سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
المخرج فايق جرادة رئيس مكتب تليفزيون فلسطين بالقاهرة ل”الأهالي”:السينما الفلسطينية سينما نخبوية وليست سينما شباك التذاكر مثل مصر..وأطالب جامعة الدول العربية بإنشاء قناة عربية وثائقية
*رسالتى إلى الشباب الفلسطينى والعربى تمسكّوا بالأمل فهو الحياة *الاحتلال الصهيونى أنتج 250 فيلمًا حول فلسطين والقدس.. والعرب أنتجوا 50 فيلمًا فقط! حوار: دينا محسن قال المخرج فايق جرادة، رئيس مكتب تليفزيون فلسطين بالقاهرة، إن بعض وسائل الإعلام العربية والدولية تتعمد تهميش القضية الفلسطينية، لكنه أكد أن الفن المصرى كان ولا يزال محتضناً للقضية الفلسطينية بكل تفاصيلها، وطالب جامعة الدول العربية بإنشاء قناة عربية وثائقية أو على الأقل تصبح لكل دولة عربية قناة وثائقية خاصة بها، لتوثيق الأحدات التاريخية الخاصة بالدول العربية، مؤكدا رفض صفقة القرن رُفِض شعبياً ودبلوماسياً وسياسياً وأمنياً. هل للفن دور كقوى ناعمة لإبراز القضايا المجتمعية؟ بالتأكيد، الفن لعب دوراً كبيراً فى حياة كل الشعوب, من خلال السينما والمسرح والموسيقى والغناء, باعتباره أحد أدوات القوى الناعمة فى العصر الحديث, وبالحديث عن السينما والأعمال الروائية والوثائقية, يمكننا تسليط الضوء على أهمية وخطورة صناعة الوثائقيات, وهنا لابد من إخبار القرّاء من غير المتخصصين, بأنه لا فرق بين الفيلم التسجيلى والوثائقى هى مجرد اختلاف فى التسمية لكن الجوهر واحد. وهناك العديد من الرواد السينمائيين العرب والفلسطينيين الذين يحملون القضية فى عقولهم وقلوبهم, ولابد من تكاتف تلك الأفكار والجهود لحفظ وتسجيل تلك اللحظات النضالية والأحداث السريعة والمتشابكة, فعلى سيبل المثال هناك صفقة القرن التى تم طرحها مؤخراً على الساحة السياسية الدولية, وهى تحمل فى طياتها المزيد من العنف والاستيطان والعنصرية المتوحشة, لابد من مناقشة الفن لتلك المشكلة وطرح تداعياتها, ومواجهة الجمهور العربى وغير العربى بخطورة الموقف, فالفن رسالة ولا توجد رسالة أرقى من الرسائل الإنسانية, والقضية الفلسطينية هى الرسالة الإنسانية الأولى فى العالم, بحكم التاريخ وليس وفق حكمنا أو أهوائنا, فهذا الشعب ظُلم كثيراً, والفنانون يعبرون عن ذلك كل بطريقته. هل السينما الفلسطينية سينما نخبوية؟ اعتقد أن السينما والفن والصورة بشكل عام حملت القضية الفلسطينية, بخلاف اليوم فى بعض الأفلام ان القضية بتحمل السينما, والعكس هو الصحيح فالسينما يجب أن تحمل القضايا الكبرى, تطرحها وتناقشها لكن ليس بمنظور الآن, والأفلام الوثائقية لعبت دورا حيويا مؤثرا, برغم أن الكثيرين يعتبرون أن جمهورها نخبوى, لكن هذا لا يُقلل من أهميتها وقوة تأثيرها, وأرى أنها أهم تاريخياً وسياسياً من الفيلم الروائى, وهناك العديد من الشباب يهتم بهذا النوعية من الأفلام ويهوى مشاهدتها, فالسينما الفلسطينية سينما نخبوية وليست سينما شباك التذاكر مثل مصر, لكنها استطاعت أن تُعبّر وتعبر وتمضى فى طريقها إلى شعوب العالم أجمع, لتصل رسالة الشعب الفلسطينى للشعوب الأخرى, وهى أن فلسطين عربية بها شعب عربى فلسطينى تاريخه الحضارى معروف وممتد, وكما قال شاعرنا الفلسطينى “محمود درويش” على هذه الأرض ما يستحق الحياة. ويمكن اعتبار أن المحتوى الوثائقى الفلسطينى هو نواة العمل السينمائى الفلسطينى, فالولادة السينمائية الفلسطينية هى ولادة وثائقية فى المقام الأول, فالفيلم الروائى هو الابن الشرعى للفيلم الوثائقى, وبحكم الثورة الفلسطينية وبحكم التاريخ, الفلسطينيون كانوا من أوائل المشاركين فى أولى مهرجانات الوطن العربى فى دمشق, وتم حصد العديد من الجوائز سواء كانت عن أعمال روائية أو وثائقية, لكن العنصر السينمائى الوثائقى كان هو الأكثر انتشاراً وتعبيراً عن الواقع, بحكم واقعنا الفلسطينى فدولة فلسطين تقع تحت الاستعمار الصهيونى الإسرائيلى الاستيطانى, وبالتالى فلسطين تستحق أن نعمل من أجلها وننتج العديد والعديد من الأفلام السينمائية والروائية الجديدة. كيف استطاعت السينما الفلسطينية ربط الفلسطينى بأرضه وهويته؟ التاريخ أثبت أنه ليس من السهل القضاء على الفلسطينى, رغم الحصار والقتل والتشريد والتخويف والتجويع, وصفقة القرن, سواء داخل فلسطين أو خارجها فى الشتات, بالعكس سيظل صامداً, ويجب على الجهات الرسمية العربية أن يُولّوا اهتماماً خاصاً بفلسطين بحكم أزمتها, وساعدونا فى هذا الأمر بتوثيق الوثائع فمن لا يُوثّق واقعة قابلا للاندثار. ففلسطين ليست مجرد أرض وقضية احتلال, لكنها تاريخ وحضارة ومعالم سياحية عديدة تستحق المناقشة والاهتمام, وهذا ما نفعله على مدار عقود من خلال السينما ووسائل الإعلام كافة, وهنا لا يمكن إغفال حقيقة أن الفن المصرى كان ولا يزال محتضناً للقضية الفلسطينية بكل تفاصيلها, ونعترف أنه أحياناً ينقصنا أدوات التسويق الفنى للمنتج الفنى خاصة الوثائقى, لكن على كل حال الفيلم الوثائقى هو فيلم مهرجانات من الدرجة الأولى, لكننا نحاول إيصاله لكافة الشرائح المختلفة. هل السينما “المصرية والعربية” لا تزال تحتضن القضية الفلسطينية كما كان من قبل؟ هذا السؤال اعتبره سؤالا مهما جدا, لكن قبل أن أجيبك عليها، أريد القول إنه بكل المنعطفات التى مرّ بها الشعب الفلسطينى, من جسّدها سينمائياً عرب, نذكر على سبيل المثال لا الحصر (حاتم على, شوقى الماجد, ناجى العلى, توفيق صالح), ولا يمكن إغفال دور المؤسسة العامة للسينما, لكن المشكلة الآن تكمن فى الامكانيات نحن بحاجة حقيقية إلى امكانيات, هناك العديد من الكتاب وصناع السينما سواء الروائية أو الوثائقية, لكن لا توجد امكانيات أو دعم كالسابق, تلك المرحلة والظروف اختلفت فيها الرؤية لفلسطين, اختلفت فيها أشياء عديدة, حتى الجمهور تغيّر نتيجة تغيّر البيئة المحيطة, بين مد وجزر, لكن القضية الفلسطينية قضية راسخة لن ولم تتغير فتلك ثوابت وطنية وعربية قومية, ولا يمكن ربط القضية الفلسطينية كهمّ وطنى بالإنتاج السينمائى, ما بيتم الربط, حتى وإن تغيّرت الظروف لن تتغير الثوابت, حتى بعد طرح موضوع صفقة القرن, وأنا من موقعى أناشد وأطالب جامعة الدول العربية بإنشاء قناة عربية وثائقية, أو على الأقل تصبح لكل دولة عربية قناة وثائقية خاصة بها. وفيما يخص مصر, فى اعتقادى أنها كانت ولاتزال شعلة الفن العربى, برغم التحديات السياسية والاجتماعية والاقتصادية التى مرت بها, إلا أننا لا يمكننا إغفال دورها التاريخى فى دعم القضية الفلسطينية, فعلى سبيل المثال نجد أن دور العرض السينمائية المصرية فتحت أذرعها لنا, ورغم تغير الظروف وتحّول نهج الإنتاج الفنى فى مصر, بعضه وليس مجمله, وانتشار الإنتاج الفردى الخاص وليس إنتاج الدولة والمؤسسات الرسمية المعنية, إلا أننا مازلنا نراهن على هذا الدور الفنى المصرى القومى العروبى. فيما يخص “صفقة القرن”.. ما تقييمك لتناول الإعلام العربى والدولى لتلك القضية؟ نجد أن موضوع صفقة القرن رُفِض شعبياً ودبلوماسياً وسياسياً وأمنياً ورسمياً فبالتبعية رُفِض إعلامياً أيضاً, حسب القانون الفيزيائى نفى النفى إثبات, فالفيديو كليب والأخبار والبرامج تلفظ تلك الصفقة المشبوهة اللاإنسانية, وأنا اعتقد أننا صامدون على موقفنا كفلسطينيين وعرب, وبالتالى أيضاً وسائل الإعلام الفلسطينية والعربية تنتهج نفس النهج, وخطابات الرئيس الفلسطينى ” محمود عباس” أكد هذا الأمر فى جميع خطاباته التى تلت طرح الصفقة, أما فيما يخص الإعلام الدولى فلابد التفريق ما بين الإعلام الأوروبى والأمريكى فى تناوله للقضية بشكل عام أو صفقة القرن بشكل خاص, فالعديد من الدول الأوروبية تتضامن مع القضية مع الإنسانية, أما عن الإعلام الأمريكى فالرئيس الأمريكى ” ترامب” وصهره ” كوشنير” هما من طرحا الصفقة وروّجا لها إعلامياً من خلال وسائل الإعلام الأمريكية فى البداية, ثم بعض وسائل الإعلام العربية بعد ذلك, وهذا كله لا ينفى شبهة أن بعض وسائل الإعلام العربية والدولية تتعمد تهميش القضية الفلسطينية. ما أبرز الرسائل التى توّد أن تقدمها للشباب العربى والفلسطينى؟ أولاً أود القول: هناك تحد يواجه الشباب العربى بشكل عام والفلسطينى بشكل خاص, وهو فكرة الحفاظ على الدولة الدولة الوطنية, عليهم أن ينتبهوا فى ظل انتشار التظيمات المتطرفة التى تعبث بتكوين الدول وطمس هويتها, ناهيك عن الاحتلال الاستيطانى الصهيونى وضرورة الاستمرار فى ردعه, ولابد من العمل على الحفاظ على البوتقة العربية التى تجمعنا ونتمسك بها, ورسالتى إلى الشباب الفلسطينى والعربى, تمسكّوا بالأمل فهو الحياة, واشتغلوا وابدعوا واعملوا ما عليكم, وأود أن أردد بعض كلمات ناجى العلى حين قال “إن منعوا عنك الغذاء فارسم بستان, وإن منعوا عنك الدواء ارسم وطن وإن منعوا عنك الوطن ارسم فلسطين”, فمهما كان التكالب علينا كعرب لابد من الاستمرار والصمود والمواجهة, ولازلنا متمسكين بالشرعية الدولية والقوانين الدولية, علينا أن نظل نحلم بالحرية والكرامة, ورسالتى الأخيرة هى من لا يحب مصر فلن يحب فلسطين ومن لا يحب فلسطين لا يحب مصر. ما حلم فايق جرادة المخرج والسياسى المناضل الفلسطينى؟ الحلم العربى لايزال موجودا بقلب كل عربى شريف ووطنى, والدبلوماسية الشعبية تستطيع عمل ما لم يستطع السياسيون عمله وهذا هو الأهم, بحلم بإنتاج عمل فنى وثائقى عربى مشترك, ينافس عالمياً ويقدم رسالة مهمة وقوية للشعوب, ويبقى ميراثاً للأجيال القادمة, وأنا لازال لدىّ الأمل, والأمل لا يموت, ولدى تجربة مميزة فى تطوير المحتوى الإعلامى العربى داخل تليفزيون فلسطين من برامج متنوعة, وأنا أحاول ولازلت أحاول, فأنا مؤمن بأهمية الصورة وثقافة الصورة, فأنا على مدار عقود نفذت وأخرجت العديد من الأفلام والموضوعات السياسية وغير السياسية, وشاركت بالعديد من المهرجانات العربية والدولية, وهذا أكسبنى قدرة على الاستمرار مع التطوير, وأود أن أذكر فى هذا السياق أننى قد عرضت على وزير الإعلام ” أحمد عساف”, أحد الأفكار الخاصة بإنتاج الأعمال الوثائقية من خلال تليفزيون فلسطين, وهو بالفعل وافق مبدئياً على الفكرة, بالإضافة إلى دعم إخواننا المنتجين العرب وخاصة المصريين لتنفيذ تلك الفكرة, ومن هنا يمكن الاستمرار وعدم التوقف فى ظل التطورات التكنولوجية وتسارع وتيرة الأحداث السياسية وغير السياسية, وأخيراً أقول أننا أمام مفارقة كبيرة وبالأرقام, ما أنتجه الاحتلال الصهيونى حول فلسطين والقدس ما يقارب 250 فيلما, وما أنتجه العرب منذ 1948 م وحتى تلك اللحظة ما يقارب 50 فيلما! لكننى مازلت متفائل وأحيا بالأمل.