في تحركات محاطة بدرجة كبيرة من السرية، تقوم الولاياتالمتحدةالأمريكية بجمع الأدلة عن تورط تنظيم جماعة الإخوان في الإرهاب، وعلاقة دولة قطر بهذا التنظيم. وبدأت عملية مواجهة مباشرة لمحققين أمريكيين مع قيادي ليبي في جماعة الإخوان، هو خالد المشري، رئيس ما يعرف باسم “مجلس الدولة” في ليبيا. وجرت المواجهة في مقر أمريكي في قطر، خلال الأسبوع الماضي. وتقول معلومات الأجهزة الأمنية الليبية إن السفير الأمريكي الجديد في ليبيا، ريتشارد نورلاند، استدعى المشري إلى مقر إقامة السفير في تونس، وطلب منه التوجه إلى الدوحة. كما طلب السفير الأمريكي من المشري أن يأتي معه بملفات تخص الإجابة عن تهم بشأن نشاط واسع يقوم به تنظيم الإخوان في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، بالتعاون مع كل من قطروتركيا وتنظيمي القاعدة وداعش. وفي الدوحة انضم مجموعة من المحققين الأمريكيين لاستجواب المشري، منذ يوم الأربعاء الماضي، بينما ظلت الحكومة القطرية تراقب ما يحدث وتحاول التنصل من رعايتها لهؤلاء الإرهابيين. ومن بين القيادات الأمريكية التي وصلت إلى الدوحة من أجل الاستماع بشكل مباشر إلى إجابات المشري، الجنرال المتخصص في محاربة تنظيم داعش، ستيفن تاونسند. ويتولى تاونسند قيادة قوة المهام المشتركة المعروفة باسم “عملية العزم الصلب (CJTF–OIR)”، التي شكلتها القيادة المركزية الأمريكية في خريف 2014 لمحاربة تنظيم داعش حين ظهر وقتها في العراق والشام. وأمام هذه الإجراءات الأمريكية التي تسعى لجمع معلومات عن تورط الإخوان في الإرهاب مع تنظيمي القاعدة وداعش في المنطقة، برعاية قطرية وتركية، بدأت الدوحة في اتخاذ قرارات في محاولة منها لتبرئة ساحتها. وتقول المعلومات الأمنية إن الأمير القطري، الشيخ تميم، اضطر، أمام هذه التحركات الأمريكية، لإصدار أوامر الغرض منها “مكافحة غسيل الأموال” والظهور أمام المحققين الأمريكيين بأن الدوحة تسعى ل”وقف دعم الجماعات الإرهابية” المرتبطة بها. ومع ذلك يبدو أن “الذيل الأعوج سيظل أعوج”.. فرغم الوقوف الظاهري من جانب بعض المسئولين القطريين مع توجهات مجموعة التحقيق الأمريكية الأخيرة، إلا أن الدوحة قامت بالعمل من النوافذ الخلفية للاستمرار في مساعدة قادة الإرهاب لديها. ومن بين ما تقوم به الدوحة حاليا أنها لجأت إلى بريطانيا لنجدتها، ومن أجل مساعدتها في احتضان الأموال الضخمة التي تخص قيادات مرتبطة بالإرهاب من بينها قيادات ليبية وأخرى مصرية، ومن جنسيات مختلفة. وتشير المعلومات إلى أن مصارف قطرية تعمل الآن على نقل أموال تخص شخصيات متهمة بالإرهاب، إلى مصارف في بريطانيا.. وأنها تسعى لإقناع السلطات البريطانية بالسماح لهذه الأموال بالاستثمار بشكل قانوني انطلاقا من بضعة بنوك في لندن، مع تقديم تسهيلات لها مثل الإعفاء من الضرائب وغيرها. وبالعودة إلى سير التحقيقات الأمريكية مع المشري في الدوحة، والتي يشرف عليها السفير نورلاند، والجنرال تاونسند، تقول المعلومات إن أسئلة المحققين الأمريكيين تركزت على نشاط تنظيم الإخوان في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وتعاونه مع تنظيم القاعدة من خلال فرعها الليبي المعروف باسم “الجماعة الليبية المقاتلة”، وكذا قيام الإخوان بفتح الطرق لوصول المئات من كوادر داعش من سورياوالعراق إلى ليبيا. وتطرقت التحقيقات إلى علاقة شخصيات أخرى بالإرهابيين في المنطقة، من بينها قيادات في المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق، وكذا إلى تفاصيل تخص الجهات التي تتولى نقل الإرهابيين من سوريا عبر تركياوتونس، وإدخالها إلى ليبيا. ولدى أمريكا قاعدة عسكرية ضخمة ومقار للاستخبارات، في قطر. ومن المعروف أن الكونجرس الأمريكي يسعى منذ شهور لإدراج جماعة الإخوان ك”منظمة إرهابية”. ويقول مصدر أمني على علاقة بهذه القضية، إن المشري استُدعي إلى مقر السفارة الأمريكية، وجلس أمام السفير نورلاند “مثل الطفل المذنب”. وأن نورلاند طلب منه ملفات بعينها عن أسماء وأنشطة ودفع أموال، لتنظيمات إرهابية تعمل عبر المنطقة. وإن المشري طلب الإذن من السفير لكي يذهب إلى مكتبه في طرابلس لإحضار هذه الملفات، لكن السفير الأمريكي منعه من ذلك، وأجبره على الاتصال أمامه بمساعديه في مجلس الدولة، من أجل أن يحضروا الملفات التي تخص هذه التفاصيل. وهو ما قام به المشري بالفعل. ثم تم نقل المشري بملفاته إلى الدوحة، وأقام في مقر للأمريكيين لاستكمال التحقيقات التي انضم إليها الجنرال تاونسند. وأدى هذا إلى حالة ارتباك لدى حكام قطروتركيا، وداخل التنظيمات الإرهابية وعلى رأسها التنظيم الدولي للإخوان.