يشهد السودان هذه الايام كارثة طبيعية بسبب فيضان نهر النيل ، والتى نتجت عنها العديد من حالات الوفاة وهدم عشرات الآلاف من المنازل جزئيا أو كليا، و تضرر أكثر من نصف مليون شخص حتى الآن واستمرار هذا الوضع مع تواصل ارتفاع مناسيب المياه في نهر النيل وروافده وتواصل هطول الأمطار الغزيرة في بعض المناطق الأكثر تضررا ومنها الخرطوم، الوضع الذى اضطرت معه الحكومة السودانية ان تعلن حالة الطوارئ في البلاد لمدة ثلاثة أشهر . فيما ارجع دكتور" عبد الفتاح مطاوع"، رئيس قطاع النيل الاسبق،هذه الفيضانات الى ان هناك ثلاث اسباب رئيسية للفيضانات التى تتعرض لها السودان هذه الايام وانها لم تتعرض لمثلها من قبل، السبب الاول يتمثل فى ان المياه تأت من الهضبة الاثيوبية ، وبناء عليه فتكون الامطار غزيرة وكثيفة أدت الى ارتفاع مناسيب المياه فى النيل الازرق ونهر عطبرة ونهر السوباط من جنوب السودان، موضحا ان هذه الانهار الثلاثة مناسيب المياه وكمياتها التى تمر فيهم غير مسبوقة خلال ال مائة سنة الماضية، فعلى سبيل المثال ، فيضان 1946 كان من اعلى الفيضانات فى القرن العشرين كان منسوب المياه فى محطة الخرطوم عند النيل الازرق 17 متر و14 سم فى حين ان اعلى منسوب تم رصده فى هذه المحطة 17 متر و26 سم، موضحا ان المنسوب فى هذه المحطة اليوم 17 متر و56 سم ، وهو ما يجعله اعلى من اعلى فيضان جاء بالقرن العشرين فعلا، ووفقا لتصريحات وزير الرى السودانى فأن منسوب المياه فى نفس المحطة بلغ 17 متر و 67 سم من ناحية ارتفاع المياه بالمحطة على سبيل المثال، مشيرا الى انه فى يوم 30 اغسطس الماضى كان المنسوب 967 مليون متر مكعب بالقرب من محطة الديم عند الحدود «السودانية – الإثيوبية» وهى محطة قياس، ما يعنى اقترابه من ال مليار متر مكعب وهو فقط احد المصادر. واضاف " مطاوع"، ان السبب الثانى هو ان هضبة البحيرات الاستوائية شهدت امطار غزيرة العام الماضى والسنوات السابقة لدرجة ان مناسيب المياه فى بحيرة فيكتوريا وصلت لاعلى منسوب فى خلال ايضا ال مائة عام الاخيرة، مما ادى الى ارتفاع تصريف النيل الابيض بشكل ملحوظ حتى العام القادم، اما السبب الثالث الذى زاد من تعقيد مشكلة فيضانات السودان هذا العام هو الامطار المباشرة التى سقطت على الخرطوم والجزيرة الشمالية و16 ولاية من الولايات السودانية ، وعندما تجمعت مياه النيل الابيض والازرق معا فى الخرطوم مع هذه الامطار المباشرة ، اثر على قدرة النهر على تصريف المياه ولكن مناسيب نهر النيل بالخرطوم وصلت لمناسيب اعلى من المتنظر17 متر و26 سم ،مشددا على انه لا يوجد اى تأثير للسد على فى ما يحدث بالسودان ومن يقول بذلك فهو تفسير ساذج ، خاصة وان مناسيب المياه بهضبة البحيرات اعلى من منسوب السد العالى بكثير. حول ما يتردد عن ان سد النهضه مهم لحماية السودان من اى فيضان وان مصر العائق امام ذلك ، يؤكد " مطاوع "، ان "لا مصر ولا السودان" ضد وجود سد النهضة ، موضحا ان الموضوع متوقف فقط على ضرورة التوصل لاتفاق حول قواعد الملء والتشغيل خلال سنوات الفيضان العالية والمنخفضة الايراد، مشيرا الى ان الخطاب الاثيوبى متأثر بالمشاكل السياسية الداخلية الموجودة فى اثيوبيا ويحاول الايحاء للعالم كما لو كنا نحن ضد التنمية وهذا غير صحيح، وبناء عليه نحن مع السد ولكن وفق قواعد ومبادئء القانون الدولى والية فض المنازعات فى المستقبل ، خاصة فى ظل احتمالية وقوع كوارث طبيعية مثل فيضانات السودان الحالية .