الموت علينا حق.. والحقيقة الوحيدة التي يؤمن بها كل البشر علي مر العصور، وما اقسي وداع زميل وصديق عزيز تحبه وتكن له كل المودة والاحترام. أخيرا آن للجسد المتعب أن يستريح وأن يضع حدا للآلام التي ظل يعانيها في صبر وشجاعة نادرين ولا يتوافران إلا لذوي النفوس القوية والإرادة الصلبة والشجاعة النادرة. مات حلمي سالم الجسد وأن كان جسده الطاهر قد تواري تحت التراب فإن حلمي المعني والمبادئ والقيم والأخلاق والأديب والشاعر الذي ارتبطت أعماله الفنية بوجدان الشعب المصري سوف يظل باقيا وحيا علي الدوام في قلوب كل الزملاء ومن عرفوه عن قرب وقلوب ملايين القراء ومن سعدوا بتذوق أشعاره والاستمتاع بها. ورغم الظروف الصحية شديدة الصعوبة التي عاشها في الفترة الأخيرة وشعوره بعدم الرضا مما تعرض له في محنته المرضية هذه إلا أنني ما تمنيت أبداً أن أسطر هذه الكلمات في رثائه.. ولكنها إرادة الله سبحانه وتعالي التي لا راد لها. ولا تغيير ممكنا في موعدها. لقد شاء القدر إلا يطيل معاناة هذا الرجل الإنسان الخلوق أكثر من ذلك، ورغم أن الخبر كان له وقع الصاعقة علي.. وكل الزملاء فإنني شكرت الله في لطفه ولم يطل عذابه.. ومعاناته في التردد علي معهد غسيل الكلي وقاكم الله شره، وقسوة هذا الشعور. لقد تميز حلمي سالم الذي رحل عن هذه الدنيا الزوال بالصراحة التي اكسبته بعض الأعداء.. لكنه لم يأبه بهذا وذلك انطلاقا من ثقته الشديدة في إرادته واعتزازه الشديد بنفسه وفكره وهو الاعتزاز الذي كان يؤكد دائما أنه يستمده من إيمانه بقضايا وطنه والدفاع عنها، كجندي من جنود اليسار المصري في كتيبة الدفاع عن المطحونين.. وكان نموذجا للمناضل الإنسان المجرد من الاحقاد الملئ بالمحبة للناس. لقد تعود الراحل العزيز في حياته أن يقول كلمته ويمشي ليعطي ظهره للدنيا وينصرف.. ولكنه قال ما يريد دون أن يأخذ حقه في الحياة.. كفنان مبدع ومناضل تقدمي وإنسان يعيش آلام وأمال الناس ويضعها في قلبه ويعبر عنها في ابداعاته الشعرية.. وكتاباته الصحفية كأروع وأصدق وأبسط ما تكون. رحم الله حلمي سالم بقدر ما اعطي لهذا الوطن الذي عشق ترابه ودفن فيه.. وانا لله وانا إليه راجعون.