رعاية وإيواء وشراء ذمم وضمائر، ذلك ما جناه شيطان الإرهاب القطرى على ليبيا، أما ما جنته ليبيا من أموال قطر ففرقة وانقسام وتشرذم وهيمنة ميليشيات وإرهاب موجه يتجاوز الحدود الليبية إلى مصر لقتل أبنائها. الهدف كان ولم يزل تنفيذ مخطط دولى لتحويل منطقتنا إلى بؤر صراعات دينية وطائفية، والسلاح هو جماعات التأسلم وشيوخ الإرهاب، والنتيجة هى ما نراه اليوم بأعيننا؛ صراع بقاء ضد الإرهاب تخوضه ليبيا، وتهديد مباشر للأمن القومى تواجهه مصر. وما كان للدور الشيطانى أن يكتمل لولا بوق «الجزيرة» الذى تكشفت حقيقته عبر السنوات الماضية، والذى تبنى بالزيف أفكار الإرهاب والهدم وعمد إلى ترويجها، حيث شكلت الجزيرة إذاعات محلية بالداخل الليبى تتحدث باسم الميليشيات وتروج خطابهم، وسكبت ببثها المباشر الزيت فوق معارك ليبيا المحتدمة، واستضافت رءوس إرهابها فى مكاتبها بالدوحة، وتبنت خطاب الإخوان التحريضى ورموزهم الداعين للخروج على الدولة وهدم قواعدها. أبو حفص بنيامين إفرايم الملقب فى ليبيا ب«أبو حفص».. رجل مخابرات إسرائيلى تسلل إلى ليبيا مع مسلحين واستقر فى إحدى مناطق بنغازى الليبية، وتخفى فى هيئة إمام مسجد، وجمع حوله الأنصار حتى قاد تنظيما لداعش هناك. قصة قصيرة حقيقية مخيفة تلخص ما تعرضت له المنطقة عامة وليبيا خاصة عبر سنوات وحتى اليوم.. أما قطر فكانت وكيل الشيطان وأداته للتنفيذ بأدلة وحقائق مفزعة تتكشف كل يوم منذ إعلان الدول الداعية لمكافحة الإرهاب مصر والسعودية والإمارات والبحرين مقاطعتها للدوحة. فى عام 2014، أعلن مؤسس موقع «ويكيليكس» جوليان أسانج رسائل كتبتها هيلارى كلينتون لمدير حملتها للانتخابات الرئاسية جون بوديستا تكشف أن واشنطن كانت على علم بتمويل حكومة قطر ودولة أخرى لتنظيم داعش الإرهابى بليبيا، ذلك التنظيم الذى قتل أبناءنا على شواطئ درنة وفى المنيا، مما يكشف التدخل الخبيث للدوحة لمحاولة إحداث الفتن فى مصر عبر البوابة الليبية.منذ عام 2011، لم تتوقف ماكينة الصراف القطرى وخطوطه الجوية عن إرسال الأموال لأئمة الإرهاب وساسته وميليشياته فى ليبيا، تقرير صادر عن الأممالمتحدة فى مارس2013 كشف عن أن قطر انتهكت فى عامى 2011 و2012 حظر الأسلحة الذى فرضته الأممالمتحدة من خلال «توفير المواد العسكرية للقوات الثورية من خلال تنظيم عدد كبير من الرحلات الجوية وتسليم مجموعة من الأسلحة والذخائر»، وهو دليل ملموس من بين عشرات الأدلة الخافية. بدءًا من الإخوان مرورا بالقاعدة ووصولا لداعش، لم يتوقف مدد التمويل القطرى عن أمراء الحرب تحت لواء الدين فى ليبيا، القائمة الأولى التى أصدرتها دول رباعى مكافحة الإرهاب من 59 فردا و12 كيانا تدعمهم قطر ضمت كتائب الدفاع عن بنغازى و5 أفراد من ليبيا، ثم أصدر الجيش الوطنى الليبى قائمة ثانية تضم 75 ليبيا و9 منظمات مرتبطة بقطر، ثم أصدر التحالف قائمة ملحقة من 9 كيانات و9 أفراد ضمت فردين و6 منظمات من ليبيا. أفراد وكيانات مثلوا عبر سنوات دور سفير الحرب فى ليبيا ووسيط الإرهاب والدماء بين الدوحةوطرابلس. أقامت قطر صلات وثيقة مع قادة الميليشيات الرئيسية فى ليبيا مثل عبدالحكيم بلحاج، أمير الجماعة الإسلامية الليبية المقاتلة المنحلة عام 2011، وقائد المجلس العسكرى للثوار فى طرابلس، وهى جماعة تابعة للقاعدة فرضت عليها عقوبات من قبل كل من الولاياتالمتحدةوالأممالمتحدة، وكذلك جماعة «أنصار الشريعة» المنحلة ومجلس شورى المجاهدين فى «درنة»، كما رعت بأموالها الصادق عبد الرحمن على الغريانى الذى شغل سابقا منصب مفتى ليبيا ودعا إلى تدمير الحكومة والجيش الوطنى بالمنطقة الشرقية، وكذلك إسماعيل الصلابي، زعيم كتيبة «راف الله السحاتي»، شقيقه هو على الصلابي، الإخوانى المقرب من أمير قطر تميم بن حمد، صاحب العلاقات الوثيقة مع «الجماعة الليبية المقاتلة». أموال وأسلحة عمقت بها الدوحة الانقسام الليبى بين شرق وغرب، بدعم مباشر لتيارات التطرف الإسلامى المسلح فى مصراتة والغرب الليبي، تفرض به هيمنتها على قرار طرابلس، وتعرقل أى جهود للتسوية، وتكرس حالة الحرب، وتفتح أبواب ليبيا على مصراعيها أمام سباق الأطماع الغربية التاريخى فى البلد العامر بالثروات النفطية. اغتيالات برعاية الدوحة وقفت قطر وراء سلسلة من عمليات الاغتيال التى طالت شخصيات بارزة فى المشهد الليبي، فقد تورطت برعايتها للتنظيمات المتطرفة وفى مقدمتها «أنصار الشريعة» المنحل فى مقتل السفير الأمريكى فى ليبيا جون ستيفنز عام 2012 أثناء الهجوم على مبنى السفارة الأمريكية فى بنغازي، وكذلك اغتيال عبد الفتاح يونس، رئيس أركان الجيش الوطنى الليبى خلال ثورة 17 فبراير، بالإضافة إلى محاولة اغتيال فاشلة للقائد العام للجيش الوطنى الليبى المشير خليفة حفتر فى مقر قيادته فى منطقة الأبيار شرق بنغازي. وما زالت أصابع الاتهام تشير لتورط قطر باغتيال العقيد معمر القذافى ميدانيا للحيلولة دون اعتقاله وإخضاعه لمحاكمة، فى مشهد أجمع العالم على بشاعته رغم الاختلاف حول صاحبه، وتباهت به ميليشيات عبدالكريم بلحاج المدعوم قطريا، والذى كان مسئولا حينها عن مجلس ثوار طرابلس العسكري.