دائماً وابداً يظل تطوير وتنمية المجتمعات فى شتى المجالات مرهونًا بتطوير التعليم والاهتمام به ووضعه على أولويات الدولة.. مبادرات واستراتيجيات ومؤتمرات وندوات تتحدث عن تطوير التعليم ولكن لا جدوي، والمحصلة طالب يصل للجامعة ولا يعرف القراءة والكتابة، فبات السؤال ملحاً لماذا لم تفلح الجهود المبذولة لتطوير التعليم وكيف يمكن النهوض بالدولة ومواجهة التطرف والارهاب من خلال العلم. . وللاجابة عن هذه الاسئلة، كان ل " الاهالي " هذا الحوار مع د.هالة سليط "رئيس الاكاديمية العربية البريطانية للتعليم والتدريب والتنمية البشرية، ورائدة مبادرة "التعليم امن قومي "، لتحدثنا عن رؤيتها لتطوير التعليم من خلال المبادرة التى اطلقتها، وأيضاً معرفة كيفية الاستفادة من تجارب الدول.. والى نص الحوار. * متى اطلقت مبادرة « التعليم امن قومي « وما الهدف منها ؟ ** المبادرة اطلقت فى مايو 2015، حيث ظهرت العديد من المشكلات فى المجتمع المصري خاصة بعد ثورة 2011 منها الارهاب والاهمال وانحدار السلوكيات، وادركت ان هذه المشاكل سببها الجهل الذى اصاب المجتمع خاصة الجهل الفكري، فالتعليم ليس فى المناهج التعليمية ولا فى المدارس ولا الجامعات فقط، بل التعليم فى المجتمع وسلوكيات افراده، وهدف المبادرة النظر للتعليم بمفهوم اشمل على انه منظومة متكاملة ذات رؤية واسلوب حياة. * هل كان للمبادرة صدي او استجابة من قبل القيادات فى الحكومة المصرية ؟ ** المبادرة بدأت على مواقع التواصل الاجتماعي واخذت حشدا هائلا من الشباب والمهتمين بتطوير العملية التعليمية، ولكن حين وجهت دعوات رسمية لجميع القيادات بوزارة التعليم لحضور مؤتمر المبادرة لم نجد استجابة ولا ادنى اهتمام. * ما تقييمك للتعليم فى مصر، مقارنة بالدول الأخري ؟ ** التعليم المدرسي عشوائي «مفكك» فيوجد تعليم انجليزى وامريكى وفرنساوي ويابانى، وهذه التعددية فى التعليم تبنى انسانا مشوش الفكر وضعيف الهوية وضعيف المهارات، ولا توجد رؤية حقيقية لتطوير التعليم وما يتم يعتبر « ترقيع «، فالعقلية المصرية نجدها فى الخارج تنجح بجدارة لوجود منظومة حقيقية تحميها وتوفر لها ما تريده للابداع. * هل يمكن تطبيق التجربة اليابانية لتطوير التعليم كما اوصي الرئيس السيسي بنقلها خلال زيارته لدولة اليابان ؟ ** لا نستطيع ان نطبق التجربة اليابانية، وإن طبقت لم تنجح، لانها تعتمد على بناء الانسان واحترام الآخر وغرس ثقافة العمل، والمجتمع المصري يعانى من مشاكل اجتماعية كثيرة لابد أن نعالجها أولا ونهيء المناخ لنقل تجارب الدول. * ما المقومات التى تجعل المدرسة جاذبة وليست طاردة ؟ ** يتحقق ذلك من خلال رفع شعار « اتعلم واتمتع» ويتطلب ذلك تغيير طريقة واسلوب التدريس والاستعانة بفيديوهات لتوصيل المعلومة للطالب بشكل مختلف، واقامة رحلات لمناطق تاريخية واثرية، بالاضافة الى تغيير المناهج العقيمة والتى تحتاج ل 3 سنوات على الاقل لتطويرها، بالاضافة الى تفعيل ممارسة الانشطة بالمدارس . * المعلم..عنصر اساسي لتطوير المنظومة التعليمية.. كيف يمكن الارتقاء به ؟ ** مشكلة المعلم جزء من مشكلة المجتمع الذى ينظر الى خريجي كليات التربية على انهم « فاشلون « لم يتمكنوا من دخول كليات القمة، وبالتالي تدنت رؤية المجتمع للمعلم على الرغم من ان هذه النظرة المجتمعية لكليات القمة تعبر عن مجتمع القاع ، فلا شك ان مشكلة المعلم ليست مشكلة اجر فقط ولكن نحتاج الى عودة هيبة واحترام المجتمع للمعلم، والارتقاء به يبدأ بالاهتمام بكليات القمة والحرص على تدريب الخريجين وتأهيلهم مهنياً وتربوياً، بالاضافة الى تقييم اداء المعلم داخل الفصل. * الدروس الخصوصية..داء اصاب التعليم.. هل الضبطية القضائية حل للازمة ؟ ** الضبطية القضائية تعامل المعلم وكأنه مجرم بما يزيد من المشكلة تعقيداً، ولابد ان يكون المعلم جزءا من الحل، فلاشك ان القضاء على الدروس الخصوصية يتطلب تغيير المناهج والتى تستلزم سنوات ولكن على المدي القصير يمكن تغيير نظام الامتحانات التى تقيس الحفظ بعيداً عن التحليل والتطبيق، فضلا عن تطوير الكتاب المدرسي الذى لم يتطور منذ الخمسينيات، بالاضافة الى الغاء مكتب التنسيق الذى يقوم بتوزيع الطلاب على الكليات وفقاً للمجموع بعيداً عن مهاراتهم ورغباتهم ومتطلبات سوق العمل. * 17 مليون أمي تقريباً فى مصر..ورغم المبادرات التى تبنتها الدولة لم نتغلب على المشكلة..بما تفسرين ذلك ؟ ** هناك جوانب عدة منها ان القائمين على حل مشكلة الامية من وجهة نظرى لم يكن لديهم الرؤية الواضحة والمحددة للقضاء على هذه المشكلة، ولم يكن هناك وعي لدي الشعب بأهمية محو الامية لما لذلك تأثير افضل على حياة الانسان الصحية والاجتماعية والمعيشية، فبجانب ما نعانيه من امية نحوية ولغوية نعانى من اميه فكرية وهى الاخطر على المجتمع، لذا علينا ان ندرك ان مشكلة الامية ليست بمعزل عن مشكلة تحديد النسل والنظافة وقيمة العمل فى المجتمع . * كيف يمكن للتعليم ان يسهم فى بناء الدول ؟ ** اى دولة تريد ان تنهض تبدأ بالاهتمام بالتعليم ولا تجدين دولة مستواها الاقتصادي والمعيشي مرتفع دون ان تجدين نهوضا فى مستواها التعليمي، فالانسان عماد اى تقدم واى منظومة اقتصادية، لا نستطيع ان ننهض دون النهوض بالعنصر الفعال وهو الانسان، فمطلوب استراتيجية موحدة من الدولة المصرية تشترك فيها جميع قطاعات الدولة تهدف الى إعادة تأهيل وبناء الانسان المصري، والنظر للتعليم على انه وسيلة لبناء مواطن ناجح، وليس غاية فى الحصول على شهادة جامعية لتحقيق الوجاهة الاجتماعية. * ما الرسالة التى توجهينها لوزير التربية والتعليم ؟ ** لا اري ان وزير التربية والتعليم د. الهلالي الشربينى مناسباً لقيادة الوزارة فى هذه المرحلة، ولكن اوجه رسالتى لرئيس الجمهورية واقول له " اتمنى ان يكون التعليم فى قلبك وعقلك وان يكون مشروعا قوميا، فالامن القومي لمصر يبدأ بالكراسة والقلم قبل الدبابة «.