تحت رعاية الرئيس محمد حسني مبارك يعقد المؤتمر القومي الرابع للشباب بالمدينة الشبابية بالأقصر, الذي ينظمه المجلس القومي للشباب برئاسة الدكتور صفي الدين خربوش. وقد كشف محور الشباب ومحو الأمية أن مصر بها17 مليون أمي منهم69% من الإناث و20% من الشباب, ودارت تساؤلات الشباب حول كيفية جعل المدرسة جاذبة للنشء والشباب, وكيف يمكن تطوير المناهج التعليمية, وما هي آليات وزارة التربية والتعليم للاهتمام بالمدرس, وكيفية تعميم مشروع محو الأمية في جميع المحافظات, وما هي أوجه المقارنة بين التجارب الدولية لمحو الأمية وكيفية الاستفادة منها في الحالة المصرية؟.. وقد شارك في الحوار522 شابا وفتاة يمثلون جميع الهيئات الشبابية والمحافظات, والدكتور أحمد زكي بدر وزير التربية والتعليم والدكتور رأفت رضوان رئيس الهيئة العامة لتعليم الكبار والدكتور شريف عمر رئيس لجنة التعليم بمجلس الشعب والدكتور فاروق إسماعيل رئيس لجنة التعليم والبحث العلمي والشباب بمجلس الشوري والدكتور محمد سكران أستاذ أصول التربية بجامعة الفيوم. في البداية أكد الدكتور أحمد زكي بدر وزير التربية والتعليم أن أمية القراءة والكتابة تعتبر خطرا داهما يواجه المجتمع, خاصة في ظل ارتفاع نسبة الأمية بين كبار السن وزيادة معدلات التسرب من المدارس خاصة في مرحلة التعليم الإلزامي, وأن هناك ضرورة للمزج بين الإطار التشريعي للقضاء علي الأمية وإيجاد حوافز مشجعة للشباب ومؤسسات المجتمع المدني علي المشاركة في تنفيذ هذا المشروع القومي وكما أشار إلي إمكانية القضاء علي الأمية وذلك من خلال القانون وذلك عن طريق إلزام التعليم في جميع مراحله, وأيضا من خلال أسلوب الترغيب والتشجيع والتحفيز, كما ركز علي أهمية مشاركة الشباب بطرح آرائهم ومقترحاتهم للتغلب علي مشكلات وقضايا مجتمعهم. ويضيف قائلا: إن تطوير المدرسة المصرية والنهوض بأوضاع المدرس وإعادة الهيبة له تعتبر من أهم المحفزات للقضاء علي مشكلة تسرب التلاميذ من المدارس, وأن الوزارة تنسق مع وزارة التعليم العالي من أجل إعطاء الأولوية عند القبول بالمدن الجامعية للطلاب الذين يقومون بتنفيذ مبادرات اجتماعية وأهمها القضاء علي الأمية مؤكدا علي أن تجارب الشباب تعد هي أفضل التجارب الناجحة في هذا المجال. كما أكد مركزية العلاقة بين المدرس والتلميذ في سنوات الدراسة الأولي في مواجهة ظاهرة التسرب من التعليم نافيا ما قيل عن تشجيعه للضرب في المدارس ومحذرا في الوقت نفسه من الاعتداء علي المدرسين لكونهم ركن أساسي في العملية التعليمية وقدوة لكل التلاميذ في جميع المجالات, وأن الوزارة تولي أهمية كبري لإعادة الهيبة للمدرس. وأوضح أن المدرسة ليست مكانا للتعلم فقط وإنما لأشياء أخري عديدة مثل ممارسة الرياضة مؤكدا ضرورة تبسيط المناهج الدراسية وأن يكون الكتاب الدراسي جاذبا للنشء حيث يتم إنفاق أكثر من مليار جنيه علي الكتاب الدراسي سنويا. أيضا تبذل الدولة جهودا مضنية في مجال تطوير التعليم والتي من بينها مشروع تطوير التعليم الثانوي والذي بلغت تكلفته خلال ثلاث سنوات2.6 مليار جنيه من الموازنة العامة للدولة, بالإضافة إلي تدعيم الجمعيات الأهلية ومؤسسات المجتمع المدني لهذا المشروع. أما الدكتور رأفت رضوان رئيس الهيئة العامة لتعليم الكبار فقد أكد أن جزءا من تأخر ترتيب مصر في التقارير الدولية يرجع لارتفاع نسبة الأمية, و أن انخفاض مؤشر الأمية ب1% يؤدي لارتفاع معدلات النمو عند ثبات باقي المدخلات الأخري بنسبة1.5%. كما دعا إلي تبني مشروع قومي لمحو الأمية في مصر تحت عنوان' يوم لمصر' يهدف فيه إلي القضاء علي أمية5 ملايين شاب وفتاة في الفئة العمرية من15 35 عاما خلال3 أعوام, وذلك عبر ثلاث مراحل أساسية. يتم في المرحلة التمهيدية الإعداد لم,ختلف الأعمال التحضيرية من تكوين فريق العمل وأعداد الخطط المبدئية وتحديد الأنشطة والمهام المقترحة بالتنسيق مع الجهات المشاركة, وتتضمن المرحلة الأولي تنفيذ برامج محو الأمية علي أساس تجريبي في جميع المحافظات مع جمع وتحليل النتائج ووضع الحلول مع التخطيط للمرحلة الثانية, ويتم في المرحلة الثالثة التوسع في تنفيذ البرامج وقياس النتائج للوصول إلي العدد المستهدف. وأشار الدكتور رضوان إلي أن هذا المشروع يتم بالاستفادة من التجارب الدولية التي نفذتها كوبا وماليزيا وتايلاند والمكسيك وتونس, والتي أوضحت جميعها أن محو الأمية هو مشروع قومي يتشارك الكثيرون في تنفيذه من خلال الاعتماد علي الحلول غير التقليدية والأفكار الابتكارية والعوامل والظروف الاجتماعية الخاصة بالمجتمع, وأن الشباب هم الأساس في القضاء علي الأمية فضلا عن ضمان بذل جهود مكثفة لفترة زمنية محددة للتعامل مع الأعداد الكبيرة وعلي أن يعقبها عمل مستمر لضمان عدم الارتداد, وإتباع معايير الشفافية والمحاسبية من خلال التفرقة بين من ينفذ ومن يقيس الأداء وأوضح أن هناك بالفعل نقاطا مضيئة للقضاء علي الأمية في مصر, وخاصة في محافظات دمياط والإسماعيلية والجيزة والمنيا والأقصر والقليوبية. وأوضح أن أهم التحديات المرتبطة بمحو الأمية في مصر هي انخفاض الإنتاجية والدخل ومتوسط العمر, وتراجع فرص التطور الديمقراطي, وفرص الاستفادة من التطورات التكنولوجية, وازدياد العشوائية ومتوسط عدد أفراد الأسرة فضلا عن الخرافات والمعتقدات الخاطئة. وأشار إلي أن أهم نتائج ارتفاع معدلات الأمية تتمثل في صعوبة أو استحالة تحقيق معدلات تنمية عالية وتحقيق توزيع عادل للدخل القومي, وتفشي وتوطن الأمراض والأوبئة, واستمرار الممارسات غير الديمقراطية والتخلف التكنولوجي وإهدار حقوق الإنسان, وانهيار القيم العليا وازدياد التطرف. وحول توزيع الأمية حسب النوع والمكان يقول الدكتور رضوان: إن الأمية في مصر ترتفع في المناطق الريفية وبين النساء حيث تبلغ نسبة الإناث الأميات69% من إجمالي الأميين في مصر, الذين يبلغ عددهم17 مليون نسمة, وأنها ترتفع في الشريحة العمرية الأعلي من60 عاما حيث تبلغ56.5% إلي أن تنخفض تدريجيا لتصل إلي20% بين الشباب في الفئة العمرية15-35 سنة. وفي مجال الجهود التشريعية التي سنها البرلمان للقضاء علي الأمية يقول الدكتور شريف عمر رئيس لجنة التعليم بمجلس الشعب: إن مشروع قانون محو الأمية في مصر تمت مناقشته لمدة طويلة إلي أن استقر الأمر علي أن حل مشكلة الأمية يجب أن يتم لا مركزيا من خلال المحافظات, وأن وزارة التضامن الاجتماعي عليها دور أساسي في القضاء علي الأمية لارتباطها بتزايد معدلات الفقر خاصة في القري والنجوع, الأمر الذي يترتب عليه زيادة تسرب التلاميذ للمساعدة في تحمل نفقات المعيشة. وأشار إلي أن التعليم هو الشئ الوحيد الذي يمكن أن ينقل الفرد من شريحة اجتماعية إلي شريحة اجتماعية أعلي ويؤثر علي أشياء مهمة منها المستوي الاقتصادي, والتنموي واحترام الذات وإكساب الثقة والاطمئنان الذي يسمح بتقديم ما هو مفيد لخدمة ولمصلحة وطنه ومجتمعه وأسرته. كما أوضح أن موضوع التعليم هام جدا وما يؤكد ذلك البيان العالمي لحقوق الطفل وتمكين المرأة, مشيرا إلي أن في دائرته الانتخابية( فاقوس) يتم القيام بعمل بعض البحوث الخاصة بالأمراض وخاصة السرطان لعمل دراسة خاصة بالكشف المبكر لسرطان الثدي, وضمن هذا العمل يتم البحث عن الأمية بين النساء فلوحظ أن نسبة الأمية64% وهذا لا يتناسب مع القرن الحادي والعشرين ومع زمن التنافسية الناتجة عن العلم والمعرفة, لأن الأم المتعلمة تستطيع أن تحافظ علي صحة أبنائها بل تتفهم الصحة الإنجابية والوضع الاقتصادي كذلك مع محو الأمية هناك انخفاض في حجم الوفيات من الأطفال, لذلك يجب أن نعتبرها قضية محورية. أما الدكتور فاروق إسماعيل رئيس لجنة التعليم والبحث العلمي والشباب بمجلس الشوري فقد أكد أن اختيار محور محو الأمية هو اختيار صائب, مشيرا إلي ضرورة أن تتضمن الخطة القومية لمواجهة تحديات الألفية الثالثة موضوع مساهمة الشباب في محو الأمية, ثم تطرق إلي رصد الجهود التي بذلت لمحو الأمية في مصر والتي بدأت في عام1886 بصدور قرارات ومراسيم ملكية لنشر القراءة بين المواطنين والقرار الملكي رقم10 لعام1944, ثم صدور قرار إنشاء الهيئة العامة لتعليم الكبار عام1991, وتم الاستعداد لمواجهه هذا الموضوع تشريعيا ومؤسسيا وتمويليا, وليس صحيحا أن التمويل يعد العائق الأساسي في هذا الأمر, فقد أنفق علي عمل الهيئة ما يزيد علي1.5 مليار جنيه خلال العشرة سنوات الماضية, ومع ذلك فلازلنا ضمن أكثر عشر دول من حيث ارتفاع نسبة الأمية. وعن دور مجلس الشوري في محو الأمية يقول: اعد المجلس تقريرا عام2003 تضمن توصيات كثيرة في هذا الشأن لعل أهمها يتمثل في قيام الجامعات والمعاهد العليا و مؤسسات المجتمع المدني والمدارس والكنائس والجوامع والإدارات الحكومية بمكافحة أمية العاملين بها وخارجها, كما أكد أنه من السهولة إصدار التشريعات الخاصة بالقضاء علي الأمية وتخصيص الموارد المالية اللازمة لذلك, ولكن المشكلة الأساسية تتعلق بسوء التنفيذ علي أرض الواقع وأشار إلي أن الرئيس محمد حسني مبارك قد أطلق دعوته للعقد الأول لمحو الأمية وتعليم الكبار من1990-1999 ولم تسفر الجهود التي بذلت في هذا الشأن عن شيء وجدد دعوته عام2000 بجعل الخمس سنوات القادمة أساسا للقضاء علي الأمية, وأعلن بعد ذلك عن المشروع القومي لمحو الأمية من2003-2007, ولتفعيل الدور الذي تقوم به الهيئة العامة لتعليم الكبار قام بتعديل قانون الهيئة العام الماضي حيث تم قصر مسئوليتها علي الفئة العمرية من15 35 عاما ويقدر عددهم من5إلي6 ملايين, وتم تأكيد علي أن تقوم وزارة التربية والتعليم بمنع التسرب ومسئولية محو أمية الفئة العمرية من10-15 عام. أيضا أكد ما أن طلاب الجامعات والمعاهد العليا طالب يستطيعون المشاركة في محو الأمية فإذا قام كل طالب بتعليم3 طلاب خلال فترة تواجده بالمرحلة الجامعية والدراسات العليا,سوف نقضي علي الأمية تماما!! وفي النهاية أعرب عن أمله في أن تصبح مصر بلا أمية افتراضية أو علي الأقل انخفاض الأمية من3-4% بحلول عام2020, ودعا هيئة الإفتاء بالأزهر إلي إصدار فتوي تقضي بأن إرسال الزكاة لمحو الأمية يعد أمرا مقبولا. وأشار الدكتور محمد سكران أستاذ أصول التربية بجامعة الفيوم ورئيس رابطة التربية الحديثة إلي أن أهم مشاكل برامج مواجهة الأمية في مصر تتمثل في انخفاض درجة الوعي المجتمعي بخطورة المشكلة وآثارها السلبية علي التقدم الاقتصادي والاجتماعي, ونقص الإمكانيات والموارد المالية المرصودة لبرامج محو الأمية وانخفاضها عاما بعد عام, وضعف إعداد وتدريب المعلمين القائمين ببرامج محو الأمية الذي يعمل معظمهم بصفة مؤقتة وبمردود مالي ضعيف. وأكد ضرورة مشاركة الشباب في حملات محو الأمية في الأحياء الشعبية والتجمعات العمالية والقوافل المتكاملة التي تجوب القوي والكفور والنجوع والأحياء الشعبية, واستغلال الساحات الشعبية والأندية الرياضية والمؤسسات التعليمية بعد انتهاء اليوم الدراسي في القيام بعمليات محو الأمية. وقد أبدي جميع المشاركين من الشباب رغبتهم في محو أمية العديد من المواطنين إذا توافرت لهم الإمكانات واختفت البيروقراطية الحكومية بشرط اختفاء الوساطة والمحسوبية عن طرق منح شهادات مزورة لمن لا يعرفون القراءة والكتابة!!