ورقة عمل مقدمة من هانى عبد المجيد محمد عضو مجلس إدارة اللجنة النقابة للعاملين بمؤسسة الأهرام – مقدمة: 1– ماهية ومفهوم حروب الجيل الرابع. 2–ذخيرة وأهداف حروب الجيل الرابع. 3– العمال هدف لقذائف حروب الجيل الرابع. 4– آليات المواجهة ودفاعات الوعى. منذ خلق الله الأرض وأسكنها ذرية آدم عليه السلام والحروب لم تضع أوزارها سعياً من القوى لسلب ما وهبة الله لغيره، فكان الصراع الأول بين قابيل وهابيل الذى أوغر صدره ما أنعم الله به على هابيل فقتله، ومع تطور البشرية فها هى القبائل يغير بعضها على بعض لنهب الثروات وإخضاع الخصوم للسيطرة ثم كانت صراعات الإمبراطوريات كالفرس والروم والتتار وصولاً إلى حروب الدول والتحالفات والتى اتخذت أشكالاً عدة من حربين عالميتين سبقهما وأعقبهما احتلال دول لدول أخرى فى أفريقيا والشرق الأوسط وفى كل الحروب كان الهدف واحد وهو إخضاع الخصم للسيطرة والاستيلاء على مقدراته لكن الأدوات والاستراتيجيات تطورت مع تطور الزمن، فكانت الأسلحة أحجار ثم المعادن والذخائر ثم ما نحن بصدده اليوم من تطور تكنولوجى، ومن ثم يمكن تقسيم أجيال الحروب إلى أربعة رغم أن الجيل الخامس بدأ فعلياً.
أولاً ماهية الحروب ومفهومها الحرب هى إكراه الخصم لإخضاعه للسيطرة وسلب إرادته. أجيال الحروب: 1 –حروب الجيل الأول: كانت تستخدم فيها المواجهة المباشرة والمناورة المحدودة وساحة المعركة كانت محدوده أيضاً حيث كان يتواجه الخصمان بالسلاح أو وجهاً لوجه فى أرض محدود للمعركة سواء كان السلاح سيوفاً أو باروداً مع بداية ظهور البنادق. الجيل الثانى: مع تطور الثروة الصناعية وظهور المحركات والوقود البترولى بدأت تظهر الدبابات والمدافع والأسلحة بعيدة المدى فتطورت القوى التدميرية وأتسعت لساحات القتال وأصبحت المناورة بين الخصوم أكبر. الجيل الثالث: مع ظهور الطيران أصبح بإمكان الخصم الانتقال إلى خلف خطوط العدو واستهدافه فى أرضه كما حدث فى اليابان التى دمرت من قبل أمريكا بالقنابل الذرية والصواريخ الموجه التى تعبر القارات دون أن يتحرك جندى وكذلك الحرب الأمريكية فى أفغانستان حيث نقلت الطائرات والسفن العدو إلى أرض الخصم. الجيل الرابع: هى الحروب التى تستخدم الأسلحة الناعمة مثل الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعى والذكاء الاصطناعى بهدف زعزعزة الاستقرار وتحويل المواطن نفسه إلى أداة وسلاح لهدم الدولة دون الحاجة إلى استخدام أسلحة الحروب التقليدية. ثانياً ذخيرة وأهداف الجيل الرابع 1- حروب الجيل الرابع غير متماثلة موجهة يشنها الخصم بطرق سرية فقد لا تعلم الدولة أو الشعب أنها فى حرب من الأساس. 2 – الحروب تستهدف الشعب ذاته وكافة مؤسسات الدولة بعكس الحروب التقليدية التى تستهدف الجنود والحصون العسكرية، على سبيل المثال حروب الجيل الرابع تستهدف زعزعة وإستقرار الدولة اقتصادياً واجتماعياً وأمنياً بل تستهدف جدار الثقة بين الشعب والقيادة السياسية لخلق حالة من التدهور الدائم يؤدى إلى إنهاك الدولة وتفككها. 3 – إن حروب الجيل الرابع طويلة المدى وتستغرق وقت طويل لتحقيق أهدافها على عكس الحروب التقليدية الخاطفة والسريعة والتى تنتهى إلى وقف إطلاق النار بعد قهر أحد الخصوم للآخر. 4 – إن حروب الجيل الرابع أقل كلفة للعدو وأقل فى الخسائر فهو لا يستخدم فيها طائرات أو معدات كما أنه لا يتعرض لخسائر فى السلاح أو الأرواح فهو يحارب عن بُعد ومن خلف الشاشات مستخدما الشائعات. 5 – إن حروب الجيل الرابع سلاحها هو شعوب الدولة المستهدفة أو المغرر بهم كما حدث فى سوريا التى تم زعزعة استقرارها، ثم دفع مجموعات من شعبها لحمل السلاح فى مواجهة الدولة وإحداث انشقاقات داخل المؤسسات ثم الدفع بمجموعات إرهابية تحت شعارات أنها مجموعات تناضل ضد الفساد. أهداف حروب الجيل الرابع: 1 – إن هدفها الرئيسى هو هدم الدولة وتحويلها إلى دولة فاشلة حتى تكون قادرة على بسط نفوذها على أراضيها فيتم إخضاعها لسيطرة العدو ويتحقق هذا الهدف بثلاث مراحل هى: المرحلة الأولى: بث الشائعات لتدمير الإقتصاد وهدم الثقة بين الشعب وقياداته. المرحلة الثانية: تحويل الدولة لدولة فاشلة تعجز مؤسساتها عن السيطرة وتلبية مطالب الجماهير. المرحلة الثالثة: بسط إرادة العدو والتحكم فى مصير الدولة عبر تحريك العملاء أو قيادات التيارات والطوائف لتقسيم الدولة وتحويلها إلى تابع يحصل على الغذاء مقابل نهب ثرواته بدون أى حروب. فهى حرب طويلة المدى تحقق أهدافها تدريجياً للوصول إلى الهدف الرئيسى لتدمير الدولة وتحدث عن ذلك البروفيسور ماكس مانوارينج، الباحث فى الاستراتيجية العسكرية الأمريكية قائلاً إن:”هذا الجيل الجديد فى الحرب يستخدم فيها كل الوسائل المتاحة لخلق دولة ضعيفة منهكة تستجيب للنفوذ الخارجى” وأعقب كلامه قائلا:”فإذا فعلت هذا بطريقة جيدة وببطئٍ كافٍ باستخدام”مواطنى الدولة العدو” لتستيقظ لتجد عدوك ميتاً). ثالثاً العمال هدف لقذائف حروب الجيل الرابع إن حروب الجيل الرابع كما أوضحنا تستهدف الشعب، وتستخدمه لتدمير الدولة من الداخل لكنها لا تستهدف الشعب كتلة واحدة فى أغلب الأحيان بل تعمل على تفكيكه جزئياً وتدريجياً من خلال خلق حالة سخط فى قطاعات متنوعة تارة بين الطلاب أو أصحاب المهنة الواحدة أو بين قطاعات العمال ولخلق حالة السخط هذه بين العمال تحديداً يتم انتهاج استراتيجية خطيرة، فالعمال هم القوى الإنتاجية الضاربة فى كافة المؤسسات، والعمال هنا يقصد بهم؛ العامل الحرفى أو الإدارى والمهنى، وهم العاملون بكل قطاعات المؤسسات والتى تمثلهم النقابات واللجان العمالية، فيتم تحريكهم من خلال الأوضاع الاقتصادية فى مواجهة أعباء الحياة مع نشر شائعات تزعزع الإستقرار فى الدولة، يتم التأثير سلباً على فرص الاستثمار وقطاع السياحة والاقتصاد بشكل عام مما يؤدى إلى تزايد البطالة وتدنى الأجور فتسخط الجماهير وتنزل للشوارع فيتم استخدام ذلك الحراك فى تحويل مطالب التغير إلى تخريب وتدمير، وبالتالى فالعمال مستهدفين بالشائعات فهم هدف للحرب وأحد أدوات تحقيق أهدافها. رابعاً آليات المواجهة ودفاعات الوعى كيف يتحول العمال إلى حصون فى مواجهة قذائف حروب الجيل الرابع؟ 1 – يجب تنمية الوعى لدى العمال بأهمية معرفة حروب الجيل الرابع وأهدافها وآلياتها حتى تخلق لديهم مناعة ضد الاستجابة للشائعات وغيرها. 2 – يجب تنشيط دور القيادات العمالية والنقابات واللجان النقابية لوئد الشائعات وحل مشكلات العمال وتحقيق مطالبهم المشروعة لتحقيق الرضاء العام ومنع استخدامهم كأدوات فى هذه الحروب. 3 – التوعية بأهمية العمل والإنتاج والتعريف بحجم الموارد وحجم التحديات وخطط التنمية التى تنجزها الدولة للنهوض بالاقتصاد المصرى والأثر الإيجابى الذى سيتحقق للدولة والشعب وفى القلب منهم العمال من آثار إيجابية متصلة مما يحفزهم على العمل وتحمل أعباء الإصلاحات الضرورية للنهوض لمستقبل أفضل. 4 – إنشاء النقابات ولجانها النقابية لوسائل تواصل حديثة من خلال إصدار بيانات دورية أو صفحات رسمية على صفحات التواصل الاجتماعى للتعريف بأنشطتها والاستماع لمطالب العمال وتقديم المعلومات الصحيحة وقتل الشائعات، وذلك لتأدية دور فعال وتواصل بنّاء بين العاملين بكل مؤسسة وإداراتها. 5 – تنظيم دورات تثقيفية فى كافة المجالات، منها القانونية للقيادات النقابية لمعرفة الحقوق والواجبات ثم تتسع فيما بعد لتشمل جميع العاملين. 6 – التعاون بين النقابات واللجان النقابية والمؤسسات العلمية كأكاديمية ناصر العسكرية، لمنح دورات تثقيفية فى المجالات المتعلقة بالأمن القومى ومواجهة الحروب الحديثة باعتبار العامل هدف وجندى فى المعركة. وفى الختام يظل الوطن هو الحصن, ورفعته هو الغاية, ويبقى شعبه الأصيل هو الحامى له, والمضحى بكل غالى ونفيس دفاعا عنه, وتبقى تضحيات الشهداء وسام على صدور الشرفاء, يذكر الجميع بأن هناك من ضحى من أجل الجميع, ودور كل منا فى مكانه هو العمل للحفاظ على الوطن فى مواجهة الحروب بأجيالها الحديثه. ولن يتحقق ذلك إلا بالعمل, والتوعية والتثقيف والتنوير “فمن عرف لغة قوم آمن شرهم”.. ونحن نقول من عرف مخططات وأساليب الأعداء فى حروبهم الحديثة آمن مكرهم. *هانى عبد المجيد ماجستير فى القانون وباحث دكتوراه/الأمين العام المساعد للجنة النقابية للعاملين بمؤسسة الأهرام