في مؤتمر «العائد الاقتصادي والاجتماعي للتعليم الخاص في مصر» انتقادات حادة للسياسات التعليمية في مصر، فبدلا من أن يستخدم النظام السياسي النظام التعليمي كأداة لإحداث تغيير اجتماعي يفتح أبواب الحراك الاجتماعي أمام أبناء الطبقات المحدودة الدخل، ويسهم في تحقيق قدر من الوحدة الوطنية، فإنه تخلي تدريجيا عن هذه الرؤية النبيلة وترك المؤسسة الجامعية لكي تعكس مدي الانقسام الطبقي في المجتمع.. كان هذا أحد محاور المؤتمر الذي عقده شركاء التنمية للبحوث والاستشارات والتدريب تحت عنوان «العائد الاقتصادي والاجتماعي للتعليم الخاص في مصر».. انتقد المشاركون غياب رؤية حقيقية لتحسين جودة التعليم في مصر مؤكدين حدوث انفجار في نظام التعليم العالي منذ السبعينيات، وهناك مسارات تعليمية عديدة منها الجامعات الحكومية ونظام الانتساب الموجه والبرامج الخاصة والجامعات الأجنبية التي تنوعت في مصر. ووصف د. كمال مغيث - خبير بالمركز القومي للبحوث التربوية - الجامعات الخاصة بأنها مشروع تجاري بحت لا يهدف إلي رفع المستوي التعليمي أو حتي بناء كادر علمي خاص بها، بل إنها تستعين بأساتذة الجامعات الحكومية ولم تساهم هذه الجامعات في جودة التعليم وفتحت الباب علي مصراعيه لطلاب مستواهم العلمي ضعيف.. وأكد «د. كمال مغيث» أن عائلات طلبة الجامعات في مصر ليست بالضرورة عائلات ميسورة الحال إلا أن قسما كبيرا منها يضحي حتي يوفر لأبنائه فرصة التعليم من أجل الحصول علي شهادة أملا في الخروج من الطبقة محدود الدخل وهذا أفرغ العملية التعليمية من مضمونها.. وأوضح «د. حسن البيلاوي» - أستاذ بكلية التربية جامعة حلوان - أن إصلاح العملية التعليمية يجب أن يبدأ من القمة، أي الاهتمام بهيئة التدريس وتحسين أجورهم والاهتمام بتدريبهم وإرسالهم في بعثات إلي الخارج.. أما د. مصطفي كامل السيد - أستاذ بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية - فانتقد التيار الذي يدافع عن التنوع في التعليم الجامعي علي أنه تيار عالمي يتيح للطلاب نظاما أوسع في الاختيار مؤكدا أن فرصة الاختيار مقصورة علي أعداد محدودة من الطلاب لأن الاختيار مشروط بتوافر القدرة المادية التي لا يملكها معظم المصريين.. وأكد أن النخبة الحاكمة في مصر قبلت ورحبت بأن يكون التعليم الجامعي مرآة للانقسام في المجتمع فأبناء الطبقات محدودة الدخل يتوجهون إلي التعليم الجامعي العام خاصة الكليات النظرية، أما أبناء الطبقات ميسورة الحال فإنهم يتوجهون إلي الجامعات الخاصة أو الجامعات الأجنبية أو البرامج الخاصة بالكليات العامة.. وحذر من خطورة هذا الوضع علي التعليم أولا لتأثيره الضار علي الوحدة الوطنية والاستقرار الاجتماعي في مصر مشيرا إلي أن معظم من انخرطوا في أعمال الاحتجاج الجماعي والعنف السياسي المقاوم هم من المحبطين من نظام التعليم والعاطلين من المتعلمين.. وانتقد المشاركون روشتة البنك الدولي التي وضعها لتحسين جودة التعليم في مصر مؤكدين أنها تقوم علي إلغاء التعليم المجاني وتشجيع الجامعات الخاصة وتخفيض الإنفاق الحكومي علي التعليم، وحذروا من خطورة تطبيق هذه التوصيات التي تحول التعليم إلي مصدر للكسب.. وأشاروا إلي أن التعليم في مصر حقق طفرة كبيرة ونموا ملحوظا في عدد الطلبة الملتحقين بمراحل التعليم المختلفة حيث وصل عدد الطلبة في الجامعات الحكومية إلي 176 ألف طالب وطالبة مؤكدين أن انسحاب الدولة من دورها في تمويل العملية التعليمية بدأ عندما سمحت بإنشاء الجامعات الخاصة، حيث بلغ عدد الطلاب الذين يتحملون تكلفة تعليمهم حتي الآن حوالي 8.47% من إجمالي عدد الطلاب في الجامعات في حين أن الدستور المصري ينص علي أن التعليم مجاني في مراحله المختلفة، كما أن الجامعات الخاصة لا تلتزم ببنود القانون رقم 101 لسنة 92 الذي وضع ضمانات تحول دون تحول هذه الجامعات إلي مشروع تجاري إلا أن بنود القانون معطلة ولن تنفذ.. وفي ختام جلسات المؤتمر أوصي المشاركون بضرورة أن تركز الحكومة جهودها علي رفع مستوي التعليم الجامعي في مؤسسات التعليم المملوكة للدولة والمتاحة لأغلبية الشباب خريجي المدارس الثانوية، فضلا عن ضرورة تحديد دور للقطاع الخاص في تطوير المنظومة التعليمية ليس كبديل ولكن كشريك.