إطلاق مبادرة «الأب القدوة» في المنوفية.. اعرف الشروط    وزيرة التضامن تتابع موقف تسليم وحدات سكنية    ثبات سعر الدولار الأمريكي في ختام تعاملات اليوم الاثنين 17 يونيو 2024    انتظام العمل بموانئ البحر الأحمر وتداول 3 آلاف طن و357 شاحنة    توزيع الهدايا والمواد الغذائية واللحوم على الفلسطينيين بالعريش    تعرف على معلق ومحللي مباراة الزمالك والمصري في الدوري    رغم ارتفاع درجة الحرارة.. أمطار غزيرة على الحرم المكي.. شاهد    تفاصيل إنقاذ طفل اُحتجز بمصعد في عقار بالقاهرة    في ذكري وفاته.. الشيخ الشعراوي إمام الدعاة ومجدد الفكر الإسلامي    حماس: إقدام الاحتلال على إحراق مبنى المغادرة بمعبر رفح عمل إجرامى فى إطار حرب الإبادة    سميرة عبد العزيز تكشف مفاجأة عن سبب تسميتها «فاطمة رشدي الجديدة»    تعرف أفضل وقت لذبح الأضحية    دعاء يوم القر.. «اللهم اغفر لي ذنبي كله»    ارتفاع حالات البكتيريا آكلة اللحم في اليابان    هيئة نظافة القاهرة ترفع 12 ألف طن مخلفات في أول أيام عيد الأضحى    رئيس وزراء الهند يهنئ السيسي بعيد الأضحى    وزارة المالية: تخفيف الأعباء الضريبية عن العاملين بالدولة والقطاع الخاص    رسميًا.. إشبيلية يُعلن رحيل سيرجيو راموس    تركي آل الشيخ ينعى الموزع الموسيقي عمرو عبدالعزيز    بالترددات وطرق الاستقبال .. 3 قنوات مفتوحة تنقل مباراة فرنسا والنمسا في يورو 2024    حصول مركز تنمية قدرات جامعة أسيوط على رخصة تدريب معتمد من الأعلى للجامعات    إصابة 16 عسكريًا إسرائيليًا خلال ال24 ساعة الماضية    تنسيق الجامعات 2024.. شروط القبول ببرنامج الفيزياء الحيوية الطبية بعلوم القاهرة    بالصور.. شواطئ بورسعيد كاملة العدد ثاني أيام العيد    فتح جميع الحدائق والمنتزهات أمام المواطنين في ثانى أيام عيد الأضحى بالقليوبية    حمامات السباحة مقصد الأطفال هرباً من درجات الحرارة في كفر الشيخ    إيقاف عمرو السيسي لاعب فيوتشر مباراتين وتغريمه 20 ألف جنيه    عاجل.. تطورات مفاوضات الأهلي لحسم بديل علي معلول    محمود الليثي ينهار من البكاء في أول تعليق له بعد وفاة والدته    بعد إعلان رغبته في الرحيل.. نابولي يحسم مصير كفاراتسخيليا    الكرملين: تصريحات الناتو بشأن نشر أسلحة نووية تصعيد خطير    الأنبا ميخائيل يهنئ قيادات محافظة القاهرة بعيد الأضحى المبارك    مدير صحة شمال سيناء يتابع الخدمات الطبية المجانية المقدمة للمواطنين    الإسكان: تنفيذ 1384 مشروعاً بمبادرة «حياة كريمة» في 3 محافظات بالصعيد    إسرائيل تقرر زيادة عدد المستوطنات بالضفة الغربية بعد اعتراف بلدان بدولة فلسطين    26 عامًا على رحيل إمام الدعاة.. محطات فى حياة الشيخ الشعراوي    التحقيق مع حلاق لاتهامه بالتحرش بطفلة داخل عقار في الوراق    الفرق بين التحلل الأصغر والأكبر.. الأنواع والشروط    «بطل مسلسل إسرائيلي».. من هو الممثل المصري مايكل إسكندر؟    الصين تتهم الفلبين بتعمد انتهاك مياهها الإقليمية    كيفية تنظيف الممبار في المنزل بسرعة وبطريقة فعالة؟    ب 400 جنيه إسترليني.. علماء يطورون سماعة رأس لعلاج أعراض متلازمة «صدمة الحب»    سعر الريال السعودي في بداية تعاملات ثاني أيام عيد الأضحى    30 مليون مستفيد من خدمات التحالف الوطني للعمل الأهلي التنموي    روسيا: لن نسمح بإعادة آلية فرض قيود على كوريا الشمالية في مجلس الأمن    شاهد| أول أيام التشريق.. صحن الطواف يمتلئ بحجاج بيت الله الحرام    "الميكروباص اتعجن".. 9 مصابين في حادث مروع بأسيوط- صور    وزيرة الهجرة تطلق «بودكاست» لتعريف المصريين بالخارج تاريخ حضارتهم    «لست محايدًا».. حسام فياض يكشف صعوبات مسرحية النقطة العميا    7 معلومات عن الطيار حسن عدس المتوفى بعد الهبوط في جدة.. «مكملش 40 سنة وغير متزوج»    وفاة خامس حجاج الفيوم أثناء طواف الإفاضة    جندي إسرائيلي يتخلص من حياته بعد عودته من الحرب في غزة    محافظ أسوان يتفقد المطعم السياحي متعدد الأغراض بعد التطوير    الخشت يتلقى تقريرًا حول أقسام الطوارئ بمستشفيات قصر العيني خلال العيد    مانشستر سيتي يحدد سعر بيع كانسيلو إلى برشلونة في الميركاتو الصيفي    حكم الشرع في زيارة المقابر يوم العيد.. دار الإفتاء تجيب    مصطفى بكري يكشف سبب تشكيل مصطفى مدبولي للحكومة الجديدة    في ثاني أيام العيد.. سعر الدولار أمام الجنيه المصري اليوم الإثنين 17 يونيو 2024    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



د. رفعت السعيد يكتب: تعلمت من دراويش النقشبندية أن التدين هو خدمة البشر
نشر في الأهالي يوم 09 - 05 - 2018

كتب إميل لودفيج كتباً عظيمة.. عن رجال عظماء كنابليون وعن أشياء عظيمة، فكتابه عن نهر النيل يبقى على مر الزمن ملهماً لكل من عرف النهر وأحبه، وتبقى صورته أجمل وأكثر دقة حتى من صور الأقمار الصناعية.
لكن لودفيج حذرنا "لا تصف الجبل" هو من بعيد مهيب، فإن اقتحمت شعابه أو حاولت، أكتشف أن كل مساحة من مساحاته مهما صغرت أكثر مهابة.. من أن توصف.
فهل نصف الجبل ؟. أو نحاول ؟
فى بيت إسلامى الطراز، وإسلامى الرحيق، ساحة واسعة تتدفق مياه نافورتها الرخامية محاطة بورود وأشجار وتمر حنة.. فى ظلال قبر الجد الأكبر لوالدته الشيخ الخليفة "محمد عاشق".. القبر والمسجد والدراويش.. الآذان يرفع فى مواقيته والصلاة أيضاً.. إنها تكية الطريقة النقشبندية.
الطفل يقفز من حجر جده "الشيخ عثمان خالد" شيخ الطريقة وناظر الوقف الى رحاب المسجد.. إلى الحديقة إلى غرف الدراويش.. ومن هؤلاء الدراويش تعلم.. تعلم أن التدين هو خدمة البشر وأن الدين يعنى السماحة، وأن التعبد الحقيقى هو أن تهب نفسك للتفانى فى حب الناس. ذهنى أفندى، أيوب أفندى، عثمان أفندى أسماء لدراويش لا تنسى أبداً فى ذاكرته أحدهم يعلم سكان الحى، آخر يخيط الثياب، وثالث يصلح الساعات لكل وافد.. وكل ذلك مجاناً. ألم نقل إنهم يتعبدون عبر خدمة البشر.. ومنهم تعلم الفتى، وعلى نهجهم سار، ويظل حتى الآن.
باب التكية مفتوح أمام كل عابر، ولا يغلق إلا مساءً. فالدراويش لا يغلقون بابهم أمام الناس، وهو حتى الآن.. لا يغلق بابه أمام الناس. ونقرأ مع الفتى عندما كتب بعد زمان طويل "كان الأذان هادئاً وديعاً، وكأنه دعوة حانية إلى لقاء حميم.. هذه العلاقة الحانية مع الدين ظلت تتملكنى حتى الآن، ولم يزل طيف عثمان أفندى يمنحنى الكثير من السكينة عندما أتذكره، وهو يعطى للناس كل وقته كى يعلمهم القراءة والكتابة، ويبدو طوال وقته معهم سعيداً وممتناً لأنهم يقدمون له صنيعاً، إذ يتيجون له فرصة كى يتقرب أكثر إلى صحيح الدين".
.. هل عرفتموه ؟ أنه هذا الذى يواصل خدمة الوطن والشعب، يواصل خدمتهم ممتناً لأنهم يتيجون له الفرصة كى يصبح الى الله أقرب، والى الوطن والشعب أقرب.
هو والأم يعيشان عطر التكية، بينما الأب يعيش نفس فى الوقت فى كفر شكر حيث أرض الأسرة، وبيت الأسرة (الجد محيى الدين تاجر فى القطن وأمتلك مئات الأفدنة.. وهو الذى أدخل إلى منطقة كفر شكر زراعة البرتقال والعنب، والمانجو، ومن هنا أرتبط أسم "محيى الدين" باسم كفر شكر).
وتأتى الإجازة الصيفية ليسرع الفتى إلى كفر شكر حيث الانطلاق والكرة الشراب والاندماج مع أبناء الفلاحين.. وبين كفر شكر والتكية تمضى الحياة لتنسج معها.. فتى من نسيج خاص.
.. من المدرسة الابتدائية، إلى الإبراهيمية الثانوية ثم مدرسة فؤاد الأول (فى ذات الفترة كان معه فى ذات المدرسة أنو السادات وزكريا محيى الدين).
وفى هذه المدرسة الصاخبة بالعمل السياسي يندمج الفتى مع مناخها المحموم.. مظاهرات حوارات يدور أكثرها حول الاحتلال.. الدستور.. القصر.. ثم يأتى عام 1936 ليدور الحديث عن المعاهدة.
ويتعلق إعجابه هذه الأيام بمصر الفتاة وأحمد حسين.
وفى عام 1938 يصبح طالباً فى الكلية الحربية.. "كان أبى يؤمل أن يرسلنى إلى أمريكا لأدرس الزراعة الحديثة حتى أحصل على الدكتوراه، لكننى كنت أندفع بإتجاه آخر، كانت الروح الوطنية تلهب مشاعرنا نحن الشباب فى هذه الفترة، وكنا نشعر أن مصر بحاجة إلى جيش حقيقى قادر على حمايتها، جيش وطنى يعمل من أجل الوطن.. وهكذا تعلقت بفكرة الانضمام الى الكلية الحربية ".
عمره الآن ستة عشر عاماً وثلاثة أشهر.. الفتى يصطف مفتوح الصدر فى أول طابور عسكرى فى الكلية الحربية. هناك يخط التاريخ بدايات صفحة جديدة فقد تراكمت فى هذه الأيام بالذات، وفى هذا المكان بالذات ذات الأسماء التى غيرت تاريخ مصر، معه فى دفعته : مجدى حسنين – لطفى واكد – صلاح هدايت – ثروت عكاشة – حسن إبراهيم (كان امباشى) – صلاح سالم (امباشى) – كمال الدين حسين (شاويش) – عبد اللطيف بغدادى ثم زكريا محيى الدين، يوسف صديق، أحمد عبدالعزيز، مدرسين.
تقاليد الدراويش النقشبندية تستضيف الى جوارها وفى رحابه صدر من روح وطنية دافقة، وحوارات هامسة عن الوطن. الانجليز. الحرب. القصر.. الحرية.
.. "وذات يوم همس مجدى حسنين فى أذنى : "شايف اليافطة دى" كانت لافتة من الورق مثبته على باب غرفة المستشار العسكرى الانجليزى بالكلية، تهامساً. تركز عداؤهما للافتة مكتوبة بالانجليزية. كتباً بديلاً لها باللغة العربية.. وفى المساء صححا الوضع. وكانت هذه خطوته الأولى فى التمرد الفعلى.. إدارة الكلية أبتلعت اللطمة.. ولم تتحرك.
يتخرج الفتى وهو فى الثامنة عشر. ويصبح "الملازم ثان بالآلاى الأول دبابات". ضباط الفرسان يزهون دوماً بلباسهم المميز. وباسم " الفرسان " وهو فى الحقيقة سلاح المدرعات لكنه ما إن يتخرج حتى يكتشف أن الانجليز قد أخذوا (بسبب خسائرهم فى الحرب) دبابات ثلاث آليات – ولم يبق لمصر سوى آلاى واحد من الدبابات.. ويقول "لأول مرة أشعر من موقعى كضابط فى جيش مصر، أننى أكره الاحتلال، وأننى ضد الاحتلال.. وزاد من عمق هذه المشاعر أننى اصطدمت بوجود ضباط انجليز فى الجيش المصرى كانوا مترفعين ويحصلون على مرتبات عالية جداً بالنسبة لنا، بما أشعرنا أننا فى وطننا وفى جيشنا ضباط من الدرجة الثانية.
ويكون حادث 4 فبراير، ويحتشد مع زملائه الضباط فى اجتماع صاخب فى ناديهم ليحتجوا على وقاحة الانجليز.
ثم يقبض على الضابط حسن عزت، ويودع فى ميس الفرسان، ويستمع "خالد" فى انبهار إلى إصرار صاخب للدفاع عن الوطن وحريته.. ولأول مرة يشعر أن واجبه كضابط مصرى يحتم عليه أن يفعل شيئاً.. (بعد الثورة غضب منه عبد الناصر لأنه كتب مقدمة لكتاب لحسن عزت قال فيها عنه "أنه أستاذى فى الوطنية" عبد الناصر قال أن هذا لا يليق فحسن عزت ليس معنا، خالد قال إن هذا هو الحق.. والحقيقة يجب أن تقال ).
"أن يفعل شيئاً" تلك هى المشكلة التى كانت تسيطر على مئات من الضباط مثله، لكن البعض سأل نفسه، ثم نسى السؤال، ونسى نفسه فى دوامة الحياة، والبعض الآخر ومنهم " خالد " بقى دوماً معلقاً آماله بأن "يفعل شيئاً لمصر وشعبها" وفى هذه الأثناء أصبح صديقاً لضابط مثقف شغوف بالقراءة.. ماركسى الاتجاه هو ضابط الفرسان عثمان فوزى.
وحول عثمان فوزى ألتفت مجموعة من الضباط عودهم على القراءة المنظمة "القراءة التى تتطلع بحثاً عن إجابات محددة".
وفى عام 1944 وفيما يفكر فى كيف ؟ ومتى ؟ ولماذا ؟ يتحتم عليه أن يفعل شيئاً، إصطحبه الضابط عبد المنعم عبد الرؤوف ليعرفه بجمال عبد الناصر. ثم أخذه عبد المنعم عبد الرؤوف ليقابل ضابطاً آخر هو محمود لبيب (الإخوان). وكان أول لقاء بينهما فى جزيرة الشاى فى حديقة الحيوان.
وفى بيت الضابط مجدى حسنين والضابط أحمد مظهر ( الفنان) بدأت اجتماعات مجموعة من الضباط الشبان ذوى علاقة ما بجماعة الإخوان.
أسئلته التى تؤرقه عن مصير الوطن، وحالة الشعب ظلت بلا إجابة، قابلوه مع حسن البنا لعله يمنحه هدوءاً، لكن المرشد العام لم ينجح فى إسكات صوت الوطنية الصاخب، والغلاف الدينى المتشدد، لا يستطيع أن يخترق ما منحه دراويش التكية من حصانة وديعة تؤمن بإيمان هادئ وديع.
وبرغم أنه بايع هو وجمال عبد الناصر مرشد الجماعة.. بيعه عضو الجهاز السرى على المصحف والمسدس.. وفى "المنشط والمكره" فقد تباعدا، رويداً رويداً، لم يجدا فى فكر الجماعة ما يقنع، ولا فى طريقها ما يغرى أى ضابط يريد الحرية لوطنه وشعبه.. بأن يبقى على بيعته.
ونسرع سريعاً نتجاوز عديداً من المسالك الزاهية الألوان.. لأن التوقف أمامها يحتاج إلى مجلدات.. ألم يحذرنا أميل لودفيج من قبل.
* التقى به صديق قديم "أحمد فؤاد"، هو وعلى شلقانى عرضاً عليه الانضمام إلى منظمة شيوعية (ايسكرا).. وافق. كان لم يزل يبحث عن طريق.
* لم يستمر طويلاً، مسئولة فى مجموعة كان قادراً على "تطفيش" الجدد كان متحمساً متشدداً صاخباً، نجح بتشدده فى تطفيش الكثيرين، وبعدها نسى المسئول كل شئ و.. "طفش".
ويقول خالد "تلقيت واحدة من أهم دروس حياتى.. وهو أن التطرف الشديد والحماس المبالغ فيه والتشنج، ليست دليلاً على قدرة المناضل اليسارى على الاستمرار فى المعركة بل لعلها إيحاء بالعكس".
انتسب إلى كلية التجارة.. وعمل فى إدارة التدريب الجامعى.. ليدرب الطلاب الجامعيين على الخدمة العسكرية ليتخرجوا كضباط احتياط.. ومع تصاعد الأحداث الفلسطينية أخذوا فى تدريب آلاف المتطوعين العرب الذين كانوا يستعدون للمشاركة فى القتال.. وفى هذه المرحلة التقيت بياسر عرفات، كان يحضر طوابير التدريب، وكان آنذاك طالباً بكلية الهندسة. كان عرفات نموذجاً للجندى الجاد الملتزم، الراغب فى التعرف وبأسرع ما يمكن على مختلف الفنون العسكرية فتقاربنا.. وأذكر أننى أركبته معى فى السيارة لأوصله إلى مكان ما وتحادثنا.. فجأة قال لى : تعرف ياحضرة الضابط إنك بتتكلم زى التقدميين.. واستوعبت الدرس، وعرفت كيف يمكن أن أدير حواراً دون أن أكشف اتجاهى ".
لا يعرف التاريخ ولا يعترف بكلمة " لو أن ".
لو أن نابليون لم يهزم فى ووتر لو.
لو أن محمد على لم يخضع لضغوط أوروبا.
ولكن " لو أن " محددة تظل تلح على. رغم أننى أحذر تلاميذى فى فصول التاريخ من استخدامها." ماذا لو أن " خالد تهاون قليلا، سكت قليلا عن التجاوزات، وعن تشدده فى المطالبة بالديمقراطية.. وبقى.. فى مجموعة الحكام.. وبقى حتى نال السلطة كلها ثمناً لصمته.
ولكن.. من يتصور أنه كان بإمكان خالد محيى الدين أن يفعلها ويتناسى عطر دراويش النقشنبندية واعتبارهم أن التقرب إلى الشعب هو تقرب من الله.. وأن خدمة البشر هى أرقى أشكال التعبد، من يتصور أنه كان بإمكانه أن يفعلها ويخذل مدام سميرة.. التى وقفت إلى جواره فى هدوء شجاع.. بل ويخذل ابنته سميحة بعد أن تركها مريضة ليذهب كى يصنع لمصر ثورة.
من يتصور أنه كان بامكانه أن يفعلها ويخذل كل ما آمن به من فكر.. ومعتقد.. " ماذا لو أن " ليس لها مكان فى خريطة خالد محيى الدين.. ويبقى أن نسأل أنفسنا " من الذى انتصر "؟ الذى نسى أو تناسى حقوق الشعب فى الديمقراطية، وقبل منصباً أو شبه منصب، متنازلاً فى مقابلة عن ضميره أو أكثره، تاريخه أو أكثره.. أم هذا الذى تمسك بالحق والعدل والضمير والديمقراطية.. وكل المنصب واكتفى بالمنفى؟
من الذى انتصر ؟
الذى امتلك ولم يزل محبة الشعب وإحترام الوطن.. فكم يبدو المنصب تافها أمام محبة الشعب واحترام الوطن.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.