استقبلت الساحة العمالية فى مصر خلال الأسبوع الماضى، وفدًا من منظمة العمل الدولية، لمعاينة ما تم على أرض الواقع فيما يخص التشريعات العمالية وإجراء الانتخابات وضمان مطابقتهما للمعايير الدولية، وذلك من خلال اللقاء مع جميع أطراف العمل من حكومة ممثلة فى وزارة القوى العاملة، وأصحاب أعمال ممثلين فى اتحاد الصناعات، وكذلك لقاء ممثلين عن العمال، وهو اللقاء الأصعب، حيث التقى وفد المنظمة بثلاث جهات مختلفة، وهما الاتحاد العام لنقابات عمال مصر، ومجموعتين من النقابات المستقلة التى فشلت فى توفيق أوضاعها، الأولى كانت على رأسها سعد شعبان رئيس اتحاد عمال مصر الديمقراطى، والمجموعة الثانية وهى التى تحتضنها دار الخدمات النقابية والعمالية. مراحل بدأت بعثة المنظمة والتى ضمت كلا من، "كارين كيرتس" مسئولة إدارة معايير العمل الدولية، و"دان ريس" مدير برنامج العمل الأفضل، و"نظام قاحوش" كبير خبراء الأنشطة العمالية بمكتب منظمة العمل الدولية، وبحضور "إريك أوشلان" القائم بأعمال مدير مكتب المنظمة فى القاهرة، مهام عملها فى مصر، بزيارة إلى اتحاد الصناعات، ثم وزارة القوى العاملة، حيث استعرض الوزير محمد سعفان، اعداد اللجان النقابية التي وفقت أوضاعها هما 2214 لجنة على مستوي الجمهورية، فضلا عن 27 نقابة عامة، واتحاد عام واحد، موضحًا أن هناك 135 لجنة نقابية كانت قد أنشئت طبقًا لبيان الحريات النقابية الصادر عام 2011، فضلا عن 3 نقابات عامة، أصبحت حاليًا تحت المظلة القانونية، وأن حجم عضويتها يصل إلى 105 الاف، مشيرًا إلى أن هناك 228 لجنة نقابية تتبع الاتحاد العام لنقابات عمال مصر، لم تستطع إجراء انتخابات بها، وأن حجم عضويتها يصل إلى 150 ألفًا، وأن هناك 35 لجنة نقابية لا تتبع الاتحاد، لم تجر انتخابات بها حيث لم تستطع توفيق أوضاعها، وحجم عضويتها 22 ألفًا، منوهًا إلى أنه جار التواصل مع اللجان التي لم تستطع إجراء انتخابات لمعرفة المعوقات التي واجهتها ومحاولة إزالتها. مساعدة وشدد الوزير على أن كل الأصوات التي تعالت بعد بيان الحريات النقابية، لم تستطع توفيق أوضاعها، وليس لها وجود على الساحة النقابية، وأن الوزارة بصدد الإعلان لكل المنظمات التي لم توفق أوضاعها، لتتقدم للوزارة ومديرياتها على مستوي المحافظات لمعرفة المعوقات التي واجهتها حتى تتم مساعدتهم، مؤكدًا أن كل ما يخرج عن الإطار القانوني من النقابات المعتمدة يعدُّ أمرًا خارقًا للقانون وللاتفاقيات الدولية، مشددًا أن مساعدة المنظمة للدولة المصرية تتمثل فى إرساء القواعد الحقيقية للتنظيم النقابي ودعم وتدعيم كامل للجهات التي تمثل العمال حقيقًة وفعلًا. وعود وعن ملاحظة المنظمة حول قانون التنظيمات النقابية رقم 213 لسنة 2017 بشأن ضرورة تخفيض عدد عضوية اللجنة النقابية عن 150 عضوًا فى المنشأة الواحدة كي يتسنَّى لهم إنشاء لجنة نقابية، ما يضر بمبدأ حرية تكوين النقابات، أكَّدَ سعفان حرص الوزارة على هذا الأمر مشيرًا إلى أنه سيتم عقد حوار مجتمعي خلال الفترة القادمة مع منظمات أصحاب الأعمال وممثلي العمال لمناقشة تخفيض العدد إلى 50 عاملًا بالمنشأة، مشيرًا إلى أن القانون نص على أنه يحقُّ للعاملين فى المنشآت التي يقل عدد العاملين بها عن مائةٍ وخمسين عاملًا، وكذلك العاملون من ذوي المهن والحرف المتماثلة أو المرتبطة ببعضها أو المشتركة فى إنتاج واحد، لهم الحق فى تكوين لجنة نقابية مهنية عمالية على مستوى لا يقل عدد أعضائها عن مائةٍ وخمسين عاملًا. وعقب ذلك، قامت البعثة بزيارة لمقر الاتحاد العام لنقابات عمال مصر، فى 90 شارع الجلاء، وإجراء لقاء مع مجلس إدارته الجديد، حيث أكد رئيس الاتحاد ورئيس لجنة القوى العاملة بمجلس النواب، جبالى المراغى، أنه يرحب بإدخال تعديلات على قانون النقابات العمالية رقم 213 لصالح عمال مصر ومنظماتهم النقابية، واعدًا اللجنة بمناقشة هذه التعديلات فى البرلمان، وهو ما ثمنته "كارين كيرتس" بمبادرة رئيس الاتحاد بإدخال تعديلات على قانون النقابات الجديد، واعتبرته شهادة بأن الاتحاد العام لنقابات عمال مصر يقيم حوارا اجتماعيا من القاعدة للقمة. حرص وفى نفس السياق، أكد الأمين العام لاتحاد عمال مصر، محمد وهب الله، أن اتحاد العمال حريص على حماية مصالح العمال بغض النظر عن عضويتهم النقابية حيث أن القوى العاملة فى مصر يبلغ عددها 30 مليونا ونحن نقدم خدماتنا لكل العاملين سواء كانوا فى مصر أو خارجها، لافتًا إلى أن هناك منظمات نقابية سواء كانت مستقلة أو غيرها لم تتمكن من توفيق أوضاعها وكذلك العديد من اللجان النقابية التابعة للنقابات العامة بالاتحاد العام بموجب القانون، موضحًا أن الاتحاد سيجرى انتخابات تكميلية بهذه اللجان أوائل يناير القادم. أصحاب الأعمال وشدد عبد المنعم الجمل نائب رئيس الاتحاد للعلاقات الدولية، على أنه لا سلطان على الحركة النقابية إلا لأعضاء جمعياتها العمومية، وهى تدير أمورها بإرادتها الحرة، موضحا أنه يجرى حاليا عقد الجمعيات العمومية للنقابات العامة لتعديل لوائحها وفقاً لإرادة أعضائها. وأضاف الجمل، أن كثيرًا من أصحاب الأعمال كانوا أيضا عائقا لتشكيل تنظيمات نقابية بشركاتهم، وأنه بدأ اصحاب الأعمال على المستويين العام والخاص بمحاولات لتهميش دور التنظيم النقابي لمنعه من القيام بالدور المنوط به. وتحدث خالد عيش، نائب رئيس الاتحاد العام لشئون الاتحادات المحلية عن سيطرة الشركات المتعددة الجنسيات، وعدم احترامها للتشريعات الوطنية، مما يؤثر على حقوق العمال، مطالبا المستثمر الأجنبى بأن يحترم القانون. تعنت واختتمت المنظمة جولاتها بزيارة إلى مقر دار الخدمات النقابية والعمالية، فى 88 شارع القصر العينى، بوسط القاهرة، حيث كان هناك لقاء ساخن بين عدد من قيادات النقابات المستقلة على رأسهم وزير القوى العاملة الأسبق والمستشار القانونى للدار، الدكتور أحمد البرعى، وكذلك عدد من ممثلى النقابات التى تعثرت فى توفيق أوضاعها. ممارسات ففى هذا اللقاء، عرض ممثلون عن النقابات المستقلة كل ما تم من أحداث خلال مرحلة توفيق الأوضاع وما جاء بعدها من مرحلة إجراء الانتخابات، وطبقا لما أصدرته الدار فى بيان لها، فقد تحدث النقابيون حول كل ما واجهوه من تعنت غير طبيعي وغير منطقي من قِبل مديريات القوى العاملة فى القاهرةوالمحافظات، رغم استيفائهم للأوراق المطلوبة وفقًا للقانون رقم 213 لسنة 2017 الخاص بإصدار قانون المنظمات النقابية العمالية وحماية حق التنظيم النقابى، ولائحته التنفيذية. وجاء بالبيان، أن ممثلى النقابات عرضوا أيضًا على بعثة منظمة العمل الدولية، ممارسات مديريات القوى العاملة، والتي استهدفت المنظمات النقابية المستقلة عن الاتحاد العام لنقابات عمال مصر، كما عدّد الحاضرون أمام وفد المنظمة كيف تنوعت هذه الممارسات بين، المطالبة بأوراق غير منصوص عليها من غير سند من القانون، أو اللائحة، والمماطلة المتعمدة فى استلام أوراق توفيق أوضاع النقابات المستقلة، وإصدار شهادات إيداع لها فى غضون أسابيع فى حين تنتهي المنظمات التابعة للاتحاد العام، من توفيق أوضاعها فى بضع دقائق رغم ما فى أوراقها من مغالطات ومخالفات لأحكام القانون ولائحته، كذلك إلزام النقابات باللوائح الاسترشادية فى حين يبيح القانون للعمال وضع لوائحهم الأساسية والمالية بحرية تامة، فضلًا عن منع وجود لجنتين فى منشأة واحدة رغم إتاحة ذلك قانونيًا مع تغيير المسمى،بالإضافة إلى الضغط على النقابات المستقلة للانضمام إلى الاتحاد العام، وإلا لن يتم توفيق أوضاعها. جدول زمنى كما استعرض الحضور ما جرى فى الانتخابات النقابية التي وصفوها بأنها الانتخابات الأسوأ فى تاريخ النقابات العمالية حيث أجريت فى جدول زمني مضغوط لم يسمح باستيفاء الخطوات الإجرائية للانتخابات بل إنه أعاق حق المرشحين فى الدعاية لأنفسهم وبرامجهم وحق الناخبين من العمال فى اختيار الأجدر والأصلح لتمثيلهم والتعبير عن مصالحهم، حيث استعرض بعض المستبعدين فى شهادتهم كيف طالتهم هم والمئات غيرهم من المرشحين حملات الاستبعاد الواسعة والمتعمدة التي قامت بها وزارة القوى العاملة دون إبداء أسباب أو لأسباب ومبرارات واهية، كالتحجج بعدم وجود أوراق غير مطلوبة، كما أوضحوا كيف استخدمت اللائحة التى فرضتها الوزارة على النقابات والمادة الخاصة باستمرار النقابيين بعد بلوغم سن الإحالة على المعاش فى مقاعدهم النقابية فى التحكم فى نتائج الانتخابات قبل أن تبدأ، لتنتهي غالبية الانتخابات سواء على مستوى اللجان النقابية والنقابات العامة والاتحاد العام بالتزكية مع احتفاظ الوجوه القديمة من قيادات الاتحاد العام بمقاعدها على قمة الهيكل الإداري للاتحاد إلى جانب تمكين أبنائهم من مناصب نقابية. تقدير بعثة المنظمة والتى كانت مهمتها الأساسية هى الاستماع من جميع الأطراف لإعداد تقريرها، كانت لها ردود مختلفة مع كل جهة تجلس معها، ففى لقائها بوزير القوى العاملة محمد سعفان، ثمنت "كارين كيرتس" تاكيدات الوزير بفتح المجال أمام اللجان النقابية التي لم تستطع توفيق أوضاعها بالتواصل مع الوزارة فى الوقت المحدد لاستكمال الأوراق وإجراء الانتخابات بها، مشيرة إلى أنه سيتم تقديم تقرير إلى لجنة الخبراء بالمنظمة بالخطوات التي ستقوم بها مصر من أجل خفض عدد عضوية اللجان النقابية إلى 50 عضوا، معربة عن تقديرها لما قامت به الحكومة المصرية فى المرحلة السابقة من أجل ذلك، مشددة على أن 150عضوًا اللازم لتكوين اللجنة النقابية مازال يعتبر عائقا كبيرًا أمام العديد من المنظمات لتمارس عملها النقابي، مؤكدة أنها على ثقة تامة أن الوزير سيعمل على خفض هذا العدد بالتعاون مع لجنة القوى العاملة بالبرلمان المصري. سعادة وأما خلال لقائها بمجلس إدارة الاتحاد العام لنقابات عمال مصر، فقد عبرت كارين كيرتس عن سعادتها بهذه الزيارة وبلقاء مجلس إدارة الاتحاد المنتخب بتشكيله الجديد، بينما أشارت مصادر ل "الأهالى"، إلى أن البعثة كان أهم ملاحظاتها هو استمرار معظم رؤساء نقابات الاتحاد العام فى مناصبهم بالتزكية، حيث كان لسان حال أعضاء البعثة هو أنه لم يتم أى جديد على أرض الواقع وعلى الجانب الأخر وخلال لقاء دار الخدمات النقابية، أشادت "كارين كارتيس" رئيسة وفد منظمة العمل الدولية، بكفاح النقابيين المستقلين وشجاعتهم فى ظل ما واجهوه خلال مرحلتي توفيق الأوضاع والانتخابات النقابية من انتهاكات، وطالبتهم بالتواصل مع منظمة العمل الدولية لنقل الصورة كاملة، كما وعدت بأن الوفد سيرفع تقريره للجنة الاتصال المباشر للوقوف على ملابسات الوضع النقابي فى مصر. تأسيس وعقب هذه الزيارة، قامت دار الخدمات بعقد مؤتمر ضم عددا كبيرا من النقابات المستقلة التى تعثرت فى توفيق أوضاعها، معلنين عن تدشين حملة بعنوان "التمكين والتأسيس"، موضحين أن هذه الحملة تهدف إلى مواجهة تحديات المرحلة المقبلة، وتسعي لتمكين النقابات من ممارسة دورها النقابي، والتعامل مع كل معطيات الحركة النقابية والحركة العمالية فى مواقع القطاع العام والخاص، بالإضافة إلى السعي لتأسيس نقابات جديدة لعمال القطاع الخاص، سواء كانوا عمال صناعة أو زراعة أو خدمات أو عمالة غير منتظمة أو خدم المنازل. ومن جانبها، حذرت رحمة رفعت، مديرة البرامج بدار الخدمات النقابية، من المساس بالمادة الخاصة بالشخصية الاعتبارية للمنظمة النقابية، مؤكدة أنه لو تم إلغاء هذه المادة فإن مصر ستوضع على القائمة القصيرة للدول التى تنتهك معاير العمل الدولية والمعروفة إعلامية بالقائمة السوداء، ولن تخرج منها أبدًا. وخلال اللقاء وقعت النقابات المشاركة على مذكرة موجهة لوزير القوى العاملة تتضمن التدخلات الإدارية وانتهاكات القانون ولائحته التنفيذية وتعطيل النقابات غير الأعضاء فى الاتحاد العام لنقابات عمال مصر، عن ممارسة دورها النقابي.