"القومي للمرأة" يشارك في احتفال اليوبيل الماسي للهيئة القبطية الإنجيلية    وزير قطاع الأعمال: مصر تمتلك مقومات الريادة في إنتاج الهيدروجين الأخضر    المشاط: الحكومات وحدها لا تستطيع مواجهة المتغيرات الاقتصادية العالمية والقطاع الخاص شريك رئيسي    محافظ أسيوط يستقبل الرحلة الجوية المنتظمة بين القاهرة وأسيوط دعما لمنظومة النقل والتنمية بالصعيد    استشهاد ثلاثة فلسطينيين برصاص الاحتلال بالضفة الغربية    عشرات شاحنات المساعدات تغادر رفح البري متجهة إلى غزة عبر كرم أبو سالم    مقتل ثلاثة أشخاص في جامايكا أثناء الاستعدادات لوصول إعصار ميليسا    جراجات مجانية لأعضاء النادي في انتخابات الأهلي    ضبط شخص يبيع مشروبات كحولية مغشوشة في الإسكندرية    محافظ أسوان: افتتاح المتحف المصري الكبير فخر لمصر والعالم وتجسيد لرؤية الجمهورية الجديدة    رئيس جامعة سوهاج يعلن تكليف 1113 أخصائي تمريض لدعم المستشفيات الجامعية    خطة النواب: اتفاقية دعم الاقتصاد مع الاتحاد الأوروبى تتميز بشروط ميسّرة    كوريا الشمالية تبحث مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين سبل تعزيز العلاقات الثنائية    رفع 500 إشغال ومراجعة تراخيص المحال التجارية خلال حملة تفتيشية بأسوان    ميسي: سأقيم نفسي قبل اتخاذ قرار المشاركة في كأس العالم    موعد مباراة نابولي وليتشي في الدوري الإيطالي    موعد صرف مرتبات نوفمبر 2025 للموظفين بعد بيان وزارة المالية الأخير (تفاصيل)    3 وزارات تناقش تأثير تغير المناخ على الأمن الغذائي في مصر    ذكرى رحيل عميد الأدب العربى طه حسين    الشبكة هدية أم مهر؟.. حكم النقض ينهى سنوات من النزاع بين الخطاب    باستثمارات تتجاوز 100 مليار جنيه.. Imarrae تعلن عن انطلاقتها الجديدة في السوق العقاري المصري بمشروعات سكنية في القاهرة الجديدة و الشيخ زايد    جامعة القناة السويس تنظم قافلة شاملة بقرية أم عزام بمركز القصاصين    دراسة: زيارة المعارض الفنية تُحسن الصحة النفسية    ب«الشيكولاتة والعسل والتوت».. طريقة عمل ال«بان كيك» أمريكي خطوة بخطوة    غيران ولا عادي.. 5 أبراج الأكثر غيرة على الإطلاق و«الدلو» بيهرب    صحيفة إسبانية: الملك فيليبى يشارك فى افتتاح المتحف المصرى الكبير    اتصال هاتفي بين وزير الخارجية ومستشار الرئيس الأمريكي لبحث تطورات الأوضاع في السودان وليبيا    فلكيًا.. موعد بداية شهر رمضان 2026 ومكانته العظيمة في الإسلام    ضبط صانعة محتوى بتهمة نشر مقاطع رقص ب«ملابس خادشة» في الإسكندرية    قرارات حاسمة من محافظ القاهرة| غلق فوري لمحال بيع الأسكوتر الكهربائي ومنع سير التوكتوك    جدلية الفرص والطبقات في مدارسنا وجامعاتنا    تامر عبدالحميد: "حسين لبيب تقدم باستقالته من رئاسة الزمالك"    ضبط 3 أطنان دقيق في حملات مكثفة لمواجهة التلاعب بأسعار الخبز الحر والمدعم    «بسبب فاترينة سجائر».. «أمن القليوبية» يكشف ملابسات مشاجرة بين طرفين في شبرا الخيمة    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 28-10-2025 في محافظة الأقصر    «بلغهم بالتليفون».. شوبير يكشف تفاصيل صادمة في أزمة إيقاف «دونجا» ودور عامر حسين    شيخ الأزهر للرئيس الإيطالي: ننتظر إعلان إيطاليا الاعتراف بدولة فلسطين    ب25 مليون جنيه.. «الداخلية» توجه ضربات أمنية ل«مافيا الاتجار بالدولار» في المحافظات    ضبط (100) ألف مخالفة مرورية متنوعة خلال 24 ساعة    الصين تحقق مع نائب برلماني تايواني للاشتباه في قيامه بالدعوة للانفصال    وزير الداخلية التركي: لا خسائر بشرية جراء زلزال باليكسير    تأكد غياب رباعي الأهلي عن السوبر.. وموقف إمام عاشور (تفاصيل)    14 شاشة لمشاهدة احتفالات افتتاح المتحف المصري الكبير بأسوان    رابط حجز تذاكر دخول المتحف المصري الكبير    ميسي يكشف عن موقفه من المشاركة في كأس العالم 2026    نزلات البرد وأصحاب المناعة الضعيفة.. كيف تتعامل مع الفيروسات الموسمية دون مضاعفات؟    الباعة الجائلون بعد افتتاح سوق العتبة: "مكناش نحلم بحاجة زي كده"    طارق قنديل: ميزانية الأهلي تعبر عن قوة المؤسسة.. وسيتم إنشاء فرعين خارج القاهرة    وزارة الصحة تكشف خطتها للتأمين الطبي لافتتاح المتحف المصري الكبير    تعرف على مواقيت الصلوات الخمس اليوم الثلاثاء 28 أكتوبر 2025 بمحافظة السويس    القضاء الإداري: فتح حساب خاص بالدعاية الانتخابية لمرشح النواب شرط جوهري    استقرار اسعار الفاكهه اليوم الثلاثاء 28اكتوبر 2025 فى المنيا    لترسيخ الانتماء الوطني.. انطلاق مبادرة «تاريخ بلادنا في عيون ولادنا» بالأقصر    خالد الجندي: في الطلاق رأيان.. اختر ما يريحك وما ضيّق الله على أحد    بعد حلقة الحاجة نبيلة.. الملحن محمد يحيى لعمرو أديب: هو أنا ضباب! أطالب بحقي الأدبي    جاهزون.. متحدث مجلس الوزراء: أنهينا جميع الاستعدادت لافتتاح المتحف الكبير    في طريقه إلى «الطب الشرعي».. وصول جثة أسير جديد ل إسرائيل (تفاصيل)    اعرف وقت الأذان.. مواقيت الصلاة اليوم الإثنين 27 أكتوبر 2025 فى المنيا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لليسار در بقلم:حسين عبدالرازق
نشر في الأهالي يوم 16 - 06 - 2010


تفكك الدولة وانهيارها
المشهد العام في مصر لأبد أن يشعرنا بالخوف والقلق. فالدولة المصرية العريقة قد تفككت، وهي في طريقها للانهيار إن لم تكن قد انهارت بالفعل.
فالمحامون والقضاة طرفا العدالة في حرب ضروس، وصدام ومواجهة يتم فيها تجاهل القانون (!) وإخضاعه للأهواء. ففي إثر مشادة يمكن حدوثها بين أي محام وأي وكيل نيابة، اعتدي الحرس الموجود علي باب وكيل النيابة بالضرب علي المحاميين محمد إبراهيم ساعي الدين ومصطفي أحمد فتوح وقيل إن وكيل النيابة صفع احدهما علي وجهه وأن المحامي تمكن من رد الصفعة وتطور الموقف عقب إصدار النائب العام قرارا بحبس المحاميين وتقديمهما لمحكمة عاجلة حكمت علي كل منهما بالسجن مع الشغل لمدة خمس سنوات. فتم اقتحام مكتب المحامي العام لنيابات شرق طنطا واحتجازه مع رئيسين للنيابة كانا في اجتماع معه، وتظاهر آلاف المحامين امام مجمع محاكم مدينة طنطا، وآلاف آخرين امام نقابة المحامين في القاهرة، ودعا نقيب المحامين حمدي خليفة المحامين للاضراب عن العمل وقرر مجلس نقابة المحامين مقاطعة جميع المحاكم والنيابات علي مستوي الجمهورية. ورد نادي القضاة بعنف علي ماحدث وعلي الانتقادات العنيفة والحادة التي وجهها جموع المحامين ونقيبهم للقضاة، وقال في بيان له إن ما آلت إليه الاحداث الاخيرة من تصاعد قصد به استدراج القضاة إلي مواجهة قد يري من نسج خيوطها أنها تحقق له مكانة غلب عليها سوء القصد وانحسر عنها نبل الغاية في محاولة مشبوهة إلي تجاوز الخصومة الجنائية إلي غير اطرافها».
وفي نفس التوقيت وقعت مواجهة بين القضاء والكنيسة القبطية فالمحكمة الإدارية العليا أصدرت حكما نهائيا يلزم الكنيسة بالموافقة علي الزواج الثاني للمطلقين من الاقباط، وهو ما رفضته الكنيسة واعتبرته تدخلا في العقيدة، وأعلن البابا شنودة أن «المجمع المقدس يرفض الحكم.. فكيف تلتزم الكنيسة بشيء ضد ضميرها واعتقادها»؟
وعبر عديد من الاقباط عن تأييدهم لموقف البابا مؤكدين ان البابا ليس موظفا عاما ليلزمه القضاء الاداري بأحكامه في مسألة ذات بعد ديني. وزاد الطين بلة، أن الحكم جاء في ظل احتقان طائفي نتيجة تكرار الحوادث الطائفية بين الاقباط والمسلمين والتميز ضد الاقباط من الحكومة.
وأصدرت المحكمة الادارية العليا بمجلس الدولة حكما آخر أثار ردود أفعال تمس مكانة القضاء وأحكامه.. فقضت في قضية رفعها أحد المحامين باسقاط الجنسية عن المصري الذي يتزوج من إسرائيلية. وهو حكم عدّه فقهاء وقانونيون مخالفا للدستور والقانون. فقبول المحكمة نظر القضية من شخص (محام) لا تتوفر فيه صفة المصلحة يعني قبولها لقضية «حسبة» بالمخالفة للقانون الذي منع رفع قضايا الحسبة إلا من النيابة العامة ولا يوجد قانون يحرم المصري من جنسيته نتيجة الزواج من أي امرأة أيا كانت جنسيتها، كما ان اسقاط الجنسية امر بالغ الخطورة ومحدد بدقة إلي الحد أن من يحكم عليه بالتخابر مع دولة اجنبية أو الخيانة لاتسقط عنه الجنسية.
ويبلغ تفكك الدولة وانهيارها قمته بالتزوير غير المسبوق الذي جري في انتخابات مجلس الشوري الاخير. لقد منعت السلطات الناخبين من التصويت، أصلا، وقامت الشرطة بالتصويت نيابة عن المواطنين، واكتفت في بعض الدوائر بتحرير محاضر الفرز واعلان النتيجة دون حاجة لوضع الاصوات في الصناديق وفرزها لتصم كل اعضاء مجلس الشوري الجدد بأن عضويتهم غير شرعية ومزورة حتي ولوكان أحدهم يحظي بالفعل بثقة الناخبين واصواتهم، فالاصوات التي اعطيت له والتي تجاوزت غالبا المائة الف صوت (!) هي الاصوات التي قررتها الشرطة وليس الناخبون.
ويصل الانهيار منتهاه بتجاهل الشرطة للقانون واعتدائها علي الحريات العامة وحقوق الانسان، سواء بعدم تنفيذها لأحكام القضاة بالافراج عن المعتقلين عن طريق ما يسمي بالاعتقال المتكرر، أو بممارستها للتعذيب بصورة منهجية في ظل حالة الطوارئ. لقد ارتبط التعذيب بصورته الجماعية والشاملة في مصر بإعلان حالة الطوارئ، لافرق في ذلك بين العصر الملكي والحكم الجمهوري.
فالذاكرة مازالت تعي تعذيب «الإخوان المسلمين» وقصة العسكري الاسود، اعدام 1948 و1954 و1965، وكذلك تعذيب الشيوعيين عام 1959، وسقوط اكثر من شهيد لهؤلاء وأولئك تحت التعذيب ومنهم شهدي عطية ومحمد عثمان ولويس اسحاق.. واسماعيل الفيومي ومحمد عواد.
ولكن ما نعيشه منذ اعلان الطوارئ في أكتوبر 1981 وفي ظل سلطة الرئيس مبارك طوال 29 عاما امر مغاير تماما.. فالتعذيب أصبح سياسة منهجية مستمرة للحكم القائم له رجاله وادواته ونظمه وقوانينه الخاصة. واصبح شائعا بصورة غيرمسبوقة يتعرض له المتهمون في قضايا الارهاب والمشتبه في انتمائهم أو تعاطفهم مع جماعات الاسلام السياسي، والذين يقبض عليهم في أي نشاط سياسي أو عمل جماهيري سلمي من عمال وفلاحين وطلاب، والمواطنون العاديون المتهمون في قضايا جنائية عادية، أو الذين تقودهم اقدامهم بسبب أواخر لأحد اقسام الشرطة (دون ان يكونوا ذوي حيثية في المجتمع أو لهم حماية ؟؟ أو للتعامل مع بعض ضباط وجنود الشرطة من النوعية التي تتصور نفسها فوق باقي البشر وان كلمتها هي القانون!
إن هذه الظواهر كلها وكثير غيرها تؤكد تفكك الدولة وانهيارها، وما لم تتصد كل القوي الحريصة علي هذا الوطن.. احزابا وقوي سياسة وجماعات ومنظمات حقوقية ونقابية لهذه الظاهرة الخطرة، بدءا بالتغيير الدستوري والقانوني والسياسي الديمقراطي لانهاء وجود الدولة الاستبدادية القائمة.. فالوطن يندفع إلي الكارثة ربما اسرع مما يتصور كثيرون.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.