ثم جاءته المذكرة تجديد حالة الطوارئ هو تصريح بتجديد ثلاثة التعذيب والتزوير والفساد وأصبح الناس يخشون ثلاثة العفاريت والكمائن والأقسام... وأكثر من ثلاثين فرداً حضروا إلي في منتصف الليل من البلد واحتلوا منزلي وقالوا إنهم جاءوا لمواساتي عندما سمعوا أنني أنوي بعيداً عن السامعين عمل "مذكرة" في قسم الشرطة لضياع بطاقتي قالت أمي (يا ريتني بدالك يا ابني) وراحت تبكي... طمأنتهم وقلت أنني عملت "مذكرة" من قبل وخرجت في اليوم التالي ولم يحدث شيء وكشفت لهم عن بطني وقلت: (حتي الجرح مش باين) راحوا ينظرون في بطني غير مصدقين وتحسس عمي الجرح الغائر وقال: (دي مش مذكرة يا كذاب ده أثر محضر إنت عاملها فين؟) قلت (عند واحد صول) فقال (مش منضف لك الجرح كويس) ثم إلتفت إلي أمي وقال لها (عوضك علي الله أبوه كان كده مات في مذكرة باين عليها وراثة) فحاولت إفهامه وسألته (حضرتك عملت مذكرة قبل كدة؟) فقال (لأ بس كنت مع واحد عمل مذكرة وشوفته بعيد عنك وهوه بيعملها بس ده مات في إيد الصول) فانتحيت بأمي جانباً لإفهامها وقلت لها أن المذكرة شيء عادي وعبارة عن ورقة مكتوبة فلم تقتنع وقالت (عارفاها الورقة دي مش هيه بتاعة شباك الوراثة اللي عيالك هيصرفوا بيها معاشك) وأستمرت في البكاء ثم توقفت فجأة وسألتني (إنت شايل فلوسك وحاجتك فين علشان مراتك ما تاخدهاش وتروح تتجوز بعد المذكرة) وراحت تتحدث عن الدفن وقالت لعمي (إحنا ننزله في التربه علي أبوه) فصرخت في وجوههم وأغضبني غباؤهم وكسرت كوباً موضوعاً أمامي فقام رجل معمم اكتشفت أنه شيخ أحضروه معهم وقال: (اتركوه إنها سكرات الموت) ثم راح يعظني ويقول: (الإنسان غائب عن الوعي يظل يلهو ويعبث حتي إذا جاءته "المذكرة" أفاق وعرف أن أجله قريب فتاب وأناب قل إنك مؤمن بمبادئ الحزب ثلاث مرات هيا واقرأ جزءاً من البرنامج) ثم نصحني أن أكتب وصيتي وأهبه فيها مالي... وقال (يصول الإنسان ويجول وينسي إنه يوماً سوف يحضر إليه مخبران يأخذانه)... كانوا قد أحضروا معهم صاحب محل الفراشة فطلبت منه أن ينصرف لكنه قال لي (إن شاء الله بعد الأربعين).