لأننى كنت حاضراً، بل و شاهداً، على ولادة سد النهضة، لأبيه الشرعي آنذاك ميليس زيناوي رئيس وزراء إثيوبيا الراحل ابن قبيلة التيجراي، تلك القبيلة التي أصبحت في العرف الحالي لأبي أحمد رئيس وزراء إثيوبيا تستحق الإبادة الجماعية والتطهير العرقي، ولذلك يمكنني القول: أن شكَّاً قوياً أصبح قائماً في شرعية زيناوي وسد النهضة، في علاقته بالنظام الإثيوبي الحالي. ولدي قناعة أن أبي أحمد ليس لديه مانع من التضحية بسد النهضة، لأن به الكثير من چينات قبيلة التيغراي، التي تقف حائلاً أمام قدرته على تحقيق حلمه ومشروعه و حزب الازدهار. سيناريوهات التضحية بسد النهضة: من الواضح أن الموقف الأثيوبي في مفاوضات سد النهضة، أوصلها إلى طريق مسدود، ودونما حسابات دقيقة لاحتمالات ردود الفعل المصري و السوداني، بعد عشرة أعوام من المفاوضات دونما جدوى، سوى المقامرة والمغامرة وإن صح التعبير التضحية بالسد، لتحقيق الأحلام الوهمية لأبي أحمد، الذي يكره التيغراي وسيرتهم، والذي يود أن يقدم صنيعتهم قرباناً لأخطائه، أو كبش فداء للخروج من الورطة، التي ورط فيها الشعب الأثيوبي، بحروبه الوهمية على التيغراي، وعلى الحدود مع السودان. ميتم سد النهضة: نظراً لأننا الآن نعيش زمن كورونا، لم تعد المآتم لتقبل العزاء بعد دفن الميت كما عرفناها وتعودنا عليها، ولكن العزاء أصبح يقتصر على صلاة الجنازة وقراءة الفاتحة والدعاء للمتوفي، وبعد أن كنا في بعض الحالات نقول لا عزاء للسيدات، فقد يبدو لنا بالنسبة لسد النهضة سنسمع عبارة لا عزاء للمجتمع الدولي، المتراخي، الذي لا يتحمل ولا يواجه مسئولياته. وبعد أن كان المعزون في سرادقات العزاء، يسألون ويتساءلون عن أسباب وفاة المتوفى أو المتوفاة، فإنه بالنسبة لسد النهضة هناك العديد من سيناريوهات الموت، ولا أحد يعرف على وجه التحديد أى منها هو السيناريو الذى حدث. سيناريوهات النهاية: منذ أنتهاء مفاوضات العاصمة واشنطن بين مصر والسودان وإثيوبيا فى فبراير 2020 ، تحت رعاية الادارة الأمريكية ووساطة وزارة الخزانة الأمريكية والبنك الدولي، وتوقيع مصر على وثيقة واشنطن بحضور السودان، وعدم حضور إثيوبيا للتوقيع ورفضها للوثيقة، كان أن تلى ذلك تصريح شهير للرئيس الأمريكي دونالد ترامب، للسيد حمدوك رئيس وزراء دولة السودان، بأن المصريين قد يفجروا سد النهضة ما لم يتم التوصل لاتفاق حول قضايا سد النهضة. منذ صدور هذا التصريح وحتى الآن، سمعت أكثر من عنوان حول سيناريو النهاية لفوضى سد النهضة، وانسداد أفق المفاوضات، ما لم يتم التوصل لاتفاق قانوني ملزم قبل موسم فيضان النيل للعام 2021. عناوين سيناريوهات نهاية الفيلم: دون الدخول في تفاصيل كل سيناريو، ونظراً لأن الجواب يظهر من عنوانه، أقدم هنا عناوين ما سمعته من سيناريوهات النهاية، إذا استمر فيلم فوضى سد النهضة: ⁃ الصاروخ الطائش ⁃ النيران الصديقة ⁃ الطرف الخفى ⁃ الطرف الثالث ⁃ الضرب فى الميت حرام ⁃ انتقام التيغراي ⁃ انتقام بنى شنقول ⁃ براءة الذئب من دم ابن يعقوب ⁃ علي وعلى أعدائي ⁃ الطبيعة الأم ⁃ لعنة الفراعنة ⁃ جنت على نفسها براقش ⁃ رقصة الفراشة و لدغة النحل ⁃ نهاية شهر العسل ⁃ مخاطر الملء الثاني الآن: بالإضافة إلى عدم التوصل إلى نتائج مرضية من عمليات التفاوض اللانهائية حتى الآن، ونظراً لأن الخرسانة المدموكة هي المستخدمة في بناء جسم السد، وحيث أنه مطلوب تعلية الجزء الأوسط بارتفاع 30 متر لحجز 13،5 مليار متر مكعب، أثناء موسم فيضان العام الحالي 2021، و أيضاً نظراً لأن الخرسانة المدموكة في حاجة إلى زمن للصب، وكذلك في حاجة لمدة تتراوح ما بين ثلاثة إلى ستة أشهر لاكتساب القوة والجهد، ومع إصرار الجانب الإثيوبي من الناحية السياسية على الملء، دون مراعاة لما جاء بإعلان المبادئ، و كذا لما هو متعارف عليه عالمياً في بناء السدود، فإن هذا الجزء الأوسط و الذي لم يتم بناؤه حتى الآن، سيظل نقطة ضعف في السد مدى الدهر، و سيظل هذا الجزء نقطة ضعف ونقطة خطر وقنبلة موقوتة بالنسبة لسكان دول المصب. و بناء عليه: على رعايا الدول الصديقة بالشركات العاملة بموقع سد النهضة، توخي الحذر والحيطة، و الابتعاد عن مناطق العمل القريبة أو البعيدة من سد النهضة، لأن المنطقة معرضة في أي لحظة أن تكون مسرحاً للعمليات من صنع الإنسان أو من صنع الطبيعة من أي نوع، أو من صنع السلطة الإثيوبية والعجلة في عملية الملء الثاني دون استكمال البناء، ودون مراعاة الأسس الهندسية. هذه هي قراءتنا لمسار الأحداث، ما لم يتم التوصل لاتفاق قانوني ملزم للملء و الإدارة و التشغيل واستكمال دراسات أمان سد النهضة الأثيوبي.