ولدت السينما الفلسطينية مبكرا, في أواسط لثلاثينيات من القرن العشرين. فقد قام لمخرج إبراهيم حسن سرحان( من الرواد في السينما الفلسطينية) بصنع أول فيلم تسجيلي( وثائقي) عن زيارة الملك سعود بن عبد العزيز آل سعود إلي فلسطين العام1935 ومدته 20 دقيقة) ويظهر لفيلم هذا كيف تنقل الملك سعود بين المدن الفلسطينية( القدس واللد ويافا) برفقة الحاج مين الحسيني الذي كان مفتيا للديار المقدسة في فلسطين( مفتي الديار الفلسطينية). كما قام بصنع فيلم روائي بعنوان أحلام تحققت بالاشتراك مع جمال الأصفر وفيلم وثائقي عن عضو الهيئة العربية العليا أحمد حلمي عبد الباقي. بعد هذه البداية قام ابراهيم سرحان بتأسيس استوديو فلسطين وقام بانتاج فيلم روائي بعنوان عاصفة في بيت وانتج بعض الأفلام الاعلانية القصيرة إلي أن نزح إلي الأردن عام1948. رائد آخر كان أحمد الكيلاني الذي درس السينما اخراجا وتصويرا في القاهرة, حيث تخرج عام1945( كتاب فلسطين والعين السينمائية حسان أبو غنيمة.) عاد الكيلاني إلي فلسطين ليؤسس مع جمال الأصفر وعبداللطيف هاشم الشركة العربية لانتاج الأفلام السينمائية. ولجأ بعد النكبة إلي الأردن, حيث استقر فيها وعمل في المجال السينمائي. أما جمال الأصفر فاستقر في الكويت. تذكر بعض المصادر نقلا عن الكيلاني: أن فيلم أحلام تحققت من أخراج خميس شبلاق, وليس سرحان وأن أول فيلم روائي فلسطيني في فلسطين هو حلم ليلة من إخراج صلاح الدين بدرخان سنة1946, حيث عرض في القدس ويافا وعمان وبلاد أخري. محمد الكيالي هو سينمائي فلسطيني آخر مارس العمل السينمائي في الأربعينيات وقام بانتاج بعض الأفلام القصيرة قبل1948 كان الكيالي قد سافر إلي ايطاليا لدراسة السينما, وبعد عودته تعاون مع مكتب الجامعة العربية, الذي كلفه بإخراج فيلم عن القضية الفلسطينية الذي لم ينجز بدوره بسبب نكبة1948. وقد تمكن الكيالي من انتاج فيلم روائي طويل عام1969 يدعي ثلاث عمليات في فلسطين. تجدر الإشارة إلي أن البعض يعيد بدايات السينما الفلسطينية إلي الأخوين إبراهيم وبدر لاما ذوي الأصل الفلسطيني. الاخوان لاما هما ابنان لوالدين فلسطينيين هاجرا من بيت لحم إلي تشيلي في مطلع القرن العشرين. عام1926 يقرر الأخوان الاتجاه إلي فلسطين وإنشاء صناعة سينمائية هناك, فأخذا معهما معدات سينمائية وتوجها إلي فلسطين في الباخرة. لم يكمل الاخوان لاما رحلتهما إلي فلسطين فبعد توقف الباخرة في الاسكندرية قررا البقاء فيها وعدم إكمال الرحلة إلي فلسطين. يعيد الباحثون قرارهما إلي الأوضاع السياسية غير المستقرة في فلسطين من ناحية والجو الثقافي في الاسكندرية من ناحية أخري. في الاسكندرية أسس الأخوان لاما نادي مينا فيلم السينمائي, وبعد ذلك شركة كوندور فيلم والتي انتجت أول فيلم عربي قبلة في الصحراء الذي عرض في مايو1927 في سينما كوزموجراف. وقد انتجت هذه الشركة62 فيلما طويلا حتي العام1951. وتميزت الأعمال السينمائية الفلسطينية القديمة بجماليتها التسجيلية, فقد صور المخرجون الحياة الفلسطينية والأحداث دون أهداف مادية بحتة, بل من أجل التوثيق ليس إلا.. وبالتي ولدت السينما التسجيلية الفلسطينية في السنوات مؤرخة لنبض اللحظة الفلسطينية, ويشهد العالم العربي والفلسطينيون في أيامنا الحالية طفرة هائلة علي صعيد الفيلم التسجيلي والوثائقي, هذه الطفرة التي بدأت في أواسط التسعينيات بمجيء السلطة الوطنية الفلسطينية في عام1994. 75 عاما تقريبا مرت علي السينما التسجيلية الفلسطينية. وهي سنوات تستحق الالتفات إليها من قبل الباحثين والكتاب. وقد عجلت انطلاقة الثورة الفلسطينية عام1965 من بلورة سينما فلسطينية تسجيلية جادة. ومازلنا نذكر المخرج مصطفي أبو علي الذي أخرج فيلم بالروح والدم عام1970, والذي حصل علي جائزة أفضل فيلم تسجيلي في مهرجان دمشق الدولي عام1972 ومن المعروف أن المخرج مصطفي أبو علي كان مساعدا لجان لوك جودار في عام1970 عندما اخرج فيلمه عن الثورة الفلسطينية والذي يحمل عنوان من هنا وهناك, وفيلمه غسان كنفاني عام1973. عاد المخرج( مصطفي أبو علي) إلي الضفة الغربيةبفلسطين, واستقر نهائيا هناك في2000, وقام في عام2004 بتأسيس أو اعادة بناء جماعة السينما الفلسطينية ومقرها الحالي رام الله. وأيضا المخرج رفيق حجار الذي أخرج الطريق والبنادق متحدة عالم1973. والمرحلة الفلسطينية في لبنان شهدت نهضة تاريخية في الفيلم التسجيلي والوثائقي الفلسطيني. وتقول الباحثة هناء الرمالي في دراستها السينما الفلسطينية بين عثرات الواقع وتطلعات الطموح إن سمة الأفلام مع بعض الاستثناءات القليلة, لم تصل إلي امكانية الطرح الفكري العميق والرؤية الناضجة القادرة علي انتاج فن سينمائي يصل إلي حدود الطموح وقامة الجهاد الفلسطيني. ومن أسباب هذا التقصير عدم وجود مؤسسات راعية لهذا الفن الراقي ودوره, ومازلنا في نفس دائرة الغياب.. غياب الرؤية السينمائية والنصوص المؤهلة لتصل برسالة وجهاد شعب فلسطين إلي أوسع المساحات وربما غياب الامكانات جعل الكثيرين ينكفئون نحو المشاريع الذاتية. لم يكن واقع المؤسسات الثقافية الفلسطينية التابعة لفصائل المقاومة بأحسن حالا من حيث انتاج أفلام سينمائية تسجيلية, إذ ان معظم الأفلام بقيت مخزنة في العلب, ولم تحظ بعروض جماهيرية واسعة. فقد انتجت الجبهة الديمقراطية عددا من الأفلام ومعظمها تحت اشراف رفيق حجار منها:( الطريق1973),( البنادق المتحدة),( أيار الفلسطينيون), مولود في فلسطين1975. وكذلك قدمت الجبهة الشعبية عددا من الأفلام وكان آخرها( في عين العاصفة) عن اغتيال أمين عام الجبهة الشعبية أبوعلي مصطفي, أول أفلامها كان( علي طريق الثورة الفلسطينية) عام1971 إخراج فؤاد زنتوت,( النهر البارد) لقاسم حول,( غسان كنفاني البندقية والكلمة) وأيضا لقاسم حول,( بيوتنا الصغيرة) والفيلم الروائي الوحيد( عائد إلي حيفا)( برلين المصيدة)982 ا و( صباح الخير يا بيروت) للمخرج جبريل عوض. الجبهة الشعبية( القيادة العامة) انتجت ثلاثة أفلام وثائقية: فدائيو عملية الخالصة فدائيو عملية أم العقارب تخريج دورة من المقاتلين. وهي أفلام تسجيلية لم تصور بكاميرات سينمائية. أفلام طلائع حرب التحرير الشعبية( قوات الصاعقة):( مع الطلائع) و( يوميات فدائي) بين العامين1969 1970 وهما من اعداد الاستاذ عبد الرحمن غنيم.