بشري سارة للمعلمين والمديرين| 2000 جنيه حافز تدريس من أكتوبر 2026 وفق شروط    حقيقة ظهور فيروس ماربورج في مصر وهل الوضع أمن؟ متحدث الصحة يكشف    ترامب: جميع دول العالم ترغب في الانضمام إلى مجلس السلام حول غزة    بحضور ماسك ورونالدو، ترامب يقيم عشاء رسميا لولي العهد السعودي (فيديو)    ترتيب الدوري الإيطالي قبل انطلاق الجولة القادمة    شبانة: الأهلي أغلق باب العودة أمام كهربا نهائيًا    أوكرانيا تطالب روسيا بتعويضات مناخية بقيمة 43 مليار دولار في كوب 30    "الوطنية للانتخابات": إلغاء نتائج 19 دائرة سببه مخالفات جوهرية أثرت على إرادة الناخب    "النواب" و"الشيوخ" الأمريكي يصوتان لصالح الإفراج عن ملفات إبستين    فرحات: رسائل السيسي ترسم ملامح برلمان مسؤول يدعم الدولة    شمال سيناء تنهي استعداداتها لانتخابات مجلس النواب 2025    النيابة العامة تُحوِّل المضبوطات الذهبية إلى احتياطي إستراتيجي للدولة    أقرب إلى الخلع، وزير الآثار الأسبق يكشف مفاجآت عن وثيقة الجواز والطلاق في عصر الفراعنة    نمو الطلب على السلع المصنعة في أمريكا خلال أغسطس    نشأت الديهي: لا تختاروا مرشحي الانتخابات على أساس المال    انقلاب جرار صيانة في محطة التوفيقية بالبحيرة.. وتوقف حركة القطارات    مصرع شاب وإصابة اثنين آخرين في انقلاب سيارتي تريلا بصحراوي الأقصر    ما هي أكثر الأمراض النفسية انتشارًا بين الأطفال في مصر؟.. التفاصيل الكاملة عن الاضطرابات النفسية داخل مستشفيات الصحة النفسية    إحالة مخالفات جمعية منتجي الأرز والقمح للنيابة العامة.. وزير الزراعة يكشف حجم التجاوزات وخطة الإصلاح    النائب العام يؤكد قدرة مؤسسات الدولة على تحويل الأصول الراكدة لقيمة اقتصادية فاعلة.. فيديو    مصرع شاب وإصابة اثنين في انقلاب سيارتي تريلا بالأقصر    معرض «الأبد هو الآن» يضيء أهرامات الجيزة بليلة عالمية تجمع رموز الفن والثقافة    أبرزهم أحمد مجدي ومريم الخشت.. نجوم الفن يتألقون في العرض العالمي لفيلم «بنات الباشا»    في ذكرى رحيله.. أبرز أعمال مارسيل بروست التي استكشفت الزمن والذاكرة والهوية وطبيعة الإنسان    جميع المنتخبات المتأهلة إلى كأس العالم 2026    شجار جماعي.. حادثة عنف بين جنود الجيش الإسرائيلي ووقوع إصابات    قوات الاحتلال تطرد عائلة الشهيد صبارنة من منزلها وتغلقه    وزير الدفاع الروسي: قوات الصواريخ والمدفعية تلعب الدور الحاسم في تدمير العدو    حبس المتهمين في واقعة إصابة طبيب بطلق ناري في قنا    إنهاء تعاقد مُعلم في نجع حمادي بتهمة التعدي على تلميذ    عاجل مستشار التحول الرقمي: ليس كل التطبيقات آمنة وأحذر من استخدام تطبيقات الزواج الإلكترونية الأجنبية    أحمد موسى: الرئيس دائمًا يؤكد قيمة الوحدة الوطنية.. ودعم البوتاجاز مثال على اهتمام الدولة    الأحزاب تتوحد خلف شعار النزاهة والشفافية.. بيان رئاسي يهز المشهد الانتخابي    وزارة الاتصالات تنفذ برامج تدريبية متخصصة في الأمن السيبراني على مستوى 14 محافظة    آسر نجل الراحل محمد صبري: أعشق الزمالك.. وأتمنى أن أرى شقيقتي رولا أفضل مذيعة    أسامة كمال: الجلوس دون تطوير لم يعد مقبولًا في زمن التكنولوجيا المتسارعة    دينا محمد صبري: كنت أريد لعب كرة القدم منذ صغري.. وكان حلم والدي أن أكون مهندسة    الفنانون يدعمون تامر حسنى فى أزمته الصحية.. هنا الزاهد ودياب: تقوم بالسلامة    أحمد الشناوي: الفار أنقذ الحكام    سويسرا تلحق بركب المتأهلين لكأس العالم 2026    تحريات لكشف ملابسات العثور على جثة شخص في الطالبية    أحمد فؤاد ل مصطفى محمد: عُد للدورى المصرى قبل أن يتجاوزك الزمن    جامعة طيبة التكنولوجية بالأقصر تطلق مؤتمرها الرابع لشباب التكنولوجيين منتصف ديسمبر    فضيحة الفساد في كييف تُسقط محادثات ويتكوف ويرماك في تركيا    زيورخ السويسري يرد على المفاوضات مع لاعب الزمالك    مشروبات طبيعية تساعد على النوم العميق للأطفال    فيلم وهم ل سميرة غزال وفرح طارق ضمن قائمة أفلام الطلبة فى مهرجان الفيوم    طيران الإمارات يطلب 65 طائرة إضافية من بوينغ 777X بقيمة 38 مليار دولار خلال معرض دبي للطيران 2025    «مصر العليا للكهرباء»: 4.3 مليار جنيه مشروعات للغير وفائض تشغيل كبير    وزير المالية: مبادرة جديدة لدعم ريادة الأعمال وتوسيع نظام الضريبة المبسطة وحوافز لأول 100 ألف مسجل    هيئة الدواء: نعتزم ضخ 150 ألف عبوة من عقار الديجوكسين لعلاج أمراض القلب خلال الفترة المقبلة    داعية: حديث "اغتنم خمسًا قبل خمس" رسالة ربانية لإدارة العمر والوقت(فيديو)    هل يجوز أداء العشاء قبل الفجر لمن ينام مبكرًا؟.. أمين الفتوى يجيب    مواقيت الصلاه اليوم الثلاثاء 18نوفمبر 2025 فى المنيا....اعرف صلاتك    الشيخ رمضان عبد المعز يبرز الجمال القرآني في سورة الأنبياء    التنسيقية تنظم رابع صالون سياسي للتعريف ببرامج المرشحين بالمرحلة الثانية لانتخابات النواب    الملتقى الفقهي بالجامع الأزهر: مقارنة المهور هي الوقود الذي يشعل نيران التكلفة في الزواج    كيف يحدث هبوط سكر الدم دون الإصابة بمرض السكري؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ماذا بعد تحرير مدينة العلماء والفلاسفة والشعراء والموسيقى.. نقطة تحول فى مسار الحرب فى سوريا وبداية العد التنازلى لحل سياسى
نشر في الأهالي يوم 21 - 12 - 2016

ورد ذكر اسم مدينة حلب فى مخطوطات مصرية يعود تاريخها إلى القرن العشرين قبل الميلاد. وظهر اسمها فى الآثار المصرية تحت اسم « خرب « ثم عاد الاسم إلى الظهور فى إشارة إلى مدينة « خلبو «، ولكن سجلات معركة قادش تذكر اسم « حلبو « بالحاء لأول مرة التي قادها رمسيس الثاني وهزم فيها ملك تلك المدينة لأنه تدخل لصالح الحيثيين.
وكانت حلب تحمل اسم « أرمان « فى عهد الاكاديين، وقيل إنها كانت تحمل أيضا اسم « آران « واسم « هليا « وتردد أنها سميت « حلبو « عندما كانت عاصمة لمملكة « يمحاض « العمورية فى حوالي 1800 قبل الميلاد، بينما أطلقت عليها الكتابات الأشورية اسم « خلابا « و» خلوان «.
ويقال إن تعريب كلمة « حلبا « السريانية تم على أيدي العرب، وكانت تعني « البيضاء «، وهناك من يرى أن كلمة « حلب « آرامية، وأن الأشوريين والمصريين قدموها باسم « حلبو « وكان قد جاء ذكر المدينة فى الألواح المسمارية المكتشفة فى مملكة « إبلاء « أو « أرمان « أو « أرمي « وكانت مأهولة بالسكان فى بداية الألفية السادسة قبل الميلاد.
أما « خير الدين الأسدي « أحد مؤرخي المدينة، فأنه يقول إن أصل كلمة حلب يعود إلى « حَلْ لَبْ، وأن معنى كلمة « حَلْ « هو المحل، وكلمة لَبْ « هو التجمع، فيصبح معنى كلمة « حلب « هو « موضع التجمع «.
أما لفظة « الشهباء « التي توصف بها حلب فإن البعض يفسرها بأنها من الشهب، وهو البياض يتخلله السواد، أي أن هذه الصفة ترجع إلى اللون الأبيض للتربة والحجارة فى حلب.
ويقول آخرون أن أصل كلمة « الشهباء « يعود إلى بقرة شهباء يُحكى أن النبي إبراهيم كان يحلبها، فقيل حلب الشهباء.
مصر تنقذ حلب
فى عام 1259، دمر هولاكو، قائد المغول، المدينة وقتل معظم سكانها، وكانت الجيوش الصليبية قد عجزت عن احتلالها فى عامي 1098 و 1124 لمناعة حصونها، ولكن موقعة عين جالوت بقيادة سيف الدين قطز وانتصار مصر فيها أنقذ حلب من المغول، كما أنقذها الظاهر بيبرس مرة أخرى فى عام 1280 عندما عاد المغول لاحتلالها.
وفى عام 637 ميلادية فتح خالد بن الوليد مدينة حلب التي أصبحت عاصمة الدولة الحمدانية فى عام944 م تحت حكم سيف الدولة الحمداني، وأصبحت أحد الثغور المهمة فى الدفاع عن العالم الإسلامي فى وجه المد البيزنطي غير أنه تم حرمان حلب من مينائها الرئيسي لواء الاسكندرونة فى عام 1939 وعزلها عن البحر. وعانت المدينة من وباء الطاعون عام 1348.
مواقع أثرية
المواقع التاريخية الأثرية لحضارات العالم القديم. لا حصر لها فى حلب.
وقد جاء ذكر المدينة مرتين فى مؤلفات الشاعر الإنجليزي الكبير « وليام شكسبير « : فى « ماكبث « و» عطيل «.
وكانت حلب محطة لقطار الشرق السريع منذ عام 1906.
وقامت فى حلب الكثير من الممالك والدول، وكانت هي العاصمة فى أكثر من حقبة تاريخية، وشهدت المدينة أحداثا تكشف عن العظمة والعراقة باعتبارها من أهم مدن الشرق، كما وصفها العديد من المؤرخين.
واشتهر الصناع الحلبيون بالمهارة فى استخلاص الحجر الأبيض من الصخور.
كان زوار حلب يتطلعون لزيارة الجامع الأموي الكبير وجامع العادلية وجامع البهرمية وجامع الرحمن والفردوس ومدرسة وجامع الكتاوية والمدرسة الخسروية والأحمدية والحلوية، كما كانوا يتطلعون لزيارة قلعة دير مار سمعان العمودي وكنيسة العذراء مريم وكنيسة اللاتين وكنيسة البندرة، وكنيسة الأربعين شهيد للأرمن وكنيسة سيدة الانتقال وكنيسة مار الياس وضريح مارمارون ومعبد عين داره وباب قيسرين وبرج الساعة وخان القاضي وخان الصابون وخان القصابين وأسواق حلب الشرقية، وهي أطول الأسواق الأثرية المسقوفة فى العالم، وتمتد لمسافة تزيد على 15 كيلو متراً.
وهناك أيضا : التكايا مثل تكية النسيمي، وتكية بابا بيرم.. وكذلك الأسواق، مثل سوق الزرب ( لتجارة الأقمشة والملبوسات ) وسوق العتيق ( لتجارة الجلود والمدبوغات ) وسوق البهرمية ( لبيع المنتجات الغذائية ).
أما المدينة القديمة فى حلب، فإنها تحمل الطابع التاريخي، كما أنها من مواقع التراث العالمي طبقا لقرار منظمة اليونسكو عام 1986.
ويقع الجزء القديم من حلب ضمن جدار المدينة القديمة التي تشكل دائرة نصف قطرها خمسة كيلومترات ولها خمس بوابات.
أما قلعة حلب التي شيدها الاسكندر المقدوني، فهي تعد من اكبر القلاع فى العالم ويتوسطها مدرج واسع.
حلب هي أكبر مدينة فى سوريا، وهي عاصمة الشمال ومن المناطق الغنية بالمواقع الأثرية، وأهم مركز صناعي فى البلاد، وهي وريثة حضارات الاكاديين والتابليين، والأراميين والأشوريين والسومريين والإغريق والرومان والبيزنطيين، والمسلمين.
تعرض الكثير من هذه الآثار للدمار على أيدي الظلاميين القادمين من زمن الجاهلية والتوحش، ونقل الإرهابيون مصانع المدينة إلى تركيا.
ومع ذلك فإن الروح الحلبية المبادرة لايكسرها شيء.
شهباء لو كانت الأحلام كأس طلا فى راحة الفجر، كنت الزهر والحبب.
حلب.. حرة
شهدت حلب سنوات صعبة فى ظل احتلال المنظمات الارهابية للقطاع الشرقي من المدينة، التي ظل الجيش السوري يسيطر على قطاعها الغربي طوال تلك الفترة.
وها هي حلب تتحرر.. أخيراً.
وزير الخارجية الجزائري « رمطان لعمامرة « أعلن أن الدولة السورية استعادت سيادتها فى حلب وأن الارهاب قد فشل.
كان الوزير يتحدث للصحفيين فى مؤتمر السلم والأمن فى افريقيا، عندما طرح السؤال : ماذا حدث فى حلب ؟ لكي يجيب هو نفسه عن سؤاله بقوله : «إن الدولة استطاعت أن تسترجع سيادتها وسيطرتها على المدينة، وكان هناك من يحلم بأن الارهاب سينتصر فى حلب وفى أماكن أخرى منها الجزائر «.
والحقيقة أن لو انتصر الارهاب فى حلب.. فإن الجزائر وحدها لن تكون الهدف التالي.. بل سائر الدول العربية.
أما السناتور الأمريكي اليميني المتطرف جون ماكين، فقد صرح لقناة CNN بأن ما يحدث فى سوريا يعتبر فى رأيه إشارة محتملة لانهيار النظام العالمي الذي وضع فى أعقاب الحرب العالمية الثانية، ودليل على الإخفاق الكامل للقيادة الأمريكية.
وسبق هذا التصريح للسناتور الأمريكي ما يشبه الصراخ والعويل فى واشنطن وعواصم غربية وخليجية عن " المذابح " والإبادة الجماعية التي ارتكبها من قاموا بطرد الإرهابيين من حلب ! وهكذا أصبحت محاربة الإرهابيين من المحرمات وانتهاكا لحقوق الإنسان !!.
دفاعًا عن الإرهاب
لم يكن قد تبقى لتحرير حلب كلها سوى بعض أحياء حلب الشرقية الخاضعة لسيطرة العصابات الإرهابية، والتي أصبحت بحكم الساقطة عسكريًا، حيث حوصر الإرهابيون فى بقعة جغرافية لاتتجاوز مساحتها عشرة كيلو مترات مربعة، ولم يعد هناك مهرب أمامهم سوى الاستسلام أو الموت.
هنا.. انطلقت أبواق الدعاية فى الدول العربية واتباعها فى بعض أنحاء العالم العربي لكي تتحدث عن « أيام الرعب « فى حلب والتي يصنعها الجيش السوري وحلفاؤه الروس.
وهنا يبدو الإرهابيون فى ثوب « الملائكة « أو فى أحسن الأحوال.. الضحايا الأبرياء الذين لم يرتكبوا جرائم قطع الرؤوس وحرق الأحياء وإعدام الأطفال بطريقة الذبح أو سبى النساء، أو لا علاقة لهم بعمليات القتل الجماعي وتدمير الكنوز التاريخية وهدم التراث الحضاري.
وفى نفس الوقت تسابقت أمريكا وأصدقاؤها إلى طلب الوقوف الفوري للغارات الجوية على معاقل الارهاب وفك الحصار عن الارهابيين ووقف اطلاق النار بهدف انقاذ الارهابيين من شبح الهزيمة الذي أصبح يطرق الأبواب.. ولم تفلح كل هذه الحروب الاعلامية فى مساعدة الارهابيين.
لم يطبق الجيش السوري نظرية « الاقتراب غير المباشر»، التي تستخدم المناورة وتجنب مواقع العدو القوية ليهاجم النقاط الضعيفة، ولم تتحرك القوات السورية كمياه النهر أو السيل فى حركة التفاف تتفادى الصخور الكبيرة لتعبر من الممرات الضعيفة وتجرف معها الصخور الصغيرة، بل اختار الجيش السوري الطريق الأصعب وهو مهاجمة المواقع القوية المحصنة مع ترك خطوط يمكن للارهابيين أن يهربوا من خلالها فى الوقت الذي كانت الإمدادات تتدفق على الارهابيين بصورة مستمرة عبر الأراضي التركية وتشمل أعداداً إضافية من الارهابيين المقاتلين ومن المدرعات والدبابات. وفى نفس الوقت، كان الامريكيون يدعمون وجودهم فى الشمال السوري ويحاولون لعب دور « المايسترو « من خلال قواعدهم الجوية الستة فى « الرميلان « و» عين العرب « وغيرها وتحريك أكثر من عشرين مجموعة مسلحة تعمل مباشرة مع المخابرات الأمريكية، مثل مجموعة « الفرقة 13 « وأطراف فى جماعة « أحرار الشام « وبقايا « جبهة ثوار سوريا».
محاولة إنقاذ الإرهابيين
وتوقفت الولايات المتحدة عن محاولاتها إيهام الروس بانها يمكن أن تقوم بالفصل بين « المعارضة المعتدلة « والمنظمات الإرهابية، واتجهت، على نحو واضح، إلى مطالبة روسيا بتقديم تنازل يتيح إقامة منطقة حظر جوي لحماية مناطق محددة تحت سيطرة منظمات إرهابية حتى أن بعض المراقبين صرحوا بأن واشنطن تستعد لجولة أكثر شراسة فى الحرب على الأرض السورية.
وتحت شعار « إدخال المساعدات « طالبت أمريكا بإنهاء الحصار المفروض على شرقي حلب.. فإذا لم تستجب روسيا لهذا الطلب.. تتوعدها واشنطن بالغرق فى مستنقع.
ست حروب تجري فى سوريا، على حد تعبير وزير الخارجية الأمريكي جون كيري. وقامت إسرائيل بضرب مواقع سورية لتسهيل مهمة الأمريكيين فى الانذار والوعيد.
واعتبرت الولايات المتحدة أن مواصلة المواجهة مع الارهابيين هي مجرد رغبة فى « مواصلة انتصار عسكري يمر، بجثث ممزقة ومستشفيات تتعرض للقصف وأطفال مروعين فى أرض معاناة « !
ومعنى ذلك، بصريح العبارة، أن واشنطن كانت تسعى بطريقة محمومة إلى ما أسمته « الوقف الدائم للأعمال القتالية عبر كل أنحاء البلاد «.. دون أن تشرح للعالم الطريقة البديلة لتحرير سوريا من احتلال المنظمات الإرهابية لأراضيها،.. هذا إذا افترضنا جدلا أن أمريكا تريد تحقيق هذا الهدف.. وليس استخدام الارهابيين لإسقاط نظام الحكم فى سوريا وتقسيم البلاد، وقد وافقت روسيا وسوريا على فرض هدنة لعشرات الممرات وفى كل مرة، كان الارهابييون ينتهكون الهدنة ويشنون الهجمات ويقصفون المدارس والمستشفيات ويعيدون تجميع صفوفهم، ويستغلون هذه الهدنة للتزود بشحنات إضافية من الأسلحة، وهنا ينبغي التذكير بقرار الرئيس الأمريكي أوباما برفع الحظر على إرسال الأسلحة إلى الارهابيين فى سوريا قبل أيام.
نقطة تحول
الآن.. تحررت مدينة العلماء والفلاسفة والشعراء والموسيقى، وأصبحت كل أحياء حلب مفتوحة الذراعين أمام سكانها وزوارها وقد عانت المدينة من غزو خارجي جاء من الحدود التركية التي يسيطر الغزاة عليها وتستمر الحرب لأربع سنوات فى أقدم مدن التاريخ.
حلب التاريخ والنهضة والثقافة والفكر والحرية.. رائدة الحداثة والتقدم ظلت مستباحة لأربع سنوات.
حلب التي لم تعرف الاحقاد الطائفية بل شهدت صرخة الاحتجاج ضد الظلم والاستبداد على لسان عبد الرحمن الكواكبي الذي أبدع فيها كتابه « طبائع الاستبداد ومصارع الاستعباد».
حلب تعرضت لتدمير وتخريب واسع على أيدي التتار والبرابرة الجدد.. وأصيب محيط قلعتها التاريخية بأضرار، وتعرض للدمار أطوال سوق مسقوف فى العالم.. ومعالم أثرية أخرى عديدة. وخلفت الحرب آلاف الجرحى وأكثر من 30 ألف قتيل وسرق الارهابيون منبر المسجد الأموي التاريخي ونقلوه إلى تركيا، وحطموا الكثير من الكنائس والخانات والأسواق والأحياء.
هل نستطيع القول بأن حلب كانت تفتدي العالم العربي كله بحربها ضد العصابات الهمجية.
تحرير حلب هو أبرز مراحل الحرب السورية.
وما تحقق فى حلب انتصار كبير، أو كما قال بشار الأسد « لحظة تاريخية» وانتزاع عاصمة الشمال السوري من قبضة القوى الظلامية يشكل نقطة تحول فى مسار الحرب فى سوريا.
الآن أصبحت المدن السورية الكبرى الرئيسية : دمشق وحلب واللاذقية وحمص وحماه ودرعا وأجزاء مهمة من أريافها داخل إطار الدولة السورية.
تغير موازين القوى
لقد تغيرت موازين القوى بعد أن كانت الدولة السورية مهددة بالسقوط، واستعادت دمشق المبادرة على الأرض فى سوريا.
وثمة نجاح آخر يستحق التسجيل وهو الاتفاق الذي تم تنفيذه بالفعل على خروج أهالي قريتي « كفريا « و» الفوعة « الذين كانوا محاصرين على أيدي الإرهابيين فى ريف أدلب مقابل إخراج الإرهابيين وعائلاتهم المحاصرين فى شرق حلب.
هكذا بدأت حلب تنفض غبار الحرب، وتستنهض ورش العمل فى بلدية المدينة ووحدات الهندسة العسكرية التي تعمل على مدار الساعة لتمشيط الأحياء وتفكيك العبوات الناسفة التي تركها الارهابيون ونقل الأسلحة التي القوها وراء ظهورهم قبل رحيلهم.
ونسمع تصريح رئيس اتحاد غرف الصناعة السورية وهو يقول إنه جاء دور « النصر الاقتصادي « بعد تحقيق النصر العسكري لكي تعود حلب عاصمة اقتصادية كما كانت دائما.. ويضيف : « حجم الدمار لا يمثل مشكلة لنا نحن أهالي حلب.. سنعيد بناء ما تهدم فى وقت قياسي، وخلال عشر سنوات يمكن أن تنقلب حلب رأسا على عقب.
بداية العد التنازلي
من الناحية الاستراتيجية، فإن معركة حلب انتهت بهزيمة مدوية للمنظمات الارهابية وكل الدول التي ساندت هذه المنظمات، تمويلا وتدريبا وتسليحا، وراهنت على قدرة الإرهابيين على حسم المعارك.. صحيح أن تحرير حلب لن يحسم الازمة فى سوريا فى القريب العاجل، ولكنه بداية العد التنازلي لنهاية الحرب بشكلها الراهن والانتصار فى حلب يحسم نهائيا النقاش حول طبيعة العملية السياسية والحل السياسي.
وبعد أن خسرت واشنطن أوراقها فى حلب لم يعد أمامها سوى التفاوض مع الروس حول حجم المساهمة الأمريكية فى صياغة النظام السياسي المقبل فى سوريا، ومن أجل بناء تفاهم جديد يستند هذه المرة إلى الانتصارات الميدانية التي تحققت على الأرض.. ولسنا فى حاجة إلى التذكير بأن الشهر القادم سوف يشهد دخول رئيس جديد للولايات المتحدة إلى البيت الأبيض، وقد سبق له أن أعلن بكل وضوح معارضته للدور الأمريكي فى سوريا، وأكد استعداده للتعاون مع روسيا لمحاربة الارهاب، ورفضه سياسة « تغير أنظمة الحكم « التي أدمنت الولايات المتحدة العمل بها، وكذلك رفضه التدخل فى الشئون الداخلية للدول الأخرى.
إذن لقد جاء انتصار حلب فى الوقت المناسب الذي يمكن أن يفتح الباب لأول مرة لحل سياسي يحافظ على وحدة أراضي ومؤسسات الدولة السورية.. ويبرهن على فشل أوباما وصحة موقف الرئيس الأمريكي المنتخب.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.