أهداف واحدة ضد الديمقراطية ومصالح الفقراء ينزع واقع الحال الاقنعة الزائفة ليظهر الحق واضحا لمن شاء ان يري الحقيقة التي تقول إن قاده الاخوان وقادة الفلول شيء واحد .ويتضح ذلك التطابق ، وليس مجرد التشابه . مما يلي: (1) الاختباء : لجأ الحزب العسكري ، الذي بدأ بحزب الضباط الأحرار ، الي التخفي وراء واجهة تبدو مدنية هي هيئة التحرير وصولا الي الحزب الوطني الديمقراطي . كان هو القوة الفعلية وراء ساتر مدني . وجاءت جماعة الأخوان المسلمين ، التي تضفي علي نفسها رداء دينيا لتختبئ وراء واجهه تبدو مدنية هي حزب الحرية والعدالة . ان القوة الفعليه وراء هذا الساتر المدني هي مكتب ارشاد جماعه الأخوان. (2) أهل الثقة والكفاءة : ابتدع الحزب العسكري نظريه تفضيل اهل الثقه علي اهل الكفاءة وسار قادة الجماعه وحزبهم علي ذات المنوال . وحتي يبرروا اهل الثقة الخاصين بهم ، اخترعوا معايير جديده تماما، تقول إن الكفء هو من يصلي ولا يشرب . وبذلك اصبح أهل الثقة بمفهومهم الخاص، هم ذاتهم اهل الكفاءة. وتطور مفهوم الكفاءة عند الأخوان ، فأصبح الفلول ، والذي يدعي قادة الجماعة عداءهم الشديد لهم ، أكفاء لحظة تعاونهم مع الأخوان وأنصياعهم لسياساتهم . ان أهل الثقه هنا تحديدا هم اهل الولاء للنظام ، عن أقتناع به ، او بيعا لهذا الولاء تحقيقا لمنفعه ، لكنهم جميعا يقفون تحت راية (تمام ياافندم) و (السمع والطاعة). (3) دمج الحزب في الدولة: دمج الحزب العسكري نفسه وواجهته المدنية في صلب الدولة ،فارض عسكرة المجتمع المدني . وجاء الأخوان ليدمجوا جماعتهم وواجههتا في صلب الدولة ، فارضين أخونة المجتمع المدني . وبذا لابد وأن تصبح الدولة هي دولة هذا الحزب الواحد ويصبح هذا النظام بالضرورة نظاما مستبدا قاهرا . وهنا يتحقق الأنفراد بالسلطة، وهذا الانفراد ليس مسألة مزاجية أو ترفا أو رفاهية . إنه يحقق لهذه الجماعة ، عسكرية كانت أو تدعي الدفاع عن الدين ، الانفراد بخيرات هذا البلد ، وتركيز الثروة في إيدي تلك الشرائح الاجتماعية ، ولا يتبقي لباقي الشعب غير الفقر و الجوع والمرض والجهل والبطالة والعنوسة (4) التوريث: ليس حقا أن جماعة الاخوان تقف ضد مبدأ التوريث ، قد يكونون ضد جمال مبارك وريثا ، هم يرون أنفسهم الأحق به دون إن ينافسهم فيه أحد . و كذا للحزب العسكري ذات الرؤية علي أن تكون الوراثة من حق المجلس الأعلي للقوات المسلحة والتوريث هنا لا يعني إزالة نظام فاسد متهالك ، ولكن يعني عند الإثنين المتنافسين المتحالفين مجرد إزاحة رأس هذا النظام والحلول محله ، ثم الاحتيال لانهاء الثورة وتأكيد السيطرة في حالة العسكر ، والعمل علي تحقيقها في حالة قادة جماعة الأخوان و كانت قضية الأطاحة بمبارك ، بالنسبة للأخوان هي المدخل لغزو الثورة ذاتها من داخلها بإرتداء اقنعتها وركوبها وصولا الي السلطة علي حساب الثوار والشعب كله. (5) التزوير : الديمقراطية ليست ممارسة التصويت في الصناديق ، لكنها عمليه متكاملة تبدأ بالتوعية ليمتلك المواطن الواعي ارادته واختياراته، وبذلك يكون تصويته في الصندوق ديمقراطيا بحق . وقد زور الحزب العسكري الانتخابات بدءا من الخمسينيات من خلال لجنة داخل الاتحاد القومي لها منفرده حق الاعتراض علي المرشحين للهيئة البرلمانية . وبذا كان يتم الفرز والحسم والاختيار اي التزوير قبل الوصول الي الصناديق. ثم تطور الامر فيما بعد ليجري التزوير في الصناديق ذاتها تحقيقا للنتيجة المثيرة للسخرية 99،9% . وقد مارس قادة الاخوان وحلفاؤهم ذات النهج . ظهر ذلك واضحا جليا في الاستفتاء حول التعديلات الدستوريه . لقد انقض كل هذا التيار علي وعي الشعب تزيفا له بأن التصويت الذي سوف يجري انما هو تصويت علي من هم مع الاسلام ، ومن هم ضد الاسلام ، انه اختيار مابين اهل الجنة واهل النار ، اي أنهم فرضوا علي الناس ارهابا باسم الدين ، شل ارادتهم . اي انهم زيفوا الوعي وشلوا الإرادة فصوت من خضع لهم علي غير ماجري الأستفتاء حوله . وهذا تزوير حقيقي كامل الاركان جري قبل الوصول إلي الصناديق ويتكرر نفس المشهد في الانتخابات البرلمانية أو غيرها . كما اتخذ التزوير عند الطرفين صورة متماثلة في تقديم المواد التموينية والوقود والنقود إلي الناس ليس برا أو احسانا، و لاكرما أو سخاء ولكن عطاء أو دينا لابد أن يسدد ويرد أصواتا انتخابية في الصناديق. تطبيقا إنتهازيا لقاعدة ” من لايملك قوته لا يملك قراره” فزرعوا فساد الذمم والضمائر . إن التزوير من قبل الصندوق انما هو تعبير واضح عن شعور بالعجز ، وعدم القدرة علي النجاح في ظل ديمقراطية حقيقة . فلو كان هؤلاء المزورون يثقون في نجاحهم لما اقدموا علي مثل تلك الأعمال المعادية تماما للديمقراطية . (6) الفزاعة : استخدم الحزب العسكري خلال المرحلة الناصرية و الساداتية اليسار عامة و الخطر الشيوعي خاصة فزاعة يرهب بها أصحاب المصالح في الداخل و الخارج ، فزاعة خيمت بثقلها سيفا مصلتا علي رقاب كل الخصوم و المخالفين . وجاء مبارك ليستخدم اليسار أيضا ، ثم الاخوان المسلمين فزاعة يرهب بها سادة الخارج خشية أن ” يسيطر الارهابيون علي الحكم ” وترهب الأقليات الدينية و الليبراليين واليساريين ، في الداخل ، خشية ” سيطرة الحكم الديني ” . ولما كانت فزاعة الاخوان لا تؤتي أكلها مالم نثير الفزع بحق ، فقد تركها مبارك لتعمل ولتقوي إلي الحد الذي يحقق نزع الأخرين لكنه لا يتجاوز خطا احمر حدد لها حتي لا تتمادي في غيها فتثير فزع الشريحة الحاكمة . و إن حدث ذلك كان يلزم حينئذ عرك أذنها . كان قادة الجماعة فزاعة موجهة. ويجيء قادة الأخوان اليوم بفزاعة مثيلة هي الفلول و الدولة العميقة والبلطجية والطرف الثالث واللهو الخفي. (7) إرهاب الخصوم و المخالفين : فعل ذلك الحزب العسكري بتكفيرهم وطنيا بتهم العمالة و الخيانة و العداء الثورة و الوحدة الوطنية و القومية العربية . كذا بالسجن و الاعتقال والتعذيب و الاعتداء الجسدي و القتل . ويلجأ قادة الجماعة إلي فعل ذلك بتكفيرهم دينيا بتهم الكفر و الالحاد . والفسق و الزندقة وسحرة فرعون والخوارج والاعتداء الجسدي وإهدار الدم و الفتاوي . وكان لدي الحزب العسكري العديد من الأجهزة الأمنية التي تحقق أغراضه، وقد إنتقلت هذه الأجهزة إلي سيطرة الأخوان تضاف إليها ميليشيات الجماعة المعدة ليس فقط لإرهاب الخصوم و المخالفين ، ولكن للقضاء عليهم أيضا. (8) التعتيم : ليس التعتيم عملية عفوية ، أومن باب السهو و النسيان ، لكنه عند كليهما، الحزب العسكري و الجماعة ، يعود إلي التعالي و الاحساس الزائف بالتفوق هم يرون أنهم وحدهم يمتلكون ناصية الحقيقة والصواب، وليس لأحد ان يسألهم عما يفعلون هم وكيل عن هذا الشعب دون توكيل ، و صي، باعتبار الشعب قاصرا ، دون وصية . يفرضون النظام الأبوي الإقطاعي ، هو السيد والباقون تابعون ، وطبقا للنظرية الفكرية، واحد فقط يفكر ويملي وعلي البقية ان تنفذ ما فكر فيه . إنها قاعدة السمع والطاعة التعتيم منهج وسياسة غير أن الشعب لم يستسلم . فقد الثقة في النظام سواء عسكريا كان أو أخوانيا يحاول أن يكون . (9) التهرب من المسئولية وإلقاؤها علي عاتق الشعب : ألقي الحزب العسكري بكل العجز أو فشل له علي الكثافة السكانية و الانفلات السكاني والذي يرجع ، من وجهة نظره ، إلي الممارسات شعبية غير مسئولة ، تلتهم كل انجازات النظام وتجيء جماعة الأخوان لتتجاوز بعيدا الحزب العسكري ، وتنفض يدها مبكراً من أي مسئولية ،فأنقطاع الكهرباء ، سببه الاستهلاك الزائد للناس ، وعليهم الترشيد إن اختيارا أو قهرا ، والعلاج العاجل تجمع الأسرة معا في حجرة واحدة وإرتداء الملابس القطنية . ومشكلة القمامة ان الناس لا يراعون أن النظافة من الإيمان ، و عليهم وحدهم أن يجمعوا قمامتهم من المنبع إلي المصب . والعدالة الاجتماعية سوف تتحقق عندما يحب الأغنياء الفقراء. وماذا إذا لم يحبونهم ، وهذا ما يحدث منذ بدء الخليقة! والبطالة مسئولية العاطلين وعلاجها أن يبحثوا هم عن عمل وأن ينضموا إلي الجماعة يثور السؤال ، لماذا قاتل الأخوان للمجيء إلي الحكم ، وهم يضمرون التخلي عن أي مسئولية نحو الشعب ؟ 10 – السير علي طريق الثورة : قال السادات زعيم الحزب العسكري ، في مرحلته الثانية إنه يسير علي طريق ثورة يوليو 1952، يسير علي خط عبدالناصر وسخر الشعب المصري الذكي منه ، بأنه يسير بالفعل علي عبدالناصر ولكن بممحاه استيكة ليمحو كل إنجازات المرحلة الناصرية السابقة عليه . ويجيء قادة الأخوان ليزعموا إنهم يسيرون علي طريق ثورة 25 يناير ، ولكن بجرافة تمحو كل ما نادت من أهداف ليحققوا أهدافهم الخاصة. وهم بهذا يثبتون بشكل قاطع أنهم و السادات في خندق واحد. (10) التميز العنصري : والذي يتجسد في المواقع القيادية ، وقتل الأقباط أو حرق و تدمير بيوتهم وكنائسهم ، و لا محاكمات ، ولكن حلول عرقية ينعدم فيها التوازن و القانون و التي لابد و أن تجيء علي حساب الطرف الأضعف ، الذي هو الأقلية وتكو أحكام البراءة في الغالب من نصيب من إنتمي للأغلبية و الإدانة في الغالب لمن إنتمي للأقلية . تلك هي بعض من أوجه التطابق بين الحزب العسكري وجماعة الأخوان المسلمين . و يرجع ذلك التطابق إلي إنتماء كليهما ، إلي ذات الطبقة ، و هي الطبقة الحاكمة . الحزب العسكري يمثل طبقة وصلت إلي السلطة في بداية الخمسينيات و تنامت حتي بلغت ذروتها في زماننا هذا . أما الجماعة فقد كانت سابقة عليه تمثل شريحة من الطبقات القديمة ، شريحة إندمجت في الطبقة الجديدة الصاعدة ، ليشكل كلاهما اجزاء في الطبقة الحاكمة الحالية ، وهي أعلي الطبقات ثروة و ثراء . غير أن هنالك فروقا مابين الشريحتين . شريحة الحزب العسكري مرت قيادتها عبر مرحلتين كانت أولاهما المرحلة الناصرية التي حققت دون شك إنجازات و طنية و اقتصادية و اجتماعية مهمة ، معبرة عن رغبة في التغيير إلي أمام إلي المستقبل . و تجيء المرحلة الثانية زمن السادات – مبارك ، حيث تصيب تلك الشريحة التخمة و الترهل و هي تسعي للبقاء كما هي حفاظا علي ما سلبته و نهبته من الشعب ، إنها تقاتل للحفاظ علي وضعها دون سعي للتعبير إلي وراء أو إلي أمام . أما شريحة الجماعة ، فهي شريحة قادمة من الزمن الغابر ، زمن الملك فؤاد أو فاروق ، إن ذلك ليس مجدا أو أصالة ، لكنه بقاء من زمن الحفريات ، قياسا بالزمن الذي نعيشه الآن إن حلم الجماعة ، طبقا لمصالحها و قدراتها الفكرية ، أن ترتد إلي وراء ، ليس إلي أيام فؤاد و فاروق ، ولكن إلي زمن الخلافة العثمانية ، الزمن الأسود في تاريخ مصر . إنها الشريحة الأشد رجعية و عداء لمصالح الشعب وحرياته . (11) إن الشريحة الطبقية التي يمثلها الإخوان المسلمون تطابق والشريحة الطبقية التي يمثلها الحزب العسكري ، ويصبح الوضع الان هو مواصلة الجماعة لفعل الحزب العسكري ، لتبدأ من حيث انتهي ، لا تزيد عليه ، ولكن ترتد علي طموحات المجتمع ، بإنتهاجها سياسة التغيير إلي وراء. إن التناقض بينهما هو تناقض ثانوي بين حلفاء ، يمكن حله كما حله المجلس الأعلي للقوات المسلحة ، بالتفاهم و المشاركة و تبادل المنفعة و المصالحة وتسليم السلطة لهذا أو ذاك فالأمر سيان هنا أو هناك طالما تحققت ضمانات المصالح الخاصة و المتبادلة . والسؤال الآن . هل نحن حقا في مصر ، في زمن ربيع عربي ، أم في زمن خريف إخواني عسكري ؟ و الاجابة أن الربيع لا محالة قادم ،لابد آت في المدي القريب ، يتواصل الثورة و تمسكها بأهدافها التي قامت من أجلها.