عندما ألّف علي عبد الرزاق ((1888-1966 ) " الإسلام وأصول الحكم " أحدث الكتاب دويا باعتباره من الكتب الجريئة التي تضع لأول مرة تصوراً لقيام دولة مدنية حديثة في بلدان الشرق دون أن يتعارض هذا مع الدين في رأي المؤلف. وبمجرد نشر هذا الكتاب ثارت عليه القوي المحافظة في المؤسسة الدينية بسبب ان المؤلف في رأيهم أراد الفصل بين الإسلام والسياسة، و تمت محاكمته وهو في الثلاثين من عمره في سنة 1925م. وجُرد أيضاً من شهادته الأزهرية.. ومن ضمن ما قاله في كتابه : " أن الإسلام دين ورسالة روحية، لا دولة فيه ولا سياسة، وأن الخلافة الإسلامية كالكهانة الغربية؛ كانت استبدادًا وطغيانًا باسم الدين» ويضيف قائلاً : " لا شيء في الدين يمنع المسلمين أن يسابقوا الأمم الأخري في علوم الاجتماع والسياسة كلها، وأن يهدموا ذلك النظام العتيق الذي ذلوا به واستكانوا إليه، وأن يبنوا قواعد ملكهم ونظام حكومتهم علي أحدث ما أنتجت العقول البشرية، وأمتن ما دلت تجارب الأمم علي أنه خير أصول الحكم".. ورداً علي الحملة الشديدة التي أثيرت حول كتاب علي عبد الرازق ، كتب عباس محمود العقاد مقالا في صحيفة "البلاغ" بعنوان "روح الاستبداد في القوانين والآراء" جاء فيه: " نخشي أن تكون الروح الاستبدادية قد سرت إلي بعض جوانب الرأي العام فنسينا ما يجب لحرية الفكر من الحرمة وما ينبغي للباحثين من الحقوق.. عمل علي عبد الرازق بالمحاماة، ثم انتخب عضوا في مجلس النواب، ثم عضوا في مجلس الشيوخ، ثم اختير وزيرا للأوقاف. حاضر طلبة الدكتوراة في جامعة القاهرة عشرين عاما في مصادر الفقه الإسلامي.