تصدرت الخلافات مرة أخرى الجلسات التفاوضية التى عقدت بالخرطوم أمس، لإعادة التفاوض حول موقفى مصر والسودان، منذ تجميد أنشطتهما فى مبادرة النيل عام 2010، وتعد اتفاقية "عنتيبي" هى ثمرة الخروج من أزمة إنشاء إثيوبيا لمشروع "سد النهضة"، والذى سيؤثر بنسبة كبيرة على حصة مصر من مسارها الطبيعى من مياه النيل، خاصة بعد دخول الكيان الصهيونى طرفًا فى المعادلة ومساعدته لإثيوبيا فى تمويل سد النهضة، وهذا يدل على الغياب الواضح لمصر فى قلب القارة الأفريقية. تاريخ سد النهضة: سد النهضة الإثيوبى مر عليه مراحل كثيرة لإنشائه، ففكرة البناء تعود إلى عام 1964، عندما قررت إثيوبيا إنشاءه، ولكن أثبتت الدراسات فى ذالك الوقت إنه سيشكل تهديدًا مائيًا على مصر، وبارتباط علاقة جمال عبد الناصر والإمبراطور الإثيوبى "هيلا سيلاسي" توقفت الفكرة، ولكن مع انقلاب العلاقات بإنشاء مصر السد العالي بدون استشاره إثيوبيا ترك لها حق "الثار" من مصر بإنشاء سد النهضة، مع تحويل جزء من مياه النيل لري 35 ألف فدان في سيناء، وهو ما رفضته إثيوبيا واعتبر السادات أن موضوع المياه خط أحمر وقال: "إذا كان هناك ما سيدفع مصر لخوض حرب جديدة فهى المياه"، وبقطع العلاقات مع إثيوبيا فى التسعينيات إثر تعرض "مبارك" لعملية اغتيال فى أديس أبابا، قررت دول حوض النيل إنشاء سدود لها على النيل، فخرج المشير "أبو غزالة" معلنًا أنه سيوجه ضربه لأي مشاريع تضر مصالح مصر المائية، وبمجيء مرسى والسيسى للحكم جاءت الحلول أقل تصادمًا وبدأت المفاوضات المباشرة مع إثيوبيا، مع وصول نسبة الانتهاء من إنشاء السد بنسبة 90% وبسعة تخزين90 مليار متر مكعب من المياه. عشرات الاجتماعات ونتيجة البناء مستمر عقد ثلاثي الأزمة الرئيسية لسد النهضة الإثيوبي، عشرات الاجتماعات فى الأربعة سنوات الماضية، ما بين أديس أبابا والقاهرة والخرطوم، دون الوصول إلى أي اتفاقيات سوى اتفاقية "عنتيبى"، والتى تحول بموجود الأحداث على أرض الواقع بلا فائدة، والتى لا تصل لشىء حتى وقتنا هذا بسبب إنشاء الجانب الإثيوبى السد، وقد عقدت اجتماعات من الجانب المصرى مع الإثيوبى كثيرًا ولم تحصل مصر على أى شي سوى تفعيل السد وبنائه فاستلمت مصر للأمر الواقع، ومن ثم بدأ الخلاف إلى كيفية ملء الخزان، وكم من المدة يستغرق ملؤه وهو الآن الخلاف الجوهرى بين مصر ودول حوض النيل. السيسى لإثوبيا رايح جاي زار الرئيس "السيسي" إثيوبيا 4 مرات منذ توليه الحكم، ولا يخلو لقاء إلا أن يشير إلى أن مصر ستعود إلى قلب أفريقا من جديد، ولكن كان دائما مضمون الزيارة إلى إثيوبيا هو "سد النهضة، والذى تدخل الرئيس بشكل رئيسى وأساسى به، بحثًا منه عن مخرج لإدراج مخاطره على مصر، بالتفاوض مع الجانب الإثيوبى ولكن كان النظام فى إثيوبيا يستمر فى البناء مع الاستمرار فى المحادثات، حتى تخطى تلك الخطوة، والآن نتفاوض ليس من أجل الإنشاء، بل من أجل كيفية ملئ الخزان. من جانبه قال هانى رسلان، رئيس وحدة حوض النيل بمركز الأهرام الإستراتيجي، إن ملف سد النهضة هو ملف شائك جدا، وإثيوبيا مراوغة فى هذا الملف وتضع مصر فى تفاصيل لا نهاية فيها. وأضاف فى تصريحات خاصة ل"المصريون" أنه كلما جاء ميعاد ملء الخزان، فهذا يضعف من الموقف المصري، وإثيوبيا لأنه لا تلزم نفسها بأى شىء، وتابع: "الآن أصبحنا الحلقة الأضعف وأصبح ملء الخزان أمر واقعي". وفى نفس السياق قال أحمد أبو السعود عضو الجنة الفنية لسد النهضة إن الخلافات بين مصر والسودان من جهة وإثيوبيا من جهة أخرى، حيث إن الإخطار كان لابد قبل ملء الخزان وان يكون الرأى بالإجماع وليس بالأغلبية، لافتًا إلى أن إثيوبيا تخبئ جميع المعلومات على المكتب الفني التابع للقضية. وأضاف ل"المصريون" أن مصر لم تتنازل عن متر مكعب واحد من مياه نهر النيل مهما كانت الأسباب ومهما وصل الأمر.