هل أخذت الثقافة حقها من اهتمام «الحوار الوطني» بعد كل هذه الشهور التي دارت فيها المناقشات؟، وهل كان من الصعب ان توضع الثقافة والفنون في محور خاص بهما بدلا من وجودهما ضمن محور الحوار المجتمعي؟ وأسئلة أخري عديدة حول ما رأيته عبر شاشة «أكسترا-لايف» منذ أيام عن ما يخص فنون المسرح والسينما والموسيقي والغناء في مصر، وبالطبع فإن هناك ملاحظات أساسية حول اختيارات المتحدثين في كل مجال، والوقت المتاح لكل منهم، ولكن هذا لم يمنع الاهم هنا وهو أن الملاحظات المهمة والمعبرة عن أكثر الأمور التي تقلل من أهمية وقيمة العمل الفني الآن في مصر استطاع البعض أن يوصلها برغم معاناة الدقائق الخمس المتاحة، وليكشف لنا عن الكثير من النواقص والمتاعب امام الفن المصري الآن، والتي تهدده بالأفول بعد ريادته وقيادته لهذه المنطقة وجمهور اللغة العربية الكبير. السينما عن حالة السينما الآن تحدث بعض العاملين بها ومنهم المخرج والكاتب مجدي احمد علي الذي قرأ بسرعة ورقة عمل عن صناعة السينما المصرية التي بدأت منذ عشرينيات القرن الماضي في تشكيل الوعي الوطني، وأيضا اصبحت جزءًا من الاقتصاد الوطني وخلقت سوقا كان الثاني بعد القطن في ايراد مصر من العملة الصعبة منذ نصف قرن، ومع ذلك كله، ووصول عدد الأفلام الى أكثر من عشرة آلاف فيلم تمثل تراثا ثقافيا جبارا فلم تنشئ الدولة حتي اليوم أرشيفًا او «سينماتك» لحفظ هذا التاريخ بحفظ أصول هذه الافلام مع ان حفظها وتجميعها وإعدادها للعرض او للطلب في أبحاث علمية هدف تسعى إليه كل دول العالم التي عرفت السينما بعد مصر، وتطرح المخرجة «هالة خليل» قضية أخرى مهمة هي الرقابة على أفلام السينما وتغولها من خلال تجربتها الشخصية مع آخر أفلامها على مدى خمس سنوات وحوار متصل مع الرقابة ومطالبات متزايدة بمزيد من الحزف من الفيلم الذي لم يعرض بعد، وهناك قضايا أخرى تخص السينما ومنها حالة الانتاج الآن، وتوقف الدولة عن دعمه، وإضافة اعباء علي المنتج ممثلة في المبالغ التي تدفع للتصوير في اي مكان خارج الاستديو وبالطبع فقد أثيرت بسرعة قضية سرقة التراث السينمائي وقضية الفقد المستمر لدور العرض السينمائي فى مصر من خلال احصائيات تقول إن عدد دور العرض عام 2013 كان 269، اصبح 69 دارا فقط عام 2016 وبينما تسع محافظات بدون قاعة عرض واحدة. المسرح أثار الحديث عن احوال المسرح الكثير من الانتقادات، وايضا المطالبات مثل ان تقوم المتحدة للخدمات الاعلامية برعاية العروض المسرحية مقابل عروضها مجانا علي قنواتها حيث لا تتجاوز ميزانية البيت الفني للمسرح 14 مليون جنيه مفترض ان تكفي الانفاق على 40 عرضا!، بالاضافة للاحتياج لإدارة مركزية لكل دور العرض المصرية، ولزيادة البعثات في كل تخصصات المسرح لاجل تقدم العملية الابداعية، ويطرح الفنان محمد رياض رئيس مهرجان المسرح القومي في دورته الأخيرة أهمية وضرورة إدراج المهرجان في الموازنة العامة للدولة خاصة بعد اكتشاف ان اغلب جمهوره الآن من الشباب، ويؤكد الفنان احمد شاكر أنه ليس مطلوبا من الوزارة انتاج الثقافة وانما توجيهها ورعايتها واتاحة العمل للقطاع الخاص كما حدث في السبعينيات، وتتحدث د.أمينة أمين عن ضرورة خلق للمدير الفنان في مسارح الدولة لأهميته، وتخصيص منح للفنانين الاكثر استحقاقا، ودور الجامعة في إحياء المسرح واهمية السماح للطلبة بدخول المسارح بالكارنيه الجامعي، اما الدكتور جمال ياقوت فقد قال ان نشر ثقافة المسرح في مصر هي التوصية الاهم وصولا لمسرح المدرسة كمادة أساسية، وقدم أمثلة مهمة ففي ألمانيا 41% من الناس يدخلون المسرح، وفي بريطانيا 30%، اما في مصر فالنسبة هى 2% فقط، اما عميد معهد المسرح السابق د.مدحت الكاشف فقد اعلن اننا هذا العام نحتفل بمرور 80 سنة علي تخرج اول دفعة، وان عدد المتخرجين بلغ 5 آلاف طالب في بلد يزيد تعداده على 110 ملايين، وان الجمهور الحقيقي للمسرح لم تعد لديه فرصة لرؤيته، والقضية الاهم هي الهوية الثقافية والجمهور، ونحتاج لاعادة هيكلة المسرح فعدد الموظفين يصل الى عشرة أضعاف الفنانين، ولابد من اجراء ابحاث عن الجمهور واعادة النظر لمسارح هيئة قصور الثقافة لانها الواجهة الوحيدة لجمهور الاقاليم، وكلمات وأقوال أخرى مهمة، بل شديدة الاهمية عن المسرح وأهميته كقوة ناعمة مصرية شديدة الأهمية وكيف وصل الي حالة من الاحتياج لكل ادوات الدعم المادي والمعنوي ليصل الي الجمهور. أخيرا، أتمني ان تقوم أدارة الحوار الوطني بإصدار كتيبات عن كل ما قيل من آراء وتتيحها لكل من يهمه أمرها حتي ندرك جميعا مشكلات الثقافة والفنون وكل قضايا الحوار الوطني من خلال وثائق مكتوبة للتاريخ.