ماجدة موريس لم يعد موسم الدراما الجديدة السنوي في رمضان مخصصا للدراما فقط، وانما أتخذته الاعلانات موسما لها أيضا، والفرق كان واضحا بين المسلسل والاعلان، لكن هذا كان زمان، حين كنا نري عشرة اعلانات في خمس دقائق، فالمهم ان يعلن المعلن عن بضاعته ليراها الجمهور الكبير الذي ينتظر المسلسل في بيته، ولكن المعلن لم يرضه هذا، وقرر سحب البساط من صناع الدراما، الكاتب والمخرج والمصور والمنتج بالطبع ، بل قرر المعلن صناعة مسلسلات إعلانية تضاهي المسلسلات الدرامية، وتستند علي نفس النجوم الذين يتصدرون ال ..تيتر..ويحصلون علي أعلي الاجور، وتباع باسمهم المسلسلات ،ولانه من البديهي ان حضرة المعلن يملك المال الكثير، ويقدر علي الاستعانة بأي فريق ممن يصنعون الدراما، او يشاركون فيها، فقد تحولت الاعلانات، او الكثير منها تحديدا ،الي مسلسلات، ليس من الضروري ان تكتب بنفس الاسلوب، وبنفس المدة الزمنية، لكن لها بدايات مليئة بالاسئلة، ونهايات سعيدة دائما، بل اننا نراها تقيم الافراح لأبطالها ويرقصون ويغنون بسعادة بالغة لأنهم تقابلوا من خلال هذا المعلن المتين ( منتجعات سكنية جديدة او نوع موبايلات او شركات جديدة الخ )، ولان المعلن يريد اسعادنا، فهو غالبا يقدم لنا صورا خلابة للحياة لديه، فيها يعيش الجميع (النجوم والناس العاديين ) معا، يركضون وسط الحدائق الغناء، ويتجمعون حول موائد الطعام في الهواء الطلق، وبحيث تصل الينا صور للسعادة التي نفتقدها في حياتنا (خاصة مع اجراءات الكورونا )، لكن المعلن لا يهمه، فهو يقدم لنا السعادة كما يراها، خالية من الازمات والمشاكل . الجانب الآخر من الصورة نأتي للاصل،اي الدراما لنجد القضايا الصعبة من خلال المسلسلات، ومع الاختلاف في اسلوب العرض وفقا لرؤي الكاتب والمخرج وفريق العمل، إلا اننا كمشاهدين اصبح لدينا المقدرة علي اختيار المسلسل الاكثر تعبيرا عن حياتنا، والاكثر قدرة علي فتح ابواب القضايا المسكوت عنها، اعمال مثل (الاختيار )و(ملف سري )و(فاتن امل حربي ) و(العائدون ) و(راجعين يا هوي) و(جزيرة غمام ) و(مين قال ) و(وجوه )وغيرها، ولان دور هذه الاعمال هو تنبيهنا الي أخطار تهددنا، وافكار علينا مناقشتها للفصل في اهميتها او رفضها، فإن الامر هنا لا يصب في صالح الدراما لدي الكثيرين منا ، فمن الذي يريد (وجع الدماغ )من متابعة مسلسل يحرض علي التفكير ويقدم حقائق لا نعرفها بينما لديه مسلسلات اعلانية مريحة وبلا قضايا! ، باختصار الاعلانات تسعي لسحب البساط من الدراما، والقانون صامت، حول تجاوزاتها، وطولها المفرط، اما اللقطة الاهم فهي من نصدق ، الممثل الذي يقدم لنا القضية وخطرها علينا ويقوم بدور بطولي كرجل أمن ،ام هو نفسه وهو يقدم نفسه في صورة ملاك، او نجم وسيم تطارده البنات في الاماكن الجميلة الجديدة الخ ، ايهما نصدق، صاحب القضية ؟،أم صاحب الاعلان ! وإلي متي ؟؟