الإعلام بمختلف اتجاهاته هو مرآة أي مجتمع حيث يعكس أوضاعه السياسية والاقتصادية والاجتماعية ولذلك فلابد أن تتاح له الحرية ليقوم بدوره ويؤدي رسالته في المجتمع، أوضاع متشابكة وعلاقات متداخلة في قطاع غزة والانقسام بينها وبين الضفة عنها وعن الإعلام الفلسطيني. كان هذا الحوار مع المخرجة الفلسطينية «نجاح عوض الله» التي قامت بزيارة سريعة للقاهرة حيث تعد فيلما تسجيليا عن المناضلة الفلسطينية «صهباء البربري» التي تعلمت في مصر ودخلت السجن مع الشيوعيات المصريات من 59 - 64 ولها في مصر صداقات وذكريات. وصفت «نجاح» الأوضاع الفلسطينية بأنها متشابكة ومعقدة وتسير في اتجاهين، اتجاه العلاقة بالاحتلال واتجاه آخر مرتبط بحالة الانقسام الموجود في الشارع الفلسطيني بين الضفة وقطاع غزة والذي يدفع ثمنه المواطن الفلسطيني اقتصاديا وسياسيا، فهو يعيش حالة من البطالة والإحباط الذي عطل كل حياته وتسبب ذلك فيما يسمي ب«الهجرة غير المعلنة» فبدلا من الدعوة لعودة اللاجئين يهاجر الفلسطينيون خارج بلادهم. وقالت «نجاح» نحن لا نحتاج إلي إعانات غذائية فلدينا منها ما يضاهي الدول العربية وإنما نحتاج إلي فتح المعابر لدخول البضائع الأساسية كالأسمنت والحديد وغيرهما من الأساسيات لتعود الأوضاع لما كانت عليه. وعن وصول الصورة عن الأوضاع بشكل مغلوط ومنقوص تقول «نجاح» إن الشعب الفلسطيني مثل باقي الشعوب فيه مختلف الطبقات ففيه الطبقة الغنية والمتوسطة والفقيرة ولكن ما يتم تداوله في الإعلام هو أن الشعب الفلسطيني فقير ومعدم فقط. الوضع السياسي وعن الوضع السياسي في غزة تري نجاح أهمية تسهيل الحركة للشعب بين الضفة وغزة وبينهما وبين الدول العربية، وقد عانت هي نفسها في الوصول إلي مصر وتكاد الحركة تكون معدومة مما يؤثر علي التواصل، والنسيج الاجتماعي الفلسطيني الذي يتعرض للدمار فتأمل في عودة الوحدة بين القطاع والضفة حتي ينجح الشعب الفلسطيني في تحقق كل المشاريع الطموح التي يأمل فيها. وتطرقت المخرجة إلي المصالحة بين فتح وحماس والتي تري فيها أن كل طرف يحاول تحميل مسئولية الفشل علي الآخر والشارع الفلسطيني ينتظر المجهول والوهم الذي لن يتحقق طالما هناك أطراف تصب المياه في طاحونة عدم المصالحة، لأن الشقاق في مصلحتهم خاصة في ظل تدهور العلاقات العربية الفلسطينية، فكل دولة مشغولة في قضاياها فقط وفي الفترة الأخيرة تزايد ما يسمي ب «المد الديني» حيث توجد اتجاهات متطرفة تسعي إلي الحكم باسم الدين وتربطه بالسياسة والأحزاب وهناك ما أسميه «القمع الديني» من خلال الترويج داخل المساجد للتعصب والأفكار الظلامية والتحريض ضد فئات معنية تاركين بذلك القضية الأساسية فمن الأجدي أن يتمحور الخطاب الديني حول التسامح وليس التكفير فقد وصل بنا التكفير لدرجة القتل. الإعلام الفلسطيني وإذا كان هذا هو وضع الشعب الفلسطيني وأفراده فمعاناة الإعلاميين هي أضعاف أضعاف ذلك، ذكرت الإعلامية «نجاح عوض الله» خاصة الإعلام في الضفة حيث إن الرأي والرأي الآخر شبه معدوم وفي قطاع غزة تتفاقم الحالة أكثر فإسرائيل تقوم بمنع كل وسائل الإعلام من العمل بالإضافة إلي «حماس» التي تمنع دخول الصحف إلي القطاع حتي تم إغلاق المؤسسات الإعلامية تقريبا في فلسطين خاصة بعد انقلاب حماس كما يتعرض التليفزيون للتعطل بين الحين والآخر لأنه في غير صالح السلطة!. ويأتي هذا الوضع الإعلامي في فلسطين في ظل القصور الذي انتاب الإعلام العربي بصفة عامة كما تري «نجاح» فرغم هذا الكم من الفضائيات فإنها بعيدة عن تسليط الأضواء علي القضية الفلسطينية التي جري تغييبها في وسائل الإعلام العربية فالعالم كله في واد والإعلام في واد آخر وما يحدث مجرد تغطية لأمور سطحية لا تشبع احتياجات المشاهد العربي ولا تترك لديه أثرا ويرجع ذلك لأن بعض القائمين علي الإعلام ليس لديهم الوعي الكافي بقضايانا العربية وبسبب السياسة التي تنتهجها هذه القنوات.