وجهت منظمات مصرية حقوقية وأخري دولية انتقادات حادة واتهامات للشرطة المصرية بانتهاك حقوق الإنسان وممارسة التعذيب واعتقال المعارضين والنشطاء السياسيين والاعتداء علي الإعلاميين والصحفيين. فقد أدان المجلس القومي لحقوق الإنسان عشية الاستفتاء علي الدستور إلقاء الشرطة القبض علي معارضين للدستور لحيازتهم منشورات تدعو المواطنين للتصويت ب «لا» في الاستفتاء. وفي نوفمبر الماضي أصدرت «المنظمات المصرية لحقوق الإنسان» تقريرا تحت عنوان «جريمة التعذيب واستمرار ظاهرة الإفلات من العقاب بعد ثورة 30 يونيو» سجلت فيه أن أغلب حالات التعذيب وإساءة معاملة المواطنين داخل أقسام الشرطة «تتم بعد القبض عليهم مباشرة من قبل أفراد شرطة وقبل عرضهم علي النيابة المختصة وذلك بهدف إجبارهم علي الاعتراف بجرائمهم، وأن دائرة التعذيب اتسعت لتشمل أسر وأهالي الأشخاص والسيدات وذلك لإجبارهم علي الإدلاء بمعلومات تدين ذويهم أو عن مكان اعتقالهم، بجانب وجود حالات تعذيب دون وجود أي مبرر واضح». وفي الشهر الماضي نظمت 14 مؤسسة حقوقية بالتعاون مع لجنة الحريات بنقابة الصحفيين مؤتمرا بالنقابة تحت عنوان «أذرع الظلم» تناول «انتهاكات حقوق الإنسان متمثلة في ممارسات وزارة الداخلية بعد تطبيق قانون الاجتماعات والمواكب والتظاهرات السلمية.. وحالات القبض العشوائي علي مواطنين، والتنكيل بالنشطاء والمدافعين عن حقوق الإنسان سواء من المنظمات الحقوقية أو النشطاء»، وكان من بين هذه المنظمات «مركز القاهرة لحقوق الإنسان، والمبادرة المصرية للحقوق الشخصية، والمركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية.. إلخ». بعدها حذرت «جبهة الدفاع عن متظاهري مصر» من خطورة ما وصفته ب «الممارسات الانتقامية» لجهاز الشرطة، والقبض العشوائي علي بعض المتظاهرين سلميا وبعض الصحفيين واحتجاز بعض المحامين أثناء توجههم لحضور التحقيق مع بعض المتهمين علي خلفية المشاركة في الذكري الثالثة لثورة 25 يناير.. في انتهاك جسيم لحقوق الإنسان والمعايير الدولية في القبض علي المتهمين. وسجلت «مؤسسة حرية الفكر والتعبير» وجود 36 حالة انتهاك ضد صحفيين وإعلاميين في الذكري الثالثة لثورة 25 يناير «تنوعت ما بين المنع والاعتقال أو الاعتداء علي شخص الصحفي وتكسير معداته والاستيلاء عليها، والذي ترتب عليه منح وسائل الإعلام من ممارسة حقها في تغطية الأحداث». علي المستوي الدولي، طالبت الخارجية الأمريكية السلطات المصرية التحقيق في انتهاكات الشرطة، ودعت منظمات خارجية مثل «المنظمة العربية لحقوق الإنسان – لندن» و»التحالف الأوروبي للمصريين من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان – فرنسا» و»مؤسسة إنسانية – تركيا» و»جمعية التضامن المصري – تركيا».. دعت المفوض السامي لحقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة إلي التدخل لوضع حد «للنزيف المستمر لحالة حقوق الإنسان في مصر» والنهج الأمني الفج في التعامل مع المتظاهرين، واتهمت منظمة العفو الدولية في تقرير لها تحت عنوان «خريطة الطريق إلي القمع.. لا نهاية لانتهاكات حقوق الإنسان في الأفق»، اتهمت مصر بانتهاك حقوق الإنسان وممارسة العنف من جانب الدولة علي نحو غير مسبوق خلال الاشهر السبعة الماضية. ورغم النقد الذي يمكن ان يوجه لبيانات هذه المنظمات الحقوقية الدولية، ولأن لغة بيانات هذه المنظمات «سياسية اكثر منها حقوقية، كما وصف حافظ ابو سعدة بيان «هيومان رايتس وتش» الأمريكية، وعدم ادانتها للعمليات الارهابية التي تقترفها جماعة الاخوان وحلفاؤها كما جاء في بيان المجلس القومي لحقوق الانسان، الذي قال «إن ما يثير الدهشة هو تجاهل بعض هذه المنظمات لاحداث العنف، بل انخرطت في عمل ضد جمهورية مصر العربية بعيدا كل البعد عن المهنية والدقة الواجب توافرها في بياناتها».. فمن المؤكد أن تورط الشرطة في انتهاك الحريات العامة وحقوق الانسان بعد الثورة، امر لا يمكن قبوله أو تبريره، خاصة في ظل التضحيات التي يقدمها جهاز الشرطة في مواجهته القوية للارهاب، وانحيازه بعد ثورة 30 يونيو للشعب. ولاشك أن التوصيات التي اوردتها «المنظمة المصرية لحقوق الانسان» في نهاية تقريرها كفيلة بتصحيح وضع الشرطة ووقف هذه الانتهاكات لحقوق الانسان والحريات العامة، وحفظ الأمن ومواجهة الارهاب في نفس الوقت.