خيمت ظلال الأزمة السورية وتداعيات العدوان الأمريكي المحتمل علي المشهد السياسي الداخلي في بلغاريا ،بل زادته انقساما عما هو عليه .ظهر ذلك جليا في مواقف التحالف الحكومي للاشتراكيين ،برفضه القرار الأمريكي بتوجيه ضربات عسكرية لدمشق ،ودعوة الاشتراكيين البلغار للحل السياسي ضمن اطارالمؤتمر الدولي "جينيف 2 " مع التأكيد علي حياد صوفيا وعدم تورطها في تحالف للراغبين المساندين لواشنطن ضد دمشق . وظهر ذلك أكثر في مواقف كل من وزير الخارجية "كريستيان فيجينيين " باجتماعات وزراء خارجية دول الاتحاد الأوربي ووزير الدفاع أنجل نايدينوف " باجتماعات وزراء الدفاع للاتحاد في فيلينوس بليتوانيا يومي الجمعة والسبت الماضيين ضد صقور أوربا بزعامة – الاشتراكي الفرنسي أولاند – ،حيث أكدا ضرورة احترام القانون الدولي والمظلة الشرعية الدولية للأمم المتحدة مع تفضيل الحل السياسي وتفنيد كوارث وتداعيات حل عسكري علي جميع دول المنطقة العربية .. وكانت المفاجأة انضمام نائبة رئيس جمهورية بلغاريا "مارجريتا بوبوفا للرافضين للحل العسكري مع دعوتها للانتظار لنتائج تفتيش المراقبين الدوليين لحادثة الكيماوي والزعم بارتكاب دمشق لها وعلي العكس من ذلك اصطف رئيس بلغاريا اليميني بدون تحفظ"روسن بلافنلاييف " لتأييد موقف أوباما وضروة معاقبة" الأسد " ،ضمن حملة اليمين البلغاري الذي يقوده المحافظون بحزب "مواطنين من أجل التطوير الأوربي ،عبر توزيع لأدوار علي الايقاعات الأمريكية !!. الا أن الموقف الشعبي كان سباقا عبر استطلاعات للرأي العام، رفضت أكثر من نسبة 72 % من المواطنين البلغار تدخل عسكري أمريكي وأيده فقط نسبة 12 % ،بل تنوعت المعالجات الاعلامية ما بين مؤيدين ومعارضين بكتابات شتي ،لكن معظمها انصب علي تبعات وتداعيات التدخل العسكري بانضمام تركيا الجارة الحدودية الغربية لبلغاريا وامتداد رقعة الصراع العسكري بعمق الأراضي البلغارية ،كذلك لازدياد تدفق أعداد اللاجئين السوريين والمخاطر الأمنية لتسلل الجهاديين والأصوليين والتأثير علي وضع الأقلية المسلمة البلغارية من أصول عرقية تركية (الاحتلال العثماني لبلغاريا 5 قرون ) والمقيمة علي الشريط الحدودي مع تركيا وكذلك البوماق المسلمين البلغاربالمحافظات البلغارية الأخري … يأتي ذلك ضمن مسلسل مظاهرات يومية مستمرة مؤيدة ومعارضة بتنظيم من التيارات اليمينية – المدعمة سرا من واشنطن وعواصم غربية كباريس عبر سفرائها – منذ 85 يوما عقب تشكيل حكومة الاشتراكيين .فالهدف واضح في العمل علي اسقاط الحكومة وعودة حكم المحافظين التابع ،ومثار الدهشة تكمن في أخر نتائج استطلاعات الرأي العام في زيادة شعبية الحزب الاشتراكي الي نسبة 18,4 % مقابل تقلص وانحسار المحافظين بحزب "مواطنين من أجل التطوير الأوربي " التي أسقطت حكومته في فبراير العام الجاري علي إثر انتفاضات شعبية ساخطة علي تردي الأوضاع الاقتصادية وسياسات الافقار لنسبة 14 % من المواطنين. المحافظون يقاومون التغيير أفرزت نتائج الانتخابات البرلمانية المبكرة بشهر مايو الماضي للعام الجاري وضعا استثنائيا ،حيث لم يستطع المحافظون وحزبهم الحصول علي أغلبية مطلقة تمكنهم من تحقيق حلمهم بالعودة للسلطة !! الا أنهم فازوا بأعلي الأصوات وتحقيق مكانة الكتلة البرلمانية الأولي بعدد 97 نائبا من اجمالي تعداد نواب البرلمان 240 نائبا، في ظل حصول اليسار الاشتراكي علي المكانة الثانية بتعداد 83 نائباً ،يليهم نواب حزب حركة الحقوق والحريات- المعبر عن الأقلية التركية – 38 نائبا، ثم حزب الهجوم القومي 23 نائبا. وازاء رفض المحافظين تشكيل الحكومة لعدم تعاون أي من الكتل بل رفضهم ،لم يكن أمامهم سوي الاعلان عن ضرورة انتخابات مبكرة جديدة لصد وازاحة الاشتراكيين الذين وفق ماتقتضيه القواعد الدستورية قاموا بتشكيل الحكومة علي قاعدة تحالف من باقي الكتل برئاسة رئيس الوزراء الليبرالي "بلامن أوريشاريسكي " وحضور طاغ للكوادر الاشتراكية بمعظم الوزارات المهمة.