وكلها أعراض أمراض نفسية.. وصلت ببشر ودراج.. لعيادة هيكل.. من أجل الفضفضة واستعادة الثقة بالنفس.. والتخفيف من حدة الإحباط.. وضراوة الصدمة! الزيارة التي قام بها السيدان محمد بشر.. وعمر دراج.. وهما من قيادات جماعة الإخوان.. للأستاذ محمد حسنين هيكل في منزله.. لم تكن زيارة لصحفي له تجاربه في دهاليز السياسة.. وإنما كانت زيارة لطبيب نفسي.. من أجل الفضفضة.. واستعادة الإحساس بأنهما لايزالان أنس المحافل وبهجة المجالس.. وأنهما محل اهتمام الرأي العام. فالزيارة.. لا تمت للسياسة بأدني صلة.. ولا بالحريق الذي اندلع في مكتب هيكل الكائن بمنزله الريفي في برقاش.. ولا بالتحقيقات الجارية في هذا الشأن.. لسبب بسيط.. هو أن هيكل.. لا يمثل السلطة ولا يتحدث باسمها.. وأن السيدان بشر.. ودراج.. ليس لهما وجود رسمي علي أرض الواقع.. وهما أشبه ببقايا النظم المستبدة التي أطاحت بها الثورات.. ابتداء من روسيا وفرنسا.. وحتي رومانيا وألمانيا الشرقية. السيدان بشر ودراج.. هما بقايا أشباح من عتاة المماليك خرجا من تحت الأرض.. في منتصف النهار.. واتصلا بالأستاذ هيكل تليفونيا.. كي يؤكدا له براءة الإخوان من حريق برقاش.. وهو كلام كبير يدعو للدهشة.. لعدة أسباب: أولها: أن بشر ودراج يتحدثان بلسان جماعة الإخوان.. في أجواء ثورة شعبية جارفة اندلعت في 30 يونيو.. وشارك فيها أكثر من 30 مليون مواطن طالبوا بالإطاحة بمحمد مرسي ومحاكمته بتهمة التخابر.. وكان المفروض أن يكونا في رحاب الله. ثانيها: أن بشر ودراج يؤكدان أن الجماعة لم ترتكب جريمة إحراق المكتبة.. وأن الجماعة بريئة من الحادث نهائيا، ولا نعرف من أين حصل بشر ودراج علي المعلومات التي تؤكد براءة الإخوان.. من جريمة تحمل كل بصماتهم ابتداء من حريق القاهرة في يناير 1952.. وحتي حريق المكتب في برقاش سنة 2013. ثالثها: هل يعلم بشر ودراج أسماء التيارات التي تصدر أوامر القتل والسحل والتدمير.. والنهب علي مدار الساعة؟! ومن أين جاءا بالثقة التي تدعوهما للتأكيد علي أن الجماعة التي احترفت الإرهاب منذ 80 سنة.. لم ترتكب حماقة إحراق المكتبة.. بعد إدراج اسم صاحبها في قائمة الإعلاميين المطلوب الانتقام منهم.. بسبب مواقفهم الوطنية؟ رابعها: من الذي كلف بشر ودراج بالاتصال بحسنين هيكل.. لإبلاغه ببراءة الجماعة من إحراق المكتبة.. أم أن بشر ودراج يشغلان موقعا رسميا في الجماعة يسمح لهما بالاتصال.. والإدلاء بالتصريحات.. وممارسة ما يسمي في العالم السفلي ب «جس النبض»؟ خامسها: أن الأستاذ هيكل.. تعامل مع ما جري في اللقاء كطبيب نفسي.. يكتم أسرار مرضاه.. وبالتالي فلم يتعرض خلال لقائه بالإعلامية اللامعة لميس الحديدي لتفاصيل ما جري في جلسة الفضفضة.. واكتفي بالإشارة إلي أن بشر ودراج.. تحدثا عن «الشرعية» وأنه شرح لهما الفرق بين «الشرعية».. و«وضع اليد»! والمثير في الموضوع.. أن اتصال بشر ودراج بالأستاذ هيكل.. للإعلان عن براءة الجماعة من إحراق المكتبة.. جاء بعد أكثر من 4800 حادث تخريب ارتكبها أعضاء الجماعة في الأسابيع الأخيرة.. ابتداء مما يجري في سيناء وتعطيل حركة القطارات.. ومحاولة اغتيال وزير الداخلية محمد إبراهيم.. وحتي ما جري في دلجا.. وكرداسة.. واغتيال اللواء الشهيد نبيل فراج مساعد مدير أمن الجيزة. ويبدو من البديهي طرح السؤال: لماذا الإعلان عن براءة الجماعة الإرهابية من إحراق المكتبة؟ ولم يتم الإعلان عن براءة الجماعة من كل ما يرتكب من أعمال تخريب وتدمير وإرهاب في أرجاء الوطن.. طوال شهور.. بلا تسويف ولا إمهال؟ هل علي رأس مكتبة برقاش.. ريشة؟ بيد أن إشارة الأستاذ هيكل.. لحديث بشر ودراج عن «الشرعية».. كانت أشبه بفتح صندوق باندورا وفقا للأسطورة اليونانية الشهيرة.. وهي تعني خروج الشرور بطيشها ورعونتها وخستها وعدم صبرها وتبصرها.. إلي العالم. وبالتالي فقد كانت إشارة الأستاذ هيكل إلي الشرعية.. تعني أن بشر ودراج فتحا صندوق باندورا لسبب بسيط وهو أن الشرعية تعني من وجهة نظر الجماعة الإرهابية.. عودة الرئيس «المنتخب» مرسي لسرير السلطة!! وعودة الدستور المستفتي عليه (!!) ومجلس الشوري المنتخب.. والإفراج عن قيادات الجماعة الإرهابية ومنح حزب الحرية والعدالة 3 وزارات بالحكومة والسماح للجماعة بالعمل تحت مظلة جمعية أهلية (!!). وهو كلام.. لا يمكن أن يصدر إلا عن جماعة فقدت صلتها بالواقع وخرجت من أجواف المناجم وبطون الكهوف تتحدث عن أوهام.. وتنبعث منها روائح الحشيش! وهو هراء يعني العودة بعقارب الزمن إلي ما كان عليه الحال قبل 30 يونيو.. ويتمشي مع الصرخات التي يطلقها محمد مرسي في محبسه.. من وراء الجدران.. متقلبا في فراشه وهو يهذي «أنا عندي حصانة»!.. و«أنا الرئيس الشرعي»!! بعد تناول وجبة العشاء من البط والفريك. وكلها أفكار تقوم علي التضليل والبهتان.. وتدور علي التمويه والبطلان.. وتنطوي علي الغش والتدليس.. والانفصال الكامل عن الواقع.. وتعكس الأزمة النفسية التي تعانيها الجماعة الإرهابية.. والحالات الانفعالية التي تسيطر عليها.. بسبب الشعور بالنقص وخيبة الأمل والعجز.. والشعور بالوحشة والاغتراب. وكلها أعراض أمراض نفسية.. وصلت ببشر ودراج لعيادة محمد حسنين هيكل.. من أجل الفضفضة.. واستعادة الثقة بالنفس.. والتخفيف من حدة الإحباط والفشل.. وضراوة الصدمة. نحن أمام مجموعة من المرضي النفسيين. انظر مثلا إلي محمد البلتاجي أو صفوت حجازي وهما أمام دار الحرس الجمهوري يلوحان بالقوة المفرطة ويطالبان جنود وضباط الحرس الجمهوري.. بالإفراج عن مرسي! وانظر إليهما وهما يقفان فوق منصة رابعة العدوية يدعوان للاستمرار في الاعتصام لحين عودة مرسي والدعوة لتشكيل «شرطة إسلامية» من أرباب اللحي لإلقاء القبض علي رموز المعارضة.. والدعوة لما أسموه مليونية «عودة الشرعية»! ثم انظر لما صدر عنهما بعد أن ألقت السلطات الوطنية القبض عليهما.. ستجد نفسك أمام جماعة مصابة بانفصام الشخصية.. وفي حاجة ماسة لعيادة الأستاذ هيكل. يقول البلتاجي الذي أعلن من فوق المنصة في رابعة العدوية.. أن الاعتداءات علي قواتنا المسلحة في سيناء سوف تتوقف.. فور الإعلان عن عودة مرسي لسرير السلطة.. ويقول أمام رجال النيابة بعد إلقاء القبض عليه إن مبني الحرس الجمهوري ليس مؤسسة عسكرية.. وإنما هو مجرد مبني اجتماعي! ويقول صفوت حجازي من فوق المنصة إن من يرش مرسي بالماء سنرشه بالدماء!! ويقول أمام النيابة إنه لا ينتمي لجماعة الإخوان.. وأنه كان في مقدمة المعارضين لمحمد مرسي.. ولم يكن مؤيدا له في الانتخابات الرئاسية (!!) وأن اعتصام رابعة العدوية.. كان من قبيل الاعتصامات السلمية.. ولم تكن تضم جماعات إرهابية تحمل الأسلحة.. ولم تكن في غرف المسجد «مطواة» واحدة لتقشير البصل!! ووسط هذه الحالة من الارتباك العقلي.. تتردد الأنباء عن «مصالحة» وعن حوار.. وعن مفاوضات تجري في السر بين الجماعة الإرهابية.. والدولة.. ويقال في هذا الصدد أن العمليات الإرهابية التي ترتكبها عناصر الجماعة.. بتعليمات يصدرها محمد عزت من مكمنه في غزة.. تستهدف تقوية ودعم موقف الجماعة في المفاوضات الجارية بينهما في السر. ومعني الكلام أن ما نشهده هذه الأيام من أعمال بلطجة وإتلاف الممتلكات العامة وحيازة الأسلحة النارية والذخائر.. وإثارة الرعب والفزع في نفوس المواطنين ومقاومة السلطات التي بلغت ذروة النذالة والعنف في مذبحة قسم الشرطة في كر داسة التي أودت بحياة 11 من رجال الشرطة والتمثيل بجثامينهم في مشهد لا يمكن أن يمت للإسلام بأدني صلة.. كانت من أجل دعم موقف الجماعة الإرهابية في جلسات الحوار مع الدولة! ومعناه أيضا أن محاولة الاعتداء علي الشيخ علي جمعة داخل إحدي قاعات دار العلوم بجامعة القاهرة.. كانت تسعي للهدف نفسه.. بعد أن تجاوز العشرات من طلبة دار العلوم.. حدود العقل والمنطق.. وصرخوا داخل القاعة الجامعية بالهتافات التي تحمل الألفاظ النابية توجه لواحد من رموز الإسلام.. رافعين الأحذية في وجهه.. وانهالوا عليه بالسباب. والسخيف في الموضوع أن هذه الكلمات النابية لم تنطلق في إحدي حانات الخلاعة.. التي تلعب فيها الكئوس بالرءوس.. وتتعثر فيها الأقدام بفضلات الشهوات وإنما في واحدة من قاعات العلم.. بجامعة القاهرة.. التي يتخرج فيها أربات التخصص في الدين الإسلامي.. والذين سيقومون بالتدريس.. لأجيالنا القادمة أصول الأخذ بالمعروف والنهي عن المنكر. ومشاهد مؤسفة.. تطاردنا علي مدار الساعة.. تعكس الثقافة المتدنية لجماعة الإخوان الإرهابية.. وسوء التربية في المنازل.. ولم نسمع أن بشر ودراج قد أعلنا براءة الجماعة منها.. علي نحو ما جري في السعي للقاء الأستاذ هيكل.. بعد العمل الإجرامي بإحراق مكتبته في برقاش. علي أي حال أن كل ما نشهده هذه الأيام من أعمال عنف.. وتطاول علي القمم والرموز.. تعود كلها لسبب واحد.. هو الحقد علي المجتمع وإشاعة الكراهية بين الناس.. ولن تجدي معها محاولات الفضفضة والهراء.. لأننا أمام جماعة فقدت صوابها.. وضلت الطريق نحو محاسن الأخلاق ولن تجدي معها مليون زيارة.. لعيادة هيكل للأمراض النفسية!