دعاء الكروان- 1959 إخراج وإنتاج : بركات – قصة : طه حسين- سيناريو وحوار: يوسف جوهر – تصوير: وحيد فريد- الموسيقي: اندريا رايدر- بطولة : فاتن حمامة- أحمد مظهر – زهرة العلا- أمينة رزق- عبد العليم خطاب- ميمي شكيب- رجاء الجداوي- ناهد سمير- حسين عسر تاريخ العرض: 22/9/1959 – مدة الشريط 105 دقائق- مثل الفيلم مصر فى ترشيحات الأوسكار لأفضل فيلم أجنبى، وأيضا فى مهرجان برلين الدولى – حصل علي جوائز أفضل ممثل وأحسن ممثلة وأحسن ممثلة دور ثاني زهرة العلا، وكذا أفضل إخراج وأفضل سيناريو. اختير فيلم "دعاء الكروان" ليحتل المركز (14) في قائمة أفضل 100 مصري, والمرتبة (20) في أفضل 100 فيلم عربي, وفي قائمة مكتبة الإسكندرية جاء في الترتيب (35). في فيلم "دعاء الكروان" لم يبق في الذاكرة سوي "هنادي" البائسة, وقسوة الخال القاتل"جابر", وموسيقي اندريا رايدر الساحرة, و"زنوبة" ميمي شكيب بمكرها وخفة ظلها, و"مسيو بشارة" ادمون توما, و"المأمور" حسين عسر", والأم "ناهد سمير", وانكسار المهندس, وأداء فاتن حمامة.. وصوت طه حسين الذي يرج الوجدان رجًا.. في "دعاء الكروان" أول رسالة أرسلت لنا في طفولتنا عن قتل الضحية التي أحبت فغدر بها وكان الطعن جزاءها في قلب النهار, فكان حبنا لهنادي كبيرا ولا نعرف لذلك سببا.. قالت فاتن حمامة في حوار بمجلة الإذاعة عام 1970: "بمجرد وصول قصة "دعاء الكروان" من أستاذنا العميد الدكتور طه حسين إلى المخرج هنرى بركات عرضها علي وقال لى هاتعملي دور آمنة، بعدما قرأت القصة قلت له موافقة، وبدأ الدكتور يوسف جوهر كتابة السيناريو.. ندما علم الدكتور طه حسين أني سأقوم بدور آمنة طلب لقائي وقال لي (هو أنتِ تقدري تفهمي دور آمنة؟) قلت له فهمته كويس، وخرجت من عنده باكية.. وفي العرض الخاص حضر الدكتور طه حسين وزوجته وبعد مشاهدتهما الفيلم قال (إن خيالي وأنا أكتب دور آمنة في القصة هو بالضبط اللي أنتِ فعلتيه) وكان أعظم تشجيعا قدم لي.. كانت فاطمة رشدي مرشحة للقيام بدور البدوية التي أدتها ميمي شكيب.. لكنها اشترطت أن يكتب اسمها قبل اسمي في الأفيشات وقالت (إيه البنت دي اللي طالعين بها السما) وأنا في الحقيقة وافقت على ذلك حتى لا تزعل، لكن المنتج والمخرج رفضا ذلك فرفضت العمل في الفيلم. كتب صلاح التهامي في مجلة "المجلة" فبراير 1960: كان إخراج فيلم "دعاء الكروان" يعد مغامرة لسببين, أولهما: أن القصة قد قرأها الناس وأعجبوا فيها بأسلوب الدكتور طه حسين الأخاذ, ولذلك فإن إخراجها لابد أن يكون ممتازا وإلا انصرف الناس عنها. وثانيهما: أن القصة تروي من وجهة نظر الفتاة القروية التي تتفتح نفسها للحياة في المدينة ثم تنمو مشاعرها من خلال ما تراه وما تحسه, وهي مشاعر وأحاسيس داخلية يعتمد الكاتب في وصفها علي البلاغة اللفظية, أكثر مما يعتمد تجسيدها في أحداث فعلية يمكن أن تسجلها الكاميرا, ولكن المخرج أقدم علي إخراج الفيلم وهو ممتلئ ثقة بخبرته التي اكتسبها في حياته الفنية الطويلة.. من أهم المشكلات التي واجهها يوسف جوهر في كتابة الحوار: التخلص من التأثير الجارف للغة الدكتور طه حسين. فمن الطريف مثلا: أن بعض أجزاء الحوار قد كتب مرتين: مرة بالعربية وأخري باللغة العامية, ثم تغلبت العامية في النهاية كما رأينا في الفيلم. أما عند كتابة السيناريو, فقد كان من المشكلات الرئيسية, الجزء الأخير من الفيلم, وهو الجزء الذي تلتقي فيه الفتاة مع المهندس تحت سقف بيت واحد, وكان بينهما لقاء يرويه لنا الدكتور طه حسين في كتابه فيقول علي لسان الفتاة :"وعدت إلي غرفتي بعد ساعة, راضية عن نفسي كل الرضا, مطمئنة إلي قوتي كل الاطمئنان, فقد بلوت الخصم, ولقيت العدو في ميدانه الذي اختاره هو, وكانت بيني وبينه مقدمات النضال, فلم أضعف له, ولم أشفق منه, وإنما ثبت له ثباتا, ثم انصرفت عنه وقد علقته بين السخط والرضا. وأوقفته بين اليأس والأمل. لم أجد في شيء من هذا كبير مشقة, ولم أحتمل في شيء من هذا عظيم عناء, وإنما هو الابتسام المطمع المغري, والاحتشام الذي يقل العزم ويثبط الهمم, ويبسط سلطان الحياء علي النفس, فإذا هي ترتد بعد امتدادها, وعلي الوجه فإذا هو يظلم بعد إشراقه". وكان عسيرا أن تترجم هذه الفقرة في مشهد سينمائي, ولكنهما (المخرج والسيناريست) فعلها باقتدار.. يشهد الكروان في الأعالي علي البدايات والنهايات.. يرقب ما حدث من بغض وعشق وعذاب وقليل من الراحة.. يرقب نزول هنادي إلي النهر فتسقط في الرذيلة وتواري في الثري البعيد.. ثم تقرر آمنة النزول لانتشال اختها ولم تدر أن ثيابها بللت وقدميها حفت بالطين, أما العاشق الجاني فقد تمزق قلبه بالحب والخرطوش علي الشاشة.. وعلي الورق اختلف الوضع وأفسح مجالا لبداية جديدة. أما آمنة فانحدرت دمعتان حارتان علي خديها, وأما هو فقال : دعاء الكروان أترينه كان يرجع صوته هذا الترجيع حين صرعت هنادي في ذلك الفضاء العريض!!..