مواطنو سيناء: الرئيس حول أحلامنا إلى واقع على أرض الفيروز    اتصالات النواب: تشكيل لجان مع المحليات لتحسين كفاءة الخدمات    من مليار ل تريليون.. تنمية سيناء في قلب وعقل خطط الدولة    وزير الطيران المدني يبحث مع وزير النقل والاتصالات بدولة ليتوانيا أوجه التعاون المشترك في مجال النقل الجوي    «سياحة النواب» تصدر روشتة علاجية للقضاء على سماسرة الحج والعمرة    محافظ الغربية يفاجئ منافذ مركز طنطا لمتابعة تطبيق مبادرة تخفيض أسعار السلع    445 فيتو في تاريخ مجلس الأمن.. القصة الكاملة لاستخدامهم    الأهلي يتوج ببطولة إفريقيا للطائرة.. ويتأهل لمونديال للأندية    أستون فيلا يعلن تمديد عقد مدربه أوناي إيمري    مدرب جيرونا يقترب من قيادة «عملاق إنجلترا»    "ذا صن" تكشف موعد رحيل محمد صلاح عن ليفربول    السجن عامين ل 3 سائقين وعامل بتهمة شروعهم في قتل شخص وشقيقه    متحدث نقابة الموسيقيين يكشف السبب الحقيقي وراء إلغاء حفل كاني ويست في مصر    نهال عنبر ترد على الشائعات: «أدواري محترمة ولا تخدش الحياء»    سمية الخشاب تستعرض رشاقة قوامها بالملابس الرياضية    محمد إمام يستقبل ابنه «عمر» الزعيم الصغير| صور    أمين الفتوى: "اللى يزوغ من الشغل" لا بركة فى ماله    دعوة أربعين غريبًا مستجابة.. تعرف على حقيقة المقولة المنتشرة بين الناس    جامعة المنوفية توقع بروتوكول تعاون مع الهيئة القومية للاعتماد والرقابة الصحية    جامعة المنصورة تطلق قافلة طبية متكاملة إلى قرية الحوتة بالمنزلة    عادات خاطئة في الموجة الحارة.. احذرها لتجنب مخاطرها    وداعًا حر الصيف..طريقة عمل آيس كريم البرتقال سهل وسريع بأبسط المقادير    الأردن يحذر من تراجع الدعم الدولي للاجئين السوريين على أراضيه    شاب يقتل والده بسبب إدمانه للمخدرات.. وقرار من النيابة    خصومات متنوعة على إصدارات «هيئة الكتاب»    دياب يكشف عن شخصيته بفيلم السرب»    مقتل وإصابة 8 مواطنين في غارة إسرائيلية على منزل ببلدة حانين جنوب لبنان    صدمة في ليفربول| غياب نجم الفريق لمدة شهرين    «قضايا الدولة» تشارك في مؤتمر الذكاء الاصطناعي بالعاصمة الإدارية    «بروميتيون تاير إيجيبت» راعٍ جديد للنادي الأهلي لمدة ثلاث سنوات    يد – الزمالك يفوز على الأبيار الجزائري ويتأهل لنصف نهائي كأس الكؤوس    أبو عبيدة: الرد الإيراني على إسرائيل وضع قواعد جديدة ورسخ معادلات مهمة    إنفوجراف.. مراحل استرداد سيناء    «التعليم العالي» تغلق كيانًا وهميًا بمنطقة المهندسين في الجيزة    بائع خضار يقتل زميله بسبب الخلاف على مكان البيع في سوق شبين القناطر    القومي للكبد: الفيروسات المعوية متحورة وتصيب أكثر من مليار نسمة عالميا سنويا (فيديو)    تحت تهديد السلاح.. استمرار حبس عاطلين لاستدراج شخص وسرقة سيارته في أكتوبر    اللعبة الاخيرة.. مصرع طفلة سقطت من الطابق الرابع في أكتوبر    عضو ب«التحالف الوطني»: 167 قاطرة محملة بأكثر 2985 طن مساعدات لدعم الفلسطينيين    مجلس الوزراء: الأحد والإثنين 5 و6 مايو إجازة رسمية بمناسبة عيدي العمال وشم النسيم    11 معلومة مهمة من التعليم للطلاب بشأن اختبار "TOFAS".. اعرف التفاصيل    السياحة: زيادة أعداد السائحين الصينيين في 2023 بنسبة 254% مقارنة ب2022    غدا.. اجتماع مشترك بين نقابة الصحفيين والمهن التمثيلية    محافظ كفرالشيخ يتفقد أعمال التطوير بإدارات الديوان العام    خلال الاستعدادات لعرض عسكري.. مقتل 10 أشخاص جراء اصطدام مروحيتين ماليزيتين| فيديو    وزير الأوقاف من الرياض: نرفض أي محاولة لتهجير الشعب الفلسطيني وتصفية قضيته    محافظ قنا يستقبل 14 مواطنا من ذوي الهمم لتسليمهم أطراف صناعية    منها الطماطم والفلفل.. تأثير درجات الحرارة على ارتفاع أسعار الخضروات    عربية النواب: اكتشاف مقابر جماعية بغزة وصمة عار على جبين المجتمع الدولى    افتتاح الملتقى العلمي الثاني حول العلوم التطبيقية الحديثة ودورها في التنمية    رسميا .. 4 أيام إجازة للموظفين| تعرف عليها    تنبيه عاجل من المدارس المصرية اليابانية لأولياء الأمور قبل التقديم بالعام الجديد    بدأ جولته بلقاء محافظ شمال سيناء.. وزير الرياضة: الدولة مهتمة بالاستثمار في الشباب    سلاح الجو الإسرائيلي يعلن مهاجمة وتدمير نحو 25 هدفا في قطاع غزة    الإفتاء: لا يحق للزوج أو الزوجة التفتيش فى الموبايل الخاص    اتحاد عمال مصر ونظيره التركي يوقعان اتفاقية لدعم العمل النقابي المشترك    "بأقل التكاليف"...أفضل الاماكن للخروج في شم النسيم 2024    دعاء في جوف الليل: اللهم اجمع على الهدى أمرنا وألّف بين قلوبنا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



متى بدأت فكرة سد النهضة وكيف أفشلت إثيوبيا المفاوضات؟.. خبراء المركز المصري يجيبون
نشر في الشروق الجديد يوم 15 - 10 - 2019

أصدر المركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية إصدارًا خاصًا باللغتين العربية والإنجليزية حول تطورات المفاوضات (المصرية - السودانية - الإثيوبية) حول سد النهضة، وإعلان مصر وصول المفاوضات إلى طريق مسدود، وما أتبع ذلك من تصريحات الرئيس عبد الفتاح السيسي داخل أروقة الجمعية العامة للأمم المتحدة من أن مصر لن تقبل بفرض الأمر الواقع.
وجاء هذا الإصدار لمخطابة الرأي العام الدولي عن الحقوق التاريخية لمصر في مياه النيل؛ وتضمن الإصدار 7 مشاركات تتناول المواقف المصرية والإثيوبية والتطورات الجارية في مراحل إنشاء السد والمعوقات التي تقف أمام ذلك، ومسار المفاوضات الجارية بين البلدان الثلاثة، ومسارات الحل بالنسبة لمصر.
كيف أفشلت إثيوبيا مفاوضات سد النهضة؟
وتحت عنوان "كيف أفشلت إثيوبيا مفاوضات سد النهضة"، استعرض الأستاذ عطية عيسوي الكاتب الصحفي المتخصص في الشأن الأفريقي بصحيفة الأهرام، المراحل التي أوصلت مفاوضات سد النهضة إلى ما آلت إليه بسبب التعنت الإثيوبي الذي دفع الرئيس عبد الفتاح السيسي للتحذير بقوة من أنه لن يتم تشغيل السد بفرض الأمر الواقع ليدق بذلك جرس الإنذار حتى يسمعه الجميع في أنحاء العالم، ويعرفوا حقيقة ما يجري في المفاوضات، ومن هو الطرف الذي تسبب في تعثرها وعدم التوصل إلى اتفاق.
وأشار إلى أن الرئيس أكد أن مصر ليست ضد التنمية في إثيوبيا ولكن ليس على حساب مصر والإضرار بها، وهو بذلك يدحض الادعاءات بأن مصر لا تريد التنمية للشعب الإثيوبي.
وأضاف أن التصريحات التي صدرت على أعلى مستوى أكدت للعالم كله مدى استياء مصر من موقف إثيوبيا المتعنت الذي حال دون التوصل لاتفاق، رغم توقيع إعلان المبادئ في مارس 2015، ورغم اتفاق الرئيس عبد الفتاح السيسي ورئيس وزراء إثيوبيا آبي أحمد في يونيو 2018 على تبني رؤية مشتركة بين الدولتين بشأن السد تسمح لكل منهما بالتنمية بدون المساس بحقوق الطرف الآخر، موضحًا أن إثيوبيا تنصلت من كافة الاتفاقيات الموقعة في هذا الشأن، سواء التي وصفتها بأنها وقعت عليها مجبرة لأنها في عهد الاستعمار، أو تلك التي وقعتها بعد استقلالها، وآخرها اتفاق المبادئ في مارس 2015.
وأوضح عيسوي أن اتفاق 2015 ينص على عدم البدء في ملء بحيرة السد إلا بالتوافق بين الدول الثلاث، كما ينظم أسلوب الملء الأول للبحيرة والتخزين والتشغيل بالتشاور والتنسيق مع تشغيل السدود الأخرى في السودان ومصر، مع إشراك مصر والسودان في وضع قواعد تشغيل السد وملء بحيرته، كما ضمن لإثيوبيا موافقة مصرية-سودانية على بناء السد مع انتظار التقرير النهائي للجنة الخبراء الدولية حول آثاره المحتملة على تدفق المياه، مفيدًا ان الاتفاق لم يحقق لمصر ولإثيوبيا كل ما يتمنيانه فهو حمل عبارات غير مرغوبة للطرفين وتجاهل أخرى مطلوبة، وذلك لكي يلتقي الطرفان في منتصف الطريق.
وتابع أنه ورغم كل ذلك لم تلتزم إثيوبيا بالاتفاق، ولم توافق على خطة المكتب الاستشاري الفرنسي، وكل الدراسات التي أكدت أن السد بوضعه الذي تريده أديس أبابا سيضر مصر، فلم تنتظر الحكومة الإثيوبية رأي الخبراء قبل الشروع في بناء السد، ولم توقف العمل حتى يتم حسم الخلاف، بل بدأت البناء وبتصميم مختلف يرفع جسم السد إلى 145 مترًا وبسعة 74 مليار متر مكعب.
وأكد المتخصص في الشأن الأفريقي أن مصر بدون الحفاظ على مستوى المياه أمام السد العالي عند 165 مترًا كحد أدنى خلال فترة ملء بحيرة سد النهضة ستكون عرضة لفقد 1.8 مليار دولار من الناتج الاقتصادي، وأكثر من مليون وظيفة سنويًا، وكهرباء بقيمة 300 مليون دولار، وبينما يقل نصيب الفرد المصري من المياه عن 625 مترا مكعبا، يصل نصيب الفرد الإثيوبي إلى 38 ألف متر مكعب في السنة، وبينما لا يوجد لمصر إلا نهر النيل، يوجد في إثيوبيا 12 نهرًا.
ولفت إلى أن مصر كانت كريمة مع إثيوبيا بعدم إصرارها على وقف بناء السد حتى تثبت الدراسات عدم إضراره بحقوقها التاريخية في مياه النيل، وهو ما فتح الباب للحصول على تمويل خارجي له كان محظور، وتنتظر مصر الآن من إثيوبيا أن ترد على هذا الكرم بمثله، ومن المهم التوصل لاتفاق يرضي مصر وإثيوبيا والسودان لأن العواقب فادحة على الاستقرار والتنمية في المنطقة.
وتحت عنوان "صراع الرؤى حول سد النهضة.. مأزق للجميع"، أشار الدكتور حسن أبو طالب عضو الهيئة الاستشارية للمركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية في دراسته إلى أنه على الرغم من أن العلاقات المصرية الإثيوبية تشهد تحسنًا عامًا ومطردًا في السنوات الأربع الماضية، فإن ملف سد النهضة يأخذ مسارًا معاكسًا.
وأوضح أن التوصل لاتفاق حول قواعد ملء السد في السنوات الأولى وإجراءات تشغيله الدائم بما لا يتعارض مع المصالح الثابتة والحقوق المكتسبة لدولتي المصب، يتطلب تعاونًا شفافًا وتبادلًا للمعلومات بشكل مستمر حول معدلات تدفق النهر في سنواته الغنية بالأمطار أو المحدودة.
وقال إن الموقف المصري حيال الأزمة يضعها في إطار علمي وليس سياسيًا، يتعلق بخلافات منهجية حول التأثيرات المحتملة لسيناريوهات ملء الخزان بعد استكمال بناء السد الإثيوبي وكيفية احتوائها من خلال إجراءات مشتركة، ولذا يطالب الموقف المصري بمشاركة في عملية إدارة السد وفق اتفاق شامل يسمح لإثيوبيا بالاستفادة من المشروع، ويراعي في الآن ذاته حقوق مصر والسودان المائية، وهي الصيغة التي أكدها الرئيس عبد الفتاح السيسي منذ رئاسته في 2014 وتقوم على معادلة ثنائية هي حق إثيوبيا في التنمية وعدم الإضرار بمصالح مصر والسودان.
وأوضح أبو طالب أن الموقف الإثيوبي على النقيض من الموقف المصري، ينطلق من مبدأ سياسي يتعلق بالسيادة وتأويله أن النيل الأزرق يمر في إثيوبيا وأن لها الحق في الاستفادة منه وفقًا َلمصالحها وأولوياتها، أما مراعاة مصالح دولتي المصب فيأتي بعد إتمام المصالح الإثيوبية على اعتبار أن النيل الأزرق نهر إثيوبي، وتجسيداً لهذا الموقف ترفض إثيوبيا أي تبادل للمعلومات حول معدلات تدفق النهر، أو بشأن المواصفات الفنية للسد، أو رؤيتها في إدارته في سنوات الوفرة أو سنوات الندرة، مشيرًا إلى أن الرؤيتين المصرية والإثيوبية على هذا النحو بعيدتان تمامًا عن بعضهما ولكل منهما مخرجات مرفوضة من الطرف الآخر.
وأضاف أنه يبدو أن حرص القاهرة على تنمية علاقاتها الثنائية مع أديس أبابا ومع دول حوض النيل الأخرى يُقرأ عكسيًا من إثيوبيا باعتباره ضعفًا في الموقف المصري، مبينًا أنه من الواضح أن الالتزام بما تم التوقيع عليه في عام 2015 والمعروف بالاتفاق الإطاري ليس له تأثير على موقف إثيوبيا، بل يتم التعامل معه بطريقة تسمح بتأويلات متباعدة.
وأكد عضو الهيئة الاستشارية بالمركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية، أن أي حديث عن عمل عسكري مستبعد تمامًا من الرؤية المصرية لأسباب متعددة واقعية وإنسانية، ولأن مجرد طرحه سيأتي بنتائج عكسية لن تتوقف عند حد إثيوبيا، بل مجمل دول حوض النيل، وهو ما تتحسب له مصر جيدًا، ولذا يظل التفاوض مصحوبًا بتحرك سياسي ودبلوماسي نشط وموسع هو الأساس، مع وجود تفهم أفريقي عريض للمخاوف المصرية بما يثمر ضغوطًا حقيقية على إثيوبيا تؤدي إلى مرونة موقفها، والتنسيق بشكل أكبر مع السودان الذي يبدو أنه لم يتعاف بعد من سياسات نظام البشير، وأن يصبح ملف سد النهضة والتعنت الإثيوبي ملفًا دائمًا في علاقات مصر مع أي دولة عربية أو أفريقية أو كبرى.
مخطط بدأ في نهاية الخمسينات
وتحت عنوان "أبعاد الصراع بين مصر وإثيوبيا على نهر النيل"، استعرض محمد نصر الدين علام، وزير الموارد المائية والري الأسبق، في مشاركته بمقال كتبه "إيريك ستوكستاد" نشرته مجلة "ساينس" الدولية العريقة تحت عنوان "صراع القوى في نهر النيل"، والذي بدأ بسرد تاريخي عن مخطط السدود الإثيوبية والذي بدأ بدراسة مكتب استصلاح الأراضي الأمريكي في نهاية الخمسينات وحتى عام 1964، واستعراض مبادرة حوض النيل عام 99 والتي تم خلالها دراسة العديد من المشاريع المشتركة لدول حوض النيل بدعم غربي 200 مليون دولار، وموافقة مصر حينها على إقامة سد إثيوبي على النيل الأزرق عام 2008 لتوليد 2100 ميجاوات، بالتزامن مع تخطيط "ميليس زيناوي" رئيس الوزراء الإثيوبي حينها لبناء سد ضخم على النيل الأزرق بتمويل ذاتي عبر سندات بنكية، وهو ما أعلن عنه رسميا في 3 فبراير 2011 ووضع حجر الأساس في أبريل من نفس العام.
وأضاف أنه حاليا أصبح سد النهضة أقرب للواقع حيث تبلغ أقصى طاقة يولدها السد 6000 ميجاوات، وسعته الكهربية المتوسطة في حدود 2000 ميجاوات، سيتم استخدامها لتغطية احتياجات إثيوبيا وتصدير الفائض للسودان.
وأوضح كاتب المقال أن تنظيم تصرفات مياه النيل الأزرق على مدار العام سوف تفيد المزارع الكبرى بالسودان مثل مشروع الجزيرة الذي تبلغ مساحته 800 ألف هكتار، ولكنه سيسبب ضرراً للمزارع السودانية التي تعتمد على مياه الفيضان وسوف يضطر صغار المزارعين لاستخدام طلمبات رفع المياه واستخدام الأسمدة وإنشاء المصارف.
وتابع أنه وعلى مستوى الكهرباء فسوف تزيد إنتاجية السدود السودانية من الكهرباء قرابة 20% (1000 جيجاوات سنويا)، بجانب استفادة السودان من حجز الطمي والمواد الرسوبية أمام سد النهضة مما يزيد من العمر الافتراضي للسدود السودانية، واعترف الكاتب بأن سد نهضة سوف يتسبب في تقليل إنتاج الكهرباء من السد العالي بجانب تقليل مياه الري في مصر.
وذكر الكاتب أن تقرير اللجنة الثلاثية الدولية لسد النهضة الصادر في مايو 2013، قد أوصى بمراجعة وتنقيح دراسات تداعيات السد على تدفق مياه النيل لمصر والسودان، بجانب وجود أخطاء جسيمة في تصميم السد قد تؤدي إلى انهياره تحت ضغط المياه التي سيتم حجزها أمامه، وأوصى التقرير بإعداد دراسات دولية لسلامة السد الإنشائية وتأثيره السلبي على نوعية المياه.
آثار فادحة حال مصادفة سنوات جفاف
كما ذكرت منظمة شبكة الأنهار الدولية أن دراسات تخطيط وتصميم السد غير دقيقة وغير مكتملة، بالإضافة إلى تأثيره على السكان المحليين والذين تقدرهم إثيوبيا ب 3000 فرد بينما يقدرهم "جينفر فيليكس" الخبير الجغرافي الأمريكي ب 20000 فرد من الأقليات سوف يمحي سد النهضة مجتمعاتهم وحضارتهم القديمة، وأشار كاتب المقال إلى أن المتخوفون من تأثير السد السلبي أثناء ملئه على مصر حيث من المتوقع أن يتم الملء خلال 5 – 7 سنوات، وفي أول سنة سيتم حجز 10% تزداد طردياً عاماً بعد آخر.
كما أشار كاتب المقال إلى بحث نشره دكتور "بول بلوك" بجامعة ويسكنسون في عام 2014 بمجلة التخطيط وإدارة الموارد المائية للجمعية المائية للمهندسين المدنيين، الذي أكد أن ملء السد سيتسبب في أزمة مائية في مصر وانخفاض مؤثر في إنتاجية السد العالي من الكهرباء.
وأوضح أنه إذا صادفت سنوات ملء السد سنوات فيضان عالية أو متوسطة فسوف تكون الآثار غير فادحة، ولكن في حال صادف سنوات جفاف فسوف تكون الآثار وخيمة، وذكر الكاتب أن دكتور "يلما ساليشي" بجامعة أديس أبابا أبلغه بعدم تحمل إثيوبيا طول فترة ملء السد وفي حال رفض مصر والسودان لذلك فسوف تقوم إثيوبيا بملء السد من حصتها بمياه النيل.
كما ذكر الكاتب أن مجموعة حوض النيل المصرية والمشكلة من أساتذة جامعات ومفكرين حذرت في إحدى نشراتها عام 2013، من الآثار الوخيمة الدائمة لسد النهضة والتي ستبلغ أقصاها أثناء سنوات جفاف النيل والتي ستظهر على شكل انخفاض مؤثر في منسوب بحيرة ناصر وبوار مساحات هائلة من الأراضي الزراعية وتشرد ملايين المزارعين، بالإضافة إلى تراكم الأملاح في منطقة الدلتا وزيادة في تداخل مياه البحر بالخزان الجوفي وتملحه بالدلتا، بينما يرى دكتور "أموري تيلمانت" بجامعة لافال بكندا، أن تنسيق سياسات تشغيل السد العالي مع سد النهضة سيقلل الأثار السلبية على مصر، ويستطيع مخزون سد النهضة مد مصر بمياه إضافية في سنوات الجفاف.
وأوضح كاتب المقال أن علام (أي وزير الموارد المائية والري الأسبق) يتوجس حول نوايا إثيوبيا الحقيقية من السد لما فيه من مبالغة كبيرة في الحجم بجانب تخطيط إثيوبيا لإقامة سدود أخرى للتحكم في النيل الأزرق بشكل كامل، وذكر كاتب المقال أن السد الجانبي الذي تثار حوله مخاوف إنشائية سيؤدي حال انهياره إلى إبادة ملايين البشر، بجانب تحذير جامعة "إم إي تي" الأمريكية من انهيار السد في ورشة عمل عقدت عام 2014، وعلق دكتور "يلما ساليشي" على ذلك بأنه سيتم استخدام خرسانة للسطح الخارجي ولغلق الشقوق أسفل السد.
استكمال إثيوبيا لسد النهضة... دوافع وعقبات
وتحت عنوان "استكمال إثيوبيا لسد النهضة... دوافع وعقبات"، أوضح محمود سلامة، الباحث بالمركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية، أن سد النهضة يواجه مشكلات منذ أن شرعت إثيوبيا في بنائه في أبريل 2011، وما صاحبه من تأجيل موعد انتهاء السد نتيجة مشاكل مالية، وهو ما يستدعى التساؤل حول موقع سد النهضة في إطار السياسة الإثيوبية من خلال شقين: الشق الأول وهو حول دوافع الحكومة الإثيوبية لاستكمال بناء السد، ويأتي في مقدمتها القضاء على أزمة انقطاع الكهرباء نتيجة عجز الإنتاج بمقدار 460 ميجاوات نتيجة عدم ملء السدود المنتجة للكهرباء بالمياه الكافية، حيث تشكل السدود 90% من إنتاج إثيوبيا من الكهرباء، مما استدعى بدء خطة لترشيد الكهرباء، نتج عنها خسارة أكثر من 100 مليون دولار جراء توقف تصدير الكهرباء إلى السودان وجيبوتي، وبالتالي تسعى إثيوبيا لبناء سد النهضة لقدرته منفرداً على إنتاج ما يقارب ضعف الإنتاج الحالي بجانب الوفاء بإتفاقيات تصدير الكهرباء والسعي لفتح أسواق جديدة لجذب المزيد من العائدات الاقتصادية.
وقال إن "أبي أحمد" يسعى كذلك إلى تحسين موقفه والحزب الحاكم، فمنذ وصوله (أبي أحمد) للسلطة حقق خطوات على طريق الإصلاح السياسي على المستوى الداخلي والخارجي، وهو ما جعل مجلة "التايم" الأمريكية تختاره ليكون ضمن قائمة القادة والزعماء الأكثر تأثيراً في العالم، لكن الإصلاح السياسي يحتاج لإنجازات اقتصادية تدعمه وتدعم موقفه للبقاء في السلطة، وإرسال رسالة طمأنة للخارج حول مستقبل الاستقرار الداخلي.
كما يحاول "أبي أحمد" خلق توازن في الشراكات الدولية من خلال بناء علاقات خارجية أكثر تنوعاً من خلال إشراك دول أوروبية مثل فرنسا وألمانيا وإيطاليا في مشروع سد النهضة خلال زيارته الأوروبية في أكتوبر 2018، بالإضافة لمحاولة إثيوبيا أن تجعل من سد النهضة أيقونة للدول الأفريقية المشابهة لها في الظروف الاقتصادية في إنشاء مشاريع قومية دون الاقتراض الدولي، وهو ما يعزز صورة إثيوبيا كدولة رائدة على المستوى الأفريقي.
أما الشق الثاني فيتعلق بتحديات استكمال السد، ويأتي على رأسها مشكلة التمويل فبالرغم من مشاركة الشعب الإثيوبي بما يعادل 15% من إجمالي تكلفة السد، إلا تكلفة بناء أصبحت تحدياً اقتصاديا أمام الحكومة الاثيوبية، نتيجة ارتفاعها من 4.7 مليار دولار إلى 98 مليار دولار حتى الآن بسبب انخفاض العملة الإثيوبية أمام الدولار، ويرتفع هذا الرقم بمقدار 800 مليون دولار عن كل سنة تأخير في إنهاء السد.
ويأتي من ضمن التحديات أيضاً، مخاطر عدم الاستقرار السياسي جراء السماح للحركات السياسية بالعودة إلى إثيوبيا دون ضمانات لنزع السلاح، بجانب عدم وجود ضمان لعدم صعود العناصر الديكتاتورية والطائفية وهو ما يؤكد تعقد الوضع السياسي الإثيوبي، بجانب الأزمة القائمة بين بعض القيادات العسكرية والحكومة الحالية نتيجة اتهامات بالفساد جراء سحب مشروع بناء السد من شركة "ميتيك" التابعة للجيش لتأخرها في التنفيذ، وذلك بخلاف التهديدات الأمنية نتيجة الصراعات والعنف والنزوح الموجودة حاليا في المناطق الشمالية والغربية.
أزمة سد النهضة.. مرونة مصرية وتشدد إثيوبي
وتحت عنوان "أزمة سد النهضة.. مرونة مصرية وتشدد إثيوبي"، استعرض مصطفى أحمدي الخبير في الشئون الأفريقية والمستشار الإعلامي السابق في إثيوبيا، المراحل التاريخية لإنشاء سد النهضة، مشيرًا إلى أن البدء في الإنشاءات الخاصة بسد النهضة أعلن عنها في إبريل من عام 2011، والذي يعد عاشر أكبر سد في العالم، وكانت نقطة الخلاف الرئيسة بين المفاوض المصري والمفاوض الإثيوبي هو الوقت الذي سوف تستغرقه أديس أبابا في ملء السد؛ ثم كان خطاب الرئيس عبد الفتاح السيسي في مارس 2015 لينهي عقودًا من التي اعتقد فيها الإثيوبيون أن مصر حجر عثرة في طريق استفادة أديس أبابا بمياه النيل.
وأشار إلى تعنت الجانب الإثيوبي الذي رفض مقترحًا مصريًا بالسماح بإطلاق 40 مليار متر مكعب من المياه باتجاه القاهرة رغم أنه اقل بكثير من الحقوق التاريخية المصرية المتمثلة في 55 مليار متر مكعب وهو ما ترفض أديس أبابا الاعتراف به أيضًا.
وعلى الجانب الآخر كان هناك عرض للإجراءات الصارمة التي اتخذتها الدولة المصرية للحد من استهلاك المياه ومنها التقليل من زراعة المحاصيل كثيفة الاستهلاك للمياه، وطبقًا للتطور التاريخي فإن نصيب الفرد من المياه في مصر قد انخفض من 2000 متر مكعب إلى 555 مترا مكعبا مع تضاعف عدد السكان.
وتعرض أحمدي، للاضطرابات العرقية المتنامية في الجانب الإثيوبي، وذلك علاوة على الاضطرابات السياسية المتوقعة مع تلميحات برغبة رئيس الوزراء الحالي في الحصول على تفويض وتعديل الدستور؛ وهو ما يجعل هناك حالة مستعرة داخل البلاد لتوحيد الفصائل المتناحرة والقوميات المتباغضة تحت لواء مشروع مثل سد النهضة.
وتحت عنوان "الموقف المصري ما بعد تعثر مفاوضات سد النهضة"، أشار الدكتور أحمد أمل، رئيس وحدة الدراسات الأفريقية بالمركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية، إلى أنه وعلى خلفية عودة ملف أزمة سد النهضة إلى صدارة المشهد في مصر فإنه على المفاوض المصري أن يعيد تقييم الأوضاع خصوصًا بعد ما لمس من مماطلة إثيوبية.
وعرض أمل توجهات سير المفاوضات من الجانب الإثيوبي والذي بدأ أقل عدائية مع وصول "آبي أحمد" للسلطة في 2018، إلا أن العدائية المتراجعة لم تفض للكثير، وهو ما لحق به سعي مصري لتحريك المياه الراكدة عن طريق عقد مباحثات ثلاثية خلال قمة الاتحاد الأفريقي في فبراير الماضي، وأسفر عن اتفاق لعقد اجتماع سداسي يضم وزراء الخارجية والري ومسؤولي المخابرات في الدول الثلاث في الخرطوم قبل نهاية فبراير من العام الجاري وهو الاجتماع الذي جرى تأجيله أكثر من مرة، وما تلى ذلك من زيارة وزير الخارجية الإثيوبي للقاهرة وهي الزيارة التي اتفق خلالها على استكمال المفاوضات في أغسطس من العام الجاري وطالب الجانب الإثيوبي بتأجيله، وأفضى بدوره إلى إصرار مصر على الانتهاء من المفاوضات بحلول سبتمبر وتلاه لجوء مصر للمجتمع الدولي على خلفية مماطلة المفاوض الإثيوبي.
ويثبت معدل البناء المتسارع في سد النهضة شبهة سوء النية لدى أديس أبابا حيث أنها في الوقت الذي تسعى فيه لإطالة أمد المفاوضات يجري العمل في السد على قدم وساق وبوتيرة متسارعة.
ورصد رئيس وحدة الدراسات الأفريقية بالمركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية، أبرز نقاط القوة والضعف لدى المفاوض والمصري ونقاط القوة تلخصت في عدم استقرار الوضع الداخلي في إثيوبيا أو في محيطها الإقليمي، ولم يتم إغفال جوانب الضعف والتي سبق وعرض البعض منها إلا أن أبرزها هو الدعم الدولي الذي يتمتع به "آبي أحمد" خصوصًا بعد حصوله على نوبل للسلام؛ وغموض الموقف في السودان خاصة مع الترتيبات الانتقالية الجديدة وما أسفرت عنه من تغييرات أسفرت عن توفير حجة سودانية مستمرة للتذرع بالانشغال بالملفات الداخلية.
وتحت عنوان "سد النهضة بين المفاوضات المتعثرة والبدائل المتاحة"، أكد اللواء محمد إبراهيم الدويري، عضو الهيئة الاستشارية للمركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية في مشاركته أن هناك محددات رئيسة في ملف سد النهضة، أولها أن قضية سد النهضة تمثل قضية أمن قومي مصري، وبالتالي فإن تحرك الدولة المصرية في هذا المجال يعد تحركًا على قدر كبير من الأهمية، ويعتمد على خطوات محسوبة وإجراءات مدروسة، وثانيها أن قضية سد النهضة بكل مكوناتها ومراحلها باتت أمرًا واقعًا لا مجال سوى التعامل معها من هذا المنطلق للوصول إلى حل، وثالثها أن مصر لم تعترض يومًا على بناء إثيوبيا لسد النهضة ولكن بشرط ألا يؤدي ذلك إلى الإضرار بحصة مصر المائية.
وأبدت مصر العديد من التحفظات على المعايير التي أعلنتها إثيوبيا لبناء السد خاصة فيما يخص قواعد ملئه بسبب التأثيرات السلبية التي يحدثها ملء السد على ثلاث سنوات مثلما تريد إثيوبيا على مصر بنقص المياه المتدفقة إليها من 9-15 مليار متر مكعب، وبدأت إثيوبيا في بناء السد في الفترة التي كانت فيها مصر في حالة سيولة في أعقاب ثورة يناير، ولكن مصر بعد ثورة 30 يونيو منحت هذا الأمر أهمية خاصة، ودخلت في مفاوضات جادة مع الجانب الإثيوبي للوصول إلى حلول مقبولة من الطرفين تحقق المصلحة المشتركة لكليهما.
وأشار اللواء الدويري إلى أهمية إعلان المبادئ الذي وُقّع بين مصر والسودان وإثيوبيا في مارس 2015 الذي نصّت ديباجته على أن الدول الثلاث ألزمت نفسها بكافة المبادئ العشرة التي تضمنها، ولكنّ الجانب الإثيوبي استمر في نهجه المتشدد متجاهلًا هذه الالتزامات، ولذلك حرص الرئيس عبد الفتاح السيسي على طرح القضية أمام المجتمع الدولي، باتخاذ موقف يركز على القانون الدولي والتحرك السياسي من أجل الحفاظ على الأمن القومي المصري المائي، لافتًا إلى أن القيادة السياسية المصرية مازالت تنتهج في سياستها الخارجية مبدأ حسن الجوار والتعاون المشترك والبحث عن المصالح المشركة، بعيدًا عن الدخول في أية صراعات لا طائل من ورائها.
وتابع أن الولايات المتحدة قد حرصت على التعامل بسرعة وإيجابية مع المطالب المصرية بشأن الوساطة الدولية في مشكلة سد النهضة، وذلك بإصدار البيت الأبيض تصريح يدعم المفاوضات ويطالب الأطراف بالتوصل لاتفاق على قواعد ملء وتشغيل السد بما يحقق المصالح المشتركة للدول الثلاث، واصفًا التصريح الأمريكي بالمتوازن الذي يعبر عن نفس الموقف الذي مازالت تلتزم به مصر والذي كان لزامًا عليها أن تنتقل إلى مرحلة جديدة من الجهد والتحرك السياسي المتمثل في المطالبة بوساطة دولية يمكن أن تمارس دورًا وتطرح حلولًا أكثر إيجابية.
وتوقع عضو الهيئة الاستشارية بالمركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية، أن تشهد الفترة المقبلة آلية جديدة للتفاوض في إطار الوساطة الدولية، وعلى جميع الأطراف، ولا سيّما الطرف الإثيوبي أن تفسح لها المجال بكل مصداقية وثقة وشفافية وانفتاح، حتى يتم الانتهاء من هذه المشكلة، ليكون حلها نموذجًا أفريقيًا ناجحًا للتعاون المثمر.
يشار إلى أن المركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيحية يعقد مؤتمرا موسعا اليوم الثلاثاء بعنوان " أزمة سد النهضة: بين فرض الأمر الواقع ومتطلبات الأمن القومي المصري "، وذلك بمشاركة كبيرة من مختلف خبرات سياسية ودبلوماسية وقانونية فضلا عن خبراء المياه والسدود.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.