" شعبنا لن يحتمل ولن يرحم,, إن فشل الحوار".. هكذا قال حينما انفعل أمين سر اللجنة المركزية لحركة (فتح) الفلسطينية "جبريل الرجوب", الذى أوضح أهمية نجاح الحوار المرتقب بين الفرقاء والفصائل الفلسطينية فى القاهرة منتصف الأسبوع المُقبل, وأكد على أن من يتحدث عن قائمة مشتركة مع حماس واهم, " لأن الأمر لم يناقش بعد، رغم أننا منفتحون على كل من يقبل بإستراتيجيتنا", متمنياً من كل الوفود المشاركة التقليل من التصريحات الإعلامية، لأن اللقاءات ربما ستكون مغلقة. لقاءاتٌ عديدة وزيارات رسمية وغير رسمية سرية وعلنية بين القاهرة وكل من الضفة وغزة, تقوم بها بعض الفصائل الفلسطينية منذ سنوات عديدة, لكن وصف اللقاء القادم فى القاهرة باللقاء المُرتقب, المهم, الخطير, المفصلى, أو لقاء الفرصة الأخيرة, يؤكد أن عملية توحيد الصف الفلسطينى باتت خطوة لا مفر منها, لعدم تصفية القضية إلى الأبد, وأن الانتخابات الفلسطينية المُزمع عقدها مايو المقبل هى حجر النجاة, الذى عليه يمكن بناء مفاوضات جادة برعاية دولية وأممية وعربية, للحديث حول حدود دولة فلسطينية موحدة والاعتراف بها رسمياً, وفقاً لمسار سياسى أوله تفاوضة ثم انتخابى ثم تقرير مصير. لكن موضوع القوائم الانتخابية أو التحالفات أمر سابق لأوانه، وربما يُشتت الجميع فالأهم فى هذا الحوار هو حل النقاط الخلافية بشكل صريح صحيح مباشر وشفاف, فربما من الوارد أن تذهب بعض الجبهات باتجاه من يتفق معها وفق برنامج سياسي واجتماعي واقتصادي, في حال قررت تلك الجبهات أو الكتل السياسية أو الحزبية المشاركة في الانتخابات. فبناء الشراكات القوية التى تتسم بالديمومة ليس رهين التوقيت الانتخابى, بل المشروع الواحد والفكر الواحد والاستراتيجية المُوحدّة, لذا ربما لن يصبح هذا هو اللقاء الأخير فى مسار المصالحة الفلسطينية التى ظل الحديث عنها أكثر من عشرة أعوام. صحيحٌ أن العملية الانتخابية ماضية حتى لو رفضها أحد الأطراف، حيث أنها تأتي تلبية لرغبة وطلب دولي، لكن إنجاز الانتخابات على أساس وطني ومرجعية سياسية بعيدة عن نهج التشكيك والتخوين والعصبية والاستفزاز, يُعد إضافة للقضية الفلسطينية وتمهد الطريق للوحدة الوطنية، وفرصة لإصلاح منظمة التحرير الفلسطينية, وهو ما يجب التأكيد عليه خلال حوار القاهرة. لذا يبدو أن جميع الفرقاء قادمون إلى القاهرة وهم على يقين, أن القضية الفلسطينية تتعرض لمؤامرات منذ عقود وهناك من يسعى لشق الصف الفلسطيني وتدمير وحدته، إضافة لسلب حقوقهم وإضعاف قدراتهم على المقاومة (أيّا ما كان شكل تلك المقاومة), وهذا أمر طبيعي في حالة الصراع أن يسعى العدو الصهيوني وحلفاؤه لذلك، لذا يجب أن يكون الفرقاء الفلسطينيون كقوى وطنية, حريصة على إتمام الوحدة وإنجاز المصالحة بالدرجة الأولى, وقادرة على احتواء وتنظيم وإدارة الاختلافات والخلافات. حتى الآن أكدت جميع الفصائل والقوى الفلسطينية قدومها للعاصمة المصرية القاهرة, للمشاركة فى الحوار الوطنى الفلسطينى, ليكون اللقاء شاملاً لبحث كل العناوين والقضايا الوطنية بشمولية وليس الاقتصار على الإجراءات الخاصة بالعملية الانتخابية, حيث أن هناك الكثير من القضايا بحاجة إلى طرح وتوافق وطني قبل الدخول للعملية الانتخابية, وليس فقط المراسيم الانتخابية والتي تتضمن عوار قانوني من الممكن أن يكون سبباً لإلغاء النتائج, في حال رُفعت قضايا للتشكيك في قانونيتها، فهناك عدداً من القضايا تحتاج لبحث وأهمها الموضوع السياسي والمرجعيات السياسية لهذه الانتخابات، ومحكمة الانتخابات وآليات إنشائها وألا تصب في خدمة طرف بعينه. فى هذا الإطار لم تؤكد جميع الفصائل الفلسطينية عن نيتها خوض والمشاركة فى الانتخابات الفلسطينية, لكنها أكد ت مشاركتها فى لقاء القاهرة المرتقب, فقد أكد عضو اللجنة المركزية العامة للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين "هاني خليل"، أن الجبهة لم تحسم قرارها بدخول العملية الانتخابية، وستترك هذا الأمر لما بعد إتمام الحوار الوطني في القاهرة، وهيئاتها ستتخذ القرار المناسب بناءً على مخرجات الحوار. كما صرّح عضو المكتب السياسي لحركة حماس " خليل الحية", أنه من المبكر الحديث عن شكل مشاركة حماس في الانتخابات، " حيث أننا لم نتخذ قرارًا بشأن ذلك بعد, وأضاف "أن شكل مشاركتنا في الانتخابات مرهون بما نتفق عليه في حوارات القاهرة، ويوجد خيارات متعددة لشكل مشاركة حماس بالانتخابات". ربما أكدت العديد من الفصائل الفلسطينية, على أنه من غير المسموح لأي أحد أن يتراجع خطوة واحدة عن الانتخابات، وأن الجميع يريد المضي قدمًا حتى نهاية العملية الانتخابات، ويرغب بانخراط جميع الفصائل فيها, حيث أنه من الضرورى تقديم الشأن السياسي على غيره من القضايا فيما يتعلق بحسم الموقف بخصوص الانتخابات، وأهمها المرجعية السياسية، بأن تكون العملية الانتخابية محطة للوحدة وأن تصب في نضال الشعب الفلسطيني، من أجل استرداد حقوقه وتحرير أرضه التي شُرد منها, وإن لم تكن كذلك فلن تكون في مصلحته. يأتى ذلك بعد إعلان لجنة الانتخابات المركزية, عن بدء استقبال طلبات اعتماد هيئات الرقابة المحلية والدولية، حيث بدأت باستقبال طلبات اعتماد الصحفيين المحليين والدوليين، وذلك لمراقبة وتغطية الانتخابات الفلسطينية 2021. يبقى التحدى الأهم والأخير وهو (القوى الدولية والإقليمية), كيف تنظر للمصالحة وماذا تفعل حيال نجاح أو فشل تلك المشاورات والمفاوضات؟ ستعمل الولاياتالمتحدة على تشجيع مزيد من التطبيع بين إسرائيل والدول العربية، ولكن دون الضغوط العلنية على طريقة ترامب, فالرئيس الأمريكى " جو بايدن" وفريق إدارته للملف الفلسطينى الإسرائيلى, أكدوا على أهمية حل الصراع وحل الدولتين, لكن لم يخوضوا فى شكل وإطار وحدود وضوابط تلك الدولتين, وربما هناك أطراف تنتظر فشل تلك المصالحة أكثر من الأطراف التى تنتظر نجاحها وعلى رأسهما مصر والأردن. أما عن تركيا وقطر وإيران الراعيان الرسميان لحماس, وعن السعودية التى لم تنخرط بقوة فى مسار إتمام المصالحة, والإمارات التى يبدو لها أن إتمام المصالحة أمر شبه مستحيل, والعديد من الدول العربية الأخرى التى تقوم بالتطبيع مع الجانب الصهيونى, دون النظر للجانب الفلسطينى, وبالتأكيد لن تفعل أوروبا أكثر من الشجب والإدانة والمشاركة فى مراقبة الانتخابات الفلسطينية (فى حال إن تمت)، كل تلك المؤثرات بالإضافة إلى الضغط الاقتصادى والسياسى والإعلامى على جميع الأطراف والفصائل الفلسطينية, تؤكد ضرورة حل الفوضى السياسية, والخروج من نفق التشرذم والخصام والمقاطعة, إلى فضاء الوحدة والأخوة والانصهار الوطنى.