المعوقات والصعوبات التي تواجهها في تأدية وظيفتها ؟ يقول الشاعر مؤمن سمير «بني سويف» أنشئت نوادي الأدب التابعة للثقافة الجماهيرية في الستينيات لأكتشاف وتقديم المواهب الشابة. وقد تأثرت كبقية المؤسسات الثقافية بالتحولات السياسية فأصبحت تمر بحالات مد وجذر .فتزدهر في مراحل وتقوم بدورها علي أكمل وجه وأحيانا تتقاعس عن القيام بدورها وكل هذا مرتبط بالأستقرار السياسي أو مدي انفتاح أو انغلاق القيادة الثقافية الموجودة والتي تعبر عن القيادة السياسية أو الوضع السياسي الموجود . فنوادي الأدب في مراحلها المزدهرة معمل تفريخ حقيقي للمبدعين حيث إنها تستطيع الوصول للقري والنجوع عن طريق نادي الأدب الموجود في المركز أو المحافظة فتأخذ إنتاجهم تناقشه وتقترح عليهم عناصر التجويد وتنصحهم بالكتب التي لها علاقة بإبداعهم فيحدث صقل لهذه المواهب .ثم توجههم لكيفية النشر. حيث إن هناك مجلات تابعة لقصور الثقافة ونوادي الأدب بسيطة جدا في الشكل وفي الإخراج الفني .إلا إنها تمكن المبدع من النشر والخروج بإبداعه للقاريء بدلا من ان يظل حبيس الأدراج وتتم مناقشة الأعمال بدلا من أن تكون مجرد عمل يعبر به المبدع عن نفسه وبالمناقشة توجد لديه ملكة النقد والمتابعة والاهتمام برأي الآخر . كما تقوم النوادي بعقد مؤتمرات وندوات حتي وإن كانت مصغرة وفيما يتعلق بمؤتمر الأقليم أو المحافظات يرسل كل نادي أدب عضوا أو اثنين وفق حجم المؤتمر الكبير للمشاركة فيحدث احتكاك مباشر يعبر فيه الأديب عن رأيه ويتقابل مع المبدعين الذين يقرأ لهم و يتعرف علي كتب و أفكار جديدة . غياب مسئولية الدولة ويستطرد مؤمن قائلا أهم المعوقات التي تعرقل عمل نوادي الأدب هي عدم إحساس الدولة بأهميتها رغم إنها موجودة ضمن خطط وزارة الثقافة .فقد تحول الموضوع لفكرة موظفين، الموظفون القائمون علي نوادي الأدب شرعوا في التعامل مع الأنشطة علي إنها تسويد ورق في ظل قيادات تريد نتيجة مكتوبة. لقد مكنت ثورة الاتصالات المبدعين من إرسال أعمالهم عبر الإنترنت إلي أي مكان و المشاركة في المؤتمرات داخل وخارج مصر عن طريق الاتصالات الحديثة. ولو اقتصر الإرسال علي نوادي الأدب ونادي الادب المركزي في المحافظة حتي يصل لوزارة الثقافة كانت ستصبح الأمور صعبة. ومع ذلك مازالت طرق التواصل التقليدية مهمة لمجموعة مازالت لا تستطيع التواصل إلا عن طريق قصور الثقافة . ولهذا يصطدمون بمجموعة من الموظفين ليس لديهم إبداع أو خيال فكري. الورش الأدبية ويؤكد الشاعر محمود مغربي «قنا» أن دور قصور الثقافة هو نشر التنوير الثقافي من خلال الآداب والفنون التي تشكل جزءا من ثقافة المجتمع . ولهذا لابد من تنميتها وزيادة الميزانيات لأقامة المكتبات وعمل المهرجانات الكبيرة مما يؤدي لازدهار الثقافة . كما ترعي نوادي الأدب و تهتم بالمواهب من كتاب الشعر والقصة فهي البيت الرئيسي لكل مبدع ناشئا تستقبل طلبة وطالبات ومواهب جديدة وتتفاعل معهم من خلال الورش الأدبية والفنية . وفي النهاية يحقق هذا ثراء ثقافيا وفكريا واجتماعيا. ومن هنا تأتي أهمية دور نوادي الأدب التي أخرجت عددا من المبدعين استطاعوا الفوز بالعديد من الجوائز داخل وخارج مصر . ويستطرد مغربي قائلا: لكي تقوم نوادي الأدب بدورها لابد من زيادة دعم المكتبات وخاصة في الصعيد. فالمثقف أو المبدع يحتاج إلي مكتبة يجري تحديثها باستمرار حتي يقرأ . كما تجب زيادة الميزانية حتي تستوعب بعض التفاصيل والبنود كما نحتاج إلي برتوكول تعاون مشترك يضم المحافظات والشباب والرياضة و الجامعات . يؤدي إلي أزدهار وتقدم المجتمع ويصب في صالح المواطن المصري . فالثقافة ليست ترفاً أو كماليات وبالثقافة والمعرفة نستطيع أن نخلق مواطنا صالحا. ويؤكد مغربي أهمية أن تخرج الثقافة للناس قائلا: أقمنا في قنا لمدة أربع سنوات احتفالية فنية شعرية علي الكورنيش وكان يحضرها آلاف الناس وكنا نقدم فرق فنون شعبية وفرق موسيقي عربية وانشاد ديني وربابة وغيرها من الفنون من جميع أنحاء مصر , وكنا نقدم بين التابلوه والآخر شعر وكانت الناس تأتي من أماكن بعيدة من القري ومن هنا تتعرف الناس علي قيمة الثقافة . وذلك بفضل الخروج من الغرف المغلقة إلي كل الأماكن . يؤكد الروائي محمد إبراهيم طه «القليوبية» أن نوادي الأدب التابعة لقصور الثقافة هي الشيء الوحيد المنتشر في كل ربوع مصر ومن هنا تتضح أهميتها لوجودها في الكثير من القري والمراكز علي امتداد رقعة مصر الجغرافية كلها . ومن المفترض أنها أنشئت خصيصا لرعاية المواهب الأدبية ولهذا سميت " نادي أدب " نادي الأدب هذا له لائحة وله عدد من الحضور الذين لديهم بدايات الكتابة الأدبية أو القصصية أو الشعرية يلتقون بشكل أسبوعي وله ميزانية تصل أحيانا من ثلاثة إلي أربعة آلاف جنيه سنويا هذا في الوقت الحالي تعقد نوادي الأدب ندوات اسبوعية منها ندوات تعقد في النادي الأدبي نفسه ويأتي إليها محاضرون من المنطقة التابع لها . وهناك ندوات تكون مركزية من هيئة قصور الثقافة نفسها يخطط وينظم لها من حيث الموضوعات والمواد التي ستناقش بشكل مركزي من الهيئة في القاهرة .هذا هو هيكل نوادي الأدب التي هي بالفعل موجودة وتمارس نشاطها وهي بالفعل المكان الأول الذي يفرخ الأدباء لمصر .كل الناس المهتمين بالأدب يلجؤن عادة لنوادي الأدب وبيعقدون مناقشات وحلقات صغيرة للقراءة وللمتابعة بعد ذلك الناس تتطور بالتدريج ويبدؤن يحضروا ندوات أدبية في أماكن أكبر مثل عواصم المحافظات أو في القاهرة فنوادي الأدب هي المكان الأول الذي يستقبل صغار المبدعين ويتابعهم وينمي موهبتهم ومنه يخرجون إلي الحياة الأدبية في مصر بوجه عام .كما يخرج منها كل عام بالتناوب اثنين من الادباء يحضرا مؤتمرات أدبية تعقدها هيئة قصور الثقافة برعاية الدولة مثل مؤتمر ادباء مصر هذا المؤتمر يعقد منذ أكثر من عشرين عاما يتيح الفرصة لشباب الأدباء أن يحضروا فاعليات ومناقشات ملتقي ادبي كبير يحدث نوع من الثفاعل والتلاقي بين الأدباء الصغار الموجودين في نوادي الادب علي مختلف أنحاء مصر والادباء الكبار الموجودين في العاصمة . وعن كيفية تطوير نوادي الأدب يقول إبراهيم، عيبها الوحيد أنه يحدث لها أحيانا نوع من الركود , والثبات والناس تعمل فقط علي مراحل البدايات فلابد من وجود نوع من التبادل أونوع من تغذية نوادي الأدب من خلال المحاضرات المركزية، فمثلا أرسال محاضرين وادباء وشعراء للمناطق البعيدة من القاهرة ليطوروا المستوي الادبي والقصصي والشعري الموجود عند صغار الأدباء . التحديد المسبق لنوعية الموضوعات المطروحة للنقاش وهنا يصبح هناك دور مركزي لهذه النوادي ممكن تطوره . وفكرة وصولها لأعمق وابعد اماكن في مصر هذا تعطيها دورا غير موجود لأي مؤسسة أخري يمكني كوزارة ثقافة في ارسال محاضرين وإقامة ندوات تتحدث عن الثقافة بوجه عام ثقافة توعية او صحية وطنية وخلافه . مشكلة المشكلات ويقول الروائي قاسم مسعد عليوة «بور سعيد» كثيرون سوف يعلقون مشكلات أندية الأدب علي مشجب الإدارة بالهيئة العامة لقصور الثقافة، ولا أنكر أنه في وقت كان لتدخلات هذه الإدارة في شئون هذه النوادي، المنشأة في معيتها، كبير الأثر في ترسخ هذه المشكلات، لكن لهذه المشكلات نواحي أخري متصلة بالأدباء أعضاء هذه الأندية نفسهم، وبالخيط الرابط بينهم وبين جهة الإدارة. فأما ما يتعلق بالأدباء فأساسه مزاحمة أصحاب النوازع غير المشروعة للتحقق، بمواهبهم المنقوصة وأدواتهم غير المكتملة ومحاولاتهم تصدر هذه النوادي بإزاحة أصحاب المواهب المصقولة الذين تؤهلهم أدواتهم المكتملة أو شبه المكتملة للتحقق، وقد أتاح لهم الخيط الرابط بينهم وبين جهة الإدارة الفرص لتحقيق ما يرومونه، فأساس هذا الخيط فتائل الاقتصاد والإدارة. فالاقتصاد مثير جيد للضغائن، والإدارة أججت من نيران هذه الضغائن ليس بمسالك أفرادها فحسب، وإنما أيضًا من خلال اللائحة التي وضعها ممثلو هذه الأندية في مؤتمرهم الأدبي العام. الطامع والقانع الطامع في هذه الأندية يقتل القانع مثل الطامع في إلقاء محاضرة وقبض مكافأتها،أو في نشر كتاب يظن أنه سيجلب له شهرة ليست متوفرة له ، أو في تمثيل ناديه أو محافظته في المؤتمرات الأدبية اعتقادًا منه بأن الاقتراب من المتحققين أدبيا ومن الإعلام المهتم بمثل هذه المؤتمرات سوف يحقق له مكاسب لا يمكن تحقيقها .والصراع من أجل الحصول علي لقب. محاضر مركزي، وضرب في كل الأماكن المحرمة من أجل إقصاء من يستحقون نشر الكتب ليحظي بالنشر من لا يستحق، ومغازلة للضعفاء المتهافتين من أجل الحصول علي أصوتهم في انتخابات مجالس إدارات النوادي، فإن حدث، وغالبًا ما يحدث، فردُّ الجميل يكون بالترشيح للتحدث في الندوات وحضور المؤتمرات وإعطاء الأولية في طوابير انتظار النشر.. و.. و.. فنشأت من هنا الشللية وازدهرت، واضمحل الأدب الجاد وكاد يضيع. ويستطرد عليوة قائلا : جانب من الحل سلوكي أساسه أعضاء نوادي الأدب أنفسهم، والجانب الآخر إداري بالحتم، فلا بد أن تجتهد الإدارة في البحث عن وسائل تحفيزية أكثر ملاءمة لتنشيط هذه الأندية ودفع أعضائها من الأدباء الحقيقيين نحو الإنتاج، وجذب متذوقة الأدب إليهم، ورعاية هؤلاء وأولئك، ولن يتحقق شيء من هذا وذاك بدون تطوير إلي ما هو أفضل، ولن يتأتي هذا التطوير من غير إعادة النظر في الأوضاع التي آلت إليها أحوال هذه الأندية ودراستها بتعمق قبل أي خطوة تتخذها في سبيله. فعلي جهة الإدارة أن تسأل نفسها عن أسباب احتشاد اللقاءات الحرة، وأقصد بها تلك الخارجة عن إطار أندية الأدب التي تشرف عليها الهيئة العامة لقصور الثقافة، بالأدباء المشاركين فيها.. فهل سبب الاحتشاد راجع إلي الاستعانة بتقنيات التواصل عبر المواقع الاجتماعية أم ماذا؟.. إن هؤلاء المشاركين يتحملون تكاليف لقاءاتهم في حين أن الهيئة توفر هذه التكاليف لأعضاء أنديتها، فلماذا الإقبال علي هذه والتراجع عن تلك؟ وهل يصلح القول إنه يجب علي أندية الأدب أن تتجه إلي إنشاء مواقعها الإكترونية بشبكة المعلومات العنكبوتية لمعالجة ما عم أنشطتها من خلل؟ هل الحل في إدخال تعديلات علي اللائحة السارية أو تغييرها برمتها لمعالجة المشكلة؟ ويجيب عليوة علي تساؤلاته قائلا: الأصل أن يوفر الجهاز الإداري بالهيئة أفضل الأجواء لنمو وازدهار الحركة الأدبية، وألا يجعل من الأديب الحقيقي غريبًا داخل ناديه. ومع تفاقم الأوضاع في أندية الأدب فإن الإجراءات الوقتية لن تفلح في معالجتها، لا هي ولا الإجراءات الجزئية.. ولابد من التطوير الجذري الشامل .