بعد مرور أكثر من سبع سنوات علي غزو العراق وما تبعه من برامج إعادة إعمار وتأهيل البنية الأساسية وحتي عملية تدريب الكوادر البشرية يدور الصراع بين الدول الغربية علي الدخول إلي السوق العراقية في ظل الحاجة الشديدة إلي جميع السلع والخدمات وهو ما فرض علي بعض دول الجوار اتخاذ إجراءات للدخول إلي هذا السوق. في الوقت الذي تتصارع فيه الاقتصادات الكبري علي المساهمة في عملية إعادة تطوير حقول النفط العراقية والمشاركة في المناقصات الجديدة لاكتشاف واستخراج البترول.. إلا أن هناك دولا عربية وربما لا تملك القدرات المالية للمساهمة في تلك المشروعات وجدت أنه من الأفضل الدخول في مشروعات الاستيراد والتصدير للاستفادة من هذا السوق الذي تتوقع له الأوساط الاقتصادية، أن يكون سوقا واعدة في حالة عودة الأمن والاستقرار إلي العراق. وسارعت العديد من الوزارات التي تتميز بالطابع الخدمي مثل التجارة والأخري التي تتمتع بالجانبين الاقتصادي والاستثماري مثل البترول والاستثمار بالدخول إلي الأسواق العراقية منذ فترة طويلة.. إلا أن المشكلة الأساسية في ظل الأوضاع الأمنية والحدودية مع دول الجوار فرضت علي مصر ضرورة البحث عن «طرف ثالث ضروري» لتسهيل الخدمات اللوجيستية عند التصدير إلي الأسواق العراقية. لذلك لم يكن غريبا أن يسارع المسئولون في كل من مصر والأردن لعقد اجتماعات مكثفة لوضع آليات من شأنها إنشاء مراكز تخزين لوجيستية في مصر والأردن وبالتحديد في منطقة ميناء العقبة كمراكز تخزين للمواد الخام المصنعة والنصف مصنعة. كما اتفق الجانبان علي ضرورة اعتماد شهادات المطابقة وتوحيد الرسوم والبدلات الضريبية، والسؤال الآن إذا كانت الدولتان قد اتفقتا علي هذه الإجراءات.. فلماذا لم يتم دعوة الطرف الثالث وهو العراق؟ وفي هذا الصدد قال رشيد محمد رشيد وزير الصناعة والتجارة إن الاجتماعات التي حدثت علي مدار يومين بين وزراء الصناعة والتجارة والنقل في الأردن ومصر تهدف أساسا إلي زيادة كفاءة النقل بين الدولتين وتنفيذ الاستراتيجية القومية لمضاعفة الصادرات المصرية إلي 200 مليار جنيه خلال الثلاث سنوات القادمة. وسبق أن تحدثنا مع العراق طويلا حول تصدير ما يحتاجه السوق العراقي من سلع وخدمات، لكن هناك مهلة تقدر بشهر تقريبا يقوم فيها الجانبان المصري والأردني بإنهاء كل الإجرادات وفي هذه الحالة ستتم دعوة الطرف الثالث وهو العراق لرفع مستوي التبادل التجاري والاستثماري وكيفية التعامل مع السوق العراقية في الفترة المقبلة وإزالة كل الرسوم وتخفيفها. وقال رشيد إن الاتفاق يقوم علي نفاذ السلع والركاب من مصر إلي الأردن وحتي أسواق دول مجلس التعاون الخليجي وسوريا من خلال الأراضي الأردنية وفي المقابل تسهيل مهمة وصول الصادرات الأردنية إلي مصر وشمال أفريقيا. وفي السياق نفسه كما قال رشيد في حال تنفيذ ذلك سيكون من السهل الدخول إلي السوق العراقية عبر المنافذ الأردنية. لكن في المقابل اعتبر علاء البطاينة وزير النقل الأردني أن طبيعة المنطقة تفرض علي مصر والأردن التعاون في مجال خدمات النقل وإنشاء المناطق التخزينية، لذلك كان هناك اتفاق علي ضرورة تحرير النقل البري وتوحيد الرسوم والبدلات وحتي الضرائب المفروضة علي الشاحنات التي تعمل بين البلدين مع مد فترة بقاء تلك الشاحنات في أي من الدولتين لمدة 21 يوما بدون رسوم، فهل تعلمون أن هناك حركة عبور لأكثر من 80 ألف شاحنة سنويا، و3.1 مليون مواطن بين مينائي العقبة ونويبع، هذا بخلاف وجود أكثر من نصف مليون مواطن مصري يعملون في الأردن. وأكد المهندس عامر الحديدي وزير التجارة والصناع الأردني أن الأردن هي بوابة مصر إلي دول مجلس التعاون الخليجي وسوريا وحتي الأردن. وبالتالي هناك إمكانية لمنح أسعار تفضيلية لبدلات التخزين للبضائع المصرية نصف المصنعة ومدخلات الإنتاج. مع دعوة اللجنة المشكلة للاتحاد الجمركي الثنائي بين البلدين للانتهاء من أعمالها خلال الموعد المقرر 2013 وتقديم تقرير كل ثلاثة أشهر من الآن. وتشير التقارير إلي أن حجم التبادل التجاري بين مصر والأردن يصل إلي 984 مليون دولار منها 860 مليون دولار صادرات مصرية إلي السوق الأردني، مقابل 88 مليون دولار للسوق المصري، وفي حال نجاح هذه الإجراءات فإن ذلك يعني إمكانية نفاذ الصادرات المصرية إلي السوق العراقي المجاور للسوق الأردني، مثل الطاقة الكهربائية والأسلاك النحاسية والسيراميك والأرز والسلع الزراعية والأسمدة والأدوية وغيرهما. هذا بخلاف 295 مليون دولار استثمارات مصرية في عدد من الشركات الأردنية. والسؤال هل تنجح مصر والأردن في النفاذ إلي السوق العراقي المتعطش للسلع والخدمات؟!.